عبارة

عَلَمُ البلاد

عَلَمُ الدولة هو رمزها وعنوان سيادتها ووحدتها. وفي جميع البلدان، لا تتمّ مَظاهر الاحتفال بالاستقلال والعروض العسكريّة التي تُرافقه إلا بارتفاع العَلَم الوطني فوق الساحات والمؤسّسات. فطالما بقي شامخًا كانت كرامة الشعب محفوظة وسيادة الدولة مصانة. أمّا في لبنان، فعيد العَلَم الذي يأتي قبل ذكرى الاستقلال بيومٍ واحد، يختصر نضالَ سنواتٍ سعى خلالها اللبنانيّون، قيادةً وشعبًا، إلى نيل استقلالهم وبناء وطن خاص بهم، يحقّقون فيه أحلامهم بغد أفضل لهم ولأولادهم.

فحين ننظر إلى عَلَمِنا، نستعيد اللحظة التي التقى فيها عددٌ من النواب ليكرّسوا دماءَ الشهداء والأرزةَ والأبيضَ الناصع رمزًا للبلاد، وسط تصاعُد المشاعر الوطنية المنادية بتحرير رئيسَي الجمهورية والحكومة ومَن معهم بعدما اعتقلتهم سلطات الانتداب، ونيْل لبنان استقلاله الكامل كدولةٍ كاملة السيادة، ذات شعبٍ متّحدٍ وحدودٍ معترفٍ بها. يومَذاك رفرف العَلَم اللبنانيّ للمرّة الأولى في بشامون بعد اعتماده رسميًّا من قبل حكومة الاستقلال.

إلى جانب لحظات النجاح هذه، يختصر العَلَم أيضًا صمود وطننا أمام صعوباتٍ جمّةٍ ومراحلَ من الحروب والمآسي، مرّت عليه وتركت تداعياتها الثقيلة على أبنائه وخلّفت فيه دمارًا كبيرًا وأوقعت الآلاف من الجرحى والشهداء، لكنّها لم تُسقِط الأرزة من عليائها. فها نحن في العام ٢٠٢١ نحتفل بالاستقلال مجدّدين التحية للعَلَم ومؤكّدين عهدنا بصون بلدنا، ونستعيد معاني القَسَم الذي أدّيناه يوم تطوَّعْنا في صفوف المؤسّسة العسكريّة.

الظروف قاهرة وعصيبة، والأزمة قاسية ترخي بظلالها على حياة اللبنانيّين ومن بينهم عناصر الجيش، فيما تواجه القطاعات والمؤسّسات العامة والخاصة صعوبة في متابعة عملها وتقديم خدماتها للمواطنين. إلا أنّ نفوس العسكريّين أبيّةٌ تأبى الضَّيْم، مخلصةٌ لقَسَمها لا تخون الأمانة، شامخةٌ في عنفوانها كشموخ العَلَم، ضنينةٌ بدماء الشهداء الأبرار وتضحيات الجرحى الذين بذلوا الغالي والنفيس ليبقى الوطن. وبوجود هذه التضحيات، يبقى الاستقلال منيعًا عصيًّا على العواصف والتحديات، وسواعد رجال الجيش وعزائمهم التي لا تلين خير دليل.


العميد علي قانصو
مدير التوجيه