تحقيق عسكري

طبابة البقاع
إعداد: ريما سليم ضومط

الخدمات الطبية نحو مزيد من اللامركزية

تقدم ملموس على صعيد مستوصفات المحافظات والأقضية عنوان الخطوة التالية

 

توفير الدواء والعلاج الصحي الأمثل للعسكريين وعائلاتهم في جميع المناطق اللبنانية هدف أساسي لقيادة الجيش. وبغية تحقيق هذا الهدف بالمستوى المطلوب، سعت الطبابة العسكرية طوال السنوات الأربع الأخيرة إلى تعزيز الخدمات الطبية في المناطق العسكرية الخمس، لإيصالها إلى المريض في أي محافظة كان بدلاً من مكابدته مشقة التوجه إلى بيروت للعلاج الطبي والاستشفاء.
وقد تمكنت الطبابة من خلال ورشة العمل التي ما تزال مستمرة، من تحقيق تقدم ملموس على صعيد المستوصفات المركزية والفرعية في المحافظات الخمس، ومن بينها منطقة البقاع التي قامت مجلة «الجيش» بزيارتها والتعرف عن كثب على التحديث الذي شهدته أخيراً.

 

ورشة عمرها أربع سنوات

بدأت ورشة العمل في المستوصفات والعيادات المركزية في المحافظات الخمس منذ حوالى أربع سنوات بهدف تسهيل أمور العسكريين في ظل الأزمة الإقتصادية التي يعيشها المواطن اللبناني، وذلك بحسب ما أكد رئيس الطبابة العسكرية العميد الطبيب نديم العاكوم.
وأضاف رئيس الطبابة أن المرحلة الأولى من المشروع المطروح قضت بإيجاد مستوصف مركزي في كل محافظة يضم الإختصاصات الطبية والعلاجات التكميلية جميعها، تعاونه مستوصفات صغيرة تؤمن العلاج الأساسي والأدوية المتوافرة وفقاً لإمكانية كل منها.
وأكد العميد الطبيب العاكوم أن المرحلة الأولى تحققت بنجاح ملحوظ وأصبح بإمكان العسكريين وعائلاتهم الحصول على الخدمات الطبية في المحافظات بدلاً من أن يكابدوا مشقة النزول إلى المستشفى العسكري المركزي.

 

من المحافظة إلى القضاء

من جهة أخرى، أشار رئيس الطبابة العسكرية إلى أن تفعيل الطبابة في المناطق يعود بالمنفعة على العسكريين والطبابة العسكرية في الوقت نفسه. إذ يتيح للمريض الحصول على الخدمة الأفضل بتكاليف أقل، ويساعد من جهة أخرى الطبابة العسكرية على توفير المال اللازم لتحسين خدماتها وتقديم المزيد منها في مختلف المناطق. وأوضح العميد الطبيب أن التحسينات التي أضيفت في السنوات الأخيرة حققت وفراً للطبابة بنسبة 15 في المئة، مشيراً إلى أن الهدف هو إنشاء طبابة مستقلة في كل منطقة، ومؤكداً أن الخطوة التالية تقضي بتفعيل المستوصفات الفرعية والثانوية بغية تأمين طبابة مستقلة على صعيد القضاء بدلاً من المحافظة.

 

إقبال كثيف ووفر ملحوظ

إن النجاح الذي حققه مشروع تفعيل الطبابة العسكرية في المناطق حتى الآن، إستطعنا التأكد منه عن كثب في أثناء جولتنا في طبابة منطقة البقاع إذ لاحظنا كثافة الإقبال على مستشفى أبلح إن للإستشفاء داخل المستشفى أو للمعاينات الطبية في العيادات الخارجية، حيث كانت قاعات الإنتظار تعجّ بالعسكريين وعائلاتهم. ولدى سؤالنا بعض المرضى عن رأيهم في طبابة المنطقة، أبدوا ارتياحاً كبيراً لما آلت إليه هذه الطبابة في السنوات الأخيرة مؤكدين أن العلاج بات متوافراً في مختلف الإختصاصات ما يوفر على المريض مشقة التوجه إلى المستشفى العسكري المركزي لإجراء الفحوصات الطبية. وأشار أحد المرضى إلى «ثقة العسكريين المتزايدة بمستشفى أبلح» وعزا السبب في ذلك إلى جودة خدماتها الطبية من جهة، وإلى آلية العمل المتبعة من جهة أخرى، لا سيما في ما يتعلق بدقة التنظيم التي تسهل الحصول على الخدمة الطبية المطلوبة.
حديث المرضى حملناه إلى رئيس طبابة منطقة البقاع ورئيس مستشفى أبلح العقيد الصيدلي روبير بجاني الذي أكد بدوره أن التطور الذي لحق بطبابة المنطقة في السنوات الأخيرة أدى إلى انخفاض عدد المرضى في المستشفيات المدنية من حوالى ألف مريض شهرياً إلى نحو 650 مريضاً.
في المقابل، ارتفع عدد المرضى الذين يعالجون داخل مستشفى أبلح إلى حوالى مئتي مريض شهرياً، كما ارتفع عدد المعاينات في طبابة المنطقة إلى حوالى 15 ألف معاينة شهرياً.
وعن ماهية الخدمات الطبية التي تقدّمها طبابة منطقة البقاع، أوضح العقيد الصيدلي بجاني أن طبابة المنطقة تؤمّن الخدمات الطبية والأدوية لحوالى 70 ألف مستفيد في البقاع من خلال مستشفى أبلح والمستوصفات الفرعية الموزعة في كل من الهرمل، ورياق، وراشيا، ودورس، وخربة قنافار، وتشمل الخدمات المذكورة معاينات صحية من قبل أطباء صحة عامة واختصاصيين، تصوير أشعة، تصوير صوتي، تخطيط جهد، تحاليل مخبرية شاملة، معالجة فيزيائية، معالجة أمراض النطق، طب أسنان، تأمين أدوية ومعدات ونظارات طبية، إضافة إلى استقبال الحالات الطارئة ومعالجتها، وإجراء عمليات جراحية خفيفة.
وأشار العقيد الصيدلي بجاني إلى مهامٍ إضافية تقوم بها طبابة منطقة البقاع ومن ضمنها، مراقبة الوضع الصحي للمرضى الذين يعالجون في المستشفيات المدنية المتعاقدة مع الجيش في منطقة البقاع، إضافة إلى تأمين مفارز طبية متنقلة في القرى والبلدات البقاعية، ومواكبة عمليات التعليم والتدريب في القطع والألوية العسكرية المنتشرة في المنطقة. كذلك تتولى الطبابة مواكبة عمليات نزع الألغام في البقاع بصورة يومية، إضافة إلى الإشراف على المستوصفات الفرعية، وفحص المياه ورش المبيدات في القطع والألوية المنتشرة في البقاع.

 

مستشفى أبلح
رئيس طبابة البقاع تحدث عن مستشفى أبلح العسكري، فأشار إلى أنه أنشئ العام 1967 برئاسة العقيد الطبيب ألبير نجار، وتوقف عن العمل خلال فترة الحرب اللبنانية ليعاد ترميمه وتفعيل دوره في السنوات الثلاث الأخيرة.
وأضاف أن أقساماً عدة أنشئت حديثاً أو أعيد تفعيلها في الفترة الأخيرة ومن بينها قسم العلاج الفيزيائي، ومختبر تحليل الدم. كما تم تجهيز المستشفى ليشمل عيادات طبية لمختلف الإختصاصات، وزودت أقسامه معدات طبية حديثة منها آلة أشعة وآلة تصوير صوتي، وآلات لتخطيط الجهد والقلب.
وأشار إلى أنه يتم حالياً إنشاء صيدلية الفرع الرابع في أبلح، كما يتم التحضير لغرفة عمليات جراحية روتينية في المستشفى للعمليات البسيطة كالمرارة والزائدة وغيرهما. كما يتم توسيع مختبر الدم وقسم الأسنان، وتجهيز قسم العين بمعدات حديثة.
وأكد العقيد الصيدلي بجاني أن تفعيل مستشفى أبلح حقق وفراً مادياً هاماً، إذ يحقق مختبر الدم وفراً سنوياً بمعدل مليار ونصف ليرة لبنانية، أما قسم الإستشفاء الداخلي فيؤمن وفراً سنوياً بمعدل مليار ليرة لبنانية.
كذلك تحقق الفحوصات المخبرية وتصوير الأشعة وتخطيط الجهد وفراً مادياً جيداً، وتساهم المبالغ التي يتم توفيرها في إضافة المزيد من التحديث على المستشفى.

 

جولة في المستشفى والمستوصفات

جولتنا في المستشفى بدأت في قسم الطوارئ   حيث لاحظنا جهوزية تامة لاستقبال أي حالة طارئة، ومررنا بقسم الأشعة والتصوير الصوتي، وقسم تخطيط الجهد ومختبر التحاليل المخبرية ومركز العلاج الفيزيائي، وجميعها مزودة معدات طبية حديثة. وكان لنا وقفة في عدد من العيادات الخارجية التي تقدم معاينات طبية في مختلف الإختصاصات، كما التقينا عدداً من المرضى الذين خضعوا للمعاينات الطبية، فكان إجماع على الإشادة بمستشفى أبلح وبالخدمات التي يقدمها للعسكريين وعائلاتهم.
وجهتنا التالية بعد أبلح كانت المستوصفات الخمسة في راشيا، والهرمل، ودورس، ورياق، وخربة قنافار.
وقد لاحظنا أهمية هذه المستوصفات لا سيما لجهة تخفيف أعباء الإنتقال من المناطق البقاعية البعيدة إلى مستشفى أبلح.
المستوصفات الخمسة التي زرناها تختلف من حيث الحجم والتجهيزات، وذلك أن كلاً منها مجهز بما تقتضيه الحاجة ووفقاً للخدمات الطبية المطلوبة منه بشكل خاص.

 

 الهرمل

مستوصف الهرمل يعنى بصورة خاصة بصحة الأطفال وذلك نظراً الى البعد الجغرافي للمنطقة، الأمر الذي يوفر على الأهالي مشقة نقل أطفالهم في الظروف المناخية السيئة للمعاينة في أبلح أو في المستشفى العسكري المركزي. ويهتم مستوصف الهرمل أيضاً بالصحة العامة وهو يستقبل يومياً حوالى عشرين مريضاً.
ويضم المستوصف غرفة طوارئ، كما يوفر بعض الأدوية للحالات الطارئة.

 

رياق

يبعد مستوصف رياق عن مركز الطبابة في أبلح كيلومترات قليلة فقط، لذلك تنحصر المعاينات الطبية في اختصاص الصحة العامة، ويبلغ عددها يومياً حوالى 51 معاينة.
ويتوافر في مستوصف رياق، الموجود داخل قاعدة رياق الجوية، صيدلية عسكرية تؤمن الأدوية الضرورية للمرضى.

 

خربة قنافار

يقع مستوصف خربة قنافار على مشارف البقاع الغربي ويؤمن المعاينات في اختصاصات الصحة العامة، والجهاز الهضمي، والعين بمعدل عشرين معاينة يومياً.
تتوافر في المستوصف صيدلية عسكرية تؤمن الأدوية الضرورية، وغرفة طوارئ تلبي حاجات المستوصف قدر المستطاع وفقاً لإمكاناتها.

 

راشيا

يؤمن مستوصف راشيا المعاينات الطبية بمعدل 600 معاينة شهرياً ضمن الاختصاصات الآتية: صحة عامة، عين، وطب أسنان.
يتولى الطبابة أربعة أطباء إختصاصيين ويتم استقبال المرضى ما بين الثامنة صباحاً والثانية بعد الظهر، باستثناء الحالات الطارئة التي يتم استقبالها في جميع الأوقات وذلك أسوة بباقي المستوصفات.
يضم مستوصف راشيا صيدلية عسكرية تؤمن للعسكريين وعائلاتهم الأدوية المتوافرة، كما يضم غرفة طوارئ مجهزة للحالات الطارئة البسيطة.

 

دورس

مستوصف دورس هو أكبر المستوصفات الفرعية في البقاع. يتميز بغرف واسعة، ويتشابه مع غيره من مستوصفات المنطقة بالترتيب والنظافة اللذين يعمان مختلف أرجائه.
يضم مستوصف دورس ثلاث غرف للمعاينات وغرفة لطب الأسنان، وأخرى للأشعة تم تجهيزها حديثاً، فلُبست بالرصاص بانتظار وصول آلة التصوير.
تربط ما بين الغرف المختلفة في المستوصف غرفة انتظار واسعة، تتيح للمرضى انتظار دورهم براحة تامة، وضمن نظام يحفظ حقوق الجميع. كذلك يضم المستوصف صيدلية تؤمن للمرضى الأدوية المتوافرة ضمن إمكاناتها.
يستقبل مستوصف دورس حوالى ألفي مريض شهرياً، ويتولى الطبابة فيه طبيب عسكري و13 طبيباً مدنياً ضمن اختصاصات عدة من بينها الصحة العامة، والأسنان، والطب النسائي، وطب الأطفال، إضافة إلى العظام، والجلد، والعيون، وأمراض الجهاز الهضمي، والجراحة الخفيفة. ويطمح القيمون على المستوصف إلى إنشاء مختبر صغير ما يوفر على العسكريين مشقة الذهاب إلى أبلح لإجراء الفحوص.

 

الأمان للعسكري وعائلته

من مستشفى أبلح المركزي إلى مستوصفات البقاع الفرعية، نقلة نوعية شهدتها طبابة منطقة البقاع في السنوات الأخيرة. ويبقى أن نشير إلى أن ما شاهدناه في طبابة البقاع من إنجازات ما هو إلا الخطوة الأولى في مسيرة الطبابة العسكرية الطامحة إلى الإرتقاء بخدماتها إلى أعلى المستويات، علماً أن العسكريين وعائلاتهم الذين يعالجون في الجيش إنما تتوافر لهم الخدمات الطبية نفسها التي يتم تأمينها لمرضى الدرجة الأولى في المستشفيات المدنية، وذلك بحسب تأكيد رئيس الطبابة العسكرية العميد الطبيب نديم العاكوم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الطبابة العسكرية تعني الأمان للعسكري وعائلته، لأنه وبحسب العميد الطبيب العاكوم، ما من سقف مالي للطبابة في الجيش على عكس شركات التأمين كلها، وبالتالي فإن المريض يجب أن يعالج حتى ولو اضطرت المؤسسة الى إرساله إلى الخارج للعلاج.

 

تصوير: طلال عامر - فادي البيطار