في ثكناتنا

شريكة بالدفاع عن الوطن

وجدت المرأة اللبنانية في المؤسسة العسكرية بيئة سليمة وعادلة حققت لها المساواة، وألغت الأفكار النمطية المسبقة حول ما يمكنها أن تتولاه من مهمات، حتى الأكثر صعوبة منها. في هذه البيئة استطاعت تطوير قدراتها واكتشفت أنّها أصلب بكثيرٍ مما كانت تظن. التدريبات التي تابعتها عززت ثقتها بنفسها، والمهمات التي تولّتها بنجاحٍ في مختلف القطع والمجالات فتحت الطريق واسعًا أمام الإناث عمومًا وأسهمت في سلوكهن دروب التحدي. بعد اليوم لن يكون من السهل القول لامرأةٍ تتمتع بالمؤهلات المطلوبة لموقعٍ ما، لا يمكنك تولّي هذه الوظيفة لأنّها للرجال... فمن أثبتت كفاءتها في المؤسسة العسكرية قادرة على النجاح في أي مجال.

 

نجاح المرأة في المؤسسة العسكرية لم يقتصر على الإدارة والطبابة وسوى ذلك من مجالات خاضتها منذ فترة طويلة قبل أن تُمنح فرصة الانتساب إلى القوات المسلحة. في الجيش أنطلقت المرأة إلى مجالات أرحب، وهكذا بتنا نراها في الكلّية الحربية والقوات الجوية والبحرية والشرطة العسكرية، وفي جميع الألوية والأفواج الخاصة تمارس الوظائف المختلفة التي يمارسها العسكريون الرجال، وقد أثبتت جدارتها أينما حلّت. حتى على الحدود الجنوبية في مواجهة العدو الإسرائيلي، وعلى الحدود الشرقية - الشمالية في مواجهة الخطر وأقسى العوامل الطبيعية، تقف النساء إلى جانب الرجال بثبات ومسؤولية، فكلاهما أقسم اليمين على حفظ الوطن، ولا تمييز بينهم في الواجبات أو الحقوق.

لمناسبة اليوم العالمي للمرأة توجهت مجلة «الجيش» إلى الحدود لتُلقي التحية على إناث ارتدَيْن البزة المرقطة بكل فخر واعتزاز، وانصرَفْن إلى أداء واجبهن الوطني بما يضاهي عزم الرجال وثباتهم. اتجهنا شرقًا، فواكبنا لساعاتٍ طويلة مجموعة من العسكريين الإناث في مواقع مختلفة تابعة لفوج الحدود البرية الثالث، وعاينّا الحماسة التي تُميّز أداءهن على الحدود. ثم اتجهنا جنوبًا، فطالعنا المشهد نفسه مع مجموعة أخرى في اللواء الخامس. بين قسوة العوامل الطبيعية في المناطق الجبلية بقاعًا، ورحابة البحر والشاطئ بين الناقورة وصور جنوبًا، الاندفاع نفسه والشغف نفسه، فتيات فخورات بكونهنّ واجَهْن التحديات الصعبة، وأصبحن جزءًا من الجيش اللبناني.

بين منزلها ومركز عملها مسافة يتطلب اجتيازها ساعة ونصف، مع ذلك لم يحصل أن تأخرت يومًا في الوصول إلى المركز. يبدأ نهارها مع بزوغ الفجر، تنطلق من منزلها قبل أن ترسل الشمس أول خيوطها وتصل إلى مقر عملها قبل الدوام المقرر... تبدو الرقيب لبنى فايق سعيدة في وظيفتها، تؤدي واجباتها بشغفٍ، وتحرص على إنجاز المهمات الموكلة إليها بكل دقة. في الواقع، طبيعة عملها تقتضي الكثير من الدقة، إهمال أي تفصيل خطأ قد يجر أوخم العواقب. إنّها واحدة من العيون الساهرة على الحدود. التقيناها في غرفة عمليات الفوج حيث تظهر على الشاشات الصور التي تلتقطها كاميرات أبراج المراقبة الحدودية. تحليل الوثائق ورفعها إلى القيادة والتبليغ عما يحصل وتحديد موقعه، مسؤولية تتولاها الرقيب فايق مع زميلة لها. يتطلّب هذا العمل مهارات تقنية خاصة (الكاميرات والكومبيوتر) فضلًا عن المهارات اللغوية التي تتيح إعداد التقارير الدقيقة ورفعها إلى القيادة. الاثنتان تابعتا دورات خاصة بكاميرات المراقبة مع فرق تدريب بريطانية، وباتت لديهما خبرة واسعة بالعمل الذي تتوليانه، وتسمح لهما بتدريب زملائهن في مجال العمليات.

لا ينتهي الأمر هنا، فالرقيب فايق تشارك أسوة برفيقاتها الإناث في المهمات العملانية للفوج، وقد اعتاد المواطنون رؤيتهن على الحواجز وفي الدوريات. لقد تدرَبْن جيدًا على كيفية تنفيذ هذه المهمة الأساسية في الأفواج الحدودية، وبِتْنَ يتحمَلْن مسؤولياتهن بكل ثقة وحزم، ولكن من دون التخلي عن الابتسامة اللطيفة التي تنعكس ارتياحًا على وجوه المارة.

من غرفة العمليات ننتقل إلى أمانة سر الفوج حيث نلتقي الرقيب الأول شانتال عون التي تشغل وظيفة مستكتب، هي فخورة بعملها ومؤمنة بأهميته، وأهمية دور الإناث في الجيش عمومًا، فلو لم يكن كذلك لَما طوّعت القيادة أعدادًا إضافية من الإناث. تقول: «أشعر بالاعتزاز حين أرتدي البزة، فأنا أخدم بلدي وأقوم بواجبي تجاهه. إضافة إلى ذلك الانخراط في السلك العسكري، أتاح لي التدرب على مواجهة الصعوبات والتكيّف مع مختلف الظروف. لذلك لا أجد صعوبة في تأدية أي وظيفة تُطلب مني».

 

دقة وجدية

اشتراك التعاضد والإسكان، تدوين العقوبات، تدقيق الصحيفة، تقسيم المحروقات، تنفيذ الحجز على الراتب، اشتراكات الضباط في النادي والصندوق مع البدَلات الإضافية... وظائف إدارية تقوم بها الجندي ديانا أبو زيد في الفوج بالإضافة إلى تولّي وظائف عملانية مداورة مع زميلاتها. بالنسبة إليها، قد تكون الوظيفة الإدارية أسهل من الوظيفة العملانية على الحواجز في ظل ظروف مناخية قاسية (برد قارس شتاء وحرارة شديدة صيفًا)، لكنها تؤكد: «لو لم نكن على قدر المسؤولية لَما كُلّفنا بهذه المهمات. تأقلمنا ونقوم بعملنا بدقةٍ».

تعمل الجندي سينتيا بتغريني في مجال البرقيات التي يصدرها الفرع الرابع في الفوج وتوجّه إلى قيادة الجيش لتحدّد حاجاته. يتطلّب عملها جدية كبيرة في التعاطي مع الأمور، فالخطأ ممنوع. تابعت مع زميلاتها وزملائها في الفوج دورات مع فريق تدريب بريطاني من أهمها: دورة تعامل مع الحواجز (تتضمن دروسًا حول عتاد متطور خاص بالتفتيش)، الدوريات والتوجّه بالبوصلة والخرائط. حاليًا، وبسبب تفشّي فيروس كورونا، تواجه صعوبة في الانتقال بين بيتها ومركز عملها، مع ذلك تعمل جاهدة لتكون على مستوى الثقة التي منحتها إياها المؤسسة.

قبل التحاقها بفوج الحدود البرية الثالث، خدمت الجندي بتغريني في وزارة الدفاع الوطني ثم في منطقة البقاع ففوج الحدود البرية الرابع، وبالتالي تنوعت الوظائف التي أدتها، تُقر بأنّ الوظيفة الإدارية سهلة مقارنة بالمهمات العملانية، لكن للأخيرة إيجابياتها على صعيد اكتساب المزيد من القدرات. تشير إلى التعب في أثناء التدريب لكنها تُضيف: «حين ينتهي الأمر وألمس النتيجة التي حققتها يزول التعب. تدربنا تمامًا مثل رفاقنا الذكور، تدرجت التدريبات من السهل إلى الصعب فالأصعب، واليوم أصبحنا ننفّذها بسهولةٍ».

 

جهوزية دائمة

في عيتا الفخار، على بُعد نحو 45 دقيقة من قيادة الفوج، حاجز تفتيش يتولاه عسكريون ذكور وإناث يعملون معًا لضبط الدخول إلى القطاع. دور الإناث الأساسي هنا هو تفتيش النساء، وهنّ يتناوَبْن على تنفيذ هذه المهمة وفق جدول شهري تضعه قيادة الفوج. لكن بالإضافة إلى الجدول الشهري تؤمّن الفتيات جهوزًا في أوقات أخرى تُحدد وفق الحاجة، لذلك يُفترض أن يكنّ جاهزات لتنفيذ مهمة طارئة خلال الفترة الممتدة بين الساعة 14:00 بعد الظهر و الـ8:00 صباحًا. لا ينال الوقوف لوقتٍ طويل من عزيمة الإناث، يدركْن جيدًا أنّ مساواتهن بالذكور تفرض عليهن أعباء مقابل الحقوق، لذلك يبذلْن قصارى جهودهن للتغلب على التعب. وقفتهن على الحاجز تفصح عن انضباط يفتخر به رؤساؤهن.

في أثناء وجودنا قرب الحاجز تمرّ دورية بين عناصرها اثنتان من الإناث. المشهد بات مألوفًا لسكان المناطق الحدودية وللعابرين. إجمالًا يقوم الفوج بدورياتٍ بمحاذاة الحدود للمراقبة وكشف أي حركة مشبوهة والتبليغ عنها لإجراء المقتضى، وتكلّف الإناث بمهمة الدورية حين يحتاج الفوج لذلك.

في الشتاء المنطقة باردة جدًا، وأحيانًا تُقفل الثلوج الطرقات، أما في الصيف فالحر شديد، لكنّ العسكريين الإناث يؤكدْنَ أنّهن تأقلمْنَ مع هذه الظروف ولم تعد مشكلة بالنسبة إليهن.

 

في برك الرصاص

محطتنا الأخيرة كانت في برج المراقبة T1 الواقع في منطقة برك الرصاص، الإناث هناك يتوليْنَ وظائف عديدة. نَراهُنّ أمام شاشات التحكم بالكاميرات والرادارات الموجودة على البرج والمتصلة بقيادة الفوج وعدد من الثكنات التابعة له. لكن على الرغم من وجود الكاميرات، ينبغي وجود عنصر في البرج للمراقبة عبر منظار متطور وغالبًا يكون من الرجال، وعند الحاجة تكلّف الإناث بالمهمة. في غرفة العمليات المتحركة التي تعمل كأي غرفة عمليات ثابتة، وأيضًا في غرفة الكاميرا DINOS المتطورة والتي يتطلب التعامل معها مهارات تقنية عالية، نجد الإناث إلى جانب الذكور. لقد تدربوا معًا على استخدام العتاد الحديث، ومعًا ينفّذون المهمات الدقيقة بكل اندفاع وجدية.

 

جنوبًا در

من البقاع والحدود الشرقية إلى البياضة على الحدود الجنوبية حيث ينتشر لواء المشاة الخامس الطبيعة خلابة، فشاطئ البياضة - الناقورة حيث البحر يلامس الجبل يُعد من أجمل شطآن لبنان. نصل إلى مقر قيادة لواء المشاة الخامس، وهناك يتضح لنا بسرعةٍ أنّ الرؤساء يثقون بقدرات عسكرييهم، من دون تمييز بينهم بحسب الجنس. فالعسكري الأنثى مدربة وتتولى تنفيذ مهمات قتالية إلى جانب المهمات الإدارية، ولسان حالها يقول: «عندما تطوّعت في الجيش كنت أعلم أنّني سأقوم بكل ما يُطلب مني حفاظًا على علم بلادي وذودًا عن وطني لبنان».

نقوم بجولةٍ في القطاع، فعلى أحد الحواجز تقف الرقيب إستيل خريش بثباتٍ إلى جانب رفاقها الذكور. الفتاة الواثقة من قدراتها، تلقّت كل التدريبات الأساسية التي أهّلتها لتنفيذ مختلف أنواع المهمات أيًا كانت صعوبتها. تقول: «أنا جاهزة لتنفيذ كل ما يُطلب مني، وأؤدي عملي بدقةٍ وحرفية، وقد تأقلمت مع متطلبات الحياة العسكرية من جميع نواحيها».

ما هي المهمات التي تنفّذها الإناث على الحاجز؟ يأتينا الجواب من إحدى العسكريين الإناث: «نستجوب المارة ونفتشهم متى توجّب ذلك، نراقب بدقةٍ كل آلية تمر، كما نسعى إلى تعزيز الانضباط من خلال ضبط مخالفات العسكريين».

نعود إلى الرقيب خريش، نسألها عن علاقتها بالسلاح الذي تحمله، تقول بكل ثقة وحماسة: «سلاحي كرامتي وحياتي، أجيد استخدامه وأتعامل معه بجديةٍ ودقة، لا مجال للخطأ في هذا الموضوع».

 

في غرفة العمليات...

في غرفة العمليات أيضًا نجد العسكريين ذكورًا وإناثًا يعملون جنبًا إلى جنب، ويتعاونون لتنفيذ مهمتهم التي تتطلّب دقة وتركيزًا. رتيب أنثى ترصد ما يجري على الحواجز في القطاع من خلال الشاشات. زميلها، يراقب جيدًا مداخل ثكنات اللواء، بينما يتولى آخرون مراقبة البحر تحسبًا لأي خرق قد ترتكبه زوارق العدو. تتولى غرفة العمليات أيضًا تحديد المهمات وتوزيعها على العسكريين، وهذا ما يقتضي التعامل مع برامج مختلفة (TETRA، QJIS وC2T) لتحديد المواقع أو الاتصال بهدف حسن سير العمليات، بالإضافة إلى خرائط تساعد في تنفيذ المهمات، وهذه البرامج تتعامل معها الإناث كما الذكور بكفاءةٍ تامة.

تعترف الجندي راشيل شوفاني بأنّها لم تكن مدركة لكلّ ما تتمتع به من قدرات. الانخراط في الجيش كشف لها أنّها إنسانة قوية، والتدريب عزز مهاراتها. من التدريبات التي لم تكن تتوقع أبدًا أنّه يمكنها تنفيذها النزول تحت الملالة وهي تسير، لكنها اليوم تقوم بكل ذلك بمهارةٍ عالية وكثير من السهولة. وفي ما يتعلق بوظيفتها الحالية توضح: «حين بدأت العمل في غرفة العمليات، ساعدني زملائي العسكريون في اكتساب المهارات اللازمة لممارسة وظيفتي. وبفضل التعاون بيننا أصبحت واثقة بأنّني أستطيع القيام بكل عمل يوكل إلي، أنا عسكرية بكل ثقة وفخر، هنا لا فرق بين فتاة وشاب».

 

...وفي المراكز الحدودية

من البياضة ننتقل إلى الناقورة حيث أقام اللواء برج مراقبة في نقطة حدودية مواجهة لثكنة كبيرة للعدو الإسرائيلي. في أثناء توجهنا إلى المركز بالهامفي، تقف الجندي دانييلا صقر أمام السلاح عيار 12,7 ملم متأهبة، تملأ وجهها الثقة بالنفس والفخر بالواجب الذي تؤديه. في البرج زميلات لها تحملْنَ المنظار وتراقبْنَ البحر لكشف أي خرق لحدود الطفافات التي تحدّد الحدود البحرية. على رأس البرج أيضًا كاميرا تراقب أي تحركات مشبوهة للعدو. يُطل هذا البرج على البوابة الصفراء التي تستخدمها قوات اليونيفيل لدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة والخروج منها في بعض الحالات المحددة، وهم مسؤولون عنها.

تُنفّذ الجندي صقر بثقةٍ ومن دون أي تردد كل مهمة توكل إليها، وهي مؤمنة أنّها تمتلك كل القدرات اللازمة للقيام بواجبها. وإذ تشير إلى أنّها تخضع للتدريبات دوريًا لتكون جاهزة لكل المهمات، تؤكد أنّها تكتسب المزيد من اللياقة والكفاءة بعد كل دورة تتابعها.

تؤدي هذه الجندي عدة مهمات، فهي شرطية على الحواجز وحرس في غرفة عمليات اللواء، كما أنّها تخرج في دوريات ضمن قطاع المسؤولية. وتؤكّد: «كل هذه المهمات من صلب مسؤولياتي ولا أتلكّأ في أي وظيفة أُكلّف بها».

 

على قدر الثقة

يُجمع العسكريون الإناث في لواء المشاة الخامس على أنّ العماد قائد الجيش حين قرّر تطويع الإناث في المؤسسة العسكرية، كان واثقًا بقدراتهن وأنّهنّ على قدر المسؤولية، ولذلك أثبتن أنّهنّ على قدر الثقة، وتعمل كل منهن لتقدّم أفضل صورة عن قدرات الأنثى ودورها في الجيش. نقطة أخرى يركّزْنَ عليها: «لم نتطوّع في الجيش قسرًا، فالأمر كان رغبة ذاتية، وحين سنحت الفرصة تحققت الرغبة على الرغم من معارضة الأهل».

 

كلّنا «عسكر»!

لم يعد غريبًا أن ترى العسكريين ذكورًا وإناثًا جنبًا إلى جنب في المهمات العملانية، ففي النهاية الواجبات الملقاة على عاتقهم هي نفسها. صحيح أنّ دور الإناث في المؤسسة العسكرية اقتصر في البداية على الوظائف الإدارية، لكنهن تدربْنَ وأصبحْنَ قادرات على القيام بمختلف الوظائف بكفاءةٍ لا تقلّ أبدًا عن كفاءة العسكريين الذكور. في النتيجة جميعهم «عسكر»، والفخر يلمع في عيون الإناث والذكور على السواء حين يسمعون مواطنًا ينادي الواحد منهم: «يا وطن».

 

في مكانها

يؤكّد قائد فوج الحدود البرية الثالث العقيد الركن كمال كمال أنّ العسكريين الإناث نفّذْنَ دورات قتالية كبرى مثل المداهمة ودوريات تفتيش ودوريات قتال، وأثبتْنَ براعتهن في هذه الدورات إذ تخطَيْن الصعوبات التي اعتقد الكثير أنّها ستكون عقبة في طريقهن. ويقول: «المرأة ليست عنصرًا زائدًا في الفوج، هي في مكانها، تؤدي دورها بالكامل ومن دون الحاجة إلى المساعدة. من جهة أخرى، في الفوج أجهزة متطورة خاصة بضبط الحدود، والعسكريون الإناث يتعاملْنَ معها بكفاءةٍ كونهنّ جميعًا من حملة الشهادات الجامعية».

 

 انطلاقة صحيحة

انطلقت فكرة تكليف العسكريين الإناث بمهماتٍ قتالية وأمنية مثل زملائهن الذكور من منطلق أنّهم جميعهم عسكريون، «وكانت هذه الانطلاقة الصحيحة» بحسب ما يقول قائد لواء المشاة الخامس العميد الركن إدغار لاوندس. «بمجرّد ارتدائهم البزة المرقطة، لم يعد هناك ذكور أو إناث، باتوا جميعهم متشابهين. أقنعنا العسكريين الإناث في التدريبات أنهن يملكْنَ القدرات اللازمة لتأدية المهمات الإدارية والقتالية على السواء، فنحن في نقطة حدودية وقد نضطر في أي لحظة إلى خوض القتال». ولفت إلى أنّ المدربين المحليين والأجانب أثنوا على لياقة العسكريين الإناث البدنية وشجاعتهن في تنفيذ التدريبات.

من جهته، يؤكد النقيب وليد عدوية من الكتيبة 57: «إنّ العنصر النسائي في الجيش أثبت جدارته، وقد بينت التدريبات أنّ قدرات الإناث ليست أقل من قدرات رفاقهم. مثلًا ثمة إناث نزلْنَ تحت الملالة بينما أحجم عن ذلك بعض الذكور. ويلفت إلى أنّ لمسة الأنثى في أي عمل تقوم به مميزة وهذا ما يظهر بشكلٍ خاص في الأمور التنظيمية.

 

لأولى بين 17 متدربًا

صُنّفت الرقيب إسمار بو عديلة الأولى بين 17 متدربًا (ذكور وإناث) في دورة تدريبية أُقيمت في الفوج مع فريق تدريب أجنبي، وأثبتت بذلك أنّ قدراتها لا تقلّ عن قدرات رفاقها الذكور.

وفي سرية القيادة والخدمة، تابعت اثنتان من العسكريين الإناث دورات مع الصليب الأحمر اللبناني والمديرية العامة للدفاع المدني على الإسعافات الأولية، وهما اليوم تدرّبان زملاءهن ذكورًا وإناثًا وتحزْنَ ثقة رؤسائهنّ.

 

إرادة واندفاع

في إحدى المناورات، طُلب من اثنتين من العسكريين الإناث الهبوط على طريقة عصفور ميت من ونش بارتفاع 47 مترًا. كان الحضور غير متأكدين من قدرتهما على تنفيذ التمرين. لكنّ المدرب أقر بثقته بهما وبالفعل نفّذتا التمرين بشجاعةٍ ونجاح.