نحن والقانون

عقد الفرانشيز (Franchising)
إعداد: دكتور نادر الشافي
محام بالإستئناف

مفهومه وخصائصه وموجبات طرفيه

يعتبر ظهور عقد الفرانشير كغيره من العقود الحديثة، نتيجة للتطور الاقتصادي الذي رافق التطور التكنولوجي وانفتاح العالم على بعضه وحلول عصر العولمة. ويعود تاريخ عقد الفرانشيز الى أوائل القرن العشرين في الولايات المتحدة الأميركية، حيث كانت التجربة الأولى مع شركة "سينجر سوينغ" للآلات، تبعتها شركة "كوكا كولا" وشركة محركات "جنرال" وشركة سيارات "فورد". ثم انتقل تطبيق هذا العقد الحديث الى الدول الأوروبية مع شركة "باتا" التشيكسلوفاكية وشركة "إيف روشيه" الفرنسية وغيرها.

وانتشر عقد الفرانشيز في أغلبية الدول، لا سيما في الدول العربية، نظراً للمنافع الجمّة التي يؤديها وللانعكاسات الإيجابية على أسواقها المحلية وتبادلاتها التجارية الدولية. وظهر عقد الفرانشيز في لبنان سنة 1973 مع شركة كنتاكي للدجاج المقلي(kfc)، ثم شركة "بيبسي كولا"، وشركة "هارد روك" (Hard Rock Café)، وشركة "ماك دونالد" (Mc Donald's)، وشركة "بيتزا هات" (Pizza Hut)، وشركات النفط مع محطات الوقود، وغيرها...
وعلى الصعيد التشريعي، كان المشترع الأميركي أول من قنّن تنظيم هذا العقد، فصدر قانون الكشف الكلي (Full Disclosure Act) سنة 1979، ثم تبعه المشترع الفرنسي بموجب قانون دوبان (Loi Doubin) سنة 1989. أما في لبنان، فلم يصدر حتى الآن قانون خاص ينظم عقد الفرانشيز، وهناك اختلاف في الرأي الفقهي والقضائي اللبنانيين حول إمكانية تطبيق أحكام المرسوم الاشتراعي رقم 1967/34 المتعلق بالتمثيل التجاري رغم الفرق الشاسع بين العقدين، مما يفرض تدخل المشترع اللبناني لتحديث بعض النصوص القانونية ومواكبة التطوُّر الاقتصادي والتشريعي الجديد الذي يشهده العالم.

 

تعريف عقد الفرانشيز

ليس هناك تعريف موحد ومعتمد لعقد الفرانشيز، حتى الآن، فقد اعتبر البعض انه تقنية عقدية حديثة موضوعها توزيع المنتجات والخدمات أو تصنيع المواد والمنتوجات، بمقتضاها يعطي صاحب الماركة التجارية أو العلامة الفارقة أو المورد (Franchisor) الفريق الآخر الموزع (Franchisee)، حق امتياز حصري في استعمال اسمه التجاري وماركته التجارية، وأحياناً براءات الاختراع التي بحوزته، ومهاراته التقنية (know/How)، بالإضافة الى الإشراف والمؤازرة التجارية والتقنية (Show/How)، بغية توزيع منتوجات وخدمات المورد أو تصنيعها، ومن ثم تسويقها وبيعها من الغير ضمن النطاق الجغرافي المحدد طيلة مدة عقد التوزيع أو التصنيع، كل ذلك لقاء بدل خلو مسبق (Front Money) وعمولات دورية على إجمالي حركة الأعمال (Royalties) يسددها الموزع للمورد(1).
كما اعتبر البعض الآخر ان عقد الفرانشيز هو عقد يتكفل بموجبه شخص (يدعى مانح الامتياز) بتعليم شخص آخر (يدعى صاحب الامتياز) المعرفة العملية (know/How) وبتخويله استعمال علامته التجارية وبتزويده بالسلع. أما صاحب الامتياز فيتكفل باستثمار هذه المعرفة العملية واستعمال العلامة التجارية والتزوّد من المموّن(2).
كما عرف الاجتهاد اللبناني هذا العقد (محكمة الدرجة الأولى في بيروت، قرار رقم 28/92 تاريخ 30-1-1992)، على انه اتفاق يحصل بين تاجر أو صناعي يتعاطى تجارة الجملة وبين شخص يتعاطى أو يرغب بتعاطي تجارة المفرق بصورة مستقلة أو لحسابه الخاص. فتعمد الشركة الى تسهيل تكوين مركز أو محل تجاري يكون ملكاً للتاجر وتعطيه حق بيع بضاعة من ماركة مشهورة مع حق استعمال هذه الماركة والاسم التجاري في محله، على أن يمتنع التاجر عن بيع بضاعة أخرى مزاحمة لهذه الماركة(3).

 

خصائص عقد الفرانشيز

يتمتع هذا العقد بخصائص تميّزه عن غيره من العقود المشابهة، وتعطيه طبيعة قانونية خاصة، ومن هذه الخصائص:
1 ­ حق صاحب الامتياز أو الموزع في استعمال حقوق مانح الامتياز أو المورد، مثل الاسم التجاري والماركات والعلامات الفارقة والخبرات الفنية والتقنية والمعرفة العملية وغيرها، بصورة مستمرة ومتطورة.
2 ­ الليونة والمرونة ومسايرة المتطلبات والضرورات الملحّة والتطورات والتغيّرات التي يتسم بها العصر الحالي، حيث يتوجب على مانح الامتياز اعلام صاحب الامتياز بكافة التطورات والاكتشافات العلمية والتقنية والفنية التي توصَّل اليها وما يستجد من ابتكار وإبداع تقني وخلق فكري وخبرة مجرّبة، وتدريبه عليها.
3 ­ استفادة صاحب الامتياز من اسم وشهرة وخبرة مانح الامتياز، مما يعزّز ثقة الزبائن بالأول وتهافتهم عليه بمجرد فتح أبوابه، ويضمن له فرص نجاح شبه مؤكدة.
4 ­ التنسيق المتبادل المتطور والمستمر الذي يتمتع به المتعاقدون في مجال التنفيذ والاشراف، إضافة الى تبادل المعلومات الفنية والتجارية، والمساعدة على حل المشاكل التي قد تعترض صاحب الامتياز، مما يتيح الفرصة لاستمرار نجاح المشروع.
5 ­ احتفاظ طرفي العقد باستقلال كل منهما عن الآخر، من كافة النواحي القانونية والمالية والادارية، مع وجود قاسم مشترك للفريقين يتمثل بتنشيط المشروع وانجاحه بما سيرتد ايجاباً على الطرفين.
6 ­ لا يعتبر صاحب الامتياز ممثلاً تجارياً لمانح الامتياز، فالممثل التجاري، وفقاً للمادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 67/34، هو الوكيل الذي يقوم بحكم مهنته الاعتيادية المستقلة، وبدون أن يكون مرتبطاً بإجازة خدمة، بالمفاوضة لإتمام عمليات البيع والشراء أو التأجير أو تقديم الخدمات، ويقوم عند الاقتضاء بهذه الأعمال باسم المنتجين أو التجار ولحسابهم. أما صاحب الامتياز في عقد الفرانشيز فيقوم بتكوين مركز أو محل تجاري يكون ملكاً له مع حق بيع بضاعة من ماركة مشهورة وحق استعمال هذه الماركة والاسم التجاري في محله، مع احتفاظه بالاستقلال القانوني والإداري والمالي.
7 ­ ان عقد الفرانشيز لا يقتصر على التجارة الدولية فقط، بل يطبق ضمن التجارة المحلية داخل الدولة الواحدة. فقد كان الفرانشيز في لبنان دولياً، لكنه أصبح الآن محلياً، وهو في تطور وانتشار مستمر.

 

موجبات طرفي عقد الفرانشيز

* أولاً: موجبات مانح الامتياز:
1 ­ موجب اعلام صاحب الامتياز بالمعلومات الجوهرية: فرض المشترع الأميركي في قانون الكشف الكي (Full Disclosure Act-1979) على مانح الامتياز اعلام الطرف الآخر بكافة المعلومات الأساسية المتعلقة بموضوع العقد، فعليه تقديم وثيقة معلومات أساسية ووثيقة استعلامات مادية، تُظهران كل ما يتعلق بالسلعة أو الخدمة التي يجري الاتفاق عليها بموجب عقد الفرانشيز.
كما فرض المشترع الفرنسي بمقتضى قانون دوبان (Loi Doubin-1989) على مانح الامتياز اعطاء الطرف الآخر، قبل 20 يوماً على الأقل من توقيع العقد، وثيقة تضم كل المعلومات الضرورية، كالقيمة التأجيرية للاسم التجاري والعلامة الفارقة والشعار وقيمة رأسماله وخبرته ونشاطه التجاري وشبكته التجارية ونفقاته واستثماراته وغيرها.
وقد نصت أغلبية عقود الفرانشيز الموقّعة على هذا الموجب. إلا أنه، وإن كان القانون الفرنسي يفرض عقوبات جزائية على من لا يقدم تلك المعلومات الأساسية إضافة الى ابطال العقد، لا يوجد في لبنان نص خاص بعقد الفرانشيز يفرض هذا الموجب أو توقيع جزاء على عدم الالتزام به. إلا ان عدم النص لا يعني عدم فرض هذا الموجب الذي يبقى متصلاً بمبدأ حسن النية والاستقامة في التعامل، يقابله موجب صاحب الامتياز بالاستعلام عن كل ما هو ضروري. ويستطيع الأطراف تجاوز موجب الاعلام المفروض أثناء المفاوضات، حيث يستطيع الفرقاء تجاوز فترة المفاوضات والوصول مباشرة الى توقيع العقد، وهذا ما يحصل على الصعيد العملي في أغلبية الأحيان.
وبالتالي، يدفع ذلك الى القول ان عقد الفرانشيز في لبنان هو عقد اذعان، ينظمه مانح الامتياز مسبقاً نظراً لموقعه القوي الذي يسمح له بتحديد شروط الاتفاق والبنود التي يتضمنها والصلاحية القضائية، فلا يبقى لصاحب الامتياز إلا قبول العقد أو رفضه كما هو بدون حق مناقشته. ويخضع هذا العقد للأحكام العامة التي تحكم العقود، لا سيما حرية التعاقد وفقاً للمادة 166 من قانون الموجبات والعقود التي تنص على ان للأفراد أن يرتبوا علاقاتهم القانونية كما يشاؤون شرط أن يراعوا مقتضى النظام العام والآداب العامة والأحكام القانونية التي لها صفة الزامية.

 

2 ­ موجب المساعدة التقنية: يعتبر هذا الموجب من الموجبات الجوهرية والعناصر المكونة لعقد الفرانشيز وهو شرط من شروط صحته، حيث يفرض على مانح الامتياز مساعدة صاحب الامتياز، عبر تقديم النصائح والآراء الفنية والتقنية والاقتصادية والقانونية، وتدريب طاقمه ومساعدته في تنظيم شؤونه الخاصة وإشراكه في حلقات دراسية ومؤتمرات متخصصة في مجال عمله، هذا بالإضافة الى زيارة مانح الامتياز أو مندوبيه لمراكز عمل صاحب الامتياز للاشراف على سير العمل وتقديم التوجيهات والنصائح التي تهدف الى المحافظة على الاسم التجاري ومركزه ونجاحه التجاري.
إضافة إلى ذلك، يلتزم مانح الامتياز بمساعدة صاحب الامتياز عبر تقديم المعرفة العملية (Know How) ووضعها تحت تصرفه، عبر تقديم ما لديه من خبرة عملية واعلامه بكل جديد للمواد المعتمدة وبكل تغيير أحدثه في الشبكة والمنتجات المقدمة. ويُقصد بالمعرفة العملية مجموعة من المعلومات المتعلقة بأساليب تصنيع المنتجات والخدمات وتسويقها وتمويلها، ومجموعة المعلومات المتعلقة بانتاج السلعة وبيعها أو طريقة وأسلوب تقديم الخدمات والعلاقة مع الزبائن.
تكتسب هذه المساعدة الطابع الاستمراري المتواصل، فتكون مسبقة على ابرام عقد الفرانشيز وتستمر بعد ابرامه وطوال فترة تنفيذه. ويكون ذلك، ليس خدمة لصاحب الامتياز فقط، بل لمحافظة مانح الامتياز على حسن صورة منتوجاته واسمه التجاري وسمعته. وهي تكتسب الطابع السري والجوهري.

 

3 ­ موجب نقل العلامات الفارقة: يلتزم مانح الامتياز بنقل العلامات الفارقة التي تميّز السلعة أو الخدمة موضوع عقد الفرانشيز، وتتعلق تلك العلامات الفارقة بالإسم التجاري، والشعار، والشكل الخارجي، والألوان المعتمدة التي تميّز الشركة عن غيرها. إذ تلعب تلك العلامات الفارقة دوراً كبيراً في جذب الزبائن الذين يبحثون قبل كل شيء عن الماركة قبل بحثهم عن المنتج. وتبقى هذه العلامات خاضعة للحماية القانونية المقررة لها، كحماية الاسم التجاري والشعار والرسوم والنماذج الصناعية.

 

4 ­ موجب البيع الحصري: ينص عقد الفرانشيز على ما يسمى ببند البيع الحصري، حيث يلتزم مانح الامتياز بالامتناع عن ممارسة البيع والتجارة ضمن النطاق الجغرافي المسموح لصاحب الامتياز حق العمل فيه، وكذلك الامتناع عن التعامل مع أي شخص غير صاحب الامتياز ضمن تلك المنطقة الجغرافية المتفق عليها. وينتج عن هذا الموجب أيضاً، موجب مانح الامتياز بالعمل على منع كل منافسة، سواء أكانت منافسة شخصية أم منافسة من الغير الذين يتعاقدون مع مانح الامتياز خارج الاطار المناطقي المتفق عليه.
ويشترط لصحة وقانونية بند الحصرية، أن يكون محدداً في الزمان والمكان، حتى لا يؤدي الى الاخلال بمبدأ حرية التجارة بشكل أبدي، وهو من المبادئ المتعلقة بالحرية العامة والفردية التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكافة القوانين الوضعية. فيجب ألا تتجاوز مدته الحد المعقول، وقد اعتبر أغلبية الفقهاء أنه لا يجوز أن تتجاوز هذه المدة العشر سنوات وفقاً لقواعد القانون المدني العامة.
ويؤدي خرق بند الحصرية الى فسخ العقد عندما يكتسب الطابع الجوهري بالنسبة لعقد الفرانشيز وفقاً لإرادة طرفيه، وتترتب على خرقه مسؤولية المخل التعاقدية والزامه بالتعويض على الطرف الآخر عن كافة الأضرار التي لحقت به جراء ذلك الاخلال.

 

5 ­ موجب التموين: يفرض عقد الفرانشيز على مانح الامتياز موجب تسليم صاحب الامتياز المنتوجات التي يطلبها منه ضمن حدود حسن النية والشروط المنصوص عليها في العقد. ويحق لمانح الامتياز أن يمتنع عن تسليم بعض المنتوجات التي تدخل ضمن اطار عقد مع شخص آخر ضمن المنطقة والنطاق الذي يتولاه تاجر آخر غير صاحب الامتياز.
إذ يحق لمانح الامتياز الاحتفاظ بحق التعامل مع أشخاص آخرين، شرط ألا يمارسوا أعمالاً تنافسية ضد بعضهم. إلا ان هذا الموجب ليس مطلقاً، فيجب أن يكون محصوراً بالضروري فقط وفق التفصيل الذي ينص عليه عقد الفرانشيز.

 

* ثانياً: موجبات صاحب الامتياز:

1 ­ موجب دفع ثمن الفرانشيز: مقابل المنافع التي يستفيد منها صاحب الامتياز بواسطة عقد الفرانشيز، يلتزم هذا الأخير بدفع ثمن تلك الاستفادة، فيدفع قسطاً مالياً محدداً، يأخذ بعين الاعتبار شهرة السلعة أو الخدمة موضوع العقد، وشهرة الماركة وسمعتها، والمنطقة الجغرافية المنتشرة فيها وتلك المسموح العمل ضمن نطاقها...
وينقسم هذا الثمن الى قسمين: ثابت ونسبي. يدفع الثمن الثابت اثناء توقيع عقد الفرانشيز، ويكون محدداً بشكل ثابت، لهذا يطلق عليه البعض تسمية "رسم الدخول". ويعتبر رسم الدخول أتعاباً لتقديمات مانح الامتياز، ومقابلاً لاستعمال العناصر غير المادية. أما الثمن النسبي، فيحسب بنسبة مئوية من حجم المبيعات، مقابل الخدمات المقدمة من مانح الامتياز لصاحب ذلك الامتياز، ويجري دفعه خلال مدة تنفيذ العقد في المهل التي يتفق عليها الفرقاء. ويعتبر هذا الثمن النسبي مقابلاً للمعلومات المستمرة التي يقدمها مانح الامتياز ومقابلاً لاستعمال الاسم التجاري والماركة والسمعة والشهرة للسلعة أو الخدمة موضوع عقد الفرانشيز.

 

2 ­ موجب ممارسة النشاط ضمن الحدود الحصرية المتفق عليها: يفرض عقد الفرانشيز على صاحب الامتياز التمون حصرياً من مانح الامتياز، ومقابلاً لاستعمال العناصر غير المادية.
أما الثمن النسبي، فيحسب بنسبة مئوية من حجم المبيعات، مقابل الخدمات المقدمة من مانح الامتياز لصاحب ذلك الامتياز، ويجري دفعه خلال مدة تنفيذ العقد في المهل التي يتفق عليها الفرقاء. ويعتبر هذا الثمن النسبي مقابلاً للمعلومات المستمرة التي يقدمها مانح الامتياز ومقابلاً لاستعمال الاسم التجاري والماركة والسمعة والشهرة للسلعة أو الخدمة موضوع عقد الفرانشيز.

 

3 ­ موجب ممارسة النشاط ضمن الحدود الحصرية المتفق عليها: يفرض عقد الفرانشيز على صاحب الامتياز التمون حصرياً من مانح الامتياز. وقد تكون هذه الحصرية كلية تشمل كافة المنتوجات والسلع التي يبيعها صاحب الامتياز، أو جزئية تقتصر على فئة معينة فقط من تلك المنتوجات أو السلع ويُترك له حرية التموّن بالنسبة للمنتوجات والسلع الأخرى.
ويعتبر هذا الشرط صحيحاً وقانونياً على أن يقتصر على الضروري فقط، وألا يقوم صاحب الامتياز بالتعاقد مع منافسين لمانح الامتياز على منتوجات وسلع أو خدمات منافسة لتلك التي يتضمنها العقد الموقع بين الطرفين. وعلى سبيل المثال: تسمح شركة "KFC" ببيع منتوجات اختيارية، كالسلطة الطازجة والبطاطا المقلية والحبوب. كما تسمح شركة "Pain D'or" ببيع منتوجات "Fantasia Chips". كما قد يفرض عقد الفرانشيز على صاحب الامتياز ممارسة نشاطه التجاري المتفق عليه ضمن الحدود الجغرافية الحصرية المنصوص عليها في العقد حتى لا يؤدي نشاطه الى منافسته أو منافسة متعاقدين آخرين. ويعتبر هذا الشرط صحيحاً على أن يكون محدداً في الزمان والمكان، وألا يعيق حرية ممارسة التجارة.

 

4 ­ موجب احترام قواعد مانح الامتياز: ان موافقة مانح الامتياز على اعطاء صاحب الامتياز حق استثمار الاسم التجاري والماركة والشهرة والمعرفة العملية وتطوراتها، يفرض على هذا الأخير تقيُّده بالقواعد التي يضعها الأول، وهي تتناول الموقع الجغرافي للمحل وتجهيزه، وإدارته، وكفاءة فريق عمله وعدده، والالتزام بدقائق عمله، وطريقة عرض السلع أو الخدمات، والحملات الدعائية، ومواكبة التطورات والتحديثات، وبذل كل الجهود الضرورية لتسويق تلك السلع والخدمات، وتحقيق رقم مبيعات أدنى (كوتا ­ Quota)، وتكريس وقته وعمله لتطوير الخدمة والمنتوجات، وغيرها للحفاظ على نوعية وسمعة وشهرة تلك السلع والخدمات. كما يتوجب على صاحب الامتياز إظهار مكانته كتاجر مستقل عن مانح الامتياز، منعاً لظهور الأول بمثابة فرع للأخير.
وصاحب الامتياز يبقى محتفظاً باستقلاله القانوني والمالي والإداري ويتحمل مخاطر ونتائج نشاطه. فالعلاقة القائمة بين طرفي عقد الفرانشيز تقوم على الثقة والتعاون للعمل على نجاحهما المشترك، وإن كانت بعض بنود هذا العقد تُظهر وجود علاقات تبعية تربط صاحب الامتياز بمانحه، فهو لا يعتبر مرؤوسه المباشر. لهذا لا يحق لمانح الامتياز فرض شروط وقواعد تشل حرية صاحب الامتياز بشكل كامل؛ فلا يجوز مثلاً لمانح الامتياز أن يفرض سياسة قاسية لتحديد الأسعار، لكنه يستطيع أن يعطي لصاحب الامتياز لائحة توضيحية بالأسعار الموصى بها يكون من شأنها المساعدة على بيع المنتوجات أو الخدمات موضوع عقد الفرانشيز.

 

5 ­ موجب المحافظة على السرية: يفرض عقد الفرانشيز على صاحب الامتياز المحافظة على سرية المعلومات والخبرات والمعرفة العملية التي حصل عليها من مانح الامتياز، فلا يجوز افشاء تلك المعلومات والخبرات للغير ولا للزبائن ولا للمنافسين. ويعود لمانح الامتياز تعيين المعلومات والخبرات التي يعتبرها سرية، وتحديد الغايات التي يمكن السماح فيها بإفشاء تلك السرية، وتحديد الأشخاص الذين يسمح لهم الاطلاع على تلك المعلومات والخبرات السرية أو افشائها أمامهم. ويعتبر هذا الموجب سارياً أثناء تنفيذ العقد وبعد انتهائه، ويجب على صاحب الامتياز التقيّد به حتى لو لم ينص عليه العقد بشكل صريح أو ضمني.


(1) المحامي ادمون شماس: تقنية عقد ال Franchising مقارنة مع عقد التمثيل التجاري: آفاق وحلول، مجلة العدل، عدد 3 و 4 ، 1998 ص199.
(2) د. سيبل جلول: عقد الفرانشيز ­ موجبات الفرقاء، المنشورات الحقوقية صادر، بيروت، 2001، ص19.
(3) د. سلمى منصور: عقد الفرانشيز ­ الحماية القانونية للفرانشيزي في النظام القانوني اللبناني، ن.ق.، 1998، عدد 9، ص 957، ومجلة العدل، 1999، عدد1، ص 29.