كلمة

عيد النسور
إعداد: العميد حسين غدار
مدير التوجيه

لم تمر الذكرى الثامنة والسبعين لعيد الجيش من غير أن تُعمَّد بدم الشهادة. كان الانطباع بأننا احتفلنا بالمناسبة الوطنية وفق ما تسمح به الظروف، لكنّ يوم 23 آب أتى ليضم نسرَين من نسور القوات الجوية إلى قافلة الشهداء بِاسم الشرف والتضحية والوفاء. فها هما البطلان النقيب جوزيف حنا والملازم أول ريشار صعب يسارعان إلى تلبية النداء، وهو الفعل الطبيعي متى دعا الواجب.
نسران جديدان يتبعان مَن سبقهما مِن رفاقهما إلى سماء الشرف، فيما يقدّم رفيقهم الجريح الذي نجا من الحادثة نموذجًا مشرّفًا في تجاوز الإصابة بمعنويات عالية وروح لا تُهزَم. ليس ذلك غريبًا على رجال القوات الجوية الذين يعيشون المجازفة كل يوم ويتقبلون المخاطرة التي تحيط بمهماتهم الدفاعية والأمنية والإنمائية والإغاثية. يمرون بكل تلك الصعوبات متبسمين واثقين ثابتين كثبات طائراتنا على مساراتها بدقة لا تعرف التردد والاهتزاز. انطَلقوا ليحلوا مكان رفاقهم ويواصلوا حماية أجوائنا والسهر على سلامة أراضينا.
في موازاة ذلك، يواصل رفاق الشهيدين في الوحدات الأخرى الدفاع عن كرامة وطننا برًّا وبحرًا، مواجهين خطر العدو الإسرائيلي والإرهاب بقلوب لا تعرف الخوف، ومتتبَعين المجرمين والمخلين بالأمن والمعتدين على السلم الأهلي أينما اختبأوا، فهُم كذلك اعتادوا المخاطر وجعلوا الشهادة قرينةً لحياتهم العسكرية، مستعدّين دائمًا لمعانقتها في سبيل الواجب المقدس. لا يرضون الهوان لوطنهم وأهلهم، ويؤمنون بقيامة لبنان في نهاية المطاف مهما اشتدت الصعوبات. هذا ما تعلّموه في كنف عائلاتهم التي ربّتهم، ثمّ تلقوه من جديد مع تربِيَتِهم العسكرية في كنف عائلتهم الأكبر.