ثقافة وفنون

سليم عازار
إعداد: الرائد توفيق يزبك

شاعــــر من لبــــــنان
شاعر فتيّ إقتنصه القدر قبل أن ينهي “شدوَهُ”


منذ عشرين عاماً أصدر المجلس الثقافي لبلاد جبيل مجموعة شعرية كاد النسيان يمحوها من ذاكرة شعر القرن الماضي, هذه المجموعة للشاعر سليم عازار من غرزوز قضاء جبيل. وحكاية الشعر في غرزوز ملحمية النزعة والتاريخ, والفكر فيها لا تنتهي فصول مجده.
كتب سليم عازار فتياً وضارع شعراء عصره, ولو قُدّر له أن يمتد عمره أكثر لأجاد وأعطى من جعبته نتاجاً أكبر وأوفى, فهو غاب عن الفانية وعمره ثلاثة وعشرون ربيعاً.
يغتسل المناخ الشعري عند سليم عازار من أدران المادة ليرحل بعيداً عن التكلّف والكبرياء, كذا قدر الأصلاء في الشعر أن ينظموا بإلهام الخالق والطبيعة والجمال المتجدد في الفصول الأربعة, ومع كل صباح وعند الغروب المتبددة ألوانه تتغير في اللحظات ومعها...
وُلـد الشاعـر عازار في غرزوز سنة 1885, والده بولس جبور عازار, وأمه أسما موسى الخوري شهاب. تلقى دروسه الأولى في مدرسة قريته. دخلها في الثامنة من عمره وبقي فيها خمس سنوات. تابع دروسه في مدرسة سوق الغرب الأميركية ونال الشهادة الإستعدادية. دخل الكلية الأميركية في بيروت ودرس سنتين في القسم العلمي ثم انتقل الى القسم الطبي ولكنه لم يكمل دروسه الطبية.
نظم الشعر صبياً ولقّب بشاعر الكلية (الجامعة الأميركية حالياً) هاجر الى الولايات المتحدة الأميركية سنة 1905 ودخل كلية كليفلند الطبية, إلا أنه تركها قبل أن يتم دروسه. أصدر مجلة “الزهرة” سنة 1906 وبقي يصدرها لسنة واحدة.
كتب في جريدة “الهدى” وغيرها من الجرائد العربية بإسم مستعار “أبو مساس”... ذاع اسمه وانتشر في المحافل الأدبية وهو دون العشرين من العمر. أصيب بداء الصدر فغادر الولايات المتحدة الى القاهرة طلباً للإستشفاء فاحتفى به هناك أهل القلم والأدب. ولم يلبث أن ذهب الى حلوان ثم عاد منها الى القاهرة حيث أدركته الوفاة في 28 كانون الثاني سنة 1908.
رحمات الله على المرحومين نسيب عازار وسعيد تقي الدين, الأوّل لأنه اهتم بطبع ما لم يضع من شعر سليم عازار, والثاني على المقدّمة التي كتبها للمجموعة الشعرية المذكورة سنة 1925 ومما جاء فيها:
“واحسرة الأدب علي تلك الروضة لم ينوّر من زهراتها إلا عشرات, وتلك الأرض الخصبة لم يمهلها القدر أن تنبت إلا بضع شجرات, وذلك الهزار الشادي أخرسه الموت عند مطلع الفجر وقد كاد الناس يرتقبون أن يسكروا بأغانيه سحابة نهارهم”...