أسماء لامعة

صوت يحاكي قوة الجبال وانطلاق الحرية
إعداد: تريز منصور

جوزف عازار

شلال من العذوبة والعنفوان على امتداد نصف قرن من العطاء الفني

في صوته شلال من العذوبة والعنفوان. إبن جزين المختزن صوت شلالها وجمال طبيعتها وأصالة تراثها، واحد من المداميك الصلبة التي صنعت تراثنا الفني.
في ذاكرتنا له صور عديدة: «مختار القاطع»، «هولو»، «راجح» وشخصيات أخرى في أعمال الأخوين رحباني. ملك، أمير، والٍ، أو صياد في أعمال روميو لحود وكركلا وآخرين. وفي كل الحالات يظلّ جوزف عازار صوتاً هادراً في وجداننا، شجيّ النبرة، سخيّ العطاء. ويظلّ واحداً من كبار فنانينا الذين تألقوا على خشبات المسارح المحلية والعالمية، حاملين فرح الحياة وهموم الناس وقضية الوطن.

 

في فيء الطفولة
ولد المطرب جوزف عازار في جزين العام 1942، والده السيد سليم عازار (صاحب فرن)، ووالدته السيدة مرتا نادر أبو سليمان.
عاش طفولة حالمة في أفياء جزين وطرقاتها المتعرجة وعلى وقع صوت شلالها. نشأ في كنف عائلة تعشق الطرب والميجانا.
كان والده صاحب صوت قوي وجميل وكان يؤدي أغاني السيد درويش ومحمد عبد الوهاب وعبده الحامولي وسواهم، خصوصاً في تلك الجلسات التي تجمعهم في منزل قريبهم مختار بتدين اللقش، الساكنة وسط غابات الصنوبر.
تأثر إبن الثماني سنوات بهذا الجو الطربي، وما لبث أن بدأ يشارك في الغناء مثل والده، فاكتشف الجميع أن صوت هذا الطفل شجي، جميل وقوي. تلقى علومه في معهد سيدة مشموشي للرهبانية المارونية، وانتسب الى كورال المدرسة، وأصبح مرتل الـ«سولو» في الجوقة التي يشرف عليها الأستاذ سلوم الدحداح.

 

درب الشهرة
بعد إنهائه دروسه الثانوية، التحق بالكونسرفتوار الوطني في بيروت، ومن ثم بالكونسرفتوار العالمي، الذي كان يديره آنذاك عازف العود والموسيقار فريد غصن شلالا، حيث درس السولفيج وعلم الصوت... العام 1961 سلك درب الشهرة وبدأ مشواره الفني، حين التقى الأخوين رحباني، وخضع لامتحان الصوت. يومها غنّى للمطرب الكبير وديع الصافي، فأعجب الجميع بهذا الصوات الرائع.
عمله الأول مع الرحابنة كان مع كورال مهرجانات بعلبك الدولية، ثم توالت المسرحيات حيث أبدع على خشبة المسرح في لعب أدوار البطولة الى جانب نخبة من الفنانين اللبنانيين، كما في «جسر القمر»، «الليل والقنديل» «بياع الخواتم» (فيلم ومسرحية) وسواها.
بين العام 1965 والعام 1973 لعب دور البطولة في معظم المسرحيات الغنائية الاستعراضية للمخرج روميو لحود وأبرزها: «موال»، «ميجانا»، «عتابا»، «الليالي اللبنانية»، «القلعة»، و«فينيقيا 80»...
أعمال عديدة جمعته بصباح، حيث لعب دور البطولة في مسرحيات «شهر العسل»، «الفنون جنون» و«الأسطورة»... كذلك أدى العام 1974 دور البطولة في مهرجان «موسم الطرابيش» في بيت الدين.
الى جانب الفن، امتهن جوزف عازار ايضاً مهنة التدريس، حيث مارس التعليم في مدارس الحكمة لمدة خمس سنوات متتالية، مدرّساً مواد الحساب والتاريخ والجغرافيا واللغة العربية.
العام 1963 تزوج من السيدة سامية أبو منصور، وأنجب منها أربعة أولاد انتسبوا جميعاً الى عالم الموسيقى. فبيار (43 عاماً) عازف غيتار، أستاذ موسيقى في المعهد الأنطوني في بعبدا وصاحب مدرسة لتعليم الموسيقى. وناجي (34 عاماً) عازف كمان وعضو في الأوركسترا الوطنية وأستاذ في الكونسرفتوار الوطني وفي جامعة الروح القدس في الكسليك. وكارلا حائزة دبلوم في البيانو من الجامعة نفسها. وكارلوس (27 عاماً) الذي يحمل إجازة في المسرح من الجامعة اللبنانية، درس العود والبيانو الى جانب عمله كممثل وكمقدم لبرامج تلفزيونية. أما الصوت الجميل فنعمة يملكونها جميعاً حسب ما يؤكد جوزف عازار.

 

سفير لبنان في العالم
حمل جوزف عازار صوته الجميل وجال به العالم سفيراً للبنان. فكانت حفلاته في الخارج مهرجانات تجمع المغتربين وتعيد وصل ما انقطع بينهم وبين وطنهم وتؤجّج في نفوسهم الحنين. صوته الجبلي الهادر أثّر بملايين الأجانب في مختلف أنحاء العالم، هؤلاء تعرّفوا من خلاله الى وجه من وجوه لبنان المشعة.
فالعام 1975 شارك جوزف عازار في إحياء الذكرى المئوية الثانية لاستقلال الولايات المتحدة الأميركية، ومن ثم كانت له جولات فنية ناجحة جداً في عدد من المسارح العالمية الكبرى، وفي الأندية اللبنانية المنتشرة في بلاد الاغتراب. وبرفقة فرقة بيت الدين للرقص الشعبي أحيا حفلات في البرازيل والأرجنتين والمكسيك وفنزويلا وتشيلي...
وشملت جولته الفنية أوستراليا حيث غنّى العام 1985 على خشبة أهم مسارحها (مسرح تاون هول)، وكندا التي أحيا حفلات في معظم مقاطعاتها (آخرها مع فرقة كركلا العام 2002  - قصر الفنون الجميلة)، الى حفلات في شيكاغو (1995).


 
المسيرة مستمرة
يؤدي جوزف عازار أدوار البطولة في مسرحيات فرقة كركلا منذ العام 1999، فقد كان «الوالي» في «ليلة قمر» (مهرجانات بعلبك الدولية، 2002) و«الوزير» في مسرحية «ألف ليلة وليلة» (عرضت ايضاً في بعلبك) ومن ثم قائد جيش الإمارة في «فرسان القمر» (قطر وكازينو لبنان - 2007).
حالياً يجري العمل على مسرحية «أوبرا الضيعة» التي سوف تعرض لمناسبة اليوبيل الذهبي لمهرجانات بعلبك الدولية في صيف 2009، الى تحضيرات لعرض مسرحي في الـ«كازينو هول» - الولايات المتحدة الأميركية.


مجد الأغنية الوطنية
لعل من أجمل أغاني جوزف عازار وأكثرها التصاقاً بالذاكرة، أغانيه الوطنية. «بكتب إسمك يا بلادي» (ترجمت الى البرتغالية)، «قالوا انطوى»، «جبال العالي»، «جيش بلادي»، «سيوفك مضويي»، وغيرها الكثير... فالوطن والجيش ومشاعر الفخر والعنفوان محاور احتلت حيّزاً كبيراً في نتاج هذا المطرب الممتلك صوتاً يحاكي قوة الجبال ورسوخ الحق وانطلاق الحرية... والمؤمن بوطنه وطناً للكرامة والجمال، وبالجيش سياجاً للوطن وحكاية عزّ تنسجها سواعد رجاله.


أوسمة ودروع
حاز المطرب جوزف عازار عدة أوسمة ودروع من لبنـان ودول عربيـة وأجنبيــة، منها:
- وسام الإستحقاق الأردني (1972).
- مواطن شرف من الولايات المتحدة الأميركية لمناسبة تقديمه استعراضات فنية في الذكرى المئوية الثانية لاستقلال أميركا (1975).
- درع الجيش اللبناني (1992).
- درع المغتربين - لبنان لمرتين (1996 و1998).
- درع تكريمي من برنامج «سنة عن سنة» تلفزيون الـMTV (1998).
- درع مركز التراث العربي - كندا (2002).
- درع تكريمي لمهرجانات الصيف من بلدية جزين (2003).
- درع مهرجان جميلة الدولي الجزائر (2006).
- درع تكريمي من برنامج «ألو بيروت» - تلفزيون الجديد (2008).
- درع تكريمي من المعهد الأنطوني بعبدا.