مبدعون من بلادي

غي مانوكيان
إعداد: تريز منصور

الثقافة اللبنانية بغناها وتنوّعها مـــصدر أكيد للإبداع

ألّف مقطوعة في الرابعة من عمره ونهل الموسيقى من مشارب متنوعة

في عمر الثلاث سنوات حاول أن يسير على درب الموسيقى مقلّداً شقيقه الأكبر بالعزف على البيانو. وسرعان ما ظهرت موهبته جلية أمام أعين الأهل الذين أدهشهم ابن الأربع سنوات بتلحينه مقطوعة موسيقية متكاملة، فكانت تلك أول العلامات التي أكدت تميزه وإبداعه. إنه الملحن وعازف البيانو الشاب غي مانوكيان، الحائز العديد من الجوائز وشهادات التقدير العالمية، والذي حققت موسيقاه نجاحاً باهراً في لبنان والعالم. ولد غي مانوكيان عام 1976 في بيروت، والده غبريال ووالدته استريك وله شقيقان (دايفيد وكريستيان).

 

حاول العزف على البيانو وهو في الثالثة من عمره، وبعد نحو سنة من ذلك ألّف مقطوعة موسيقية، ما حدا بأهله الى تعليمه الموسيقى على يد الأستاذ الأميركي لسلي بيرن. في المدرسة لفتت موهبته الأنظار، وكانت له دائماً المرتبة الأولى في المسابقات التي شارك فيها عازفاً وملحناً. وفي سن الثانية عشرة التحق بجامعة الروح القدس في الكسليك لمتابعة دروس السولفيج والآرموني، وحاز على الشهادة فيها. كما إنه حائز على شهادة في البيانو، وأخرى في الحقوق من جامعة الحكمة، وهو أيضاً لاعب كرة سلة بارع. والملفت أن غي كان دائماً يحاول تغيير توزيع الأغاني أثناء دراسة السولفيج في الكسليك،الأمر الذي كان يثير غضب الأساتذة منه وإعجابهم به في الوقت عينه. وكان يرى أن العزف على آلة البيانو يثير الإعجاب، الأمر الذي عزز شغفه بالعزف أمام الجمهور الكبير.

 
الانفتاح والتنوّع

ترعرع غي على سماع مزيج من الموسيقى الأرمنية واللبنانية والكلاسيكية والكلدانية والأشورية والجاز... وتأثر بهذا المزيج الموسيقي، فراح يلحن بأسلوبه الخاص المقطوعات الموسيقية اللبنانية الحديثة والتي تعكس بحسب رأيه شخصية الشباب اللبناني المنفتح على حضارات العالم بأسره. يعتبر غي مانوكيان أن الموهبة والحياة والطبيعية تصنع الموسيقي الناجح والمبدع. ويشير الى أن الحالات الإنسانية تؤثر فيه فيعبر عن تأثره من خلال الموسيقى. المطار بالنسبة إليه مكان يعج بالأحاسيس والمشاعر: مغادرة عروسين أو قدومهما، الموت، الغربة والعودة بعد غياب أو الهجرة... كل هذه الحالات والمواضيع توحي له بالألحان الرائعة والمميزة. ويضيف قائلاً: قد يكون حماس بعض الأشخاص لإنجاز عمل معين، مصدر إلهام للحن جميل مناسب فهذا ما حصل في لحن "الأردن" مثلاً وفي ألحان أخرى. أما الثـقافة اللبـنانية بغناها وتنوعها فهي مصدر أكيد للإبداع والإلهام حسب رأيه، فأهمية المزيج الثقافي اللبناني للملـحن تضـاهي أهمـية القامـوس للكاتب.

 

جوائز عالمية ودروع تقدير

إبـن هـذا الوطن الصغير بمساحـته الجغرافية، أبدع عالمـياً، وسطـع نجـمه في العـديد من المسابقات الفنية الدولية، وحصـد في معظمـها جوائز عالمـية عديـدة. فقد وصل مانوكيان في العام 2000 الى النهائيات في مسابقة "  World Champion Ship Of Performing Arts"، التي حصلت في هوليوود، حيث شارك فيها كعازف وملحّن، وحاز في نهايتها على شهادة أفضل عازف وملحن بين الملحنين المشتركين من 32 دولة. وإزاء هذا الإنجاز، قدم فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود الدرع التقديري لهذا المبدع الشاب، الذي رفع إسم لبنان عالياً. وفي العام 2002، حاز على جائزة أفضل لحن راقص "The Best Dance Album " في مسابقة (AMA) التي حصلت في لوس أنجلوس. وفي العام نفسه، حصل على جائزة الـ"موركس دور" لأفضل لحن في العالم العربي وكان لحن "حريم". وفي أيار 2004، حاز على جائزة أفضل ألبوم راقص في العالم العربي لسنة 2003-2004، وكان ألبوم "سراب".


نتاجه الفني

من نتــاج غي مانوكيان ألحـان عديـدة جسـدّت حالات نفسـية متـناقضة، ومزجـت بين الغـرب والشـرق بأسلوب محترف شبابي حديث. ألحانه أحبها الجـمـهور وحصدت العديد من الجـوائز كما ذكرنا، واحتل البعض منـها المرتبة الأولى فـي المبيـعات في لبـنان والعـالم.

 

أعـمالـه

أصدر مانوكيان منذ العام 1997 وحتى اليوم مجموعة ألبومات هي: "أنغام"، "الحواس"، "الميلاد"، "غي مانوكيان"، "من الظلمة الى النور"، "حريم"، وألبوم "سراب" ­ 2003، الذي احتل المرتبة الأولى في المبيعات بين الأسطونات العربية، والرابعة بين الأسطوانات العالمية. وتجدر الإشارة الى أن هذه المجموعة من الألبومات، تباع داخل محلات الموسيقى في أنحاء العالم كافة، وقد بيع منها أكثر من 60 ألف CD) )قرص مدمّج.

إضافة الى ألحانه الخاصة، لحّن للعديد من المغنين اللبنانيين والعرب أمثال: نوال الزغبي، كاتيا حرب، دينا حايك، نورهان، محمد منير. كما أحيا العديد من الحفلات الموسيقية وشارك في العديد من المهرجانات وأنشأ فرقة موسيقية.

 

مجند في مدرسة الشرف والتضحية والوفاء

العام 2004، محطة أساسية في حياة الفنان والمجند غي مانوكيان، لأنه يتلقن فيها فن الإبداع في مدرسة الشرف والتضحية والوفاء، ويلحن أنغام الوطنية والحرية في المؤسسة العسكرية التي وبحسب رأيه "تدعم مسيرة الفنان وتحثّه على الإنتاج...