خطاب الرئيس

فخامة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود في رسالة الاستقلال

 

دعا الى حوار وطني ميدانه المؤسسات الشرعية والدستورية حذار الانجراف في تيارات تفقد لبنان هويته وروابطه مع محيطه

عشية عيد الاستقلال، وجّه فخامة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود الى اللبنانيين رسالة الاستقلال التي دعا خلالها الى «إطلاق حوار وطني حول القضايا التي تشغل اللبنانيين».
واعتبر الرئيس لحود «إن أي خلاف في وجهات النظر لا يمكن أن يحل إلا بهذا الحوار».
وحذّر الرئيس لحود من «الانجراف في تيارات وسياسات تفقد لبنان هويته العربية وروابطه الوثيقة مع محيطه...».
هنا نص رسالة الرئيس لحود.

 

أيها اللبنانيون
يحل عيد الاستقلال هذا العام، وعلى وجه لبنان مسحة من الحزن، لأن يد المؤامرة التي امتدت اليه، نفّذت جرائم إغتيال خسر فيها الوطن
رجال دولة وفكر وسياسة واعلام، وفي طليعة هؤلاء الشهداء الرئيس الراحل رفيق الحريري.

كما كاد لبنان ان يخسر آخرين نجوا بأعجوبة من مخططات الشر، فباتوا شهداء أحياء يشهدون على مخاض لبنان وقيامته الوشيكة، التي تتحقق من خلال معرفة الحقيقة
لينال المجرمون عقابهم في محاكمات عادلة وشفافة التزمناها امامكم وأمام المجتمع الدولي الذي يعمل مشكوراً على مساعدتنا في كشف ملابساتها.


أيها اللبنانيون

نعم، مرة جديدة، يقع لبنان تحت مجهر المتآمرين وعيون المتربصين، بالتزامن مع الضغوط التي تمارس عليه لفرض صيغ ومخططات خارجية تتوافق مع مصالح أصحابها،
 وهي لا تتوافق حتماً مع مصالح لبنان وشعبه.
ولا يظنّن أحد ان سلسلة الجرائم التي وقعت، والتدخلات الخارجية في دور المقاومة الوطنية ومستقبلها، معزولة عما يخطط لدينا.
لذا، نحن أحوج ما نكون الى اطلاق حوار وطني حول القضايا التي تشغل اللبنانيين، وان اي خلاف في وجهات النظر، لا يمكن ان يحل الا بهذا الحوار
الذي يجب ان يكون ميدانه المؤسسات الشرعية والدستورية القائمة، لأن أي رهان على طريق آخر، يعرّض الوطن للشلل، ويشرّع أبوابه للتدخلات الخارجية.
فهل نقفز فوق الدستور والقوانين وروح التوافق، خدمة لرؤية خاصة ومصلحة ذاتية، قد تقسم أبناء الوطن بدل ان توحدهم؟


أيها اللبنانيون

في غمرة الاحداث المتسارعة من حولنا، وفي وطننا، يجدر بنا ان نتنبّه دائماً الى ضرورة ألاّ ننجرف في تيارات وسياسات تفقد لبنان هويته العربية،
وروابطه الوثيقة مع محيطه، لا سيما علاقاته المميزة مع جارته الشقيقة سوريا.
ولنتنبّه كذلك الى الا نتحول من بوابة عبور وتواصل حضاري بين الشرق والغرب، الى بوابة لتمرير سياسات تهدد وحدة العرب وأمنهم وسلامهم ومصالحهم القومية.

ان التزامنا قرارات الشرعية الدولية، هو الذي يحدد مسارنا في مقاربة النزاع العربي - الاسرائيلي وقضيته المركزية: القضية الفلسطينية.
وبقدر ما نتمسك بحق عودة الفلسطينيين الى أرضهم وعدم توطينهم، بقدر ما نحرص كذلك على تأمين حمايتهم في لبنان وعدم استغلال اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية
بهدف تهديد أمن الوطن واستقراره.


أيها اللبنانيون

ان هذه الثوابت في سياستنا هي الاساس في صون وحدتنا ومصالحنا، إلا انها يجب ألا تشغلنا عن مواجهة الشؤون الحياتية
والاجتماعية والصعوبات الاقتصادية وهموم الناس، الذين من حقهم اليوم ان يتساءلوا عن رؤية الدولة وخططها للتخفيف عن كاهلهم، وتحقيق مستقبل افضل لهم ولأولادهم.
وفي يقيني ان الايام الآتية ستحمل نهضة جديدة وروحاً متجددة لمواجهة هذه الهموم، وايجاد الحلول الناجعة لها، انطلاقاً من الاصلاحات التي نادينا بها، وشجعنا الحكومة
على اعتمادها.


أيها اللبنانيون

أعرف كم تتألمون اليوم، وأعيش معكم الالم والقلق. أتلقف بصدري سهام التجريح والتشكيك والافتراء، واثقاً من وعيكم للأهداف والغايات التي تقف وراء مطلقيها،
وليس اسهل من ان يتهرب المسؤول من تحمل مسؤولياته.
أما انا فقد اخترت أن أكون معكم، أحمل معاناتكم، وأسهر على التخفيف منها، باذلاً ما في وسعي للوفاء بخطاب القسم.
وأي وفاء لإرادتكم الحقيقية، لن يكون الا من خلال قانون جديد للانتخابات يعكس صحة التمثيل الشعبي، ويجسد تطلعاتكم، فتستقيم اذ ذاك الديموقراطية،
وتصحح الاخطاء التي شكوتم منها في العملية الانتخابية الاخيرة.


أيها اللبنانيون
قبل سبع سنوات، خاطبتكم من خلال مجلس النواب وقلت لكم: انتم الحَكم والحُكم.
اليوم، اليكم أحتكم مجدداً وأؤكد ان كلمتكم هي وحدها الكلمة الفصل.

عشتم وعاش لبنان