رحيل

سليمان الباشا
إعداد: تريز منصور

وجد أسعَدَ مساءات اللبنانيين

 

برحيل سليمان الباشا يغيب وجه آخر من وجوه روّاد الرعيل الفني المؤسّس في لبنان. الممثل القدير عمل في المسرح وفي والتلفزيون والسينما. كان أفضل من جسّد دور الأب الصارم. وكان من الوجوه التي رافقت سهرات اللبنانيين في «يسعد مساكم» مع «أبو ملحم»، و«صندوق الفرجة»، وسواها من أعمال تلفزيونية بين أواسط الستينيات وأواسط السبعينيات من القرن الماضي.


حلم مؤجّل
ولد سليمان الباشا في بلدة دميت الشوفية في العام 1926. برزت موهبته في التمثيل على خشبة مسرح المدرسة وكان في السادسة من عمره. الطفل الموهوب لم يستطع متابعة الدراسة بسهولة، ظروف الحياة أجبرته على العمل، فتابع دراسته في مدارس مسائية في رأس بيروت، أما الفن فظلّ حلمًا مؤجلاً.
في عمر العشرين، شاهد الباشا مسرحية لعبد الحفيظ محمصاني كانت تعرض في بلدة بحمدون، فاستيقظ الحنين إلى المسرح في داخله. تواصل مع المحمصاني، والتحق بفرقته من دون أجر ولم تنفع معارضة الوالد في تغيير قراره.

 

الانطلاق والمسيرة
البداية الفعلية كانت في مسرحيّة «فيرجيني» المقتبسة عن رواية «بول وفيرجيني» للأديب الفرنسي برناردين دي سان بيار، والتي عُرِضَت آنذاك في مناسبة عيد الاستقلال اللبناني. أعقب هذا العمل أعمال أخرى للباشا الذي ما لبث أن تعرف إلى المخرج جلال خوري وعمل معه في عدّة مسرحيات، منها، «جحا في القرى الأمامية» (1972) و«القبضاي» (1973)، و«الرفيق سجعان» (1974).
في «أبو علي الأسمراني» التي أخرجها برج فازليان، وكتب موسيقاها زياد الرحباني، وقف الباشا إلى جانب نضال الأشقر، أنطوان كرباج، وليلى كرم.لاحقًا وضع بنفسه نصوصًا مسرحية وأخرجها، وجال بها في المناطق اللبنانية. ومن أعماله في المسرح الجوّال، «الموظف الكبير»، و«مصيبتي ابني»، و«استشهد غصب عنو»...
تجاربه السينمائية كانت محدودة، فقد شارك في فيلمين فقط، «القنّاص» (1980) للمخرج العراقي فيصل الياسري، و«شبح الماضي» (1985) لجورج غياض.

 

في التلفزيون
إنطلاقته التلفزيونية كانت مع دور الأب في مسلسل «تحت السنديانة» للكاتب جورج طويل، والذي كانت حلقاته تبث مباشرة على الهواء، كذلك شارك بعدّة أدوار في «صندوق الفرجة» لإحسان صادق. والذي عرضت حلقاته أيضًا مبَاشرةً على الهواء، واستمرّ على مدى أربع سنوات.
تصاعد نجم الباشا تدريجيًا على الشاشة الفضيّة إلى جانب وحيد جلال، نبيه أبو الحسن، ماجد أفيوني، وجورجيت الصايغ وغيرهم، في العديد من الأدوار، ولعلّ أبرزها ذلك الذي أداه في مسلسل «حكمت المحكمة» (1963-1968).
كانت مشاركته لافتة في المسلسل اللبناني الشهير «يسعد مساكم» (1976) إلى جانب «أبو ملحم» (أديب حداد) وزوجته (سلوى) «إم ملحم». أما آخر أعماله الفنية فكان في مسلسل «شــيء من القــوة» (2007) لـلمخــرج إيلــي معلوف.

 

العمل النقابي
إضافة إلى عمله في الفن، كان الباشا بحكم مبادئه وقناعاته ومعاناته الشخصية إنسانًا صلبًا في الدفاع عن حقوق زملائه الفنانين، وكان من بين الذين سعوا إلى تأسيس «نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون». كذلك، كانت له جهود كبيرة في إطار العمل النقابي دفاعًا عن حقوق العمال.
طوى الفنان سليمان الباشا برحيله في كانون الثاني 2017 عن عمر يناهز الـ91 عامًا، صفحةً عابقة بالعمل الفني الصادق وبذكريات زمن الفن الجميل.