معًا نواجه

صامدون بفضل إرادتكم

عندما تقول اللوجستية «لا» يكون على القائد أن يغيّر خططه. بهذه المقولة المعروفة في العلم العسكري بدأ قائد الجيش العماد جوزاف عون حديثه إلى العسكريين في اللواء اللوجستي خلال زيارته له. وفي الواقع تعكس هذه المقولة موقف قيادة الجيش في مواجهة الأزمة القاسية التي يعيش تحت وطأتها اللبنانيون بمن فيهم العسكريون. ففي حين يتعاظم الشحّ في الموارد، ينشط العمل على جبهة استنباط الحلول ووضع الاستراتيجيات الملائمة، للتكيّف مع الظروف القاسية وتخفيف ضغطها على العسكريين وعائلاتهم.
العماد عون الذي أكد للعسكريين مرة جديدة أنّ قيادتهم ستظل إلى جانبهم، قال: «نحنا ما رح نتركّن نحنا حدّكن، نحنا قراب منكن، منعرف شو عم بتعانوا، منجرّب قد ما فينا نساعدكن، بس كمان انتوا بدكن شوي تساعدونا، لنوقف ‏كلنا سوا على إجرينا ونخلّص هالبلد». وهو في المقابل ثمّن صمود العسكريين وشدّ على أياديهم، مؤكدًا أنْ أي جيش آخر لو واجه أزمة مماثلة لما كان قادرًا على الصمود، لكنّ جيشنا ما زال صامدًا بفضل إرادتكم.


تفقّد قائد الجيش العماد جوزاف عون اللواء اللوجستي في كفرشيما، الذي تسلّم مؤخّرًا ٦٠ حافلة سيتم وضعها بتصرّف فوج النقل لتنفيذ خطة النقل المشترك للعسكريين، وحلّ مشكلة ارتفاع كلفة الانتقال ما بين أماكن السكن ومراكز العمل.
وجال العماد عون في أقسام اللواء وبخاصةٍ مركز صيانة عتاد المراقبة المسلّم لأفواج الحدود البرية والقوات البحرية (DTRA) والمستوصف ومصنع مواد التنظيف والتعقيم المُنشأ حديثًا، والذي يوفّر هذه المواد للعسكريين وعائلاتهم بكلفةٍ زهيدة.
وفي الكلمة التي وجّهها إلى الضباط والعسكريين شدّد على دور اللوجستية بصفتها «القلب النابض لأي جيش»، فـ«الإيمان بالنصر يستند إلى الثقة باللوجستية» وفق شعار اللواء. وإذ أكد قائد الجيش أنّ هذا اللواء أثبت في الظروف الصعبة التي نعيشها إيمانه بالمؤسسة العسكرية، ذكّر بأنّه لا يمكن لأي عسكري تنفيذ المهمات الموكلة إليه من دون الدعم اللوجستي. كما أشار إلى أنّ اللواء اللوجستي ‏يستمر في التطور، ويواصل ابتكار الحلول الخلّاقة في مواجهة الظروف، مهنئًا عسكرييه ‏ومؤكدًا ما أوصاهم به سابقًا: «لا تفقدوا إيمانكم بوطنكم وبزّتكم، فليس أمامكم إلا خيار من اثنين: إما أن تظل المؤسسة العسكرية صامدة فتحافظ على الأمن وعلى وحدة البلد فتنقذه، وإما الميليشيات والمخدرات والإرهاب، ولا أتصور أن يقبل أحد منكم الخيار الثاني وتداعياته على عائلته وأهله».
 

سنحافظ على ثقة الناس ومحبتهم
وإذ قال إنّ الحرب هي حرب إرادات، أضاف قائلًا: «عم شوف الإرادة بعيونكن، وبالإنجازات اللي عم تعملوها، ‏بدها طولة بال، بدها صبر، أوعا تفكروا ما منعرف معاناتكن ومعاناة أهلكن وعيلكن، عم نتابع كل يوم، مع ضباطكن مع الأمن ‏العسكري، وعم نجرّب قد ما فينا نساعدكن، من المحافظة عالطبابة، للمساعدات العينية اللي عم تجي، آخر شي المية دولار اللي ‏وصلتلكن. الـ١٠٠ دولار مش بقيمتها المادية، ولكن بقيمتها المعنوية، قيمتها بمحبة الناس لإلكن قديش الناس معلّقة فيكن، قديش الناس عندها ثقة فيكن، هيدي المحبة والثقة بدنا نحافظ عليها».
وعن مصدر الأموال أوضح أنّها تراكمات مساعدات اللبنانيين في الداخل والخارج، تُستخدم للإنفاق على الطبابة والصيانة، وقد ارتأت القيادة أن تدعم العسكريين في هذه الظروف. وأكّد أنّ هناك من يستمرون في التبرّع للجيش ويقولون: «ما إلنا غيركن». وأضاف: «الناس يثقون ويؤمنون بنا، وأقل الإيمان أن نثق بأنفسنا وببزتنا، وليس لدي شك في هذا الأمر».
 

الأولويات
وتطرّق إلى وضع الطبابة العسكرية التي ما زالت تؤمّن الخدمات للمستفيدين منها بخلاف الوضع في المؤسسات الأمنية والشركات وسواها، وأكد أنّ القيادة تُعطي الطبابة الأولوية وتضع بتصرفها الهبات المادية التي تتلقاها لكي تستمر في تأمين خدماتها للعسكريين وعائلاتهم.
كما تناول موضوع النقل معلنًا وصول باصات جديدة ستعمل على نقل العسكريين، وأشار إلى قرار مجلس الوزراء القاضي بمنح العسكريين مبلغ مليون ومئتي ألف ليرة بدل نقل، وإلى أنّه ثمة المزيد من المساعدات. ‏وإذ اعتبر أنّ المهم هو تجاوز هذه المرحلة، واصفًا إياها بالغيمة السوداء التي ستمر، أكد أنّ محبة اللبنانيين للجيش وتقدير الدول له هي نتيجة تعب العسكريين وتضحياتهم. ‏
وأضاف: «الناس في بيوتهم في هذا الطقس العاصف، والعسكريون على الطرقات يساعدون المواطنين، لم يقصّروا في مهماتهم على الرغم من الأزمة الخانقة. لا أبالغ إذا قلت إنّ أي جيش آخر لو واجه أزمة مماثلة لما كان قادرًا على الصمود، لكنّ جيشنا ما زال صامدًا بفضل إرادتكم».
 

لن نترككم
حافظوا على «البدلة» لتحافظ عليكم وعلى أهلكم، «بالنهاية نحنا ما عم نشتغل لحدا غريب، وما عم ندافع عن أرض غريبة». نحن نعمل من أجل أهلنا، ندافع عن أرضنا وعرضنا. وعاد فكرّر من جديد: «يا إنتو يا الميليشيات والمخدرات والإرهاب، نقّوا واختاروا»...
وأكّد العماد عون للعسكريين أنّ قيادتهم إلى جانبهم فقال: «نحنا ما رح نتركّن، ‏نحنا حدكن، نحنا قراب منكن، منعرف شو عم بتعانوا، منجرّب قد ما فينا نساعدكن، بس كمان إنتوا بدكن شوي تساعدونا، لنوقف ‏كلنا سوا على إجرينا ونخلّص هالبلد».
وإذ أعرب عن افتخاره بالعسكريين، قال: «أنحني أمام صمودكم وعطائكم وإنجازاتكم»، ليختم كلامه مؤكدًا «أنّ كل طلعة مقابلها نزلة وكل نزلة مقابلها طلعة»، فلنصبر قليلًا الفرج آتٍ.


الاستسلام ممنوع
مع استفحال الأزمة وتدنّي قيمة الرواتب وارتفاع أسعار المحروقات، باتت كلفة الانتقال أبرز المشكلات التي تواجه العسكريين. وبينما نشط العمل لشراء باصات تؤمّن انتقالهم على مختلف الخطوط الرئيسة والفرعية وضعت قيادة الجيش خطة نقل مرحلية تتيح حلًا جزئيًا بانتظار الحل الجذري. فقد طلبت من قيادة كل وحدة في الجيش اقتراح خطة مناسبة لتنفيذها وفق صلاحياتها وطبيعة عملها وتمركزها ومن ضمن الحقوق المرصودة لها من كمية المحروقات، وتحديد حاجة كل منها لعدد الباصات المطلوب لتأمين تنقّل العسكريين. بعد الانتهاء من الدراسات، بدأ منذ آب الماضي تطبيق الخطة التي قضت بالتعاقد مع باصات خاصة تنقل العسكريين مقابل تزويدها المحروقات من محطات الوقود التابعة للجيش، وتقاضي بدل زهيد من العسكريين. وكان سبق هذه الخطوة تعديل جدول الخدمة ليصبح سبعة أيام عمل مقابل سبعة أيام مأذونية، ما خفّف حاجة العسكريين إلى التنقل بمعدل النصف.
بالإضافة إلى عدد الباصات الذي تم تحقيقه أخيرًا، ثمة دفعة أخرى تصل قريبًا، لتنضم إلى سابقاتها وإلى تلك التي كان الجيش يمتلكها سابقًا وتتولى نقل العسكريين الذين يعملون وفق الدوام اليومي، وبالتالي يكون الجيش قد نجح في تحقيق نقل مشترك يستفيد منه العسكريون في جميع القطع والمناطق.
الوضع صعب جدًا، هذا واقع يعيشه العسكريون واللبنانيون بشكلٍ عام، لكن قيادة الجيش تعمل انطلاقًا من مبدأ أساسي مفاده أنّ لكل مشكلة حلًّا والاستسلام أمام التحديات ممنوع، وهي تثبت قدرتها على التعاطي مع الأزمة الخانقة بما يؤدي إلى اجتراح الحلول، فيتمكن عسكريوها من النهوض بالأعباء الثقيلة الملقاة على عاتقهم، ويبقون مصدر الثقة والأمل للبنانيين الذين لن يتخلوا عن جيشهم، فهذا الجيش لم ولن يخذلهم.