قضايا عسكرية

ظهور صواريخ روسية وأميركية متطورة
إعداد: شارل ابي نادر

في منتصف شهر آب الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية أنّها أجرت تجربة على صاروخ تقليدي متوسط المدى، وهو ما بات ممكنًا بعد أن انسحبت من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى. في المقابل، كلّف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزارتَي الدفاع والخارجية، دراسة مستوى التهديد الناجم عن التجارب الأميركية الأخيرة للصواريخ المتوسطة المدى، واتخاذ الخطوات الضرورية للرد عليها بالمثل.


أشار بوتين خلال ترؤسه اجتماعًا لمجلس الأمن القومي الروسي إلى أنّ الخطط الأميركية لنشر هذه الصواريخ في آسيا والمحيط الهادئ تمس المصالح الروسية في تلك المناطق، مشددًا على أنّ روسيا لن تنجر إلى سباق تسلح ينهك اقتصادها، لكنّه أكد في الوقت نفسه أنّها لن تتوانى عن اتخاذ الخطوات الضرورية لحماية أمنها وأمن مواطنيها.
ولاحقًا، قال ديمتري بوليانسكي نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة: «بسبب الطموحات الأميركية الجيوسياسية أصبحنا جميعًا على بعد خطوة واحدة من سباق تسلح لا يمكن السيطرة عليه أو تنظيمه بأي طريقة. نشعر بقلقٍ بالغ إزاء هذا الاحتمال. لكنّ زملاءنا الأميركيين لا يشعرون على ما يبدو بهذا القلق».
على الضفة المقابلة، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر خلال زيارة لأستراليا: «نريد الإسراع في نشر صواريخ جديدة في آسيا إذا كان ذلك ممكنًا»، وعاد وأوضح «أنّ الأميركيين بدأوا في ٢٠١٧ أبحاثًا حول أنظمة الصواريخ هذه ضمن البقاء في إطار معاهدة الحد من الأسلحة النووية المتوسطة المدى، والصاروخ الذي تمت تجربته أخيرًا هو صاروخ تقليدي، لكن يمكن أن يُجهَّز لاحقًا برأسٍ نووي».

 

القدرات الصاروخية الروسية
• نظام الدفاع الجوي الصاروخي «تور»:
نجحت الاختبارات الأولى لنظام الدفاع الجوي الصاروخي «تور»، الذي استطـاع تدميـر جميـع الأهـداف التدريبيـة بنجاحٍ وسيتم نشـره في منطقـة القطب الشمالي.
ونفّذ النظام عمليات الإطلاق في أثناء الاختبارات، بفواصل زمنية مدتها أربع ثوانٍ، ثم غيّر مكانه تفاديًا لهجومٍ انتقامي من قبل العدو. وبعد أقل من ثلاث دقائق أصبح في وضع الاستعداد مرة أخرى في المكان الجديد، وبدأ البحث عن أهداف جديدة محتملة.
يُشار إلى أنّ هذا النظام مزوّد ١٦ صاروخ أرض - جو قادرة على ضرب أهداف جوية على ارتفاعات تصل إلى ١٠ كلم وفي دائرة يصل نصف قطرها إلى ١٥ كلم. وهو يتمتع بمقاومةٍ عالية للصقيع.

 

• منظومة الدفاع الجوي «سوسنا»:
عُرضت في المنتدى العسكري التقني الدولي «آرميا-٢٠١٩» أحدث منظومة دفاع جوي روسية، وهي «سوسنا» التي صُمّمت لصد هجمات الطائرات والمروحيات، ولتدمير صواريخ «كروز» والقنابل والطائرات بدون طيار، وقمع المركبات المدرعة الخفيفة.
يتمّ توجيه صواريخ «سوسنا» العالية الدقة عبر أشعة الليزر، ويؤمّن نظام إلكتروني بصري أوتوماتيكي متعدد القنوات التحكم في السلاح.
يعمل هذا النظام ليلًا نهارًا وفي ظروف جوية صعبة، وأهم مميزاته التنوع، إذ يمكن تركيب ١٢ حاوية للإطلاق على أي هيكل يثبّت عليه. وهو يضرب الأهداف على الأرض وفي الجو وفي البحر، وقد اجتاز بنجاحٍ جميع الاختبارات.

 

• صاروخ «بي إر إس-١إم»، سلاح يوم القيامة:
كشف الخبير العسكري الروسي أليكسي ليونكوف لوسائل الإعلام أنّ صاروخ «بي إر إس-١إم» قادر على إسقاط صواريخ بالستية تطير إلى روسيا من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
يتميز الصاروخ «بي إر إس-١إم» بسرعته الفائقة التي تتجاوز ٤ كيلومترات في الثانية، وقدرته على تحمّل أي عبء، ويمكن إطلاقه من أي مكان لأنّه ينطلق من المنصة المتنقلة.
وكانت صحيفة «شتيرن» الألمانية قد وصفته بأنّه سلاح يوم القيامة. ويستطيع هذا الصاروخ المزوّد رأسًا نوويًا أن يعترض صواريخ مهاجمة على ارتفاع ٥٠ كيلومترًا، ويصل مداه إلى ٣٥٠ كيلومترًا. وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أنّ روسيا تملك صواريخ فرط صوتية أخرى من المستحيل اعتراضها، ويمكن التحكم بها حتى عندما تطير بسرعةٍ هائلة.

 

• صاروخ جديد غير معروف:
تمّ منذ فترة اختبار صاروخ روسي جديد في حقل ساري شغن في كازاخستان. وقد علّق المراقبون والخبراء على فيديو الاختبارات في مقابلة مع وكالة «تساغراد» فقالوا إنّه لا يوجد وقت كافٍ لرؤية الصاروخ بعد إطلاقه، فهو يبدو في أثناء الإطلاق كجزءٍ من شعلة منبعثة من منجم، ثم يختفي بلحظةٍ واحدة خلف سحابة ويذهب إلى الأعلى بسرعةٍ غير عادية.
لم يتمّ الإبلاغ عن نوع هذا الصاروخ أو النظام، وإنّما أُعلن فقط أنّه قادر على صد الضربات الفردية والجماعية، بما في ذلك استخدام جيل جديد من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وأنّ خصائصه التكتيكية والتقنية المتعلقة بالمدى والدقة وعمر الخدمة تتجاوز بكثيرٍ الأسلحة الموجودة في الخدمة اليوم.
وقال الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين، إنّ هذا النظام مزوّد حوالى مئة صاروخ مضاد للصواريخ بعيدة المدى ٥٣ تي٦ ومتوسطة المدى ٥١ تي٦، مع رؤوس حربية نووية وتقليدية مثبتة عليها. ويمكنه الكشف عن الأهداف الباليستية على مسافة تصل إلى ألف وخمسمئة كيلومتر، والأجسام الفضائية من ٦٠٠ إلى ١٠٠٠ كيلومتر، فضلًا عن مرافقة ما يصل إلى ١٠٠ هدف في الوقت نفسه، وإبعاد الرؤوس النووية عن الأهداف الكاذبة، وكشف الأهداف التي يصل قطرها إلى ٥ سم وتقع على بعد ٢٠٠٠ كيلومتر بدقةٍ متناهية.

 

...والأميركية
• صواريخ»أ جي إم-٨٨ إي»:

ستزوّد الولايات المتحدة مقاتلاتها من طراز «إف- ٣٥أ لايتنينغ ٢» و«إف- ٣٥إس لايتنينغ ٢» صواريخ «أ جي إم-٨٨إي» الأسرع من الصوت، والمخصصة لتدمير رادارات الدفاع الجوي للعدو. ونُقل عن مدير برنامج القوات المسلحة البحرية الأميركية ماثيو كومفوردفورد أنّ الصاروخ الجديد يوفر معدل تدمير مرتفع لكنّه أصغر حجمًا من الصواريخ المستعملة سابقًا على القاذفات التقليدية (أف ١٥ وأف ١٦). وقد ورث نظام التوجيه والتحكم المطوّر بتقنية LEO (الذخائر المحسنة الفتاكة)، والذي سيزوَّد حجرة قتالية معيارية ورأسًا حربيًا مدمجًا.
من المقرر اختبار هذه الصواريخ في العام ٢٠٢١ وبدء الإنتاج التسلسلي واعتمادها في القوات المسلحة في العام ٢٠٢٥.

 

• مدمرات «أرلي بيرك»:
تشعر القيادة العسكرية الأميركية بقلقٍ بالغ بشأن حماية نفسها من الصواريخ الواعدة الروسية والصينية، لذلك خططت لتزويد أكثر من ٢٠ مدمرة من طراز «أرلي بيرك» أحدث معدات الرادار.
و«أرلي بيرك» هي إحدى أحدث المدمرات الأميركية، وقد استُخدمت تقنيات التخفي على نطاق واسع في صناعتها. وتزوّد هذه المدمرات صواريخ «توماهوك»، التي يصل مداها إلى ٢٦٠٠ كلم، ويمكنها حمل رؤوس حربية نووية، إضافة إلى الصواريخ المضادة للطائرات RIM-66 SM-2 والصواريخ المضادة للغواصات والمدفعية.
وتكمن مهمة «أرلي بيرك» الرئيسية في حماية مجموعات حاملات الطائرات والسفن من الهجمات الصاروخية المكثفة وصد الهجمات الجوية وتدمير الأهداف البرية والغواصات. وهي تتميز بنظام المعلومات والتحكم القتالي المتعدد الوظائف Aegis، الذي يجمع بين وسائل الكشف والاتصالات في السفينة، إضافة إلى منظومة الأسلحة والقتال، ويُعَدّ النظام الآلي عنصرًا مهمًا في الدفاع الصاروخي الأميركي، إذ إنّه يتيح إرسال السفينة للخدمة في أي مكان من المحيطات.

 

• المدمرة «جاك لوكاس»:
بدأت الولايات المتحدة في العام الماضي، بناء الجيل الرابع من مدمرة «جاك لوكاس»، وسيتّم الانتهاء من بنائها في العام ٢٠٢٤. وستحصل السفن الجديدة على المزيد من منصات الإطلاق العمودية لصواريخ «توماهوك» والصواريخ الموجهة المضادة للطائرات والغواصات. وستُجهّز السفينة بنوعٍ جديد من الرادار هو AN/SPY-6.
والجيل السابق من هذا الرادار هو محطة ثلاثية الإحداثيات متعددة الوظائف مع هوائي شبكي متعدد المراحل، ويتمكن من مرافقة ٢٥٠ هدفًا في آن واحد، وتوجيه الصواريخ إلى ٢٠ هدفًا، لكنّه يعاني عيبًا واحدًا هو رؤية الأهداف على مسافة بعيدة فقط، إذ يصبح «أعمى» عندما تحلّق الأهداف على ارتفاع منخفض.

 

• أسلحة فرط صوتية:
صرّحت الولايات المتحدة مرارًا بأنّه لا نظير في العالم لقواتها المسلحة. وهي تُعتبر الدولة الرائدة في مجال الإنفاق الدفاعي، لكن على الرغم من ذلك كانت روسيا السبّاقة في اختبار الأسلحة الفرط صوتية وأصبحت الدولة الوحيدة، التي اعتمدت هذه الأسلحة في الخدمة.
والحديث هنا يدور عن منظومة الصواريخ الفرط صوتية «كينجال» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بـ١٠ مرات، ومنظومة الصواريخ «أفانغارد»، إضافة إلى الصاروخ «تسيركون».
وقد، وقّع البنتاغون عقدًا جديدًا مع شركة «رايثيون» لتطوير صاروخ مجنّح تكتيكي فرط صوتي. وحصل المشروع على اسم Tactical Boost Glide. ووفق المتخصص بالأسلحة فرط الصوتية في مكتب الأبحاث المتقدمة التابع للبنتاغون DARPA بيتر إيربلاند، فإنّ المشروع يستخدم المعرفة الفنية والدروس المستفادة من اختبارات التطوير والتحليق للأنظمة السابقة.
ومن المتوقّع أن يتمّ تركيب الوحدة المجنّحة التكتيكية الفرط صوتية على صاروخ قادر على التحليق بسرعةٍ تزيد عن ٥ ماخ. وعلى هذه الخلفية، وعد مدير مكتب الأبحاث المتقدمة، التابع للبنتاغون ستيفن ووكر بإجراء اختبارات عديدة للأسلحة الأميركية الفرط صوتية خلال العام الحالي.
وقد أجرت الولايات المتحدة في وقت سابق اختبار نظائر لمنظومة «أفانغارد»، ضمن إطار برنامج Prompt Global Strike، الذي ينص على إنشاء منظومة هجومية قادرة على إطلاق أسلحة غير نووية على أي نقطة من الأرض في أقل وقت ممكن. ويجري اختبار الصاروخ المجنّح الفرط صوتي «إكس-٥١أ» منذ العام ٢٠١٠.
كما يعمل الجانب الأميركي على برنامج آخر تحت اسم Hypersonic Air-breathing Weapon Concept، الذي ينص على إنشاء سلاح تفوق سرعته سرعة الصوت ومزوّد محركًا نفاثًا هوائيًا. كما يعمل DARPA، بالتعاون مع الجيش الأميركي على مشروع Operational Fires، الذي يتضمن تطوير وعرض نظام أرضي فرط صوتي.
أخيرًا، تجدر الإشارة إلى أنّ القيادة العسكرية الأميركية تعتقد أنّ إنشاء سلاح جديد يفوق سرعة الصوت سيسمح لها بتقليص وقت الاستجابة للتهديدات، إضافة إلى إطلاق النار من مسافات أبعد وزيادة الكفاءة.

 

المراجع:

 


- www.aljazeera.net/news/politics سباق تسلح في الأفق.. بوتين يأمر بالرد على اختبار صاروخي.
- arabic.sputniknews.com/military - نظام-دفاع-صاروخي-جديد-تور-روسيا.
- https://sptnkne.ws/mEH5.
- سلاح يوم القيامة... قادر على تدمير الصواريخ الأميركية
- https://sptnkne.ws/mE2e
- https://sptnkne.ws/mDUp.
- الصاروخ الروسي الجديد ينقضّ على الاقمار الصناعية كـ«الطائر الجارح»
- https://arabic.sputniknews.com
- https://sptnkne.ws/mEWS.
- https://sptnkne.ws/jdm
- الولايات المتحدة الأميركية تطوّر أسلحة فرط صوتية... فهل تلحق بروسيا؟