مبدعون من بلادي

صانع الطريق السريع الى الفضاء يدير مختبر الدفع بالبلازما
إعداد: تريز منصور

إدغار الشويري يعمل على صنع مركبات قادرة على نقل معدات مدن كاملة الى الكواكب

 

يوماً بعد يوم، يسطع نجم الإبداع اللبناني في سماء الإغتراب، وهذه المرة في عالم علم الفضاء، حيث أغنى العديد من العلماء اللبنانيين هذا العلم، بما أنعمه الله عليهم من فطنة وذكاء وابتكار.

ومن بين هؤلاء العلماء، المغترب اللبناني الأصل، العالم في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ومدير مختبر الدفع بالبلازما التابع لها، البروفسور ادغار الشويري، الذي غادر لبنان في العام 1979, وهو يحمل في قلبه حبه لوطنه وحبه للعلم والاختراع، فأغنى البشرية بتصاميمه واختراعاته ونظرياته في اكتشاف الفضاء والكواكب والمجرات... فمن هو البروفسور إدغار الشويري؟

 

سيرته

أبصر عالم الفضاء الأميركي اللبناني الأصل البروفسور إدغار شويري النور في مدينة طرابلس شمالي لبنان, في 11 تموز 1961, من والدين لبنانيين يزيد شويري وسلام حاماتي.

تلقى علومه في مدرسة الروم الأورثوذكس في طرابلس بين عامي 1964 و,1965 ثم انتقل في العام نفسه الى مدرسة الأخوة المريميين في طرابلس، لينتقل بعدها الى باريس في العام 1976 ويدرس في مدرسة "ليسيه غبريال فور" (Lycée Gabriel Faure).

في العام 1979, بدأت رحلته العلمية في الولايات المتحدة الأميركية. ففي العام 1982 نال شهادة العلوم في الهندسة الفضائية من جامعة سيراكوز في الولايات المتحدة الأميركية. وبعدها بعام حاز على الماجستير في الاختصاص نفسه ومن الجامعة نفسها، ثم نال ماجستير في الهندسة الفضائية والعلوم الفيزيائية من جامعة برنستون (في الولايات المتحدة الأميركية) في العام 1985.

تابع البروفسور الشويري تحصيل علومه الأكاديمية، فحصل على الدكتوراه في العلوم الفيزيائية والهندسة الفضائية من جامعة برنستون (USA) ثم تدرج في العلوم الفضائية والفيزيائية في مختبرات الجامعة نفسها، وعمل على محركات البلازما، بما تشمله من تصاميم واختراعات نظرية وتطبيقية في اكتشافات المجرة والفضاء.

 

صانع الطريق السريع الى المجرة

بدأت رحلة الإبداع للبروفسور إدغار الشويري في العام 1993, حيث قاد واخترع علوماً تطبيقية، تم تنفيذها في المركبة الفضائية الأميركية التي تصعد الى الفضاء وتعود الى الأرض، وكذلك تم تطبيقها على القمر الصناعي الروسي "أبكس" (APEX), حيث أصبح صانع الطريق السريع الى المجرة الكونية. وقد تم نشر هذه الإنجازات في الصحف والمجالات العلمية.

في العام 1996 عيّن مساعد بروفسور بالعلوم الفيزيائية التطبيقية (MAE) القسم العلمي. ومن ثم عيّن عضواً مساعداً في المجمع العلمي للعلوم الفيزيائية وبرامج البلازما الفيزيائية، ومساعد بروفسور للعلوم التطبيقية في جامعة برنستون أيضاً. وفي العام 2002, أصبح العالم إدغار شويري بروفسوراً وعيّن مديراً عاماً لقسم العلوم للهندسة الفيزيائية.

كتب البروفسور شويري أكثر من مائة مقالة علمية متخصصة في شتى الصحف والموسوعات العلمية، وشارك في العديد من المؤتمرات العلمية عبر إلقائه محاضرات متخصصة في شتى دول العالم )أميركا، روسيا, الصين، اليابان، بولندا والعديد من الدول الأوروبية( ومؤخراً لبنان.

يدير البروفسورإدغار شويري"مختبر الدفع بالبلازما" التابع لـ"ناسا" الذي لم يبدأ العمل في استخدامه عملياً بعد، إنما يعوّل عليه في إيصال البشر الى الكوكب الأحمر مستقبلاً.

 

السفر في الفضاء الكوني

الصواريخ التي يعدها البروفسور شويري، تستعمل لأغراض علمية وتستعمل لسبر أغوار المجرات من الأرض الى القمر، وكوكب مارس وغيرها. هذه الصواريخ تعمل بالبلازما، وبتعبير أبسط تستغني عن الوقود وتشحن من الطاقة الكونية بالكهرباء التي تصل فاعليتها الى 100 كيلو واط في الساعة، وبهذه القوة تنطلق المركبة بسرعة 32000 كلم في الثانية، وتستطيع المراكب الفضائية إطلاق سفن فضائية بحجم مدينة كبيرة الى المجرة، إضافة الى السفر في الفضاء الكوني الواسع برحلات تستغرق ستة أشهر حالياً، أما في المستقبل، فسيصار الى التوصل للطيران بسرعة الضوء. وهذه المحركات قادرة على نقل معدات مدن كاملة لبناء منازل وفنادق على سطح القمر ومارس وسواهما.

 

لماذا البلازما وما هي؟

يعتبر الشويري "أن جميع المركبات الفضائية التي أرسلت الى المريخ هي مركبات آلية صغيرة، زنة الواحة منها قرابة ألف كيلوغرم. ويمكن إطلاقها من مدار أرضي منخفض، أي يمكن إطلاقها الى المريخ من إرتفاع يبلغ حوالى 300 كيلومتر عبر استخدام صواريخ كيماوية تقليدية... تحرق الصواريخ الوقود السائل داخل حجرة الإحتراق وتستنزف الغازات الحارة لتوليد قوة الدفع... عندما يحين موعد إرسال بشر الى المريخ، سيسلتزم الأمر مركبة فضائية أكبر حجماً بعشرات المرات... الحل الوحيد هو استخدام صواريخ أكثر فعالية".

ويبيّن أن "صواريخ البلازما أكثر فعالية من الصواريخ الكيماوية لناحية الوقود، لأنها تستخدم الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية أو من مصادر الطاقة النووية للمركبة، مثل تحويل غاز خامد الى أي غاز الكتروني مكوّن من مزيج الآيونات والإلكترونيات يمكن أن يخضع لقوى كهربائية ومغناطيسية، ما يسرّع البلازما ويولّد قوة دفع تفوق عشرات الكيلومترات في الثانية".

 

طائرة المريخ

أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش أخيراً، رفع موازنة وكالة الفضاء والطيران الأميركي وإرسال الإنسان الى المريخ بحلول العام 2020. هذا الأمر ربما أدى الى تحقيق حلم شويري، الذي يعمل على صنع نظام دفع صاروخي أكثر فعالية وأقل استهلاكاً للوقود، ولمركبات أكبر حجماً من تلك المستخدمة حالياً بعشر مرات، وقد سبق لشويري أن وضع مشروعاً عن طائرة تحلق فوق المريخ، تبنته «ناسا» عام 1999, وعلقته لاحقاً لنقص الميزانية.

 

مواقف وآراء

يقول البروفسور شويري "في بلادنا ينال المغني شهرة واسعة ويترك العلماء العاملون على إنجازات تخدم البشرية في المهجر مجهولين".

ويشير في إحدى مقابلاته الصحافية عندما أطلق في العام 1998 مختبر "جي بي ال" مركبة "ديب سبايس 1", وكانت الأولى في استخدام صاروخ وقوده من الأيون ( Ion-أحد أنواع الدفع بالبلازما), الى أن العديد ممن صنعوا ذلك الصاروخ هم من خريجي المختبر الذي يديره في برنستون".

وتحدث في هذا الإطار عن صورة العلماء العرب في الولايات المتحدة واعتبر أن "المؤسسة العلمية الأميركية عالمية الى أقصى الحدود، وأن نسبة كبيرة من العلماء والأكاديميين في حقل علوم الهندسة والفيزياء ولدوا خارج الولايات المتحدة، وإن كان معظمهم حاز على الجنسية الأميركية. فمثلاً يعمل في قسم هندسة الفضاء في برنستون 71 أستاذاً، 8 منهم ولدوا خارج الولايات المتحدة".

وقال: "إذا حاولنا تعزيز صورة الولايات المتحدة كأرض الفرص للعلماء الشباب الطموحين من نساء ورجال والقادمين من جميع الدول ومن بينها العربية، والعمل على مشاريع كبيرة كاستكشاف الفضاء بدلاً من الصورة السائدة كقوة عسكرية عظمى متغطرسة، سنستفيد جميعاً".

وأضـاف: "إن مـيزانية ناسا" لم ترتفع بشكل لافت منذ أكثر من 15 عاماً. وهي تبلغ حالياً حوالى 15 بليون دولار، أي أقل من واحد في المئة من الموازنة الفيدرالية الأميركية، في حين تبلغ الموازنة العسكرية الأميركية 25 مرة أكثر، وقد قدرت موازنة برنامج المريخ، بأقل من 300 مليون دولار في السنة، أي دولار واحد للمواطن في العام، وهو أقل مما تنفقه الحكومة الأميركية على جنودها في العراق في أسبوع واحد".

 

الشويري في لبنان

تكريم من ديوان أهل القلم ووسام الأرز من رئيس الجمهورية

في إطار مهرجان الإبداع الإغترابي الثاني – 2004, أقام ديوان أهل القلم، حفل تكريم رعاه رئيس الجمهورية في جامعة القديس يوسف للمغترب اللبناني الأصل، العالم في وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" البروفسور إدغار شويري، بالتعاون مع مؤسسة الصفدي وبحضور ممثلي الرؤساء الثلاثة.

وبعد الكلمات التي ألقيت بالمناسبة وتناولت سيرة البروفسور الشويري وإنجازاته العلمية في مجال علم الفضاء وانتمائه الى أمته العربية ولبنان، قلّد ممثل رئيس الجمهورية الوزير كرم كرم المحتفى به البروفسور الشويري، وسام الأرز الوطني من رتبة فارس.

وكان البروفسور إدغار الشويري قد حاضر أثناء زيارته الى بلده الأم لبنان، في المدرسة الحربية وفي جامعة البلمند، حيث تحدث عن التحديات التي تواجه العلماء والمهندسين الذين يعملون على تطوير الصواريخ الضرورية لإرسال الإنسان الى المريخ وإعادته سالماً الى الأرض. وتحدث عن تاريخ صنع الصواريخ، وعن تطورها لتقوم بمهمات أكثر طموحاً الى القمر، والمريخ وقمر المشتري الجليدي وكواكب أخرى.

وأشار الى زملاء آخرين من أصل لبناني يساهمون في الولايات المتحدة في برامج الفضاء، مثل شارل عشي، مصطفى شاهين، جورج الحلو، مها بشور عبدالله وفاروق الباز, حيث لهم جميعاً مساهمات جلية في مجال تطوير علوم الفضاء وصناعة المركبات وتقنيات الوقود المستعمل توصلاً الى البلازما.

كمـا عـرض لسلـسلة المهمات لغزو الفضاء بدءاً من العام 1962 حتى 1999, وهي مهمات اقتصرت على الوصول الى القمر، وطوّر العلماء سرعة الصاروخ فيها الى 4 كلم في الثانية، كما تناول المهمة الثانية وهي نحو المريخ، ويرتقب أن تصل فيها الى 50 كلم في الثانية العام 2020, والى 25 ألف كلم في الثانية في العام 2030 لسبر أعماق أبعد وذلك في المهمة الثالثة.