سلامتكم تهمنا

عدد هواة الـ ATV إلى ارتفاع
إعداد: ليال صقر الفحل

فوضى عارمة والمسؤولية القانونية قيد «وقف التنفيذ»
فهل يحلّ القانون الجديد المشكلة؟

 

الـ«ATV» هي اختصار لعبارة «All Terrains Vehicle»، وهي مركبةٌ يزداد عدد هواتها ومستخدميها، ليزداد بذلك عدد المرشحين للسقوط ضحايا حوادث السير وبصورة أدقّ ضحايا حوادث السحق. فمخاطر قيادة هذه المركبة تفوق مخاطر قيادة أي دراجة أخرى إذ على سائقها أن يتمتع بدرجة عالية من الإحتراف للسيطرة عليها.
هي في الأساس آلية مخصّصة للاستعمال الزراعي ومصممة للسير في الجبال والأماكن الوعرة، لكنها في لبنان باتت تستبيح كل الطرقات حتى تلك المعبدة بالزفت، ولا تتردّد في تقديم عروضها على الطرقات الفرعية بصفتها «دراجة نارية رباعية الدفع».


تحديد وجهة استعمال الـATV
تعريفها الأساسي أنها دراجة نارية رباعية الدفع وقد حددت الشركات التي تصنعها مواصفاتها على أنها غير مخصّصة للسير على الطرقات المعبَّدة، إلاّ أنها في لبنان، وفي ظاهرة غاية في الخطورة، تسير بين السيارات والشاحنات والدراجات النارية.
وبين طيش قيادة عشوائية ومسؤولية قانونية «مع وقف التنفيذ» وفوضى عارمة في استيراد هذه المركبات وتأجيرها وتسجيلها وتحديد مواصفاتها على دفاتر ملكيتها، تستمرّ هذه الآليات في السير.
يسعى قانون السير الجديد الذي لم يُقَر بعد إلى ضبط الفوضى العارمة، بينما تطلق الجمعيات الأهلية اللبنانية حملات لتوعية سائقي هذه الدراجات، بالتزامن مع حثّ البلديات لتفعيل الرقابة في المناطق السياحية وتحديدًا الأماكن الجبليّة من خلال شرطة البلدية، حيث تنظم سباقات الـ«off road» العشوائية، وحيث تؤجر هذه الدراجات في المحال من دون أي رقابة...

 

المواصفات الميكانيكيّة
من مواصفات الـ«ATV» الميكانيكية أنها قد تكون رباعية أو خلفية الدفع، محركها بقياسات عديدة. وقد طورت الشركات التي تصنعها اليوم إمكاناتها لتتمكن من السير على الطرقات الإسفلتية، الوعرة والجبلية، ولهذا السبب سميت بـ All terrains vehicle.
ولأنّ طبيعة لبنان جبليّة، ارتفع عدد هواة هذه المركبة بشكل مطّرد بين العامَين 2000 و2010، وبالتالي ارتفع عدد الإصابات بسبب استعمالها العشوائي.
ربّما لأنّها تسير على أربع عجلات تمنح من يقودها الشعور بالثقة،  إلاّ أنها سريعة الإنزلاق وغاية في الخطورة إذا استخدمت بشكل غير مدروس ومن دون تمرينات مسبقة.
أولى ضحايا هذه المركبة في لبنان كان الشاب الياس العقيقي الذي توفي متأثرًا بجراح أصيب بها إثر حادث العام 2008، بينما كان عمر حبيقة وميليسا صفير ضحيتي العام 2010 بامتياز.

 

الـ«ATV» في قانون السّير
رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزف مسلّم يوضح لنا أنّ قانون السير الجديد يتضمّن بنودًا عديدة تتعلّق بالدراجات الرباعية الدفع، تحدّد كيفيّة استيراد هذه المركبات وطريقة تسجيلها، إضافة إلى شروط اقتنائها والعقوبات التي سوف تلحق بالمخالفات المتعلّقة بها.
قانون السير المعمول به حاليًا (قانون العام 1967) لا يتطرّق إلى الـ«ATV» كونها لم تكن موجودة في ما مضى. ويشير المقدم مسلّم في هذا الصدّد إلى أنّ القانون الجديد يعرّف الـ«ATV» على أنّها كل مركبة آلية ذات أربع عجلات يزيد وزنها فارغة عن 400 كلغ، وتعتبر بمثابة دراجة آلية. ويعرّف الدراجة الآلية على أنها كل مركبة ذات عجلتين أو ثلاث أو أربع، غير مجهزة بمحرك وتسير بقوة راكبها.
وضع القانون القديم الـ«ATV» في خانة الهجين المخصّص للـ«off road»، فهي مزيج من السيارة والدراجة النارية المُعدّة للاستعمال إنما بعيدًا عن الطريق العام. ويشدّد المقدم مسلّم هنا على أنّ من واجب قوى الأمن الداخلي توقيف كل دراجة رباعية تسير على الطريق العام لأنها تخالف القانون. ويشير إلى أنّ عناصر هذه القوى مسؤولون أيضًا عن مراقبة سباقات الـ«ATV» في الـ«off road»، إذ تشهد مختلف المناطق اللبنانية رحلات «ATV» منظمة فرديًا أو جماعيًا، حيث يعمد البعض إلى تأجير هذه المركبات في الجرود الوعرة والمناطق السياحية كفاريّا وزحلة، بسكنتا، الأرز، العاقورة، صنين وعيون السيمان...
ويدعو المقدم مسلّم البلديات إلى تطبيق القانون في ما يخصّ متابعة موضوع الدراجات الرباعية الدفع كونها شريكة في المسؤولية ومسؤولة أيضًا عن تطبيق القانون وتوقيف المخالفين، علمًا أنّها أقرب إلى كشف المخالفات، خصوصًا تلك التي تتمّ في المناطق النّائية.
حاليًا لا توجد إحصاءات حول حوادث الدراجات الرباعية الدفع فهذه الحوادث تضاف إلى إحصاءات حوادث الدراجات النارية العادية، إلاّ أنّ قانون السير الجديد، وبحسب المقدم مسلّم، سوف يضبط المشاكل والخروقات التي تختص بظاهرة الـ «ATV».
كيف؟ يورد المقدم مسلم بعض النقاط مجيبًا عن السؤال، فيقول: بموجب هذا القانون على الشركات المصنعة تحديد المكان المخصّص لسير هذه المركبات (طريق عام فقط، طرق وعرة فقط، أو الإثنين في الوقت عينه). كما يحدّد هذا الأخير شروطًا على مستوردي الدراجات احترامها، ومنها أن تُسجّل هذه الآليات فورًا لأن عدم تسجيلها يعرّض هؤلاء لعقوبات جسيمة. كذلك يتطرّق القانون لحالة الـATV الميكانيكيّة ويمنع استيراد تلك التي تخطّت مدّة استعمالها ثلاث سنوات، حفاظًا على السلامة العامة، مشيرًا إلى أن قيمة هذه العقوبات قد تصل إلى 10 ملايين ليرة لبنانية، والمبلغ يتضاعف في حال تكرار المخالفة. كما يحدّد القانون العقوبات على المخالفات المتعلّقة بمواصفات الخوذة الواقية لسائق الدراجة الرباعية الدفع والتي تناهز الـ 200 ألف ليرة في الأيام الـ 10 الأولى للمخالفة والتي قد تصل إلى 300 ألف في الأيام الـ 15 التالية.

 

كيف يتم تسجيلها؟
وفق ما يفيدنا رئيس الجمعية اللبنانية لتطوير قيادة السيارات رولان المرّ، فإنّ الدراجات الرباعية الدفع كانت تسجل قبل العام 2010 على أنها دراجات عادية، ولكن رئيس مصلحة تسجيل السيارات العقيد جورج لطوف فرض بعد العام 2010 ختم كل دفتر خاص بالدراجات الرباعية الدفع بعبارة «غير مخصصة للطرقات المعبّدة». وتحدّد كلفة تسجيل هذه المركبات بما يتلاءم مع تاريخ صنعها، فتسجيل الـ«ATV» موديل العام 2010 و 2011 قد يبلغ الثلاثة ملايين ليرة لبنانية، بينما يبلغ رسم الميكانيك نحو 500 ألف ليرة. اقتناء هذه الدراجة يمكن أن يتمّ عبر شرائها من المعارض المخصّصة لها أو استيرادها. أمّا الأوراق المطلوبة لإتمام عملية الشراء فهي: شهادة جمارك، قائمة شحن وفاتورة الشراء يتمّ بعدها تسجيل الـ«ATV» على أنها آلية زراعية، وبذلك يترتب على مقتنيها حيازة قطعة أرض لهذه الغاية، كما يختم دفترها بعبارة «غير مخصّصة للسير على الطرقات المعبّدة».

 

جهود الجمعيات الأهلية
تسعى الجمعيات الأهلية في لبنان ومنها «يازا» إلى توعية المواطنين حول مخاطر شراء هذه المركبة الخطيرة لأولادهم، خصوصًا القاصرين منهم. ويحمّل السيّد كامل ابراهيم (أمين سر اليازا ومسؤولها الإعلامي) مسؤولية غالبية الحوادث أولاً للأهالي الذين يبتاعون هذه الدراجات لأولادهم في عمر المراهقة وكأنها لعبة يمكن اقتناؤها من دون أي مخاطر. بينما يحمّل أصحاب المحال التي تؤجّر هذا النوع من الدراجات القسم الثاني من المسؤولية لأنها تؤجر من دون أي إجراءات تؤدّي إلى تزويد الهواة وسائل الوقاية وإجبارهم على التزام المسار المحدّد لممارسة هذه الهواية، وأيضًا من دون دليل يحرص على سلامتهم ويلزمهم متابعة دروس وتمارين مسبقة ليتعلّموا قيادة هذه الدراجات كي لا يعرّضوا حياتهم وحياة الآخرين للخطر، إضافة إلى تزويدهم المعلومات الوافية حول حجم الدراجة وقوة محرّكها ومواصفاتها الميكانيكيّة... وينصح السيد ابراهيم من يقود هذا النوع من الدراجات بألاّ يطمئنّ إلى كونها تسير على أربع عجلات اعتقادًا منه بأنّها غير معرّضة للإنقلاب، لأنها وبعكس ذلك تكون عرضة للإنقلاب أكثر من السيارة لأنها سريعة الإنزلاق في حال الإنعطاف بسرعة عالية. ويضيف أن تجمّع «يازا» أطلق الحملة الوطنية حول سلامة استعمال الدراجات الرباعية الدفع بالتعاون مع الجمعية اللبنانية للوقاية من الإصابات الرياضية «LASIP» وأهل الضحية ميليسا صفير. وعن تجهيز الدراجات الرباعية الدفع وصيانتها، يجيب السيد ابراهيم أن تجهيزات هذه الدراجات تختلف باختلاف المناطق والظروف المنوي قيادتها فيها. وتنقسم هذه التجهيزات عمومًا إلى ثلاثة أقسام، قسم يتعلّق بالمحرّكات كأن تكون الـ«ATV» خلفية الدفع أو 4x4، وقسم يتعلّق بجسم الـ«ATV» كالدفاعات والإضاءة وغيرها، بينما يتعلّق القسم الأخير بالنقطة الأكثر أهمية في الدراجة وهي صلة الوصل بينها وبين الأرض ألا وهي الإطارات.
ويذكر السيد ابراهيم  في هذا الإطار أنه يجب تجهيز الدراجات الرباعية الدفع بما يتناسب مع المنطقة المقصودة وظروفها، مثلاً يجب تثبيت الجنازير المخصّصة للـ«ATV» لدى قيادتها في المناطق الثلجية كما ينبغي تركيب عازل هوائي يقي الصقيع.
من هذا المنطلق يتوجب على سائقي هذه الدراجات إجراء فحص دوري لها وبالتالي صيانتها باستمرار والتنبه لأي عطل قد يطرأ عليها مهما كان بسيطًا...

 

ماذا عن التأمين والخبرة؟
يؤكد مرجع مختصّ من اتحاد شركات الضمان في لبنان أنه في حال كانت هذه الدراجات مسجّلة ومؤمّنة، فإن نوع التأمين الذي تحظى به هو كالتأمين على أيّة مركبة عادية أو ما يُسمّى «بالمسؤولية المدنية ضدّ الغير»، أي أنّ شركات التأمين تغطّي الأضرار المادية والجسدية ضدّ الغير عند وقوع حادث إلى طريق معبّدة وليس على طريق جبليّة، مشيرًا إلى أنّ معظم شركات التأمين تتحاشى تأمين هذه المركبات.
ويعترف ممارسو هواية ركوب الدراجات الرباعية الدفع أو الـ«ATV» ، أنّها تتطلّب خبرة خصوصًا لمن يستخدمونها للمرّة الأولى، حيث يتحتّم على الدراج أن يكون مُلِمًّا بهذه الآلية ومتأقلمًا معها ليتعرّف على قدراتها وإمكاناتها. كما يؤكّد هؤلاء علمهم بحصول حوادث خطيرة في المنحدرات والطرق الوعرة عند القيادة بسرعة عالية.
عالميًا، تعتبر الدراجات الرباعية الدفع أخطر من الدراجات النارية العادية، بحسب دراسات أعدّتها مراكز البيانات العالمية الخاصة بالحوادث، استنادًا إلى ما تتسبّب به هذه الآليات من حوادث سحق نتجت عن عدم التزام تدابير الوقاية.
ويخصّص بعض الحكومات في العالم مواقع الكترونية تهتمّ بتوعية المواطنين حول قيادة هذه المركبات، وتشدّد من خلالها على التزام تدابير السلامة والتقيّد بالقوانين المتعلّقة بهذا النوع من الدراجات، كما استحدث أهالي بعض ضحايا حوادث الـ«ATV» مواقع الكترونية تخليدًا لذكرى أبنائهم الذين سقطوا نتيجة استعمالها العشوائي ولتوعية الشباب. وثمّة تشديد على أنّ تفادي وقوع الحوادث ممكن من خلال استخدام معدات الحماية المناسبة المرخّصة (كالخوذة الواقية، النظارات الواقية، القفّازات، الأحذية الخاصة...).
وقد أنشئ العام 1988 في استراليا معهد مختصّ بتدريب سائقي الدراجة الرباعية الدفع «ASI» على استخدامها، حيث على السائق الخضوع لتدريبات والنجاح في الامتحان للحصول على رخصة قيادتها.