خطاب الرئيس

فخامة رئيس الجمهورية في رسالة الاستقلال

اصبع التضليل والفساد لا يمكنها أن تحجب شمس الحقيقة

قال فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود إن لبنان لا يزال البلد الأكثر أهلاً لامتلاك النواحي الإيجابية في المنطقة رغم الأوضاع الداخلية والخارجية الصعبة.
جاء هذا الكلام في الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية الى اللبنانيين بمناسبة الذكرى الستين للإستقلال, والتي تساءل فيها:"هل نستطيع فعلاً أن نكون في موقع الإستثمار والإزدهار إذا لم نحسن ترتيب بيتنا الداخلي".
وإذ أشار الى أن المشكلة في لبنان هي في الدولة لا في الناس, قال: إن إصبع التضليل والفساد لا يمكنها أن تحجب شمس الحقيقة.

 

هنا نص الرسالة.

أيها اللبنانيون
في الذكرى الستين للإستقلال, وفي خضم أوضاع إقليمية ودولية قاتمة يغيب عنها أي أفق سياسي واضح, وفي ظل أوضاع داخلية تشهد صعوبات سياسية وإقتصادية وإجتماعية تستدعي بحثاً جدياً عن الحلول والعلاجات, يطرح المواطنون أسئلة كثيرة ومصيرية, وأهمها: لبنان ونحن الى أين؟
إنه من قبيل الواقعية وليس التفاؤل فقط, التأكيد أن لبنان, ورغم الأوضاع الداخلية والخارجية الصعبة, لا يزال البلد الأكثر أهلاً لاستقطاب النواحي الإيجابية في المنطقة, وخصوصاً في مجالات الخدمات والسياحة والإستثمار والأمان وغيرها, مما يجعل منه مقصداً للأخوة العرب على وجه الخصوص. أما السؤال الذي لا بد منه فهو: هل نستطيع فعلاً أن نكون في موقع الإستثمار والإزدهار إذا لم نحسن ترتيب بيتنا الداخلي؟ الجواب بالتأكيد هو كلا. والمشكلة بالتأكيد ليست عند الناس بل في الدولة نفسها, بدءاً من التجاذب السياسي الى التحاصص الطائفي الى تبادل المصالح وصولاً الى الفساد الإداري, وحيث هموم الناس هي آخر ما يشعر به المسؤولون والسياسيون على مختلف المستويات.
هموم الناس اقتصادية, معيشية, مهنية, وغيرها, وهموم المسؤولين والسياسيين تنصبّ على الهيمنة والاستقطاب والإستمرار, وكأن لبنان في عالم والمنطقة في عالم آخر. لقد قلت في ما سبق وأعيد اليوم, أن لا مستقبل للبنان واللبنانيين من دون دولة يسودها القانون وتحكمها المؤسسات. وحتى لو أخذ البعض علينا التعثر في قيامها بالسرعة المطلوبة, لأن دولة الناس في لبنان تحاربها دويلات الطائفية, فإن ذلك لا يلغي ولا يضعف إيماني بضرورة قيامها في كل لحظة, تماماً كما حددتها في خطاب القسم الذي هو حلم دولة يجب أن تتحقق, وإلا زال الوطن وهاجر المواطن.

 

أيها اللبنانيون
تواجهنا استحقاقات مصيرية وخطيرة على مستوى المنطقة, وليس آخرها المحاولات القديمة الجديدة الهادفة الى حرمان الشعب الفلسطيني حق العودة الى أرضه وتوطينه خارجها, وهي مؤامرة تطاول العرب جميعاً وتعطي إسرائيل الذريعة لتهجير من تبقى من فلسطينيين والإجهاز على القضية والهوية. إن الإجماع الوطني الذي نشهده في مواجهة هذه المحاولات سيعطينا القدرة على إحباطها في الوقت المناسب وخلافاً لبعض الرهانات, تماماً كما استطاع لبنان تحرير أرضه بالمقاومة وبالتعاون مع الشقيقة سوريا.

 

أيها اللبنانيون
أدعوكم, وخصوصاً جيل الشباب, الى العمل والأمل, وإنني واثق بقدرتكم على تجاوز المحنة, وبلوغ الإنفراج, فإصبع التضليل والفساد لا يمكنها أن تحجب شمس الحقيقة.
تحية الى شهدائنا الأبرار في جيشنا الأبي وفي إدارات الأمن وفي مقاومتنا الباسلة, عشتم وعاش لبنان.