طب

ضعف النظر
إعداد: المؤهل فادي عنبر
اختصاصي قياس نظر وصناعة الأجهزة البصرية

أنواعه، أسبابه، وطرق العلاج

 

العين أداة النظر، والعين السليمة هي أداة النظر السليم. فبواستطها تنتقل الصور من العالم الخارجي إلى الدماغ بدءًا من شبكة العين، مرورًا بالعصب البصري، وصولًا إلى الدماغ، حيث يتم تحليل الصور والتعرف إليها. ولكي يتمتع الانسان برؤية جيدة، يجب أن تكون شبكة العين بحالة جيدة، وأي خلل في إيصال الصورة إلى هذه الشبكة يؤدي إلى تشوش الرؤية، أو ما يسمى ضعف النظر. إذًا، ضعف النظر ليس مرضًا، بل هو خلل في الرؤية، وفي حالات أخرى يكون نتيجة لمرض، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بأمراض تؤثر على شبكة العين، مثلًا السكري، ضغط الدم...

 

أنواع ضعف النظر
ضعف النظر ثلاثة أنواع، وهي: قصر النظر أو حسر البصر Myopie، مدّ البصر Hypermetropie، واللابؤرية Astigmatisme.

 

• قصر النظر Myopie:
في حالة قصر النظر أو حسر البصر، لا تقع الصور التي تلتقطها العين على الشبكة، بل تصل فقط إلى أمامها وهذا ينتج عن أمرين:‏
- طول العين: تكون العين أطول من الحدّ الطبيعي فكل زيادة ملم واحد بالطول تؤدي إلى 3 درجات ضعفًا، وهذا ما يفسر زيادة درجات الـmyopie مع النمو. يستقر الضعف ابتداء من عمر الثامنة عشر وما فوق.‏
- إنحدار القرنية: تكون قرنية العين ذات انحدار قوي، وكلما كانت القرنية أكثر انحدارًا، كلما كانت قدرتها على جمع الضوء أكبر، والعكس صحيح.
ملاحظة: تكتب درجات قصر النظر مسبوقة بعلامة (-) وذلك نسبة الى الزجاج المستعمل لمعالجة هذا النوع من الضعف verre divergent.
 

• ‏أعراض قصر النظر:
يسبب قصر النظر myopie تشوش الرؤية، وخصوصًا رؤية الأشياء البعيدة. ويعاني الأشخاص المصابون بقصر النظر بشكل عام الأعراض الآتي ذكرها:
- صعوبة رؤية الأشياء البعيدة، التلفاز أو شاشة السينما.
- صعوبة رؤية اللوح، والتراجع في التعليم والنشاط الرياضي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الأطفال في عمر 8 أو 9 سنوات لا يدركون أنهم يعانون مشكلة قصر النظر. وعلى الأهل والمعلمين التنبه للمشكلة إذا لاحظوا أن الطفل يقلص عينيه أو يَحولهما لرؤية الأشياء البعيدة، أو يضع الكتاب قريبًا جدًا من وجهه، أو يجلس قريبًا جدًا من التلفاز، أو في الصفوف الأمامية لقاعة المسرح أو الصف...
 

• مد النظر أو ما يسمى قوة النظر Hypermetropie:
مدّ النظر - أو قوة النظر Hypermetropie هو حالة من الضعف تصيب العين، وفيها لا تقع الصور التي تلتقطها العين على الشبكة، بل خلفها. يستطيع المصاب بهذا النوع من الضعف جعل الصورة تتمركز على الشبكة كي يرى بشكل أوضح، وهذا ما يسمى بالـAccommodation (تغيير قوة عدسة العين لجعل الصورة تقع على الشبكة). هذه العملية تتطلب مجهودًا بصريًا يؤدي إلى الصداع، خصوصًا عند القراءة، استعمال الهاتف النقال لفترة طويلة، أو أي عمل يقتضي جهدًا بصريًا. أمّا اسباب مدّ النظر فهي تمامًا عكس ما يكون عليه الوضع في قصر النظر.
فالعين تكون أقصر من الحدّ الطبيعي، وهذا ما يفسر تراجع درجات الضعف مع النمو (بعكس قصر النظر). أما القرنية فتكون قليلة الانحدار أو مسطحة.‏
إذًا ما يعرف لدى البعض بقوة نظر، هو في الواقع نوع من أنواع ضعف النظر
 

• عوارض مدّ النظر Hypermetropie:
هي العوارض نفسها التي يعانيها المصاب بقصر النظر Myopie، لكنّ الفرق أنّ التشويش في الرّؤية يكون عن قرب أشدّ منه عن بعد. ومن أهم العوارض، وجع الرأس، خصوصًا في أثناء الدراسة، أو القيام بأي مجهود بصري على مسافات قريبة.
ملاحظة: تكتب درجات الـ Hypermetropie مسبوقة بإشارة (+) وذلك نسبة الى الزجاج المستعمل في تصليح هذا النوع من الضغف verre convergent.
 

• اللابؤرية Astigmatisme:‏
النوع الثالث لضعف النّظر هو ما يسمى باللابؤرية Astigmatisme، وفي هذه الحالة من الضّعف، يقع جزء من الصورة الخارجية أمام الشبكة، والجزء الآخر خلفها أو يقع الجزءان خلفها أو أمامها. ينتج هذا النوع من الضعف عن خلل في انحناءات القرنيّة، فتصبح الرؤية على شكل خيالات متعددة. أما العوارض فهي أيضًا الرؤية المشوشة، والصداع عند إجهاد العينين.
ممكن أن ترافق اللابؤرية أنواع ضعف النظر الأخرى التي سبق ذكرها.
 

• طول النظر الشيخوخي أو Presbytie:
طول النظر المرتبط بالسن حالة تصيب الجميع تقريبًا مع تقدّمهم في العمر، وتمنع الشخص من التركيز على الأشياء بسهولة، وبخاصة في الضوء الخافت، وعلى المسافات القريبة وفي أثناء القراءة. تصيب هذه الحالة معظم الأفراد الذين تراوح أعمارهم بين 40 و50 عامًا، وعادة ما يتم تصحيح الوضع عن طريق النظارات أو العدسات اللاصقة.

 

تصحيح النّظر وأنواع العلاج
• النّظارات الطبيّة:
هي أول علاج وُضع لتصحيح النظر، وهي تتيح للمريض نظرًا واضحًا إلى البعيد والقريب. ويُساعد تكوين عدسات النظارات على حماية العين من أشعة الشّمس. أما سلبيّات النظارات فهي في كونها لا تتيح رؤية كاملة للحقل البصري في جميع الاتجاهات، وقد تعيق الحركة أيضًا، أو تشكّل ضغطًا على الأنف بسبب ثقل وزنها، أو تسبب انثناءات في الجلد، فتؤثر على المظهر.
 

• العدسات اللاصقة‏:
هي عدسات بلاستيكية شفافة وطرية، وأحيانًا تكون غير طرية. تحتوي على نسبة عالية من المياه، وتوضع مباشرة على قرنية العين. تتميّز بأنّها:‏ تتيح رؤية واضحة وشاملة للحقل البصري لأنّ حركتها تتماشى مع حركة العين في كل الاتجاهات، ولا تشوه المنظر الخارجي للشخص، كما أنها خفيفة الوزن وصغيرة الحجم بحيث تتناسب مع حجم القرنية،‏ وهي مناسبة للرياضيين.
 

• سلبيات للعدسات اللاصقة:‏
قد يسبب وضع العدسات اللاصقة التهابات قرنية العين وجفافها، والحساسيّة، خصوصًا عند استعمال العدسات لساعات طويلة. ولا بدّ من التنبيه إلى ضرورة إزالتها قبل النوم، ومراعاة نظافتها بشكل دائم، وتجنب العمل والمكوث في محيط مشبع بالغبار، أو الغازات، وفي أماكن التدفئة العالية.‏        
كذلك، ينصح بمراعاة استعمال العدسات بين 4 و7 ساعات يوميًا فقط، (الجيل الجديد من العدسات يمكن استعماله لوقت أطول)، والحفاظ على نظافة اليدين عند وضع العدسات، وتنظيفها بمعقّم جيد وليس بالماء المنزلي.‏
 

• الليزر PRK أو LASIK:
الليزر من وسائل تصحيح النظر، ويقتضي استعماله إخضاع المريض لفحوصات قبل العملية، وأهمها، صورة لقرنية العين Topographiecornéenne لتحديد سماكتها والتأكد من عدم وجود ما يسمى بتقوس القرنية kératocone. يتمّ من خلال العملية تغيير انحدار القرنية، وبالتالي التأثير في قدرتها على إيصال الصورة إلى شبكة العين. وهي تجرى ابتداء من سن الثامنة عشر، ولدرجات ضعف محددة) أو عندما يكون ضعف النظر قد استقر على درجات معينة). تتمّ العملية في دقائق معدودة وتحت تأثير البنج الموضعي، ويغادر المريض المستشفى بعد وقت قليل من إجرائها، وقد يعاني في البداية أوجاعًا خفيفة بالإضافة إلى الشعور بحرارة في العين عند التعرّض للضوء، وذلك، لمدة يومين تقريبًا. ويستمر علاج العين باستعمال القطرة لمدة محدودة، وقد توضع النظارات الشمسية أيضًا لبضعة أيام للوقاية، وللمساعدة على الشفاء بشكل أسرع.
 

• زرع عدسات داخل العين ICL- Implantable Collamer Lens:
تجرى هذه العملية للاشخاص غير المؤهلين لإجراء عملية تصحيح النظر بواسطة الليزر، وخصوصًا في حال وجود درجات ضعف عالية. وتتمّ العملية بزرع عدسة مناسبة لدرجات الضعف، وأيضًا بعد إجراء فحوصات محددة.

 

معتقدات خاطئة
• استخدام الكبار للنظارة الطبية يمنع زيادة ضعف النظر:

النظارة الطبية أو العدسات اللاصقة، ما هي إلّا وسيلة للمساعدة على الرؤية بشكل أوضح وهي ليست بدواء، لكن عدم استخدامها في بعض الأوقات لا يؤدي لزيادة الضعف في النظر، كما أنّ استعمالها بشكل دائم لا يمنع زيادة الضعف. أما بالنسبة إلى الأطفال، وخصوصًا الذين تقلّ أعمارهم عن السبع سنوات ويعانون مدّ النظر أو قصره، فإن استخدام النظارة ضروري جدًا لأنها توّفر رؤية واضحة، وبالتالي تنمو قوة النظر بصورة طبيعية، ولا تصاب العين بالكسل.
 

• فحص النظر على الكمبيوتر هو أحسن الطرق وأدقها؟
بات الكمبيوتر يستخدم في الآونة الاخيرة للكشف على العيوب الإنكسارية في العين، والفحص وإن كان سريعًا فأنه لا يؤمن نتيجة دقيقة، بل هو كشف مبدئي ويجب أن يكمله اختصاصي النظر أو طبيب العيون. لذا يستحسن عدم الاعتماد على القياس بالكمبيوتر لتحديد النظارات الملائمة.
 

• الإكثار من أكل الجزر يحسّن النظر:
من الخطأ الاعتقاد بأن تناول الجزر يمكن أن يخلّصنا من استخدام النظارات. فالجزر لا يلغي ضعف النظر، إلّا أنه يحتوي على نسبة عالية من فيتامين A الذي يساعد في تخفيض مخاطر تطور أمراض العين.
 

• القراءة في نور خافت تؤذي النظر!!
منذ القدم وقبل توافر الكهرباء، كان آباؤنا يقرأون في ضوء خافت وفي ضوء الشمعة، ولم يكن ذلك يؤثر على نظرهم. وقد توصّل العلماء بعد عدة اختبارات إلى أن القراءة على ضوء خافت لا تسبب ضررًا كبير للعيون، غير أنها تجهدها، وهذا التأثير السلبي يكون مؤقتًا.