قضايا إقليمية

غابي اشكنازي السيرة والدور والتحديات
إعداد: احسان مرتضى
باحث في الشؤون الإسرائيلية

اشكنازي يرى ان باراك لم يكن مصيباً في قراره الانسحاب الاحادي من دون  اتفاق امني سياسي مع المسؤولين اللبنانيين

يعتبر اشكنازي متخصصاً في الشأنين اللبناني والسوري وهو حالياً محط آمال الاسرائيليين لمحو آثار الفشل الاخير على لبنان

 

لا شك في ان الفشل المدوي والفاضح الذي ألمّ بكل فروع الجيش الاسرائيلي في أثناء عدوان تموز الاجرامي على لبنان في العام الماضي، وما اعقبه من تدهور خطير في سمعته ومعنوياته وقدرته الردعية، قد شكل السبب الاساسي في خلفية استعادة الجنرال غابي اشكنازي من الحياة المدنية وتعيينه رئيساً لهيئة الاركان العامة لهذا الجيش، ليكون الرئيس التاسع عشر لهذه الهيئة لدى تسلّمه مهامه بتاريخ 14/2/2007، خلفاً للجنرال المستقيل دان حالوتس الذي تخلى مرغماً عن منصبه قبل اتمام ولايته القانونية، على خلفية النتائج المخزية وما رافقها ولحقها من تطورات دراماتيكية على الصعيدين السياسي والشعبي. وقد اعتبر تعيين اشكنازي ككسر لقاعدة عدم إعادة جنرالات من الخدمة التقاعدية او الاحتياطية الى الخدمة الفعلية، مثلما اعتبر تعيين حالوتس في حينه، مثل كسر لقاعدة عدم تعيين جنرال من سلاح الجو رئيساً لهيئة الاركان العامة في الجيش. هذا علماً بأن اشكنازي كان يشغل مؤخراً منصب مدير عام وزراة الدفاع. وقد اعرب رئيس حكومة العدو ايهود اولمرت، عن قناعته بأن اشكنازي سينجح في قيادة الجيش الاسرائيلي إلى ما اسماه «قدرات كاملة» وإلى «تحقيق انجازات حيوية لأمن اسرائيل»، مشيراً الى تاريخه العسكري والممتد على مدى 34 عاماً والحافل بالانجازات، على حد قوله. وقد اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي عمير بيرتس ان ولاية اشكنازي ستكون لمدة اربع سنوات وليس ثلاثاً كما كانت عليه الحال في الماضي، وذلك لتفادي سجال تقليدي بشأن تمديد ولايته مدة سنة اضافية.

يبلغ اشكنازي من العمر 53 عاماً (مواليد 1954). وكان والده قد هاجر الى اسرائيل قادماً من بلغاريا بعد ان تعرض لملاحقات النازية، فيما هاجرت أمه من سوريا في صباها. وهو من مواليد مستعمرة «حاغور» التي ولد فيها دان حالوتس ايضاً.

درس المرحلة الثانوية في مدرسة عسكرية داخلية في تل ابيب والتحق العام 1972 بالجيش الاسرائيلي وتجنَّد في لواء «غولاني». وشارك في حرب تشرين الاول 1973 وكان احد افراد الكوماندوس الذين نفذوا العام 1976 عملية عنتيبي في اوغندا على اثر خطف طائرة اسرائيلية تابعة لشركة «العال» واحتجاز ركابها.

اصيب بجروح في اطرافه في اثناء عملية الليطاني العام 1978 في لبنان، ما تسبب له بإعاقات ما يزال يعانيها حتى الآن. تم تعيينه قائداً للكتيبة 51 في لواء غولاني ثم نائباً لقائد اللواء العام 1982، وكان موشيه كابلنسكي، نائب رئيس الاركان الحالي، تحت امرته في حينه. والعام 1987 ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاولى تم تعيينه قائداً للواء غولاني، وقد دافع عن جنوده الذين اتّهموا بالتنكيل بمواطنين فلسطينيين في حينه.

قضى معظم سنوات خدمته على الحدود اللبنانية أو داخلها عندما كان ضابطاً في قيادة الجبهة الشمالية للجيش الاسرائيلي. والعام 1998 تم تعيينه قائداً للجبهة الشمالية بعد حصوله على رتبة لواء، وبقي في هذا المنصب حتى العام 2002. وكان اشرف العام 2000 على الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، علماً بأنه كان معارضاً لهذا الانسحاب الذي اتخذ القرار بشأنه رئيس الحكومة الاسرائيلية في حينه الجنرال ايهود باراك، ما اثار توتراً في العلاقات بين الرجلين. وفي ذلك العام ايضاً اتهم اشكنازي بتحمُّل المسؤولية عن تمكّن حزب الله من قتل واسر ثلاثة جنود اسرائيليين في منطقة مزارع شبعا، إلا أن لجنة عسكرية برَّأته من هذه التهمة مؤخراً وذلك عشية اتخاذ قرار اعادته الى الجيش.

العام 2002 تم تعيينه نائباً لرئيس هيئة الاركان موشيه يعلون وبقي في هذا المنصب حتى العام 2004 فتولاه من بعده دان حالوتس، فسافر لإجراء دورة استكمالية في جامعة هارفرد الاميركية.

خسر اشكنازي منصب رئاسة الاركان الذي تنافس عليه العام 2005، بعدما قرر رئيس الحكومة في حينه آرييل شارون ووزير الدفاع شاؤول موفاز، عدم تمديد فترة ولاية يعلون بسنة رابعة إضافية في رئاسة هيئة الاركان، على خلفية العلاقة الحميمة ما بين حالوتس وشارون. وقالت تقارير صحافية إن يعلون اوحى بتعيين اشكنازي لرئاسة الأركان، كما ان موفاز ايضاً كان متحمساً لهذا التعيين، إلا أن شارون والطاقم المحيط به كان راغباً في تعيين حالوتس. وعلى الأثر غادر اشكنازي صفوف الجيش، لا سيما بعدما رُفض طلبه بتولي منصب رئاسة شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) التي كان حالوتس يرغب بتعيين اللواء عاموس بادلين المقرب منه فيها، وبادلين أيضاً هو من كبار ضباط سلاح الجو.

في اثناء حرب لبنان الثانية في صيف 2006، عيّن وزير الدفاع عمير بيرتس اللواء في الاحتياط غابي اشكنازي مديراً عاماً لوزارة الدفاع، وكان قبل ذلك قد أنشأ شركة خاصة للاعمال الحرة. وراجت وقتها انباء ومفادها ان هذا التعيين كانت غايته منع حالوتس من اتخاذ قرارات عسكرية لا يرضى عنها الوزير بيرتس المفتقر للخبرة العسكرية. وبالتالي فإن إختيار بيرتس لأشكنازي لم يفاجئ احداً على الرغم من ان اشكنازي لا يعتبر رجل بيرتس الخاص.

اشكنازي متزوج وله ولد عمره 28 سنة وقد خدم في وحدة «إيغوز» التابعة للواء «غولاني»، وابنة عمرها 23 سنة تعمل في تدريب القناصّه. واشكنازي حائز إجازة في العلوم السياسية وإجازة في ادارة الاعمال الدولية.

يعتبر اشكنازي متخصصاً في الشأنين اللبناني والسوري، وهو حالياً محط آمال الاسرائيليين لمحو آثار الفشل الاخير في لبنان. وبالتالي فالمطلوب منه اولاً ان يحمي نفسه من ان يتحول الى الفاشل رقم 19 من خلال اعادة قراءة الصراع في كل من لبنان وفلسطين وسائر انحاء المنطقة بطريقة موضوعية واقرب الى الواقعية.

بالنسبة الى الجبهة اللبنانية رأى اشكنازي ان باراك لم يكن مصيباً في قراره الانسحاب الاحادي من دون اتفاق امني سياسي مع المسؤولين اللبنانيين، ومع ذلك فإنه يعتبر نفسه انه كان ناجحاً كقائد للجبهة الشمالية في تأمين الانسحاب في حينه من دون خسائر.

وبالنسبة الى الموضوع الفلسطيني، فإنه على الرغم من اهتمامه طوال فترة خدمته بتركيع الفلسطينيين، فإنه من ناحية اخرى أيد الانسحاب من غزة ومن اغلب مناطق الضفة الغربية، وهو كان قد اشترك في اعادة كتابة مفهوم الامن الاسرائيلي مع الوزير السابق مريدور، كما وانه من القائلين بأن التمسك بمناطق مثل الضفة الغربية وهضبة الجولان لا ينطوي على اهمية امنية مثلما كانت عليه الحال في الماضي، فالامن السياسي له اولوية على الامن العسكري. ومع ذلك فهو يؤيد عمليات تأديبية قاسية على غرار عملية «السور الواقي». وبحسب صحيفة «معاريف» الاسرائيلية، فإن قطاع غزة سيكون بمثابة «الاختبار الاول» لرئيس الاركان الجديد. وثمة من يقول أن اشكنازي سيجعل من قطاع غزة «هدف الحملة القادمة التي ستعيد هيبة الردع المفقود للجيش الاسرائيلي، وتكون كاشارة لحزب الله، وإشارة للناشطين في الضفة الغربية». ومغزى هذه التحليلات ان اشكنازي سيحاول فرض مقولات السياسة الاسرائيلية بالقوة مع الاخذ في الحسبان محاور للخطر هي:

• إمكان تجدد الحرب مع حزب الله في شكل حرب عصابات.

• احتمال اندلاع حرب كلاسيكية مع الجيش السوري النظامي.

• قيام عملية برية واسعة النطاق ضد حركة حماس في قطاع غزة على غرار حملة «السور الواقي» منذ ايام شارون.

• احتمال شن هجوم وقائي ضد ايران لمنعها من استكمال برنامجها النووي.