جمعيات أهلية

سيدرز للعناية الخير يولّد الخير
إعداد: باسكال م . بو مارون
تصوير: شربل طوبيا

من «الأزرق الكبير» نعرفها

 

تضامن المواطنين وتكافلهم وتطوعهم للخدمة وتحقيق المصلحة العامة، من ابرز عوامل نهضة المجتمع، خصوصاً عندما تكون الدولة غير قادرة على النهوض بكل المتوجبات.
الجمعيات الأهلية في لبنان على اختلاف اهتماماتها ونشاطاتها، تضطلع بأدوار حيوية في مجالات شتى، صحية، اجتماعية، بيئية... وقد أثبتت جمعيات كثيرة جدارتها خصوصاً في الظروف الصعبة.
«سيدرز للعناية» جمعية اقترن اسمها بشعار «حملة الأزرق الكبير» التي تقام دورياً منذ اعوام. لكن لهذه الجمعية نشاطات اخرى في مجالات البيئة وسواها.
هنا إضاءة على نشاطات «سيدرز للعناية».

 

اجتماعية... خيرية...

«سيدرز للعناية»، جمعية اجتماعية بيئية وخيرية، تعمل لخدمة المجتمع والوطن بكل فئاته وأبنائه.
السيدة عفت إدريس رئيسة الجمعية التي كان لنا معها لقاء حول انطلاقة «سيدرز للعناية» ونشاطاتها، قالت:
تأسست الجمعية العام 1998 بموجب علم وخبر 16/أد، ومن مهامها العمل الاجتماعي والبيئي والخيري ومساعدة المعوقين وهي تنفذ عدة مشاريع على مدار السنة من خلال لجانها ومكاتبها.
 

* ما هي النشاطات الخيرية التي تقوم بها الجمعية حالياً؟
- دأبت «سيدرز للعناية» سنوياً على إقامة خيام الخير طوال شهر رمضان المبارك، حيث تقدم طعام الافطار للعائلات المحتاجة داخل الخيم وخارجها في المناطق اللبنانية كافة، فتستقبل في خيمها الصائمين يومياً، اضافة الى ايصال حصص مطبوخة قبل موعد الإفطار الى المنازل، وحصص تموينية الى العائلات المحتاجة.
كما تؤمن اللجنة إفطاراً رمزياً للمساجين في سجون رومية، وسيار الدرك - فردان، وبعبدا. وفي مناسبات الأعياد نقوم بتأمين ما أمكن من الحصص الغذائية والحلوى والثياب الجديدة والألعاب للعائلات المحتاجة. وهذا العمل تتولاه لجنة العائلات في الجمعية وفقاً لدراسات احصائية، توزع على أساسها العائلات الى مئات، انطلاقاً من حاجاتها المختلفة.
وهو عمل يتواصل على مدار السنة بواسطة مكتب بنك الغذاء ومهامه كفاية العائلات بكل ما تحتاجه لنمو جسدي وفكري طبيعيين، وتأمين هذه الحاجات بشكل مستمر لتغطية 365 يوماً في السنة، الى ان تجد العائلة مصدراً من التمويل خاصاً بها فتحال المساعدة الى عائلة اخرى. كما يقوم المكتب بجمع الملابس والاثاث المستعمل لتوزيعه على العائلات المستورة.
امّا مكتب الدواء فيؤمن للعديد من المرضى أدوية على انواعها. ويقدم مساعدات في مجال الاستشفاء، وتأمين تجهيزات للمرضى والمعوقين.
وهنالك لجنة البيت، ومهمتها إنشاء بيت خاص بذوي الاعاقات العقلية البسيطة والاعتناء بهم ودمجهم في المجتمع وتحويلهم الى عناصر ناشطين.

 

النشاط البيئي

* ماذا عن اعمال الجمعية في المجال البيئي؟
- تأسست حملة الازرق الكبير في العام 1997، وكان باكورة اعمالها تنظيف الشاطئ اللبناني والبحر. وهذه الحملة تتم بمساعدة الجيش اللبناني، ووزارات النقل، والداخلية، والتربية، والصحة العامة والشؤون الاجتماعية، والشباب والرياضة والبيئة، والصليب الاحمر اللبناني والدفاع المدني وهيئة الاسعاف الشعبي والجمعيات البيئية والكشفية والاجتماعية ونوادي الغوص والمدارس والجامعات.

وأضافت قائلة:
تعددت مهام اللجنة البيئية للجمعية فاستحدثت فيها 4 فرق، هي: فريق الدراسات حول الاحياء البحرية والبرامج الخاصة للإعلام، وفريق نادي الغوص الذي يضم غواصين يتولون الدراسات البحرية وتنظيف قاع البحر، وفريق نادي الازرق الصغير المؤلف من ناشطين بيئيين صغار (من 7 الى 14 سنة) وذلك لدعم النوادي المدرسية في التوعية البيئية، واخيراً فريق الشرطي الأزرق الذي تقضي مهامه بتحسين الشواطئ الشعبية ومراقبة الشواطئ الصخرية والرملية بواسطة فريق متمرّن يعمل في مجالات الانقاذ البحري، والاسعافات الاولية وانقاذ الحيوانات البحرية والتوعية البيئية والصحية. وقد حصل هذا الفريق على ترخيص من وزارة الداخلية والبلديات.
 

* كيف يطبّق عمل اللجنة البيئي على الارض؟
- يقسم عمل اللجنة البيئية على مدار السنة الى عدة مهام اهمها اليوم الوطني لتنظيف كامل الشاطئ اللبناني وبحره، حيث تهدف هذه الحملة الى التوعية على أهمية نظافة البحر، فتقام في كل عام حملة شاملة لتنظيف الشواطئ اللبنانية والجزر والبحر ومياهه وقاعه، من العبدة شمالاً الى رأس الناقورة جنوباً. يشارك في الحملة، الجيش اللبناني وبعض الوزارات والبلديات والسفارات والجمعيات والمدارس والجامعات والمؤسسات السياحية والرسمية.
وقد ثابرت هذه اللجنة على عملها منذ العام 1997 حتى أصبحت هذه الحملة يوماً وطنياً ينتظره الجميع للمشاركة فيه، وادرج ضمن المنهاج الدراسي في المدارس.

 

محاضرات ومنشورات وبرامج للتوعية

* ماذا عن عملكم في مجال التوعية البيئية؟
- تأخذ مهمة التوعية البيئية حيزاً هاماً من نشاط لجنة البيئة في الجمعية. وفي هذا الاطار ثمة محاضرات لطلاب المدارس والجامعات حول البيئة البحرية واسباب انقراض بعض الكائنات.
كذلك قامت اللجنة بإعطاء دروس خاصة لمجنّدي خدمة العلم وتلامذة المدرسة الحربية. وتشمل برامج التوعية مختلف شرائح المجتمع من خلال محاضرات ودراسات بيئية عن تلوث مياه الشفة والهواء، إضافة الى عرض برامج تلفزيونية واصدار مجلة «اخبار الازرق الكبير» بدعم من وزارة السياحة.
وتحرص الجمعية من خلال لجنتها البيئية على اصدار المنشورات بشكل دائم، اضافة الى منشور سنوي يتبنّى كل عام كائناً بحرياً مختلفاً يعرّف عن حياته وطريقة عيشه وكيفية المحافظة عليه من الانقراض، فثمة كائنات موجودة في بحرنا ولا نعلم عنها شيئاً منها: سمك القرش، الدلفين، المرجان، الفقمة، الاسفنج، حصان البحر، نجمة البحر، التوتياء، السلاحف البحرية.
في الإطار نفسه، ولتطبيق النظريات البيئية التي تنشرها في محاضراتها ومنشوراتها، تقوم الجمعية بجمع الملابس المستعملة وتوزيعها على المحتاجين بعد تنظيفها، وذلك كي لا ترمى في المطامر حيث تبقى ثابتة لا يتحلل بعضها قبل 300 سنة، ما يؤدي الى تراكم النفايات وتفاقم مشكلة التلوث.

 

* ما كانت ابرز نشاطاتكم البيئية في الفترة الأخيرة؟
- في الصيف الماضي، وبداية هذا الصيف كان جهدنا منصباً على حماية السلاحف البحرية التي تتوالد وتبيض في زوايا شاطئ الرملة البيضاء. فقد كنا نقوم بترميم الحفر حيث يوجد بيض السلاحف ونهتم بتحييدها عن اي ازعاج خارجي. وبعد ان كانت اعدادها تتناقص، عادت وتضاعفت نتيجة الاهتمام بها.
كذلك حرصنا على التواصل مع «قبيلة» من الدلافين مؤلفة من 12 دلفيناً، حيث بدأنا في اوائل الصيف السباحة معها لترويضها وجعلها تتآلف مع الانسان.
لكن الحرب الأخيرة أتت وخرّبت عملية مراقبة السلاحف البحرية التي كانت بدأت تبيض في اوائل حزيران، فلم نعد نستطيع مساعدتها والحفاظ عليها. والأسوأ ان النفط الذي لوّث البحر أثّر على حركتها. كما ان الجهود التي حصلت بعدها لتنظيف الشاطئ بشكل عفوي، خرّبت حفر البيض بشكل كبير لم نستطع السيطرة عليه بسرعة.
كذلك راحت جهودنا مع الدلافين هباء بعد ان اضطررنا في فترة الحرب بكاملها الى الانقطاع عن التواصل معها، ما اعادنا من هذه الناحية الى نقطة الصفر.
وهكذا فقد حطّمت الحرب محورين بيئيين اساسيين كنا نعمل بجهد على تحسينهما، لكننا سنعود حالما تسمح الظروف الطبيعية للاهتمام بهما.
واضافت ادريس: بدأت اللجنة منذ سنتين دراسة بيئية تستغرق خمس سنوات، وهدفها مراقبة نسبة المعادن الثقيلة في البحر ومدى تأثيرها على الكائنات البحرية ومنها القنافذ البحرية والاصداف، مع اجراء مسح شامل لقعر البحر على طول الشاطئ اللبناني.
الخير يولّد الخير

 

* ايّ دور أديتم خلال العدوان الاخير للمساعدة على استدراك الكارثة البيئية التي حصلت في البحر؟
- بعد انتهاء الحرب قام خبراؤنا البيئيون بدراسات توثيقية من خلال معاينة طبقات الرمول على شاطئ الرملة البيضاء والسان سيمون ومدى تأثير النفط عليها، وتغلغله في عمقها. كما تمت دراسة عمق البحر وكثافة طبقة النفط في قعره وتأثيرها على حياة الكائنات البحرية.
كما اننا نتعاون مع وزارة البيئة في لفتها الى مناطق التلوّث النفطي، ونساعد عندما يطلب منا في اية ناحية ممكنة.
وختمت السيدة عفّت ادريس حديثها قائلة: العدو الاسرائيلي يتربص بنا ويجب ان تتضافر جهودنا وامكاناتنا على مختلف الاصعدة، لمواجهته والتصدّي لمحاولاته التخريبية، اقتصادياً وعمرانياً وانسانياً وبيئياً.
واتمنى على الجميع، كل بقدر امكاناته ان يقدم المساعدة لأخيه الانسان مهما كانت صغيرة، لأن الخير في هذا العالم يولّد الخير دوماً.


أرشيف «سيدرز للعناية»