كبارنا

شفيق أبو شقرا

أصالة في الأسلوب محاصرة بقوة العولمة ورقّة في اللحن مهدّدة بالخطر

على كتف الجبل, ومن موقع يطل على العاصمة وبحرها, وضواحيها, يقيم الموسيقار شفيق أبو شقرا. لطالما سمع صاحبنا باسمه في تعداد مؤلفي وملحني الأغاني قبل بثّها في الإذاعة اللبنانية (ومن بعدها إذاعة لبنان: هنا بيروت). ما لفت نظره رقة اللحن وأصالة الأسلوب, هذه الرقة التي شوّهتها حملات التسويق الفنية المزدهرة طمعاً بالربح التجاري, وعلى حساب الجودة والإتقان.
أما الأصالة فهي ويا لتعاستها محاصرة بقوة العولمة وألحان الإنحطاط والتقليد الأعمى, ولباس جلد غير الجلد الأصلي, حتى بات الحصار شبه محكم ومهدداً بالخطر. انبرى بكل ما أوتي من وسائل ­ وهي محدودة لديه ­ للحفاظ على الأصالة, مع الحفاظ على النفس, لأنه أحياناً يمكن أن يحتار, وأن يختار, بينهما: الأصالة والنفس!
صعد الى عين عنوب ليسأل عن مصير الأصالة من صاحب الأصالة والرقة والعذوبة. وصل مع صاحبه الى منزل شفيق الذي ما زال يحتفظ بشيبته الجميلة التي تضفي على بساطته ودعته جمالاً. ليست شيبة هيبة مصطنعة, ولا شيبة تمثيل, إنها تدعم البساطة والأناقة. تحدث إليه ببساطة عن الأصالة قبل أن يسأله عنها, فوجد مرامه في حديثه, وتبيّن له أن ما يعانيه المستمع يعانيه شفيق أكثر كملحن موسيقي. لكنه وجد عند شفيق حكمة وهدوءاً في المعالجة, وشعوراً بالتفاؤل, فيما هو يكيل السباب والشتائم, وينفـعل كثـيراً عندمـا يسمع الصرخات المشوّهة التي يسمونها أغـانٍ. لذلك أسـرع ليسأل من المسـؤول, وكيـف الخروج من الواقع, أما شفيق فرمى ذلك على الدولة, الدولة التي هو منها.
مقتنع بأنه يجب تنظيم الفن كما يكون التنظيم المدني, حيث يحافظ على الجمال والتنسيق في البناء والحدائق. نعم يجب أن يكون هناك تنظيم فني متلازم مع التنظيم المدني. سُرّ بسماع وتر العود من أنامل شفيق, لكن ما انطبع في ذهنه هو احترام شفيق للعود حتى أبى أن تُلتقط له صور معه إلا بعد أن يرتدي السترة ويكون باللباس الرسمي. وقد ذكّره هذا بالمراسم التي تفرض اللباس الرسمي لدى مقابلة الكبار والعظماء, ومَن أكبر وأعظم من العود.
عاد الى بيروت مع صاحبه وقد أحسّ أنه غيّر في نظرته وتفاءل, إذ يمكن للخير أن يتحقق ونصل جميعاً الى التنظيم الفني الذي يُنقذ الأغنية من فوضى المقالع والكسارات والمرامل الفنية.
م. ت

عن بدايات تعاونه مع نجاح سلام يذكر شفيق أبو شقرا أغنية إنت إنت (كلمات ميشال طعمه) اللحن الذي حملته المطربة الكبيرة معها الى مصر, ثم يذكر اللحن العفوي الجميل مرّ لك تبقى مرة (من كلمات أسعد سابا).
أما عن بدايات سعاد محمد فيذكر أن أستاذها الموسيقي كان توفيق البرجاوي.
وعن هيام يونس يقول: أنا أول من شجعها على الإنتقال الى الألحان الخليجية (بالتعاون مع الملحن طارق عبد الحكيم). كانت هيام ميّالة الى أغنيات وديع الصافي, وفي إحدى سهـرات فوار انطلياس, غنّت نحو عشرين من تلك الأغنيات, ولما صعد وديع الى المسرح سألني مستغرباً: والآن ماذا بقي لي أن أغني, فقلت له ممازحاً: أعد ما غنّته هيام (وكان أبو شقرا يتقدم الفرقة الموسيقية).
عازفاً, تولى أبو شقرا العزف على التشيللو, الى جانب عاصي الرحباني على البزق وفرحات الهاشم على الكمان, وكان يرغب في الأساس بالعزف على العود, لكن عازف العود في الإذاعة آنذاك كان بهيج ميقاتي.
وأما أكثر من غنّى ألحانه فهي المطربة نور الهدى.
ويؤكد أبو شقرا أن أداء ألحان الآخرين سهل أحياناً, لكن الصعب هو اختيار الطريق الشخصية, وهذا ما يحصل لنجوم البرامج التلفزيونية في الوقت الحاضر, إذ ينجح هؤلاء في أداء الأغنيات المعروفة ويبقى عليهم تأسيس ألحان خاصة بهم.
أما عن عبد الوهاب, فيذكر أبو شقرا أنه كان يسمعه يردد دائماً: لنا عودة. الألحان الهابطة لا بد أن تزول. إن حياتها عابرة والبقاء هو للأصيل. لكنه ينقل عنه أيضاً: فتحة الشباك على الغرب غلطة, إذ أن هناك من يسيء استخدام ذلك الطريق مما يؤدي الى إلغاء الشخصية المحلية الأصيلة. لكن أبو شقرا يستدرك: في كل حال عبد الوهاب صائغ ماهر, ويعرف كيف يستخدم الجمل الموسيقية التي يختارها من أعمال الآخرين فتبدو وكأنها من وضعه, وفي ذلك براعة كبيرة, ولا جدل في أن عبد الوهاب هو موسيقار للأجيال عندنا وأستاذ للجميع.
البيت الصغير يفتح أبوابه بشكل مستمر أمام الزملاء والمتذوقين والتلامذة. كما أن المقطوعات الموسيقية تنطلق عبر نوافذه من وقت لآخر الى قاعات المعهد الوطني للموسيقى, وهذا ما يدأب عليه مضيفنا الأصيل.
يوزع شفيق أبو شقرا الأعواد متنوعة متكاملة في كل زاوية من زوايا بيته الصغير في عين عنوب, وهو يؤكد بأنه في ألحانه التي تجاوز عددها الألف لم يسمح باستعمال الأورغ إلا مرة واحدة.
ولد الأستاذ شفيق في قضاء عاليه سنة 1923. مال في صغره الى الغناء, ثم تيسّر له العمل ممثلاً في التياترو الكبير. في أواخر الأربعينيات عرف طريق الإذاعة اللبنانية معجباً بروادها آنذاك: نقولا المني, يوسف فاضل, سامي الصيداوي, يحيى اللبابيدي, ميشال خياط...
بداية عمله هناك كانت عضوية لجنة لدراسة نصوص الأغاني (لم يكن من المسموح في ذلك الزمان إذاعة أي أغنية قبل دراسة كلماتها ولحنها وأدائها من قبل لجان متخصصة). أعضاء تلك اللجنة كانوا الى جانب شفيق أبو شقرا: عبد الجليل وهبي, مصطفى محمود, أسعد سابا, طانيوس الحملاوي, توفيق الباشا, مارون كرم. ويتفق أبو شقرا مع الجميع في أن أركان الأغنية هي النص واللحن والأداء والصوت, إلا أن اللحن يمكن أن يغطي النقص في الكلام إن حصل.
بعد ذلك كان التعارف والتعاون مع الأخوين رحباني, عاصي ومنصور. وهو يذكر أنه كان شاهداً على لقاء نهاد حداد ­ فيروز ­ بهما, بعد أن اصطحبها إليه عمر الزعني في البداية, وكانت تعمل آنذاك منشدة في كورال الأخوين فليفل.
ويذكر أبو شقرا أن المغني في ذلك العصر كان يحضّر أغنيتـه جيداً ويحفظها بكل دقائقها قبل أن يسجّلها مع الفرقة الموسيقيـة, وكان من المستهجـن كثيراً أن يقرأ نصها الكلامي أو تدوينها الموسيقي, خلال الأداء. ويحكى أن الشاعر المصري أحمد رامي أبدى استغرابه حين رأى إحـدى المغنيـات تفعل ذلك, فهبّ سائلاً: إيـه, مطربة بورقة؟... وتم تأجيل التسجيل الى وقت آخر.

عن بدايات تعاونه مع نجاح سلام يذكر شفيق أبو شقرا أغنية إنت إنت (كلمات ميشال طعمه) اللحن الذي حملته المطربة الكبيرة معها الى مصر, ثم يذكر اللحن العفوي الجميل مرّ لك تبقى مرة (من كلمات أسعد سابا).

أما عن بدايات سعاد محمد فيذكر أن أستاذها الموسيقي كان توفيق البرجاوي.
وعن هيام يونس يقول: أنا أول من شجعها على الإنتقال الى الألحان الخليجية (بالتعاون مع الملحن طارق عبد الحكيم). كانت هيام ميّالة الى أغنيات وديع الصافي, وفي إحدى سهـرات فوار انطلياس, غنّت نحو عشرين من تلك الأغنيات, ولما صعد وديع الى المسرح سألني مستغرباً: والآن ماذا بقي لي أن أغني, فقلت له ممازحاً: أعد ما غنّته هيام (وكان أبو شقرا يتقدم الفرقة الموسيقية).
عازفاً, تولى أبو شقرا العزف على التشيللو, الى جانب عاصي الرحباني على البزق وفرحات الهاشم على الكمان, وكان يرغب في الأساس بالعزف على العود, لكن عازف العود في الإذاعة آنذاك كان بهيج ميقاتي.
وأما أكثر من غنّى ألحانه فهي المطربة نور الهدى.
ويؤكد أبو شقرا أن أداء ألحان الآخرين سهل أحياناً, لكن الصعب هو اختيار الطريق الشخصية, وهذا ما يحصل لنجوم البرامج التلفزيونية في الوقت الحاضر, إذ ينجح هؤلاء في أداء الأغنيات المعروفة ويبقى عليهم تأسيس ألحان خاصة بهم.
أما عن عبد الوهاب, فيذكر أبو شقرا أنه كان يسمعه يردد دائماً: لنا عودة. الألحان الهابطة لا بد أن تزول. إن حياتها عابرة والبقاء هو للأصيل. لكنه ينقل عنه أيضاً: فتحة الشباك على الغرب غلطة, إذ أن هناك من يسيء استخدام ذلك الطريق مما يؤدي الى إلغاء الشخصية المحلية الأصيلة. لكن أبو شقرا يستدرك: في كل حال عبد الوهاب صائغ ماهر, ويعرف كيف يستخدم الجمل الموسيقية التي يختارها من أعمال الآخرين فتبدو وكأنها من وضعه, وفي ذلك براعة كبيرة, ولا جدل في أن عبد الوهاب هو موسيقار للأجيال عندنا وأستاذ للجميع.
البيت الصغير يفتح أبوابه بشكل مستمر أمام الزملاء والمتذوقين والتلامذة. كما أن المقطوعات الموسيقية تنطلق عبر نوافذه من وقت لآخر الى قاعات المعهد الوطني للموسيقى, وهذا ما يدأب عليه مضيفنا الأصيل.
يوزع شفيق أبو شقرا الأعواد متنوعة متكاملة في كل زاوية من زوايا بيته الصغير في عين عنوب, وهو يؤكد بأنه في ألحانه التي تجاوز عددها الألف لم يسمح باستعمال الأورغ إلا مرة واحدة.
ولد الأستاذ شفيق في قضاء عاليه سنة 1923. مال في صغره الى الغناء, ثم تيسّر له العمل ممثلاً في التياترو الكبير. في أواخر الأربعينيات عرف طريق الإذاعة اللبنانية معجباً بروادها آنذاك: نقولا المني, يوسف فاضل, سامي الصيداوي, يحيى اللبابيدي, ميشال خياط...
بداية عمله هناك كانت عضوية لجنة لدراسة نصوص الأغاني (لم يكن من المسموح في ذلك الزمان إذاعة أي أغنية قبل دراسة كلماتها ولحنها وأدائها من قبل لجان متخصصة). أعضاء تلك اللجنة كانوا الى جانب شفيق أبو شقرا: عبد الجليل وهبي, مصطفى محمود, أسعد سابا, طانيوس الحملاوي, توفيق الباشا, مارون كرم. ويتفق أبو شقرا مع الجميع في أن أركان الأغنية هي النص واللحن والأداء والصوت, إلا أن اللحن يمكن أن يغطي النقص في الكلام إن حصل.
بعد ذلك كان التعارف والتعاون مع الأخوين رحباني, عاصي ومنصور. وهو يذكر أنه كان شاهداً على لقاء نهاد حداد ­ فيروز ­ بهما, بعد أن اصطحبها إليه عمر الزعني في البداية, وكانت تعمل آنذاك منشدة في كورال الأخوين فليفل.
ويذكر أبو شقرا أن المغني في ذلك العصر كان يحضّر أغنيتـه جيداً ويحفظها بكل دقائقها قبل أن يسجّلها مع الفرقة الموسيقيـة, وكان من المستهجـن كثيراً أن يقرأ نصها الكلامي أو تدوينها الموسيقي, خلال الأداء. ويحكى أن الشاعر المصري أحمد رامي أبدى استغرابه حين رأى إحـدى المغنيـات تفعل ذلك, فهبّ سائلاً: إيـه, مطربة بورقة؟... وتم تأجيل التسجيل الى وقت آخر.