صيف ُوعطَل

عطلة الصيف بالإمكانات المتوافرة
إعداد: ريما سليم ضوميط - الرقيب كرستينا عباس

من «مرمى الثلج لفقش الموج»  في لبنان جمالات تستحق أن نكتشفها

 

وين بدنا نروح؟ سؤال غالبًا ما نطرحه على أنفسنا في أيام الصيف والعطل، وقد لا نجد له جوابًا في كثير من الأحيان، لأننّا نجهل الكنوز السياحية المنتشرة في مختلف أنحاء لبنان.
في هذا الملف إضاءات على أماكن تستحق أن نكتشف جمالها وأهميتها، واقتراحات لعطلةٍ جميلة، مفيدة، وليست بالضرورة مكلفة.


التمتّع بالطبيعة والتعرّف إلى التنوع البيولوجي النباتي والحيواني في مناطق طبيعية لم يلحق بها التلوث ولم يتعرض توازنها الطبيعي إلى الخلل حاجة للجميع، خصوصًا في ظل الأوضاع الضاغطة التي نعيشها. فلنفكر بهذا الأمر عندما نخطط لعطلات الصيف...
فمن السياحة البيئية إلى المغامرات والنشاطات المائية، توفر السياحة في لبنان العديد من المزايا الفريدة.

 

سياحة بيئية
غالبًا ما ترتبط السياحة البيئية بالمحميات الطبيعية، وتندرج في إطارها عدة نشاطات من ضمنها المشي Hiking، تسلق الجبال، مراقبة الطيور، والاستغوار أو اكتشاف المغاور الطبيعية. ولبنان الغني بالمحميات (13 محمية طبيعية، و28 غابة محمية و17 موقعًا طبيعيًا)، يشكّل فرصة ممتازة لمحبي السياحة البيئية.

 

 «جنّات عَ مدّ النظر» المشي في الطبيعة Hiking:
هي رياضة وسياحة بيئية في آنٍ واحد. وفي لبنان، أماكن كثيرة تسمح بممارسة هذا النشاط (إجمالًا الغابات والمحميات)، منها على سبيل المثال: درب المسيلحة - البترون (درب تَصِل جبلين)، الشوان في نهر ابراهيم، حرش إهدن، الشلالات الزرقاء في بعقلين، دير ميماس الجنوبية، مرجعيون، راشيا الوادي وراشيا الفخار...
كل مكان يختلف عن الآخر وتختلف معه درجة سهولة المسلك أو صعوبته، علمًا أنّ المسارات المحددة لهذا النشاط تتيح فرصة اختيار ما يتناسب مع سنّ السائح وقوّته البدنية وحالته الصحية.
 

مراقبة الطيور المهاجرة:
يُعتبر لبنان نقطة توقّف مهمة للطيور المهاجرة، (أكثر من 300 نوع) ، بما فيها الطيور المهددة بالإنقراض مثل النسر الإمبراطوري، والطيور الشائعة مثل الطيور الجارحة والسناجب بالإضافة إلى الطيور المائية وغيرها.
 

تتوافر عملية مراقبة الطيور عبر ثلاثة محاور:
- المحميات الساحلية، بما في ذلك محمية جزر النخيل الطبيعية ومحمية ساحل صور الطبيعية، التي تُعتبر موطنًا للعديد من الطيور البحرية والمائية.
- المحميات الجبلية، مثل محمية حرش إهدن الطبيعية ومحمية أرز الشوف، اللتان تأويان النسور والسمان.
- المناطق الداخلية، توفّر المستنقعات والسهول في وادي البقاع ، ولا سيما في محمية عمّيق، فرصًا وفيرة لمشاهدة الطيور. كذلك، فإنّ قرية إبل السقي الجنوبية التي تقف على حافة الوادي، تعمل كممرّ فريد من نوعه للطيور المهاجرة لا سيما الصغار منها.
 

الاستغوار Caving:
هو نشاط غير عادي ولا يخلو من الصعوبة. يقوم على تسلق أو استكشاف المغاور والكهوف. لممارسة هذا النشاط، يحتاج المرء إلى معدات الصعود والنزول والخوذة والأضواء الكاشفة وثياب الغوص لاستخدامها في البحيرات الجوفية، ولا بد من إجراء دورات متخصصة للحد من خطورتها بالإضافة إلى مرافقة خبراء محترفين.
هناك العديد من المغاور اللبنانية التي يُعتبر استكشافها ضربًا من المغامرة، مثل مغارة رويس، وهي عبارة عن كهف متاهة بطول 5 كلم مع بحيرة تحت الأرض وقاعات كبيرة وتشكيلات بلورية فريدة من نوعها.
هناك أيضًا كهوف عمودية مذهلة تسمى «المجاري» أو «الحفر» وتُعد من أعمق الكهوف في الشرق الأوسط (يتجاوز عمق بعضها الــ600 متر). يوجد البعض منها في المناطق القريبة من اللقلوق وتنورين، ويتم استكشافها باستخدام الحبال ومعدات التسلق.
في لبنان أيضًا كهوفٌ سياحية، لا يستدعي استكشافها أي نوع من الاحتراف، كمغاور أفقا، وقاديشا، وكفرحيم، وجعيتا.
 

التخييم والتنزه:
تتيح طبيعة لبنان الخلابة فرصة مميزة للراغبين في المبيت في أحضان الطبيعة من خلال التخييم المتوافر في عدّة مناطق لبنانية، من بينها عمشيت، شحتول، لحفد، إهدن، مرج بسكنتا، قرنايل، بتخناي، يحشوش، وادي الست، دير الحرف، عين زحلتا، صوفر، سمار جبيل، كفرحزير، الكورة، بقسميّا، بمحرَي...
تؤمن معظم مواقع التخييم مستلزمات هذا النشاط من خيم وفرش للنوم.
للنزهات أيضًا مواقع رائعة بطبيعتها ومناظرها الخلابة، من بينها جنة شوّان الواقعة على ضفاف نهر إبراهيم، وعيون السمك في عكار.
من المواقع التي تلقى إعجاب الزائرين أيضًا، شلالات أفقا، دير تعنايل - البقاع، شلالات بعقلين، اللقلوق، بالوع بلعا المشهور بعمق ٢٥٠ م في تنورين.
 

 الحدائق العامة:
صحيح أنّ المناطق اللبنانية غنية بالمنتجعات الفخمة والمقاهي والمطاعم التي تعج بالسائحين، لكنّ هذه الأماكن ليست الوحيدة التي تتيح الراحة والاستجمام، إذ يوجد في العاصمة بيروت العديد من الحدائق الخلابة التي تتيح النزهات المجانية وقضاء وقت ممتع برفقة العائلة أو الأصدقاء.

 

مغامرات في الطبيعة
تتنوع النشاطات السياحية الصيفية التي تقدمها تضاريس لبنان الطبيعية من جبال وانهر وبحار إلى بحيرات وغابات.
 

الهبوط بالحبال:
هناك عدّة مواقع لهذه الرياضة في لبنان من بينها حمانا، جزين، وإهدن.
 

تسلّق الجبال:
لبنان واحدٌ من الأماكن القليلة في الشرق الأوسط التي تقدم مجموعة واسعة من أنشطة تسلق الجبال، بدءًا من تسلق قمم سهلة نسبيًا، وصولًا إلى الجبال والصخور التي تتطلّب إجراءات أمان متخصصة. ويمكن تسلق الأشجار أو الجدران أيضًا.
 

التحليق:
لهواة التحليق، هناك عدة مغامرات يمتّعون خلالها نظرهم برؤية الأرض من السماء. من أهمها: الطيران الشراعي Paragliding (غوسطا - جونيه)، Skydiving، Bungee Jumping (جونيه، عين المريسة) ما تزال هذه الرياضات محدودة الوجود في لبنان لكنّها في تزايد.
 

سيارات ودراجات:
يمكن في هذا السياق، ممارسة الـOff - road لمحبي القيادة في المناطق الوعرة مثل قناة باكيش. كما يمكن المشاركة في مسابقات الـDrifting أو سباقات الدراجات النارية والـATV، على أن يقتصر النشاط على الحلبات المخصّصة له لأجل سلامة السائق ومحيطه.

 

أنشطة مائية
يمتد ساحل البحر المتوسط على مسافة 225 كلم من شمال لبنان إلى جنوبه، ما يوفّر لعشاق البحر الكثير من الشمس والرمال للتمتع بهما. ويوجد أمام هؤلاء العديد من الخيارات للانتقاء من بينها، وهي تراوح ما بين المنتجعات الفاخرة، التي تؤمّن لزائريها شواطئ وبرك سباحة خاصة بها، والمسابح الخاصة التي توفّر فرصًا مماثلة بمستوى أقل من الرفاهية، وصولًا إلى الشواطئ العامة المجانية شبه المجانية، التي يُعتبر البعض منها جيدًا ونظيفًا، ومن بينها شواطىء جبيل وشكا والبترون وجنوب صور.
 

الغوص:
تحدد معظم الشواطئ اللبنانية مكانًا خاصًا للغوص برفقة مدربي لقاء بدل مادي معيّن. ويمكن للغطاسين التمتّع بتجارب فريدة في المياه اللبنانية، مثل استكشاف الأطلال الفينيقية والرومانية المغمورة قبالة ساحل مدينة صور...
 

نشاطات بالقارب:
من أبرزها التجديف Rafting والـ«بيدالو». التجديف يكون عادة في قوراب صغيرة وفي الأنهر، بحيث يمكن التمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة في محيط النهر، تشتهر هذه الرياضة بشكلٍ خاص في نهر العاصي.
أما الـ«بيدالو» فهو أيضًا قارب صغير غير أنّ التجديف فيه يتم بالأرجل بدلًا من اليدين. تشتهر بهذه الرياضة الزهيدة الكلفة بحيرة بنشعي في زغرتا، وهي بحيرة اصطناعية تتجاوز مساحتها الـ500 متر مربع، تحيط بها الجبال وتسبح فيها طيور البط الملون.
من النشاطات المائية أيضًا، الرحلات في مركب «الكاياك» الصغير أو القوارب متوسطة الحجم أو الشراعية وهي متاحة على طول الساحل الجنوبي للبنان.

 

السباحة مع السلاحف:
نشاط ممتع يمارَس في عددٍ من الشواطىء، من بينها شاطىء صور. كذلك تُعتبر محمية جزر النخيل موقعًا متميزًا لمراقبة السلاحف البحرية والفقمة، إضافة إلى أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات البحرية.
 
سياحة دينية
منذ القدم، وصف المؤرخون لبنان بأرض القداسة والتقوى، تشهد على ذلك المغاور والكهوف والأودية التي كانت يومًا ملاذًا للزهّاد والنسّاك المنقطعين للعبادة. وما زالت هذه الأرض العابقة بعطر الإيمان تجذب السياح بمعالمها الدينية المنتشرة ساحلًا وجبلًا، في الوديان، وعلى رؤوس الجبال، من كنائس وجوامع ودور عبادة  مزروعة هنا وهناك، ترسم لوحة فنية فريدة حول التعايش المشترك في مجتمع متعدد الأديان والطوائف.
من أبرز المناطق التي يقصدها زوّار لبنان للسياحة الدينية حريصا، عنايا، وادي قاديشا، بيروت، النبطية، صور، وبعلبك حيث توجد المقامات الإسلامية والمسيحية بكثافة.

 

سياحة ثقافية
حَضن لبنان عبر تاريخه حضارات مختلفة منها الرومانية والفينيقية والبيزنطية وغيرها، فهواة التاريخ القديم يمكنهم التعرف إلى الحضارات المتعاقبة على لبنان من خلال المتاحف العامة والخاصة، بالإضافة إلى القلاع الأثرية.