قصة قصيرة

عندما يتكلّم الحبّ
إعداد: العميد الركن المتقاعد إميل منذر

حدّثَني صاحبي، قال: ذاتَ يوم أحد، صعدتُ إلى القرية، وحضرت قدّاسًا ترأّسه كاهن لم يرُقني صوته؛ فاستيقظت في خاطري فجأة ذكريات قديمة لم يُبقِ منها النسيان إلا صورة راهب رخيم الصوت، بهيّ الطلعة، حلو الحديث، كان يأتي إلى ضيعتنا صبيحة كلّ أحد من إحدى قرى الجوار ليقيم الذبيحة الإلهية في كنيسة سيّدة النجاة. أما الاسم فلم أعد أذكره. لعله كان بول.
كان بول في أواخر العقد الثالث من العمر، شابًّا متوسّط القامة، حنطيّ البشرة، أصهب اللحية والشاربين، تضجّ الحياة في جسمه كما الإيمان في قلبه. لصوته غُنّة جميلة الوقع في الأذن، ولعينه نظرة ساحرة تخترق شغاف القلب. أما الوجنتان فكانتا تصطبغان بلون الخجل كلما ألقت عليه صبيّة التحيّة ومدّت يدها بالسلام عليه. لا، لم يكن بول ممّن تخطر بنات جدّتنا حوّاء في بالهم. فتاته، بل معبودته، اسمها مريم. وهي التي تظهر في الصورة المعلّقة في جدار الهيكل. وقد وهبها روحه وعقله وقلبه. أما صبايا الضيعة فكنّ يتمنّين في قرارة نفوسهن لو لم يكن بول راهبًا.
جميع أبناء الرعية كانوا يأتون الكنيسة للاصغاء إلى عظات هذا الراهب المسلوخة دائمًا من روح نقية وقلب صادق، وسماع صوته المتماوج بين الجدران وأعمدة المذبح كزقزقة البلابل والحساسين في السنديانة العتيقة التي تخفر ساحة الكنيسة.
* * *
وتابعَ صديقي يقول: لعلّني كنت في مطلع العقد الثاني من العمر في ذلك الصيف الذي قصد فيه ضيعتنا زوجان وابنة لهما طلبًا للراحة والاستجمام بعيدًا من حرّ المدينة وضوضائها. كانت الفتاة تناهز العشرين من عمرها. رشيقة القدّ، فاتنة الوجه، ذابلة الطرْف، فتّاكة اللحظات. وإن صدقت ذاكرتي؛ فاسمها ماريّا.
حضرت ماريّا وأبواها قدّاس الأحد الأوّل. وراحت، وهي جالسة في المقعد الأخير، تنظر إلى الراهب مأخوذةً ببهاء وجهه الذي بدا لها أكثر إشراقًا من نور الشمس الهابط على رخام المذبح من زجاج النافذة الملوّن. وتصغي إلى كلماته مسحورةً بعذوبة صوته التي وقعت في مسمعها أشجى من بحّة الناي بين آلات جوقة الكنيسة. ولمّا صلّى الراهب على القربان المقدّس، رفع الكأس المذهّبة، ودعا الناس ليتقدّموا؛ فاقتربوا الواحد تلو الآخر في رتل طويل. وكانت ماريّا آخر المتقدّمين.
مرتديةً فستانًا طويلًا وحاجبة شعرها بمنديل، تقدّمت ماريّا خلف أبيها وأمّها خافضةً رأسها، مردّدةً صلاة مريم في سرّها. ولمّا بلغت عتبة المذبح، توقّفت، ورفعت رأسها، وفتحت فاها. وإذ نظر الراهب إلى وجهها المنير المستدير يلفّه المنديل الأسود، خال نفسه أمام البدر في ليلة مظلمة. وجهها الفاتن أسره. نظرتها الساحرة سَرَت إلى فؤاده عبر سلك غير مرئيّ؛ فصعقته. ولمّا لم يكن قادرًا على رفع بصره عن عينيها النجلاوين، اصطدمت القربانة في يده بشفتها العليا قبل أن تستقرّ في فمها. وسالت نقطة النبيذ على شفتها السفلى؛ فضاعت تلك على هذه لتشابه اللونين.
استحيت ماريّا كثيرًا لظنّها أنها تقدّمت خطًا، أو لم تفتح فاها كفاية؛ فاستدارت، وابتعدت مطأطئةً رأسها، وقد فتّح الخجل على وجنتيها النضرتين ألف وردة زهرية اللون. أما بول فبدا كمَن حلّ عليه سحر سلبه قوّته، وشلّ حيويّته، وأثقل حركته؛ فتابع أداء المراسم ذاهلًا عمّا حوله. وعندما رأى ماريّا تجتاز العتبة خارجةً قبل أن ينتهي القدّاس، أفلتَ قلبُه من بين ضلوعه، وخرج خلفها.
عادت ماريّا إلى البيت مهزومة النفس حزينة. لقد وقعت من النظرة الأولى أسيرة حبّ يائس. مَن أحبّته راهب نذر العفّة والفقر والطاعة؛ فيا لها من شقيّة بائسة!
أما بول، وبعدما خرج الناس إلى منازلهم، فارتمى على ركبتيه أمام المذبح وهو ما زال مرتديًا ثوب القدّاس، ورفع إلى العلاء بصره وقلبه ويديه: «أبانا الذي في السموات ليتقدّس اسمك. ليأتِ ملكوتك... لا تدخلنا في التجربة. لا تدخلنا في التجربة». ثم راح يردّد العبارة قارعًا صدره، والدموع تُغرق عينيه.
يوم الأحد الثاني غصّت الكنيسة، كعادتها في زمن بول، بالمصلّين. وهي لم تكن كذلك في أيّام سلفه. وعندما أجال الراهب طرْفه في وجوه الناس ولم يرَ وجه ماريّا، أظلم قلبه، وانسحقت روحه، وأخذت الكلمات تسقط ميتة من شفتيه بعدما كانت من قبل تصعد حيّة من أعماق روحه. لا. ماريّا هذه المرّة لم تشأ المجيء. كانت تعرف أن قلبها لن يستطيع الصبر على الجراح تخلّفها فيه نظرات بول، وأنّ قارِبَها الصغير لم يُخلَق لبحر عينيه الزرقاوين. لكنّ الحبّ كان أقوى. لقد أمسكها بيدها، وقادها بغير إرادة منها إلى حيث سبقها قلبها. ولما بانت في باب المعبد، تهلّل وجه بول، والتمعت بالفرح عيناه، وأصبح صوته أجمل، وألوان الورود من حوله أزهى، وعطر البخور أزكى. وإذ رفعت ماريّا نظرها إليه ولم تكن تريد، رأته في ثوبه الأبيض المطرّز بالحرير المذهّب ملاكًا لا ينقصه غير الجناحين. لذلك خفضت رأسها، وركعت، وأغمضت عينيها تصلّي، ولا تعير انتباهًا لكلّ ما يدور من حولها.
عندما انتهى القدّاس وارفضّ الناس، دنا والدا ماريّا من الكاهن، وسلّما عليه، فيما بقيت ابنتهما في مقعدها البعيد؛ فما كان من أمّها إلا أن استدارت وأومأت إليها بالاقتراب؛ فاقتربت في الحال، وألقت التحيّة على الكاهن، وصافحته؛ فشعرت بقلبها يكاد يفلت من بين ضلوعها لشدّة خفقانه. أما بول فأحسّ بأن قلبه قد عُصر بين أصابعها الناعمة.
- يسعدنا أن تقبل دعوتنا؛ فتزورنا في بيتنا، وتتناول طعام الغداء إلى مائدتنا. قال الوالد.
- شكرًا لكم. عليّ أن أعود إلى الدير في الحال؛ إذ إنّ أعمالًا كثيرة تنتظرني هناك.
- لن نؤخّرك. قالت الوالدة. تتناول الغداء، وتذهب في بركة الله.
- صدقًا لا أستطيع يا «أمّي». قد أزوركم لاحتساء فنجان قهوة في أوّل فرصة سانحة.
- جميعنا نريدك أن تأتِ يا... أبتِ. قالت ماريّا وابتسمت؛ فانفرجت شفتاها القرمزيّتان عن صفّين منتظمين من اللؤلؤ. عندئذٍ قال بول مسرورًا: حسنًا. سأبدّل ثيابي، وألحق بكم. فقالت الوالدة بدعابة: يبدو أنّ لماريّا حجّة إقناع قوية. فما كان من الجميع إلا أن ضحكوا، وتفرّقوا.
راحت ماريّا في البيت تساعد أمّها في إعداد المائدة، وتنظر بين الفينة والفينة إلى الطريق عبر زجاج النافذة. حتى إذا رأت الراهب قادمًا بسيّارته العتيقة، رقص قلبها فرحًا، وسارعت إلى فتح الباب، واستقبال الضيف بالترحاب. ثم جلست إلى الطاولة قبالته بين أبيها وأمّها، تضع المزيد من الطعام في قصعته وهو يرجوها ضاحكًا أن تكفّ عن ذلك.
بعد الغداء غادر بول يتنازعه شعوران جامحان: فرح لأنه جلس قبالة ماريّا، وتناول طعامًا أعدّته يداها، وأشبع عينيه من النظر إلى وجهها الصبيح. ومرارة لأنه خذل العذراء بإصغائه إلى نداء قلبه. وإذ قرّر صمّ أذنيه عن هذا النداء، ارتدى ملابس عتيقة، ونزل إلى بستان الدير يضرب الأرض بالمعول من غير هوادة، ويروي التراب بعرقه ودموعه. لقد أراد أن يُجهد نفسه. أن يجلد قلبه. لكن كلّ ما استطاعه كان جَلد جسده، لأن قلبه لم يكن معه. لقد تركه عند ماريّا، ماريّا التي أصابها هي أيضًا ما أصابه من حيرة وضياع. فمن ناحية كانت الدنيا لا تسعُ فرحها لأن مَن أحبّته من نظرة واحدة، جاء إلى بيتها بكلمة من فمها، وجلس قبالتها تسترق النظر إليه ويسترق النظر إليها. لكن لا. بول ليس لها. هو فتى العذراء مريم التي تحبّها وتقدّسها. فبأيّ حقّ تأخذه منها وتُبعده عنها!؟ هذا السؤال أقلقها وأقضّ مضجعها. لذلك اتّخذت قرارها، وداست قلبها.
يوم الأحد ذهبت إلى الكنيسة، وقالت لمريم في سرّها كلامًا كثيرًا. وعندما أخذ بول يستمع إلى الخطأة في كرسيّ الاعتراف، كانت آخر مَن دخل ليعترف. وهناك جثت على ركبتيها. ورفعت إلى بول وجهًا حزينًا، وقالت بصوت يحاكي البكاء: إني نادمة من كلّ قلبي على خطيئة عظيمة ارتكبتها؛ فعسى الربّ أن يغفر خطيئتي.
- اعترفي للربّ على مسمعي بما خطئتِ به يا... ابنتي. وهو يريحك؟
- لقد أحببتُ يا بول، عفوًا يا أبتِ، رجلًا لا يجدر بي أن أحبّه. رجلًا وضعه القدر في طريقي لأتعذّب به، لأنه ليس لي، وأنا لست له. قالت، وراحت تمسح دموعها بيديها.
- مغفورة لك خطيئتك لأنك نادمة عليها من قلبك. اذهبي إلى بيتك، وليُنِر الربّ دربك.
وذهبت ماريّا إلى بيتها تجرّ قدميها، وقد خفّ عنها بعض ما كان بها. لكنها عرفت أن الدمعة ستكون بعـد اليـوم رفيقـتـهــا حتى آخر يوم من حياتها. أما بول فعاد إلى الدير منتصرًا ومهزومًا في آن معًا. منتصر لأنه تخلّص من سحر ماريّا بعدما عرف أنها تحبّ رجلًا لا يعرفه، ولا يريد أن يعرفه. ومهزوم لأنه بعد اليوم لن ينسى أن سقوطه في التجربة كان بملء إرادته، أما نهوضه فلم يكن له فضل فيه. لكنّ بول لم يكن يعرف أنّ بينه وبين النصر قدَرًا لا يستكين؛ فمَن أخرجها من فكره، ستعود لتضرب كلّ صباح ومساء أبواب قلبه.
وعادت ماريّا لتُرابط عند أبواب القلب المعذّب، وتضربها بقوّة وإلحاح حتى حطّمتها. وعاد بول أسير ماريّا مجدّدًا. ولكن هذه المرّة بقيود أثقل وأصفاد أقسى. حبّه كان في كلّ أحد يسوقه إلى الكنيسة، لا ليحتفل بالذبيحة ويرفع القرابين، لكن ليكحّل عينيه برؤية ماريّا. هذه الفتاة الغريبة عادت لتقف بينه وبين مريم. لتمنعه من النظر إلى السيّدة والتماس بركتها. نظره كان دائمًا يبحث عن ماريّا ولا يراها. يفتّش عنها بين الناس ولا يجدها. لذلك كان يعود إلى الدير في كلّ مرّة حزينًا حتى الموت. يركع على الحصى، ويصلّي حتى ينجو من هذه التجربة مثلما نجا السيّد المسيح من التجارب في البرّية. لكنه أخفق، وعجز عن تحقيق السلام بين فكره وقلبه.
ثلاثة آحاد مضت ولم يعثر بول لماريّا في الكنيسة على أثر. كان ينظر إلى وجه أمّها، ويسألها عنها بنظرات حزينة. لكن الأمّ كانت تسلّم عليه، وتغادر من دون أن تقول له كلمة واحدة تعيد الحياة إلى روحه الميتة. لقد ماتت روحه؛ فغدا جسدًا ضعيفًا من غير روح. وشحب لونه حتى ظنّه الناس مريضًا؛ فحزنوا من أجله، وأخذوا يسألونه عن صحّته، ويتمنّون الشفاء له. وما زاد من قلقهم عليه هو أنه كان في كلّ مرّة يقول لهم: يا أخوتي. صلّوا من أجلي، أنا العبد الخاطئ الضعيف.
واستمرّت الحال على هذا المِنوال إلى أن كان أحد أنهى فيه بول قدّاسه، وهمّ بالانصراف من دون أن يكون له رغبة في التحدّث إلى أحد. لكنّ أمّ ماريّا قطعت عليه دربه. وأمسكت ساعده بيديها الاثنتين. ورفعت إلى وجهه عينين غارقتين بالدموع: «هلاّ ذهبتَ إلى البيت معي يا ابني».
هذه الكلمات القليلة كانت كفيلة بإحياء قلب كان ميتًا فعاش. وهمّ بول بإجابة سؤال المرأة. لكنه تغلّب على ضعفه، وأسكت صراخ قلبه، وقال: عذرًا. لا أستطيع.
- لكنّ ماريّا... وسكتت المرأة بعدما خنقت العَبَرات صوتها.
- ما بها ماريّا يا أمّي!؟ سأل الراهب وقد أمسك الخوف قلبه بقبضة من حديد.
- إنها مريضة جدًّا.
- ألهذا السبب لا تأتي إلى الكنيسة؟
- لا أعرف يا ابني. لا أعرف.
أقلّ الراهب السيّدة بسيّارته، وذهب لرؤية ماريّا مرتديًا ثوبه الكهنوتيّ في محاولة منه لإقناع نفسه بأنه خادم الرعية الذي يحبّ كلّ الناس، لا بول الذي لا يحبّ إلا ماريّا من بين كلّ فتيات الأرض. ولمّا رأته في الباب، ولم تكن تتوقّع أن تراه، بكت ماريّا، وانزلقت الدموع من عينيها تبلّل شفتين تبتسمان ابتسامة بنفسجة ذابلة أحياها ندى الصباح.
- ماريّا. هتف الراهب بصوت حزين بعدما أبصر وجهها الهزيل وقد زاده الشحوب جمالًا فوق جمال.
- بول. همست ماريّا بصوت تَعِب كاد ألا يكون مسموعًا. أما الوالدة فانسحبت إلى الداخل علّ ابنتها تبوح للراهب بما لم تبُح لها به؛ فيرتاح قلبها، وتعود إليها عافيتها.
جلس الراهب على كرسيّ بمحاذاة السرير؛ فأخذت ماريّا يده. ولمّا أراد سحبها، احتجزتها ماريّا بين كفّيها: «شكرًا لأنك جئت تسأل عني».
- ما الذي فعل بك كلّ هذا!؟ لعلّه حبّ الرجل الذي لا يجدر بك أن تحبّيه.
- إنه هو. كم يكرهني الله ليحطّم قلبي بهوى راهب أعبده، وهو يعبد إلهه!

- ماذا!!!!
- أجل. أنا... أحبّك يا بول. وأعرف أنك لا تستطيع أن تغفر لي هذه الخطيئة. ولا الله يغفرها. ثم خبّأت وجهها بيديها. ولما أزاحتهما بعد لحظات، رأت الراهب ينظر إليها صامتًا بعينين تبكيان.
- لا أعرف كيف سأستطيع بعد اليوم أن أُخلص للقدّيسة مريم وقد أصبحت مشركًا! قال بول همسًا وهو يتلمّس شعر ماريّا بأصابع مرتجفة.
وعندما دخلت الوالدة ببعض الفاكهة، لم تجد الراهب. لكنها وجدت ماريّا خارج سريرها وقد عادت إليها قوّتها وحيويّتها. وإذ ابتسمت الأمّ، وقالت: حمدًا لله على نعمته يا ابنتي، اندفعت ماريّا نحوها، وعانقتها وهي تقفز في مكانها وتضحك.
يوم الأحد ذهبت ماريّا إلى القدّاس لتناول القربان من يد كاهنها و... حبيبها. وهكذا فعلت في كلّ أيّام الأحد التي تلت. أما بول فدأب على زيارة بيت ماريّا مرتديًا بنطلونًا أسود وقميصًا رماديًا، لا ثوبًا كهنوتيًا. حتى كان يوم أنهى فيه قدّاسه. وقبل أن يغادر الناس إلى بيوتهم، وقف أمامهم، وقال:

أخوتي الأعزّاء.
هذه كانت المرّة الأخيرة التي أقيم فيها القدّاس في كنيستكم المباركة. بل المرّة الأخيرة التي ترونني فيها مرتديًا هذا الثوب الطاهر.
إذ ذاك اشرأبّت الرؤوس تفاجؤًا، واتّسعت العيون دهشةً، وعلت الهمهمات هنا وهناك. فأضاف الكاهن يقول: أيها الأحبّاء. اسمعوني أرجوكم.
إن القدَر يقودني إلى طريق آخر. طريق اختاره لي ولم أستطع مقاومته. أرجوكم أن تصلّوا من أجلي لأن العذراء تقبل صلاتكم.
هكذا ختم كلامه. وخرج ليستقلّ سيّارته. لكنّ الناس لحقوا به، وقطعوا عليه دربه. النساء بكين. والرجال رجوه أن يعدل عن قراره لأن ضيعتنا لم تعرف كاهنًا أحبّته مثله. فما كان منه إلا أن ترجّل، وبارك الناس المتحلّقين حوله، وعانقهم واحدًا واحدًا. ثم مضى في سبيله. وبعد أقلّ من شهرين كان كاهن جديد يجمع في كنيسة سيّدة النجاة بول وماريّا برباط الزواج المقدّس في حضور أبناء الرعية صغارهــم وكبارهــم.