ملحق خاص: خليك مستعد لعدوك المستجد

شراكة كاملة
إعداد: ندين البلعة خيرالله

شركاء الشرف والتضحية والوفاء


بين معركة الأمن ومعركة الصحة يتخبّط الوطن!
عدو هنا وإرهاب هناك، تُقفل مطارات ومدارس ومؤسسات، وتُقطع طرقات... الجميع في منزله مع أسرته، إلا هم، ساهرون لا يغمض لهم جفن ولا يتوانون للحظة عن التزام واجبهم. إنّهم جنود الأمن وجنود الصحة: عسكر جيشنا الأبي، والأطباء والممرضون في المستشفيات وعاملو النظافة فيها، ومتطوعو الصليب الأحمر ومسعفوه... إنّهم أبطال الوطن، الذين يضعون أنفسهم في خدمة الجميع، وتضحياتهم تختصر الإنسانية.

 

أمّا النساء بينهم فقد  اخترنَ أعلى درجات التضحية وميادينها، التضحية من أجل عائلاتهنَّ والتضحية في سبيل الوطن! ولعيد الأم هذه السنة بالنسبة إليهنَّ طعم آخر، مع كل ما يشهده لبنان من عواصف أمنية وصحية. عيد يقضينه في الخدمة... فماذا نقول عن عسكرية بقيت في مركز خدمتها، تحافظ يدًا بيد، الكتف على الكتف، مع رفاقها العسكريين على أمن الوطن في الداخل وعلى الحدود، تهبّ كلما دعت الحاجة إلى الساحات وتؤدي المهمات؟
وماذا نقول عن تلك الممرضة التي وضعت نفسها في الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا المستجد؟ هي التي حيّدت رغبتها بالبقاء إلى جانب عائلتها في المنزل بأمانٍ، ووضعت نفسها في خدمة الإنسان. ضحّت بحضن عيد الأم لتحتضن الوطن ومرضاه... وفي وسط النفق المظلم الذي نمر به اليوم، وممرات وحدة العزل الصامتة، تحدّت مشاعرها وتحمّلت مسؤوليتها الوطنية، فحجرت نفسها في عملها وانضمّت إلى فريق الجنود الذين يواجهون هذا الفيروس الذي أرعب العالم.


ترسل رسالة لأولادها، تدمع عيناها وتعتذر من عائلتها، لأنّها لن تكون إلى جانبهم في هذا العيد... «قد أهاتفكم وتوجّهون المعايدة لي في عيد الأم من خلال اتصال فيديو، ولكنّني مضطرة إلى الغياب عنكم: الشعب بحالة هلع، الوطن بخطر، وهذه المرة الساحة ليست عسكرية، بل ميدان طبي، ونحن جنود مجبرون على الوقوف في ميدان المعركة للدفاع عن شعب وعن وطن»!
فما أعظمها تضحية وما أعظمكنَّ جنودًا أبطالًا... ننحني إجلالًا أمام كل أم ضحّت بأمومتها الخاصة، وحملت مسؤولية وطن وشعب بأكمله، أمام كل عسكرية وكل ممرضة وكل متطوّعة في الصليب الأحمر وعطاءاتهنَّ. تضحياتهنَّ تعيد صياغة علاقاتنا الإنسانية، تجعلنا نخجل من أنانيّتنا ونتذكّر ما نفقده من إنسانيتنا. هنَّ يركضنَ نحو الخطر ويضعنَ حياتهنَّ على المحك بشجاعةٍ لا مثيل لها، لنبقى نحن بأمان!