معارض ومؤتمرات

سميس 2015
إعداد: باسكال معوض بو مارون

تحدّيات مكافحة الإرهاب وإمكانات التكنولوجيا

 

شهد مركز المعارض في بيروت «بيال» مؤتمر ومعرض الأمن في الشرق الأوسط – سميس 2015 (SMES 2015) في دورته الثالثة والذي نظّمته مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «إنيغما».
 

الافتتاح والكلمات
عقد المؤتمر برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي ممثلًا بالعميد الركن ابراهيم حرفوش وكان تحت عنوان «تطوير القدرات الأمنيّة في مكافحة الإرهاب»؛ حضر الافتتاح رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان (ضيف شرف في المؤتمر)، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ممثلًا الرئيس سعد الحريري (راعي المعرض)، بالإضافة الى عدد كبير من السفراء والملحقين العسكريين العرب والأجانب، ووزراء ونوّاب حاليون وسابقون، وممثلون عن الأجهزة الأمنية وضبّاط، بالإضافة إلى ممثلي الشركات الكبرى العارضة في سميس 2015، واختصاصيين ومهتمّين في قطاع الأمن والدفاع.
بعد النشيد الوطني اللبناني رحّب رئيس اللجنة المنظّمة رياض قهوجي بالحضور، وقال إن سميس يُعقد هذا العام تحت عنوان «مكافحة الإرهاب» وهو تحدٍ يواجه معظم دول المنطقة ومن ضمنها لبنان، وإن ندواته تتناول موضوعين أساسيين: الأول، الأمن الإلكتروني والثاني، تعزيز الصناعات العسكرية المحلية، بينما تقدّم الشركات عروضًا عن أحدث منتجات التكنولوجيا لمواجهة الجريمة والإرهابيين.
وأشار رئيس اللجنة إلى أنه «في ما يخصّ الصناعات المحلية، حققت بعض الدول العربية إنجازات كبيرة في هذا الإطار بحيث بات بعضها يصنّع منظومات عسكرية متنوّعة ومتقدّمة من آليات ودبابات ومدافع وطائرات من دون طيار، أما في ما يخصّ لبنان، فهناك قدرات أكاديمية وصناعية جيّدة، ممّا يجعله مؤهّلًا لإنشاء بعض الصناعات الأمنية». واعتبر السيد قهوجي أنه «آن الأوان للسلطات اللبنانية بأن تنظّم قطاع الصناعات الأمنية والعسكرية لزيادة فعاليته ومنع استغلاله لأمور غير قانونية»، مقترحًا إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة الصناعات الدفاعية وتطويرها، من أجل تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
بعدها ألقى العميد الركن ابراهيم حرفوش كلمة راعي المؤتمر العماد جان قهوجي، أكّد خلالها أنّ إقامة معرض ومؤتمر الأمن في الشرق الأوسط في دورته الثالثة في لبنان، دليل واضح على الثقة بالوطن وسط النزاعات التي يمرّ بها، مشيرًا إلى أن الأمن ليس مجرد تدابير وإجراءات فحسب، بل هو رؤية، كما أن الإرهاب ليس مجرد متطرّفين بل هو فكر هدّام.
وأضاف العميد الركن حرفوش «أن الجيش اللبناني أظهر تصميمه على كسر الإرهاب في جميع المواجهات التي خاضها في الداخل وعلى الحدود لحماية السيادة الوطنية»، وقال: «نرى في سميــس 2015 فرصــة مهمّة للنقاش البنّاء وتبادل الخبرات وللاطّــلاع علــى آخر مــا توصلــت إليــه التكنولوجيــا».
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تناول في كلمته مشاهد تتصدّر المنطقة العربية اليوم: مشهد الإرهاب المعولم والجرائم والمجازر التي ترتكبها المجموعات الإرهابية ما جعل المنطقة العربية ومن بينها لبنان، تواجه خطرًا غير مسبوقٍ، واللامبالاة الدولية حيال إيجاد حلّ سياسي في سوريا، وما يجري من تطورات في اليمن.
وفي ما يخصّ الأحداث الأخيرة، قال الوزير المشنوق «إنه ليس بجديدٍ القول إنّ الحقّ بالتظاهر مكرّس بالدستور اللبناني وهو ليس منّة من أحد، ولن أتردّد في أمرين: الأول، صدّ محاولات شيطنة قوى الأمن الداخلي والإصرار على الاعتداء على عناصرها، والثاني حماية المتظاهرين سلميًا والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة»، مضيفًا: «لقد سبق وأعلنت عدة مرات أن لبنان بحاجة ماسّة إلى استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب».
وتحدّث رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان في كلمته عن استراتيجيات مكافحة الإرهاب في المجتمع الدولي عمومًا والأميركي خصوصًا، كما تناول مكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان، مشددًا على أنّه: «لا يجوز لنا في الاستراتيجيات الكبرى، أن نكون انتقائيين نقبل ما يناسب مصالحنا، حتى الآنية منها، ونرفض غير ذلك على حساب مصلحة الوطن العليا».
ودعا العماد سليمان إلى تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور المحتدمة في المنطقة، وتجنيبه الانعكاسات الخطيرة على كيانه ومقوماته كوطن، بالإضافة إلى ضرورة تحييده عن سياسة تقاسم النفوذ بنتيجة الاتفاقات النووية الأخيرة.

 

الجلسات
افتتح اليوم الثاني من المؤتمر بجلسة تحت عنوان «الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني: آفاق وتحديات» بإدارة رئيس مجلس إدارة الشركة المنظّمة رياض قهوجي، استهلت الجلسة بمحاضرة ألقاها وزير العدل اللواء أشرف ريفي بعنوان: «الإدارة العدلية والأمنية أمام تحديات الأمن السيبراني»، واعتبر ريفي أنه «مع تطوّر تكنولوجيا الاتصالات وانتشار استخدام الأجهزة الإلكترونية، وجب علينا أن نتوقف عند المخاطر التي تواكب عمل هذه الأجهزة. ومن المعلوم أن البحث عن المعلومات الخاصة بالعدو هو ضرورة لشلّ قدراته وكشف مخططاته، لهذا إن خرق أنظمة التشفير التي تعتمدها الجيوش والمؤسسات الأمنية سيبقى هدفًا لأعدائهم، ومن المعلوم أيضًا أن تحقيق إنجازات أمنية نوعيّة لم يعد مقدورًا عليه ما لم تواكب الأجهزة الأمنية التطوّر المهول في عالم تكنولوجيا الاتصالات».
ومن ثم، كانت للدكتور عبد المنعم يوسف، مدير عام شركة أوجيرو (Ogero) مداخلة تناول فيها ضرورة النظر بأمن الفضاء السيبراني في ظل التفاعل الكبير بين الفضاء السيبراني والأمن بشكل عام، خصوصًا وأن هناك جماعات إرهابية تستخدم الإنترنت لتنفيذ جرائمها، كما أن هناك شعوبًا استخدمت الوسيلة نفسها لتغيير أنظمتها السياسية.
مداخلة مدير وحدة الأمن السيبراني لمنطقة الشرق الأوسط لدى شركة «إيرباص» للدفاع والفضاء غي ميغير، ركّزت على مخاطر التجسّس السيبراني، إذ أن الأمن السيبراني يعدّ جزءًا مهمًا من الأمن القومي، لذا يجب وضع خطة حمايته في سلم الأولويات.
بدوره، أشار ممثل مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية السيد إيهاب شعبان إلى أن وزارة التنمية الإدارية تقوم حاليًا باستضافة مواقع إلكترونية للعديد من الإدارات والمؤسسات الحكومية، مضيفًا «أن مجلس الوزراء قرر تشكيل اللجنة الوطنية للأمن السيبراني لكنها لم تفعّل».
واختتم مداخلات اليوم الثاني من المؤتمر السيد غسّان شبلي مدير التطوير في شركة شينيغا للأنظمة الإلكترونية، متحدّثًا عن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت بمتناول حوالى 80% من الشعوب في جميع أنحاء العالم.
الجلسة الختامية للمؤتمر عُقِدت في اليوم الثالث والأخير، بعنوان «تطوير قدرات القوات المسلحة في ضوء التهديدات المرتقبة». أدار الجلسة العميد نزار عبد القادر الذي تحدّث عن خطة إعادة تنظيم الجيش التي كانت مقررة في عهد الرئيس اميل لحود ولم ترَ النور، معتبرًا أن «هناك تهديدًا جديدًا للبنان مصدره التحوّلات الجديدة في الدول وتداعيات الحرب السورية على لبنان والانقسام السياسي الداخلي والإرهاب في الداخل».
ثم عرض رئيس قسم برامج المساعدات الأمنية في الجيش اللبناني العميد إدمون حاكمه أبرز مواجهات الجيش مع الإرهاب والمساعدات التي تلقّاها، وشرح تفاصيل الهبة السعودية والخطة الخمسية لتسليح الجيش وأسباب تعديلها وشكلها الجديد.
وتحدث العميد عادل مشموشي ممثلًا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص عن الأحداث التي وضعت لبنان أمام مشاكل وانقسامات كثيرة وتسببت في شلل الحياة السياسية وإرباك المؤسسات. كما توقف عند تداعيات الأزمة السورية والإرهاب، معتبرًا أن «المواجهة مع الإرهاب لم تنتهِ ويجب البقاء على جهوزية تامة، لافتًا إلى ضرورة السعي إلى إقرار استراتيجية وطنية تتضمّن تأسيس بنك المعلومات وتبادل المعلومات الاستخباراتية وإقامة لجنة وطنية عسكرية»...
أما العميد نبيل حنون الذي مثّل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، فاعتبر أن «التهديدات الإرهابية تشكّل خطرًا على المنطقة مع ولادة الإرهاب والتطرّف»، مشيرًا إلى مفهوم الأمن الاستباقي لرصد التهديدات والمخاطر المحتملة ممّا يتطلّب تضافر الجهود. وأوضح أن المواجهة طويلة مع الإرهاب في حين يعاني لبنان نقصًا في العديد والعتاد، خصوصًا في ظل وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين والفلسطينيين على أرضه ما يستدعي رفع مستوى جهوزيته.
تخلّل الجلسة عرض عن مستقبل الصناعات العسكرية في لبنان قدمه العميد غسان عبد الخالق، الذي طالب بتفعيل هذه الصناعة بغية تطوير هذا المجال الإقتصادي، ومداخلة لممثل وزارة الدفاع البرازيلية الجنرال فريبالدي الذي عرض الصناعات العسكرية البرازيلية.

 

أجنحة المعرض
خصّص المعرض للمنتجات الأمنية الخاصة بالقوات المسلحة، وأجهزة الأمن العام، والجمارك، والدفاع المدني، وحرس الحدود، وخفر السواحل، ومكافحة الإرهاب، والجريمة المنظّمة، والأمن الصناعي وأجهزة الإستقصاء، والأدلة الجنائية والإنتربول الدولي.
وبلغ عدد العارضين حوالى 150 شركة من الشركات الأمنية المحلية والإقليمية والدولية: إيرباص للدفاع والفــضـاء، تاليــس SOG ، Fugro ،MSCA ،Warde Steel ،UAV، Chenega ،IBC Corp، SkyPro، وغيرها من الشركات التي تنتمي إلى أكثر من 18 دولة هي: بريطانيا والولايات المتّحدة، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وبولندا، والدانمارك، وجنوب أفريقيا، وتشيكيا، وبريطانيا، وفرنسا، وتركيا، وتايوان، وسويسرا، واليونان، والصين، والسويد، وفنلندا وكانت المشاركة البرازيلية لافتة (وزارة الدفاع والسفارة وسبع شركات أمنية كبرى). كما شاركت شركات دولية وعربية بارزة، إضافة الى الشركات اللبنانية التي تعرض منتجاتها والمنتجات الأجنبيـة بموجــب وكالات.
ضمّت المعروضات تشكيلة واسعة ذات صلة بالأمن، والتي تشمل أنظمة تعقّب ومراقبة، وأنظمة اتصالات تكتية وحكومية، وأجهزة ومعدات متخصصة وشركات أمنية خاصة وأخرى استشارية وخدمات أمنية...
كما ضمّ المعرض أجنحة للقوى المسلّحة اللبنانية، والمديرية العامة للدفاع المدني، والجمارك، ولمجلات أمنية وعسكرية متخصصة وصحف لبنانية شاركت في رعاية المعرض..
كذلك خصّص المعرض مساحة بعنوان «معرض العلوم للإبداع» للجامعات اللبنانية عُرضت فيها المشاريع المتميّزة في العلوم والتكنولوجيا.

 

الجيش اللبناني
عرض الجيش اللبناني في القسم المخصّص له أسلحة ومجسّمات من محتويات المتحف العسكري لتعريف الزائرين إلى أسلحة قديمة غير معروفة. كما عرض دبابات وآليات مدرّعة ومموّهة وقطعًا مضادّة للدروع وصواريخ، وكاسحة ألغام وسونار للغطس لكشف الذخائر غير المنفجرة تحت الماء، وكاسحة ثلج مجهّزة برشيش «ماغ»...
كذلك شاركت في المعرض مديرية التوجيه ومركز البحوث والدراسات الإستراتيجية، ومركز التعاون العسكري - المدني (CIMIC)، وجهاز الرعاية والشؤون الاجتماعيــة للعســكريين القدامى.

 

لماذا بيروت؟
في الأعوام السابقة كما هذا العام، أقيم معرض «سميس» في بيروت لأسباب تعود إلى الدور الفريد الذي لطالما لعبه هذا الوطن الصغير، حيث يصفه البعض بأنه الميزان السياسي للمنطقة، فضلًا عن موقعه الجغرافي، والعديد من العوامل التي تؤهله لإطلاق صناعة أمنية متطوّرة تكنولوجيًا.
والجدير بالذكر أن سفراء ووفودًا عربية وأجنبية وتلامذة ضباط الكلية الحربية زاروا المعرض الذي غصّ بالحضور على مدى ثلاثة أيام.
وتخلّل المعرض مناورات حيّة للفوج المجوقل في الجيش اللبناني وأخرى لسريّة الفهود وسريّة الخيّالة في قوى الأمن الداخلي، بحضور حشد من مدراء الشركات العارضة وجمهور من المشاركين والمهتمّين.