نوافذ مفتوحة

غانيش إله الحكمة والسلاح
إعداد: باسكال معوض بو مارون

 

يكرمه الهندوس قبل أن يغادر آخذًا معه المحن والمشقات

 

أنت في الهند إذن أنت في معقل الديانة الهندوسية حيث يتوافد أتباعها من جميع أنحاء العالم للاحتفال بميلاد الإله رأس الفيل «غانيش». الاحتفالات تبدأ صاخبة وتنتهي بالتغطيس في الماء.
يصطف مئات الهندوس للاحتفال بمهرجان «غانيش» السنوي في عدة مدن في الهند أبرزها مومباي وحيدر آباد وأحمد آباد وتشيناي، حيث يحتشدون أمام مجسّم ضخم للإله «غانيش» إبن الإلهين شيفا وبارفاتي، ويحتفلون بذكرى ميلاده. يستمر المهرجان 11 يومًا يُحدد موعده وفق التقويم القمري في الفترة الممتدة ما بين 19 آب و20 أيلول من كل عام.

 

غانيش إله هندوسي له رأس فيل وجسم ولد كبير، وأربع أيادٍ، وجلد أصفر. وهو في الديانة الهندوسية إله الحكمة والفطنة والسلام، وأيضًا مزيل العقبات؛ بدأت عبادته منذ حوالى 400 سنة، وما تزال مستمرة لدى هندوس العالم أجمع.
وتروي الأسطورة أن أم غانيش وضعته على عتبة الدار لحراستها وهي تستحم، فأقفل الطريق في وجه الإله شيفا ومنعه من الدخول إلى المنزل. قطع هذا الأخير رأس الصبي عن غير قصد، فنذرت أمه أن تأتى له برأس جديد، من أول من يمرّ من أمامها، وصودف أن مرّ فيل في المكان «فاستعارت» رأسه لابنها؛ ومنذ ذلك الحين راح الهندوس يقدّسون الفيلة بسبب الإله غانيش.
قبل شهر من المهرجان يقوم الحرفيون المهرة بصناعة نماذج فنية من الطين للإله غانيش بأحجام مختلفة، وتوضع الكبيرة منها في الأماكن العامة أو في المنازل، وتزين بشكل جميل بالألوان الزاهية وأكاليل الزهور، والأضواء، والرسوم التي تصور موضوعات دينية.
بعد تثبيت تمثال الإله غانيش يقام حفل لاستدعاء حضوره إلى التمثال، فتنشد الأغاني، وتتلى الصلوات والتكريسات الخاصة به كل يوم خلال المهرجان، وتوضع أمامه التقادم المصنوعة من الحلويات والزهور والأرز وجوز الهند، والأعمال الحرفية والعملات المعدنية، ويتم رشّه بمسحوق تشاندان الأحمر.
وتزدان المعابد المكرّسة لهذا الإله خلال العيد بأبهى الحلل. ويتناول الهندوس الحلويات الخاصة بالمناسبة وأشهرها طبق الموداك، وهو نوع من الزلابية المصنوعة من الأرز والطحين، مع حشوة من جوز الهند الطازج.
ويحرص آلاف الهندوس على تكريم دمى وتماثيل غانيش التي تراوح بين صغيرة بحجم قبضة اليد، وأخرى عملاقة يصل ارتفاعها الى 25 مترًا (بلغ طول أحد التماثيل في مدينة فيساخاباتنام 35 مترًا العام الماضي).
يحضر الاحتفال المقدس المشاهير الهندوسيون من مختلف دول العالم، ويدخل الجميع المعبد للصلاة في الوقت الذي يحمل فيه الكهنة الهندوسيون (يرتدون عادة اللون الأحمر أو الأبيض) مصابيح الزيت التقليدية، ويقومون بأداء الصلاة، فيما ترتدي الفتيات الملابس التقليدية للاحتفال بهذه المناسبة الكبيرة، التي «يزيّح» فيها المؤمنون بكثير من الغناء والرقص الإله ذا رأس الفيل الجالس على عرش عال ومن حوله المغنون والراقصون، في مسيرة تجوب شوارع المدن.
يتوّج المهرجان بتغطيس تماثيل الإله غانيش في مياه المحيط أو غيره من المسطحات المائية قبل غروب الشمس. ثم تنتهي الشعائر بإلقاء التماثيل في المياه وسط صراخ الحاضرين، في طقس يرمز إلى انتهاء إقامته، ومغادرته آخذًا معه كل أنواع المحن والمصائب.