تربية وطفولة

سلوك الطفل يبدأ بالتكوّن عندما تحتضنه أمه لأول مرّة!
إعداد: ماري الأشقر
اختصاصية في علم النفس

إلى أي حدّ يتحمّل الأهل مسؤولية تكوين شخصية الطفل؟ لا شك أنّهما يتحمّلان القسط الأكبر في هذا المجال، فتربية الطفل تبدأ قبل ولادته، لأنّها امتداد لتربية الأم نفسها ولعلاقتها بزوجها. أما بالنسبة إلى سلوك الطفل، فيبدأ تكوّنه منذ اليوم الأول لولادته، وتحديدًا لحظة تحتضنه أمه للمرة الأولى، هذه اللحظة مهمة للغاية.

 

الطفل يشعر بكل ما يدور حوله
يتأثر الطفل الصغير بالعلاقة بين والديه، فهو يشعر بكل ما يحدث حوله ويخزّنه في دماغه، ليظهر بعد ذلك بطريقة غير مباشرة من خلال سلوكه. قد يستغرب بعض الآباء والأمهات سلوك أبنائهم العنيف، لكن قبل أن يلوموا هؤلاء الأبناء، عليهم مراجعة سلوكهم وتقويمه. فالعنف ينتقل من الأهل إلى أولادهم؛ والولد الذي ينشأ في عائلة يسودها العنف، تكون شخصيته غير متّزنة، عنيفة، وانفعالية.
عند انفصال الزوجين يجب أن يقوم بتربية الطفل من يملك القدرة على الاعتناء به، سواء أكان الأب أو الأم، وخصوصًا الشخص الذي يرتبـط بـه الطفـل أكثر.
 

حرمان الأطفال من الحب والحنان
يحتاج الطفل إلى الحنان والحب والقبول والاحتواء، وإذا لم يتوافر له ذلك، فهو سيشعر بالنقص، ممّا يؤثر في قدرته على بناء علاقات اجتماعية وعلى ثقته بالآخرين، ويعطّل تواصله الإيجابي مع المجتمع. فالحرمان العاطفي يُضعف قدرة الطفل على التعبير عن مشاعره، ما يدفعه إلى الانعزال والعدوانية والشعور بأنّه المسؤول عن هذا الواقع، فيبتعد عن والديه وتتكوّن لديه عقدة الذنب.
في الواقع، وعلى الرغم من تشديد التربية الحديثة على مساوئ القسوة على الطفل، ما زلنا نجد الكثير من الأهل يقسون على أولادهم، ويفرضون عليهم عقابًا جسديًا ونفسيًا لا يتلاءم مع الذنب المرتكب، بحجّة بناء شخصية قوية.
التربية القاسية مرفوضة، والضرب يجب أن يحذف تمامًا من قاموس التربية، لأنّ الإنسان الذي يَضرِب يفقد جزءًا من آدميته. هناك وسائل أخرى يمكن للأهل استخدامها في التربية، وأوّلها الحوار, وإذا لم يُجدِ نفعًا، يمكن اللجوء إلى حرمان الولد من شيءٍ يحبّه لفترة محدودة بدلًا من اعتماد القسوة معه.
إذا وضع الأب والأم نفسيهما مكان الطفل وحاولا فهم أسباب سلوكه، فسيكونان قادرين على تحقيق نجاحات كبيرة معه من دون إيلامه وتأنيب نفسيهما في ما بعد. ويجب التذكّر دائمًا أنّ القسوة تولّد شخصية غير قادرة على إقامة علاقات سويّة مع الآخرين.
المدرسة تلعب دورًا مهمًا في تربية الطفل جنبًا إلى جنب مع البيت وتحديدًا الأم، والتواصل بينهما ضروري في كل الأحوال، وليس عندما تكون هناك مشكلة يعانيها الطفل فقط.