تحقيق عسكري

شبكة رادارات تراقب بوابتنا البحرية تعتبر من أحدث مثيلاتها عالمياً
إعداد: ندين البلعة - ليال صقر

«شكراً لجمهورية المانيا الاتحادية»... عبارة عُلِّقت في غرفة العمليات في قاعدة بيروت البحرية، التي زرناها للتعرف الى مهام شبكة الرادارات الحديثة التي تمّ تشغيلها أخيراً، بتمويل ومساعدة من المانيا.

 

لقاء مع قائد القوات البحرية
بداية كانت لنا محطة مع العميد الركن البحري بطرس أبي نصر قائد القوات البحرية الذي تناول العلاقات بين البحريتين الألمانية واللبنانية قائلاً:
«لقد أتى الألمان مع بدء تطبيق القرار 1701 وتسلّموا قيادة القوة البحرية التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. عندها بدأ التعاون بين البحرية الألمانية والبحرية اللبنانية، إن على صعيد التنفيذ العملاني للمهام أم على صعيد التدريب لرفع مستوى خبرة العناصر.
كما دعمت ألمانيا قواتنا البحرية بالعتاد والمراكب والتجهيزات لتحديث كل ما له علاقة بالحيطة والسيطرة على الأضرار على متن المراكب. وضمن هذه المساعدات قدّمت الجمهورية الألمانية المتحدة شبكة رادارية حديثة لمراقبة المياه الإقليمية اللبنانية».
وختم بالقول: إن المساعدات والهبات التي قدّمتها ألمانيا للبحرية اللبنانية كانت من أكبر التقديمات الدولية.

 

غرفة العمليات
إن الدور الأساسي لغرفة العمليات البحرية والمراكز الرادارية المنتشرة على طول الشاطئ اللبناني، هو مراقبة السفن والزوارق وضبط حركتها في كامل المياه الإقليمية اللبنانية والتي تساوي مساحتها أكثر من 40٪ من مساحة لبنان.
وتعتبر الحدود البحرية (المقدر طولها بحوالى 190 كلم) بوابة واسعة للعالم الخارجي، تقوم القوات البحرية بمراقبتها منعاً لأي عمليات تهريب أو هجرة غير شرعية أو غيرها، ويتطلب عمل غرفة العمليات البحرية الحديثة مهارات دقيقة كون التعامل يتمّ مع سفن تجارية وحربية أجنبية بحسب القوانين الدولية والمحلية، إضافة الى التجهيزات التقنية الحديثة. وفي هذا الاطار قدّمت جمهورية ألمانيا الاتحادية مبلغ مليون و200 ألف يورو لإقامة 6 غرف رادارية حديثة بما تحتويه من تجهيزات ورادارات وعتاد.
المقدّم البحري جوزف غريّب والنقيب البحري مازن بصبوص شرحا لنا تفاصيل عمل غرفة العمليات المستحدثة والشبكة الرادارية التي تمّ تدشينها في قاعدة بيروت البحرية بتاريخ 26- 2 - 2008.

 

الشبكة ومهامها
الشبكة الرادارية عبارة عن 6 محطات رادارية منتشرة على طول الشاطئ اللبناني مرتبطة عبر الموجة الميكروية (Microwave) بغرفة العمليات في قيادة القوات البحرية حيث يمكن مراقبة كامل المياه الإقليمية اللبنانية.
تحتوي هذه الشبكة ايضاً، إضافة الى الرادارات البحرية، أجهزة اتصال وأجهزة تعرُّف على السفن عبر نظام الـ(Automatic Identificaion System) «AIS», وكاميرات مراقبة.
ترصد هذه الشبكة أية معلومات وتعالجها داخل المركز (عبر عملية «Processing») لترسلها عبر موجة صغروية هرتزية «Microwave Hertz»، الى مراكز وسيطة على طول الشاطئ اللبناني، بما يتيح نقل هذه المعلومات وتبادلها مع غرفة العمليات المستحدثة.
تتضمن غرفة العمليات من الناحية التقنية حاسباً الكترونياً خادماً (Computer Server) مركزياً مع إمكان معالجة المعلومات كافة وعرضها على شاشات العرض داخل الغرفة.
هدف هذه الشبكة مراقبة المياه الإقليمية اللبنانية من خلال كشف الأهداف ورصدها للتعرف عليها وتحديد هويتها وإمكان معالجة الأهداف المشبوهة. من جهة ثانية، تسعى الشبكة للمساعدة على مكافحة الإرهاب باستخدام إمكانات وسائل الرصد والمراقبة بالاضافة الى إمكان دمج عدة تجهيزات للشبكة، على سبيل المثال: وضع أجهزة رصد (مستشعرات) تحت الماء (Sensor)، كما تساعد الشبكة من جهة ثالثة في عمليات البحث والانقاذ.

 

تحضير غرفة العمليات وفريق العمل
تمّ تدريب عناصر المراكز الرادارية من قبل فريق تدريب ألماني، بالاضافة الى إشراكهم بالتمارين الدورية مع القوات البحرية التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
كذلك تـمّ تدريب ضباط غرفة العمليات وعناصرها من قبل ضباط بحرييـن وفريق من الشـركة التي حقّقت البرامج المعلوماتية الخاصة بالشبكة.
ويخضع هؤلاء العناصر حالياً لدورة عمليات متقدمة في مدرسة القوات البحرية - جونية، علماً أن الشبكة باشرت العمل بنسبة 80٪.

 

صيانة الشبكة
أبرم بعض العقود مع الشركات التي استعان بها الفريق لتشغيل الشبكة لمتابعة الصيانة وأعمال التعهد.
وبعد انتهاء مدة العقود، سوف تسعى القوات البحرية الى إبرام عقود صيانة جديدة وتأمين استمرارية التعهد، ما يحتّم لَحظ أموال لتحقيق قطع غيار وبدل.


طريقة العمل
تمّ تقسيم المياه الإقليمية الى قطاعات مسؤولية يتولى كلاً منها مركز راداري يتعرف الى كل هدف بحري يدخل قطاعه ويمنع أي هدف من الدخول الى المياه الإقليمية اللبنانية من دون إذن، وذلك بعد مراجعة غرفة العمليات في القوات البحرية.
الى ذلك فإن التنسيق قائم بين المراكز الرادارية والمراكب التابعة للقوات البحرية وتلك التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
من خلال الكاميرات الموجودة حالياً يمكن التعرف على الأهداف القريبة كون هذه الكاميرات موصولة الى الشبكة في غرفة القيادة.
ومن المتوقّع في الأشهر القلية المقبلة، تركيب أجهزة رؤية ليلية والتحكّم بها إما من المركز أو من غرفة العمليات.

 

تطوير الشبكة مستقبلاً
تعتبر هذه الشبكة من أحدث الشبكات في العالم وستمكّن القوات البحرية من إدارة العمليات والقيادة والسيطرة على المياه الإقليمية ومؤازرة مختلف الوزارات التي تُعنى بالشأن البحري.
ومن الممكن تطوير هذه الشبكة مستقبلاً وإضافة عدة أجهزة اليها، مع العلم أن هذه المنظومة تمكّن حالياً من تسجيل المعلومات والبيانات الرقمية «Data» كافة التي يتمّ تجميعها ومعالجتها في غرفة القيادة آلياً ولمدة شهر.


بفضل جهودهم
تتخطى الشبكة الرادارية الجديدة المبلغ الذي قدّمته جمهورية ألمانيا الاتحادية. لكن الجهود التي بذلتها القوات البحرية اللبنانية التي استعانت بعدة شركات وخبراء ومهندسين، أدت الى إنجاز العمل وتجميع مستلزمات الشبكة من دون أي مبلغ إضافي. يشار الى أن نجاح هذا العمل لاقى تقديراً كبيراً من الجانب الألماني.