ملء الوجدان والقلوب

عشية عيد الأب
إعداد: ليال صقر

نصب وشارع باسم اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج في بعبدا

ممثل قائد الجيش : نتذكرك اليوم وكل يوم قويّ الحضور شجاعاً مقداماً

برعاية قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري ممثلاً بنائب رئيس الأركان للتخطيط العميد الركن بانوس منجيان، وبالتعاون مع مؤسسة اللواء الركن فرنسوا الحاج وبلدية بعبدا، أقيم حفل إزاحة الستار عن نصب تذكاري للواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج في ساحة بعبدا. وقد تمّ إطلاق إسم الشهيد على الشارع الممتد من مستديرة بعبدا وحتى شارع بشارة الخوري.
حضرت الحفل عائلة الشهيد محاطة بأعضاء المجلس البلدي وممثلين عن الأجهزة الأمنية وشخصيات رسمية، وروحية ووطنية وإعلامية ورؤساء بلديات ومخاتير ولفيف من رفاق الدورة والسلاح.


بعد عزف النشيد الوطني اللبناني، وقف الحاضرون دقيقة صمت عن روح الشهيد، الى يمينهم صورة كبيرة للشهيد والى يسارهم لافتة كتب عليها: «لن يترجّل القائد الشهيد والفارس الكبير الراحل اللواء الركن فرنسوا الحاج عن جواده لأنه في القلوب يبقى وفي تاريخ لبنان والجيش والجنوب يحيا، فرنسوا الحاج ورفيقه في الشهادة الى دار جنان الخلد».

 

كلمة قيادة الجيش
ثم كانت الكلمة للعميد الركن بانوس منجيان ممثلاً قائد الجيش بالنيابة، وقد استهل كلمته بالقول:
يسرني ويشرفني أن أقف بينكم اليوم ممثلاً قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري، في رعاية هذا الاحتفال الذي أرادت منه مؤسسة الشهيد اللواء الركن فرنسوا الحاج بالتعاون مع بلدية بعبدا مشكورتين، توجيه تحية الى شهيدنا البطل، من خلال إقامة نصب تذكاري له وتسمية شارع باسمه، يجسدان برمزيتهما، سمو معاني الشهادة، وعظمة تضحيات الشهيد، كي تبقى قدوة مشرقة في الضمائر والنفوس، وشعلة يستنير بها أبناء الجيش والوطن، جيلاً بعد جيل.

 

وأضاف قائلا:
في بعبدا بلدة الأصالة والعراقة والتاريخ، وجسر الوطن الى الوطن، ومطلع شمس كل عهد جديد، وفي هذه الساحة بالتحديد، استهدفت يد الغدر والإرهاب منذ نحو ستة أشهر، شهيدنا الغالي فرنسوا، نظراً الى ما كان يمثّله من موقع مميز في قيادة الجيش، ودور طليعي في أداء المهمات الدقيقة والصعبة، حيث سقط مضرّجاً بدمه الطاهر تراب هذه البلدة الأبية، ومع هذا الحادث الجلل، انحنى مدماك من بنيان الجيش، وهوى شلح من شجرة الوطن، لكن البنيان ما لبث أن ازداد منعة وشموخاً، والشجرة ما لبثت أن أصبحت أعمق جذوراً وأصلب عوداً، فبدمائه الزكية أزهر ربيع الحق، وانتصرت إرادة الحياة، وبشهادته انبلج فجر الحرية والكرامة، واندحر ليل الظلم والحقد والكراهية مع أولئك المجرمين الجبناء، أصحاب الهوية الزائفة، الذين سيلعنهم التاريخ ويبعثرهم كالغبار في مجاهل الذل والمهانة والنسيان.

وخاطب الشهيد قائلاً:
نستذكرك اليوم وكل يوم، بقلوب تمتزج فيها دموع الحزن والألم بمشاعر الكبر والفخر والاعتزاز، وكيف لنا أن ننسى عنفوانك وشموخك، رحابة صدرك وتواضعك، إقدامك وشجاعتك، حضورك القوي، وهدوءك الواثق، وابتسامتك الواعدة التي تدخل الطمأنينة الى كل من حولك، وكيف لنا أن ننسى مسيرتك العسكرية، التي ضاقت بإنجازاتك وبطولاتك، ونضحت بطيب أخلاقك ونبل إخلاصك.
عرفناك ضابطاً قائداً تنطبق عليه صفات القيادة كافة،
عرفناك مواطناً جنوبياً أصيلاً تنطبق عليه كل صفات الجنوبي، المتحلي بالصبر والإرادة ورباطة الجأش والمتشبث بأرضه الى أقصى الحدود.
عرفناك مثال الإنسان الصالح والأب الرؤوم والصديق الوفي.
لقد رحلت جسداً لكن روحك ما زالت ترافقنا، نسمعك تناقش الخطط وتنفعل وتهدأ، وتصدر الأوامر وتقود القوى، وتفرح عند إنجاز أي مهمة ناجحة، وتحزن عند سقوط كل شهيد أو جريح، ونراك ذاك الجبار المنتصب كالطود، الذي يهزأ بالصعاب ويتحدى الرماح، ونراك دائماً في وجوه زوجتك وأفراد عائلتك، الذين يستمرون كما الجيش، أمناء على إرثك العسكري الوطني الكبير.
من هذا المكان الذي خططت بدمك ودم رفيقك الشهيد الرقيب الأول خيرالله هدوان، تاريخاً جديداً له، وجعلتـه قبلة أنظار أبناء الوطن، ومحطة يتوقف عندها كل عابر، عهدنا لك أيها الشهيد البطل، أن نصون مبادئك وقيمك، ونحفظ شعلة تضحياتك ليبقى لنا لبنان الذي وهبته حياتك رخيصة على مذبحه، عنوان كل محبة وعطاء وفداء.

وختم كلمته قائلا:
باسم قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري، أتوجه بخالص الشكر والتقدير الى مؤسسة اللواء الشهيد فرنسوا الحاج وأفراد عائلته، والى المجلس البلدي في بعبدا رئيساً وأعضاء، والى كل من أسهم في إقامة هذا الاحتفال، المعبّر عن الوفاء للشهيد والتضامن مع المؤسسة العسكرية وأبنائها.
تحيـة إكبـار وإجلال الى روح الشهيد في عليائه، وأدام الله ذكراه الطيبة، ذخراً للجيش ونجماً ساطعاً في سماء الوطن.

 

رئيس بلدية بعبدا
ثم كانت كلمة لرئيس بلدية بعبدا - اللويزة، السيد أنطوان الحلو الذي نوّه «بمناقبية الشهيد الذي ترعـرع في ظل المؤسسـة العسكرية ولم تقوَ عليه المحن حتى في أحـلك الظروف وأشدهـا خطـورة، فكان الشهـيد اللواء فرنــسوا الحــاج، أول المتواجدين على أرض المعركة منسقاً مشجعاً ومقداماً، وانتصر الجيش وانتصر معه لبنان والعالم بأجمعه».

 

كلمة العائلة
نجل الشهيد إيلي الحاج ألقى كلمة العائلة، كلمة حملت في طياتها عصارة حسرة ولوعة لفقدان ركيزة بيتهم قال فيها:
«يصــادف غــداً عيد الأب، لكـن الذكرى تطل علينا وفي العين دمعة وفي القلب وجع أليم. في كل سنة مثل هذا اليوم كانت الفرحة تملأ قلب أبي ويشع من عينيه بريق، إذ نعايده فيحتضننا ويضمنا الى صدره فرداً فرداً فرحاً بنا.
غداً لو قصدته هنا وقدمت صدري للعناق فلن أقع إلا على قطع من الصوان».
واستذكر إيلي والده الذي سكنه الوطن وتغلغل في عقله وقلبه فعشقه وضمه الى صدره حتى آخر الكأس، إذ كان الجيش حياته، كل حياته. وأن عمله لم يكن بالنسبة اليه واجباً وظيفياً بل التزام وطني لا وقت له ولا حدود.
ثم دعا باسم كل فرد من أفراد العائلة لأن تستريح نفس الشهيد بسلام بجوار ربه وبعث اليه بقبلات الشوق الحارة حرارة جمر الوجع...

 

إزاحة الستار
أعقب ذلك إزاحة الستار عن النصب التذكاري الذي حمل شخص اللواء الشهيد بهندامه العسكري والى جانبه خارطة لبنان وعليها نقاط تدل على مواقع المعارك التي خاضها الشهيد إضافة الى أرزة لبنان.
هذا ورفعت قرب النصب صـورة لمرافق الشهيـد الرقيـب الأول خـيـرالـله هـدوان.
وختاماً أعلن عن تسمية الشارع باسم اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج. تخلل الحفل إنشاد أغنيتين للفنان غبريال عبد النور لبطل لبنان الشامخ كالأرز بجبين مصان شهيد لبنان اللواء الركن فرنسوا الحاج.


 
... وقداس في رميش

أقام أهالي رميش وعائلة الشهيد اللواء الركن فرنسوا الحاج قداساً احتفالياً في كنيسة التجلي في البلدة، لمناسبة مرور ستة أشهر على استشهاده. حضر القداس العميد الركن نسيم اندراوس ممثلاً قائد الجيش بالنيابة اللواءالركن شوقي المصري على رأس وفد كبير من الضباط، وعائلة اللواء الشهيد ورؤساء بلديات ومخاتير وراهبات وفاعليات وهيئات كشفية واجتماعية وتربوية من بلدة رميش والقرى المجاورة.
ترأس القداس راعي أبرشية صور للموارنة المطران شكرالله نبيل الحاج، الذي تحدث عن مناقبية الشهيد وتفانيه في خدمة مؤسسته العسكرية حتى اليوم الأخير من حياته.