طب ووقاية

عالج حتى لو فالج!
إعداد: ريما سليم ضوميط

ما كان مستحيلًا بات ممكنًا علاجات حديثة للسكتة الدماغيّة  تبعد خطر الفالج

 

قديمًا قيل «فالج ما تعالج»، حيث كان المصاب بالفالج محكومًا عليه بشللٍ نصفي تام غير قابل للشفاء. إلّا أنّ ما كان مستحيلًا في الأمس بات اليوم ممكنًا بفضل التطوّرات المستمرّة التي يشهدها عالم الطبّ. فالسكتة الدماغية، المسبّب الرئيس للفالج، أصبحت ممكنة العلاج في حال التشخيص المبكر، ممّا زاد من إمكانيّة شفاء المريض وتراجع احتمال إصابته بأضرار خطيرة في الدماغ.
حول أبرز التطوّرات في مسألة علاج السكتة الدماغيّة، تحدّث إلى مجلّة «الجيش» الدكتور حليم عبود، الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي والدماغ - بروفيسور في جامعة القديس يوسف - كلّية الطب.

 

ما علاقة السكتة الدماغيّة بالفالج؟
السكتة الدماغية أو الجلطة الدماغية STROKE AVC، هي حالة طبّية مهدِّدة للحياة، تحدث نتيجة انقطاع التروية الدموية عن منطقة محدّدة من الدماغ، مما يحرم أنسجة المخّ من الأوكسجين الضروري ومواد التغذية الحيويّة الأخرى. من جرّاء ذلك، تتعرض خلايا المخ للموت خلال دقائق قليلة، ما قد يؤدّي إلى ما يعرف بالفالج أي الشلل النصفي.
وهناك نوعان رئيسان للسكتة الدماغية، أكثرهما شيوعًا هو انقطاع التروية الدمويّة عن مساحة محدَّدة من الدماغ من جرّاء تجلّطٍ دموي في أحد الأوعية الدموية المُغذِّية للدماغ، ويعتبر هذا النوع مسؤولًا عن 85 في المئة من حالات الشلل النصفي. أمّا النوع الآخر فهو النزف الدموي الذي يحدث عند تمزّق أحد الأوعية الدمويّة الضعيفة التي تزوّد الدماغ الدم.

 

ما هي أبرز أعراض السكتة الدماغية؟
هناك عدّة إشارات تنبىء بحدوث السكتة الدماغيّة، وأبرزها الخلل المفاجى في الوجه أو الأطراف أو الإحساس أو الحركة أو النطق، لذا ينبغي طلب الإسعاف الطبّي على الفور لدى حدوث هذه الأعراض.

من هم الأكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية؟
هناك عدّة عوامل تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أهمها وأكثرها شيوعًا ارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى زيادة الوزن، ضعف اللياقة البدنية، عدم اتباع نظام غذائي صحّي، التدخين، وارتفاع مستوى الكولستيرول، والإصابة بالرجفان الأذيني Atrial Fibrillation والسكّري.
ما الذي يجب فعله لدى حدوث جلطة دماغيّة؟
قديمًا لم يكن في الإمكان معالجة الفالج فأطلقوا المثل الشعبي: «فالج مـا تعالج». لكن الوضع اختلف حاليًا مع تطوّر الطب والتشخيص المبكر، حيث أصبح من الممكن معالجة السكتة الدماغيّة، وكلّما كان التدخّل الطبي أسرع، زادت نسبة شفاء المريض وتراجع احتمال إصابته بأضرار خطيرة في الدماغ. ومن هنا، أصبح شعارنا : «فالج عجّل تتعالج». لذلك ينبغي على من يعاني أعراض السكتة الدماغيّة والمحيطين به طلب الإسعاف الطبّي فور الاشتباه بحدوث الإصابة.

 

هل يمكن توضيح السبب الذي يستدعي المباشرة الفوريّة للعلاج؟
بعد حدوث الجلطة يصبح عامل الوقت مهمًّا جدًّا في تحديد كيفيّة العلاج وفي المحافظة على أكبر عدد من الخلايا الدماغيّة، حيث تموت حوالى مليوني خلية في الدقيقة الواحدة ما لم تتوافر لها كميّة الدم اللازمة.
في الدقائق الأولى لحدوث الجلطة، يتعطّل عمل الخليّة، لكنّ إمكانات العلاج تكون مرتفعة جدًّا، أمّا في حال تأخّر العلاج، فإنّ الخلايا تتعرّض للتلف ويصبح بالتالي العلاج شبه معدومٍ. كذلك يشكّل الوقت عاملًا مهمًّا في علاج الشريان المسدود، فالدواء الوحيد الذي يستخدم في حقن الوريد لإذابة الجلطة، يجب استعماله ضمن فترة زمنية لا تتجاوز الساعات الأربع من لحظة حدوث الجلطة. وفي حال تم تخطّي هذه الفترة، من الممكن حدوث نزيف دماغي قد يؤدي الى تدهور حالة المريض وقد يتسبّب في موته.

 

علاجات حديثة
لقد دفع قصور هذا الدواء عن مساعدة العديد من المرضى نتيجة عدم قدرته على إذابة الجلطات الكبيرة الحجم إلى تطوير علاجات بديلة، أحدثها علاج الجلطة الدماغية عن طريق القسطرة التداخلية الدماغية. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أهمية استعمال القسطرة التداخلية وتفوقّها في إزالة الجلطة على أي علاج آخر. وأهمية هذا العلاج تكمن في إمكان استعماله ضمن فترة زمنية قد تمتد إلى عدة ساعات. كما أنّ تمييل شرايين الرأس بواسطة الطبق المحوري أو الرنين المغنطيسي كفيل بإعطائنا المعلومات اللازمة عن حجم الشريان، وحجم الجلطة وكيفية العلاج المناسب.

 

هل يتوافر هذا العلاج في لبنان؟
يتوافر العلاج بالقسطرة التداخليّة الدماغيّة في بعض المستشفيات في بيروت، وقد أثبت فعاليته وقدرته على الشفاء من خلال عدّة إصابات تمّت معالجتها.

 

مرحلة ما بعد العلاج
إنّ الأشخاص الذين تعرّضوا لسكتة دماغيّة في مرحلة سابقة يمكن أن يصابوا مرّة أخرى، كما يمكن أن يتعرّضوا لذبحة قلبية. لذلك يجب أن يتقيّدوا ببعض الإرشادات التي تساعد في تفادي الإصابة للمرّة الثانية.
من أبرز التوصيات المحافظة على استقرار ضغط الدم، الاستمرار باستخدام موانع تخثر الدم المناسبة، وذلك بحسب ما يصفه الطبيب لمنع الجلطات، بالإضافة إلى المحافظة على نسبة سكر الدم، والابتعاد عن التدخين بجميع أشكاله، واتّباع نظام غذائي صحي مع مواصلة التمارين الرياضية المناسبة.