الجيش والمجتمع

شباب باب التبانة وجبل محسن أصدقاء في ضيافة لواء المشاة الثاني عشر
إعداد: ندين البلعة خيرالله

نزاعات واقتتال... فتنة وصراعات... سلاح، دشم، متاريس، موت ودمار، عانت طرابلس الكثير على مدى سنوات شهدت خلالها عشرات الجولات من القتال. في العام 2014 وُضع حد للعنف على الأرض، لكن كيف يمكن استئصال العنف من النفوس في ظل الاحتقان والفقر والبطالة وغسل الأدمغة؟

 

جمعية «مارش» التي تأسّست في العام 2011 بهدف الدفاع عن حرية التعبير والمساواة بين جميع أفراد المجتمع اللبناني، وسّعت نشاطها ليشمل أهدافًا تتعلّق بحلّ النزاعات من خلال نشاطات ومشاريع تجمع شبابًا كانوا بالأمس أعداء يتقاتلون.
انطلاقًا من إيمانها بقدرة الفن والثقافة على تحفيز الرغبة في التسامح والسلام، كان مشروع الجمعية الأول مسرحية وفيلمًا وثائقيًا بعنوان «حب وحرب عالسطح» شارك فيه ستة عشر شابًا من باب التبانة وجبل محسن سبق أن قاتلوا بعضهم بعضًا.
تقدّم أكثر من مئة شخص من شباب طرابلس لتجارب الأداء، وتمّ قبول 16 منهم على أساس مشاركتهم الفعلية بالمعارك (أي حملهم للسلاح...) وتركهم المبكر للمدرسة وغياب فرص العمل، ليظهروا في هذا الفيلم بصورتهم الحقيقية بعيدًا من صورة «الزعران» التي تلاحقهم منذ بدء النزاعات بين المنطقتَين.
لم يتوقف المشروع عند المسرحية والوثائقي، فالجمعية ما زالت على تواصل مع هؤلاء الشباب من خلال مشاريع أخرى، وقد أصبحوا 30 شابًا تجمع بينهم علاقات متينة، وهم يحاولون جعل الصداقة التي تربطهم مقبولة من محيطهم وأصدقائهم وأهلهم، على أمل أن يتمّ بسطها في طرابلس ولبنان عمومًا.

 

يدًا بيد
بالإضافة إلى النشاطات الفنية والثقافية، تعاونت «مارش» مع الجيش في عدة مشاريع هدفها توطيد العلاقة بين الشباب الطرابلسيين وجيش بلدهم وتعزيز الحس الوطني لديهم.
بدأ هذا التعاون منذ أربع سنوات وهو مستمر حتى اليوم، وكان آخر ثماره مخيّم جمع عناصر من لواء المشاة الثاني عشر وشبابًا من طرابلس، تعارفوا وأمضوا معًا أوقاتًا مليئة بالفرح والخبرات المتنوعة.
عند وصولهم إلى ثكنة اللواء في الشمال، استقبلهم الضباط والعسكريون بعرضٍ موجز عن الجيش اللبناني ومهمات لواء المشاة الثاني عشر، ثم قام الشباب بجولةٍ تعرّفوا خلالها إلى الأماكن التي خُصّصت لهم، أعقب ذلك لقاء تبادل خلاله الطرفان الأحاديث حول النزاعات السابقة.
وللتأكيد على تشبّثهم بأرض الوطن وعلى ضرورة التكاتف والتعاون لبنائه، قام الشباب والعسكريون بزراعة 500 شجرة يدًا بيد. ولأنّ مدّ يد المساعدة للناس مظهر من مظاهر المواطنة الصالحة، تابع الشبّان دروسًا وتدريبات في مبادئ الإسعافات الأولية، ومارسوا في اليوم التالي الرياضة الصباحية مع العسكريين، وخاض الطرفان مباريات تحدٍّ بروحٍ رياضيةٍ عالية. ومع حلول المساء، جمعتهم سهرة نار كانت مليئة بأجواء المرح والمحبة، لعبوا من بعدها ألعاب تحدٍ ترفيهية، انتزعت من أعماقهم الكثير من المشاعر السلبية، لتزرع مكانها السعي إلى تحقيق السلام في كل مكان.
انتهى المخيم، غادر شباب طرابلس حاملين بعض الهدايا التذكارية وفي عيونهم أمل بمستقبلٍ أفضل.