عسكريون يبتكرون

عسكريون صمموا ونفذوا آلات كبيرة الفائدة زهيدة التكاليف
إعداد: ريما سليم

الإبتكار إجتمع بالمثابرة في مشغل اللواء العاشر

إذا كانت الحاجة أمّ الإختراع, فإن العمل الدؤوب هو السبيل لكي يرى الإختراع النور. إنطلاقاً من هذه القناعة, وظّف قائد الكتيبة 106 وعناصر السرية 1062 ضباطاً ورتباءَ وأفراداً طاقاتهم وخبراتهم التقنية في إبتكار آلات ميكانيكية, من شأنها تطوير العمل المتعلق بصيانة الآليات وتصليحها بما يخدم مصلحة الكتيبة ويعود بالفائدة على المؤسسة العسكرية بشكل عام, نظراً لأهمية الآلات المذكورة على صعيد زيادة الإنتاجية مقابل توفير الوقت والأموال والعديد.
مجلة “الجيش” زارت قيادة الكتيبة في ثكنة شكري غانم, حيث كان لقاء مع قائد الكتيبة المقدم حميد فرح وآمر السرية 1062 الرائد ماهر أبو شعر وآمر فصيلة المشاغل الملازم الأول ريتشارد عبدو, الذين أطلعونا على نوعية الآلات المبتكرة وكيفية عملها.

 

تنمية القدرات والإستفادة منها

في بداية حديثه أشار المقدم حميد فرح الى أن فكرة تصنيع آلات لقسم المشاغل هي من إعداد الرائد ماهر أبو شعر والملازم الأول ريتشارد عبدو, أما التنفيذ فكان على عاتق عناصر المشاغل بمراقبة من الضابطين المذكورين وإشراف قائد الكتيبة. وأوضح أن إنجاز الآلات المذكورة لم يكن ليتم لولا الجهود المتواصلة والعمل الدؤوب الذي شارك فيه جميع عناصر المشغل, مؤكداً أن الكتيبة 106 هي فريق عمل منضبط يتعاون فيه الجميع لخدمة المصلحة العامة.
كما أشار الى أهمية الدورات التدريبية المستمرة التي يخضع لها عناصر المشغل والتي ساهمت في رفع مستواهم التقني الى درجة الإحتراف. وتطرق الى دور المجندين مشيراً الى أن المشغل استفاد من خبرة المتخصصين منهم, كما قدّم في الوقت نفسه خبرة قيمة للبعض الآخر, وقد أعطى مثلاً على ذلك أحد المجندين الذي لم يكن له علم على الإطلاق بالعمل الميكانيكي, وقد تمكّن بعد شهرين فقط من التحاقه بالمشغل من فك محرّك وتركيبه وهو ليس بالأمر السهل على الإطلاق.

 

المبتكرات واستعمالاتها

أما بالنسبة الى نوعية الآلات المبتكرة ووظيفة كل منها, فقد عددها المقدم فرح كما يأتي:

1-­ قاعدة لتثبيت وتجربة المحرك نوع بليزر:
يستطيع من خلالها الآلوي تحريك المحرك الموضوع عليها في كافة الإتجاهات, معتمداً على التوازن الذي تؤمنه هذه القاعدة ومن دون الحاجة الى أي مساعدة, كما يمكنه بعد الإنتهاء من مساعفته المحرك وضعه في حالة التشغيل المؤقت كون القاعدة مزودة بكافة التجهيزات الكهربائية التي تسمح بمراقبة الحرارة وضغط الزيت وحرارة المياه. لقد سهّلت هذه القاعدة الكثير من التعقيدات المتعارف عليها ضمن المشغل.

2-­ آلة لتنظيف القطع من الشحوم والزيوت:
تم ابتكار هذه الآلة بهدف توفير مواد التنظيف وتسهيل عملية تنظيف بعض قطع البدل قبل تركيبها. تعمل هذه الآلة بطريقة إعادة ضخ مواد التنظيف من خزان خاص عبر انبوب الى حوض الغسيل, ومن ثم تعود المواد نفسها الى الخزان وفيه تترسب كل الشوائب ليعاد ضخها من جديد.

3-­ قاعدة لتثبيت علبة سرعة بليزر:
تبين أثناء عمليات المساعفة السابقة لعلب السرعة وجود صعوبات عديدة تم على أساسها إبتكار وتصنيع قاعدة بغية تسهيل العمل. هذه القاعدة أتاحت تثبيت علبة السرعة أثناء فكها وتركيبها وبالتالي ساعدت في تقليل عديد العاملين, حيث لم يعد هناك حاجة الى أكثر من شخص واحد لتحريك علبة السرعة في الإتجاهات كافة, كما أنها قللت من عدد الحوادث التي كان يمكن حصولها سابقاً (سقوط علبة السرعة على يد أو على قدم أحد العناصر وبالتالي تعرضه للإصابة أو تعرض علبة السرعة للكسر أو لعطل معيّن).

4-­ آلة لتنظيف خزانات الوقـود وفحـص حمايـات محرك البليزر:
تستطيع هذه الآلة تنظيف خزانات الوقود من محتواها من دون الحاجة الى فكها, وهي تعمل بطريقة مستقلة حيث يمكن استعمالها في الأماكن كافة وعلى الطرقات في حال تعرض آلية لعطل خارج الثكنات والمراكز العسكرية. مثلاً لنفترض أن آلية تعمل على المازوت تعطلت نتيجة وجود مياه في الخزان, يتم إيقاف الآلية في مكان مستقيم والإنتظار قليلاً فتركد المياه في قعر الخزان ومن ثم يتم شفطها بواسطة هذه الآلة. كما يمكن تركيب فيلتر إضافي لهذه الآلة فيمكنها بذلك تنظيف أي نوع من الوقود داخل الخزان من الشوائب, ومن ثم يعاد الوقود النظيف الى الآلية. ولقد تم تزويد هذه الآلة بنظام لفحص حمايات محركات المازوت من دون الحاجة الى فك هذه الحماية من محرك الآلية ومعرفة الجزء المعطل منها. إن هذه الطريقة توفر الكثير من الوقت, كما أنها تقلل كثيراً من الأعطال الناتجة عن فك الحمايات وإعادة تركيب الصالح منها بعد فحصها.

5-­ آلة لفحص الكهرباء داخل الآلية تكشف جميع الأعطال الكهربائية.

 

توفير في الوقت والأموال

عما إذا كانت الآلات المذكورة قد لاقت النجاح المتوقع, أجاب المقدم فرح أنه بعد ثلاثة أشهر من استخدامها أثبتت الآلات نجاحها على غير صعيد, إذ تمكنت من توفير الوقت والعديد والأموال في آن واحد. فإمكانية كشف العطل قبل حدوثه من خلال آلات الفحص أدى الى تخفيض فاتورة قطع البدل الى حد كبير, كما ساهمت عملية تكرير البنزين والمازوت في التوفير في شراء المحروقات, وفي حين كان يسجل سابقاً مبلغ 29 ألف ليرة لبنانية كلفة غسل محرك “بلايزر” واحد فقط, فإن كلفة غسل أربعة محركات باتت لا تتخطى الـ24 ألف ل.ل.
وأكد المقدم فرح أن سهولة استخدام الآلات المبتكرة أدى الى تخفيض عدد العاملين, فعملية فك المحرك مثلاً كانت تستدعي ستة أشخاص لإنجازها, وقد باتت تنجز الآن عبر شخصين فقط لا غير. كذلك أدت سهولة الإستخدام الى التوفير في الوقت وإنجاز العمل بصورة أسرع.
وختم قائد الكتيبة 106 حديثه مشيراً الى أن نسبة الجهوزية في الكتيبة تتراوح بين 92 و96%, مؤكداً أن عمليات التصليح تتم ليلاً ونهاراً طالما دعت الحاجة الى ذلك, مشيراً الى أن إنجاز المهام يتم في سرعة قياسية. وأعطى المثل على ذلك مشغل الحدادة الذي تمكن خلال عام واحد من تحديد ودهن 238 آلية مع صنع شوادر لأكثر من 4000 متر من القماش.
بدوره أكد الرائد ماهر أبو شعر أن السرية سوف تواصل حملة التطوير التي باشرت فيها لأن التوقف في مرحلة ما والإكتفاء بما أنجز يؤدي بنظره الى الجمود الذي هو مرادف للفشل.

 

الطاقم الذي شارك في إنجاز الآلات          
- إشراف: المقدم حميد فرح قائد الكتيبة 106.
- فكرة وإعداد ومراقبة التنفيذ:
­ الرائد ماهر أبو شعر آمر السرية 1062.
­ الملازم الأول ريتشارد عبدو آمر فصيلة المشاغل.

- تنفيذ:

­ الرقيب الأول عيسى طراد.
­ الرقيب الأول جوزيف الحاج.
­ الرقيب الأول حسين الصغبيني.
­ الرقيب الأول جان حبشي.
­ الرقيب الأول جورج قاطرجي.
­ الرقيب الأول شوقي فلحه.
­ الرقيب الأول غانم جعجع.
­ العريف محمد يحيى.
­ الجـندي الأول مارون خاطر.
­ الجندي حسين أبو مرعي.

مع الإشارة الى أن التنفيذ تم في مشغل الكتيبة 106 في ثكنة شكري غانم.