كلمتي

عَودٌ على قسَم
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

هل إنّ إقدام أحد أبناء المؤسسة العسكرية على عمل ما ينعكس عليها بأكملها، أم إنه يبقى محصوراً به من دون غيره؟ وهل تتبنّى المؤسسة العمل المذكور صالحاً، وتسحب اليد منه، سيئاً عاطلاً؟ وفوق هذا وذاك، هل تمنع المؤسسة الحساب عن أبنائها، ظالمين كانوا أو مظلومين، وهي المؤتمنة على حماية القانون ورعاية تطبيقه على كامل الوطن وجميع المواطنين؟
خيوط دقيقة تفصل بين تلك المفاهيم، والخيال فيها شيء والواقع شيء آخر، إلاّ أن الغالب في الآراء هو أن المدرسة عائلة كبيرة، تتوحّد في انتماء أبنائها، وفي تدريبهم وأداء مهماتهم، وأساليب تخاطبهم ولباسهم ومأكلهم ومشربهم،  وهذا ليس منافياً للحريات الشخصية والمبادئ الإنسانية ولا مخالفاً لروح التطوّر، إذ أن المؤسسة ليست مجرّد مجموعة أفراد، بل هي كيان واحد ببنيه هؤلاء متضامنين. إنهم يرتقون بها وهي تشمخ بهم. يتناوبون على حراستها، ويتقاسمون أفراحها وأتراحها. يمنحونها الجهد، ويضحّون في سبيلها، وهي بدورها تمنحهم الرضا والرعاية، وتطلق إسمها عليهم، فإذا هي: المؤسسة العسكرية، وإذا هم العسكريون أبناء الجيش.
سارت بنا الى هذه المقدمة مسألة أخذ وردّ نشأت بين رفاق لنا، من جهة، وبين القضاء من جهة أخرى، في المحلّي منه، وفي الدولي على السواء، وافترض البعض، لفترة من الزمن، أن هؤلاء قد أقدموا على المحظور، وتنكروا للقسَم العسكري مخيبين كل الآمال. ولو ثبت ما قيل، لا سمح الله، لأدّت النتيجة ببعض ذاك البعض، على الأقل، الى الشك بالمؤسسة الأم نفسها، وعندها يكون الخلل الكبير، إذ على مَن، وعلى ما، يكون الإتكال إذاك، بعد الله؟
إننا نهنئ زملاءنا بشهادة جديدة أُضيفت الى شهاداتهم، ونكرّم فيهم التربية الصالحة، ونجدّد الإفتخار بجيشنا بمَن ضمّ، وما حوى.
ويعود كلّ منا بالذاكرة، هنا، الى قسَمه الداعي الى الحفاظ على علم البلاد، والذّود عن الوطن: «أقسم بالله العظيم...»، كلّ ذلك ليس من باب الذكرى الوجدانية، إنما من باب تجديد العهد وإحياء الهمم، والإستعداد لإبقاء العقيدة العسكرية نابضة ناصعة، تسود في العقول والأفكار من جيل الى جيل، صلبة كالصخر في جبالنا، نقية كالثلج الواصل بيننا وبين الأفلاك والآفاق.