إعلام وتواصل

... على أمل الخروج من الأزمة كطائر الفينيق
إعداد: ندين البلعة خيرالله

في وقت باتت فيه العمليات الإعلامية هي التي تتحكّم بمصير حتى أقوى الدول، ومع ما يواجهه لبنان اليوم من تحديات ضخمة وأزمات عديدة تنعكس على الرأي العام، برزت الحاجة إلى تواصل فاعل عبر المعلومات، وإلى نشر الرسالة المتمحورة حول ما يفعله الجيش اللبناني، فالأهم ليس ما نقوم به، بل ما هي القصة التي نرويها عن أنفسنا ونقدّمها للعالم.

 

وها هو الجيش اليوم يتسلّم زمام المسؤولية في كارثة المرفأ، في استجابة سريعة لتداعياتها، مع مواكبة إعلامية تواصلية مُتقنة نفّذتها مديرية التوجيه لتغطية كل الأعمال المُنفذة على الأرض بشفافية ووضوح، مجيبةً على كل التساؤلات الواردة من أي طرف كان محليًا ودوليًا.

الجميع معني بهذا التواصل، من رأي عام محلي، ومواطنين متضرّرين من الانفجار، ومجتمع دولي (الدول المساعدة، المنظمات غير الحكومية، الهيئات التابعة للأمم المتحدة...).

 

استجابة سريعة

عناصر التوجيه في القطع المتضررة وأولها القوات البحرية، كانوا حاضرين يساعدون في عمليات إخلاء الجرحى ويوثّقون أفظع اللحظات التي عاشها العسكريون كما المواطنون لحظة الانفجار. صوّروا عمليات إخلاء الجرحى في البحر، وكيف تمّ نقل آخرين على ألواح الحديد المتطايرة من جرّاء الانفجار، وعمليات حفر الركام بالأيدي لإنقاذ المواطنين... باختصار وثّقوا «حالة الجنون»! وبعد الانفجار، تابعت القوات البحرية مواكبة الصحفيين الأجانب والمحليين، فأمّنت نقلهم بحرًا إلى منطقة المرفأ.

خصصت قيادة الجيش أرقام هواتف لاستفسارات المواطنين ومراجعاتهم، وأسّست غرفة الطوارئ المتقدمة التي انبثقت عنها لجان عدة تولّت مختلف جوانب العمل لمعالجة تداعيات هذه الكارثة. وبعد ذلك، توالت الأنشطة الإعلامية لمواكبة مرحلة ما بعد الكارثة، التي تخلّلتها أعمال بحث عن مفقودين ورفع أنقاض وتوزيع مساعدات غذائية وطبية وعمليات مسح أضرار ودوريات لحفظ الأمن ومنع التعديات والسرقات، بالإضافة إلى التنسيق مع المجتمع المدني والمتطوعين. وكان الهدف الأساس من ذلك زرع الطمأنينة والشعور بالأمان والأمل لدى المواطنين وكسب ثقة المجتمع الدولي.

واكبت قيادة الجيش وإعلامها كل هذه الأعمال على الأرض، من خلال الجولات الميدانية لوفود القيادة لمواكبة سير العمليات، بالإضافة إلى المقابلات والمؤتمرات واللقاءات، كما البيانات والجداول والصور والفيديوهات والتغريدات. وكان الضباط المعنيون بمختلف النشاطات يتحدّثون كل في مجال اختصاصه لشرح التفاصيل وتقديم المعلومات.

أمّا المادة الإعلامية فكانت تُؤمَّن بالتنسيق مع كل الجهات العاملة على الأرض، بالإضافة إلى مجموعة من الصور والأفلام من الوحدات العسكرية ومن قسم البرامج والتصوير من مديرية التوجيه.

 

مؤتمرات صحافية

نظم الجيش مؤتمرات صحفية بحسب وتيرة الأحداث، بهدف شرح ما تمّ إنجازه في مجالات: إزالة الأنقاض ورفع الركام والبحث عن المفقودين ومسح الأضرار وتوزيع المساعدات على المتضرّرين، والعمل مع فرق أجنبية، وتحديد آلية العمل والخطوات اللاحقة التي ستتخذ في هذا الإطار.

كذلك، بعد انتهاء أعمال ١١ فريق إنقاذ أجنبي، تم تخصيص مؤتمر صحفي لشرح تفاصيل مهمتهم في المرفأ.

 

مقابلات تلفزيونية

في موازاة الجهود والنشاطات على الأرض، لم ترفض قيادة الجيش أي مقابلة مع أي محطة تلفزيونية، بل كان الضباط الموكلون إدارة المهمات المتعلقة بالمرفأ يظهرون في البرامج التلفزيونية من مكان الحدث ومن مخازن المساعدات، لتقديم كل المعلومات المطلوبة، وشرح أعمال اللجان المختلفة ومواكبتها.

يُضاف إلى ذلك، الفيديوهات التي انتشرت على مختلف المحطات التلفزيونية والتغطيات الإخبارية، والتي تناولت تداعيات الكارثة والنشاطات والمهمات التي تولّاها الجيش في هذا المجال.

 

وسائل التواصل الاجتماعي

منذ اليوم الأول للانفجار حمل موقع الجيش على الإنترنت شعار «كلنا بيروت»، وباتت مواقع الجيش وصفحاته وتطبيقاته الإلكترونية مرجعًا يلجأ إليه الإعلاميون والمواطنون على حد سواء، للوصول إلى المعلومات من مصدرها الرئيس.

صور وبيانات وأخبار وفيديوهات ورسوم بيانية وخرائط وغيرها، معلومات تُنشر يوميًا على الصفحات (Facebook، twitter، Instagram، وYoutube...) منذ اللحظة الأولى، حصدت تفاعلًا كبيرًا من تعليقات ومشاركات، وكثيرون أعادوا نشرها على صفحاتهم الخاصة دعمًا لهذه الجهود المميزة التي يبذلها الجيش إلى جانب شعبه:

• بيانات حول الانفجار وكل ما يدور في فلكه.

• نعي شهداء الجيش وتشييعهم.

• رسوم بيانية حول عمليات المسح من قبل الفرق المختصة، مع صور جوية ولوائح بأسماء الشوارع التي ستتم عمليات المسح فيها.

• مؤتمرات صحفية منقولة بشكلٍ مباشر يُدعى الإعلاميون لتغطيتها.

• كل المعلومات عن الـCall center وغرفة الطوارئ المتقدمة ومهماتها الإنسانية والإنمائية اليومية، وعمليات العثور على جثث الضحايا.

• رسائل إلى المواطنين ذوي المفقودين والمتضررين.

• تحديثات عن نشاطات اللجان المختلفة واجتماعاتها.

• مستجدات المساعدات التي تصل من الدول الشقيقة والصديقة بعدد الطائرات وبالأرقام والتواريخ والمحتويات.

• توزيع المساعدات

• أعمال المسح

بالإضافة إلى فيديوهات وصور عن:

• سير عمليات البحث من موقع الانفجار بمساعدة فرق الإنقاذ من الدول الصديقة.

• دوريات الجيش في المناطق المتضررة لمنع التعديات والسرقات.

• المساعدات منذ لحظة تسلّمها وحتى تسليمها، والمستشفيات الميدانية المقدمة هبة.

• مسح الأحواض البحرية من قبل القوات البحرية.

• فيديو «يد واحدة» يختصر كل الجهود والتعاون الذي يتم بين الجيش والمجتمعَين المحلي والدولي لمعالجة تداعيات الكارثة.

• فيديو «مرفأ بيروت يعود إلى الحياة» و«مرفأ بيروت يستعيد نشاطه» عن مراحل إزالة الركام وتحضير الأرصفة لاستئناف العمل بأقسام من المرفأ.

• فيديو «مبارح واليوم وبكرا... سوا» عن جهود الجيش في مساعدة المتضررين بإزالة الركام وتوزيع المساعدات.

وعند الحاجة إلى أي معلومة إضافية، وجد الجميع الآذان صاغية، فالقيادة جاهزة للرد على أي اتصال أو استفسار أو سؤال.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الجيش واصل تغطية باقي النشاطات إلى جانب ملف مرفأ بيروت، من مهمات أمنية وخروقات للعدو الإسرائلي ومستجدات كورونا. إلى جانب دحض الأخبار المغلوطة والشائعات التي تناولتها بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية.

 

البيانات

التزمت قيادة الجيش الوضوح والشفافية والموضوعية والصراحة المطلقة من خلال البيانات اليومية التي صدرت على مدار الساعة لمواكبة كل المستجدات حول الأعمال المنفّذة على الأرض. فكانت هذه البيانات مقتضبة تتناقلها وسائل الإعلام، وتناولت معلومات مفتوحة لتكون بمتناول الجميع.

 

نشاطات مختلفة

لم يكتفِ الجيش بالتواصل مع المجتمع والإعلام المحلي، بل توجّه إلى الإعلام العربي والعالمي كما تواصل مع الدبلوماسيين وممثلي المنظمات الدولية. فنظّم إلى جانب النشاطات الإعلامية الاعتيادية والتغطية المستمرة، نشاطات إضافية، أهمّها:

لقاء مع الدبلوماسيين: نظّمت قيادة الجيش لقاءً مع سفراء وممثلي الدول الشقيقة والصديقة وممثلين عن المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة والتي قدّمت مساعدات للبنان إثر الانفجار، لتقديم شرح مفصل بالأرقام واللوائح عن المساعدات التي وصلت إلى بيروت، والآلية المعتمدة في تسلُّم وتسليم المساعدات وآلية توضيبها. وكان المجال مفتوحًا لأسئلة الضيوف الاستيضاحية.

جولة للإعلاميين في المرفأ: بدعوة من قيادة الجيش، جال عشرات الإعلاميين المندوبين عن وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية في المرفأ المنكوب وذلك بعد الانفجار بخمسة أيام، للاطلاع على مجريات أعمال البحث والإنقاذ وإزالة الأضرار، إذ كان ممنوعًا على الجميع الدخول في الأيام العادية. خصّصت القوات البحرية مراكب أقلّت الإعلاميين في الجولة التي استمرّت لأربع ساعات، استمعوا خلالها إلى الشروحات وحصلوا على أجوبة عن الأسئلة الكثيرة، ما وضع حدًّا للتحليلات المضللة للرأي العام.

دقيقة صمت ونصب تذكاري: تحية لأرواح أكثر من ١٩٠ شهيدًا سقطوا في الانفجار وعلى نية شفاء آلاف المصابين والجرحى، وفي ذكرى مرور شهر على الانفجار، دعت قيادة الجيش المواطنين في مدينة بيروت إلى الوقوف دقيقة صمت بالتزامن مع قرع أجراس الكنائس ورفع الآذان في المساجد، ووقف السير في محيط المرفأ لمدة دقيقة وذلك تزامنًا مع لحظة الانفجار عند الساعة ٦،٠٧ مساء يوم الجمعة ٤/٩/٢٠٢٠. وأنجزت نصبًا تذكاريًا «وفاءً لبيروت» تزيّن بأسماء الشهداء وقد لاقت هذه الخطوة الرمزية تقدير المواطنين كون القيادة لم ولن تنسى ضحايا هذه الكارثة والمتضررين منها، وهي تستمر في بذل جهودها لتضميد الجراح الناتجة عنها.

 

وسائل الجيش

قامت مديرية التوجيه أيضًا من خلال مطبوعاتها، بتغطية كل جوانب التي ذكرناها آنفًا مخصّصةً أعدادًا خاصة بالكارثة. كما تمحورت حلقات «برنامج الجندي» منذ الانفجار، حول عمل القطع العسكرية التي تعالج تداعياته، بالإضافة إلى متابعة المؤتمرات والمساعدات وجولات قائد الجيش الميدانية.

في موازاة هذه النشاطات، تابعت قيادة الجيش ردود الفعل والتعليقات والمواقف على وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية المختلفة. وواجهت تحديات جمّة إذ أصاب وحداتها ما أصاب الجميع في هذه الكارثة، فضلًا عن تسارع الأحداث وتفرّع النشاطات والمهمات وكثافتها، وبروز سيل من الأخبار المغلوطة والإشاعات، في ظل حاجة المواطنين وخصوصًا أهالي الضحايا والمفقودين إلى المعلومات مع ما تبع ذلك من ضغوطات ومسؤولية.

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، حصدت المؤسسة العسكرية تقديرًا شعبيًا ودوليًا لأدائها، والتفاني والجهود التي تبذلها للتخفيف من وطأة هذه الكارثة. وكان أحد عناصر هذا النجاح وردود الفعل الإيجابية، التواصل الفاعل مع مختلف الجهات، والوضوح في الرسالة التي حملها الجيش «انطلاقًا من مسؤوليته الوطنية وواجبه تجاه أهله»، والتي عبّر عنها قائد الجيش في جولاته في المرفأ المنكوب: «الجيش كان وسيبقى محط ثقة اللبنانيين والعالم»، على أمل «توحيد جهودنا للخروج من هذه الأزمة كطائر الفينيق».