خدمات وتقديمات

فرع الأمراض المستعصية في المستشفى العسكري المركزي
إعداد: ندين البلعة خيرالله

أفضل بروتوكولات العلاج العالمية في خدمة مرضانا

 

في المستشفى العسكري المركزي- «فرع الأمراض المستعصية»، يتلقّى المصابون بالسرطان أفضل العلاجات، وسط متابعة دقيقة تستفيد من التطوّر الحاصل لمواجهة المرض الخبيث.
رئيس الفرع الرائد الطبيب أحمد يونس الذي يرافقنا في جولة شملت مختلف الأقسام، يؤكّد أنّ السرطان لم يعد مستعصيًا، والعلاجات باتت تنجح في التغلّب عليه بنسبٍ مرتفعة. المهمّ أن يتمّ تشخيصه باكرًا وأن يتوافر العلاج المناسب، وهذا ما يسعى الجيش إلى تأمينه لجميع مرضاه.

 

الغرف والأسرّة
في الطابق الثاني من مبنى المستشفى العسكري المركزي الرئيسي، حيث فرع الأمراض المستعصية، يرافقنا الرائد يونس في جولة على الغرف، مطمئنًا إلى أحوال المرضى الذين يعرف كلًا منهم بالوجه وبالإسم، ويشرح: هنا عيادة الطبيب، غرفة مغلقة تؤمّن الخصوصية للمريض، وتحفظ فيها ملفات المرضى الذين ما زالوا يتابعون العلاج، كما تستخدم كـProcedure Room لأخذ الخزعات وإجراء الفحوصات البسيطة.
بالقرب من هذه الغرفة صالون انتظار Waiting Area، وغرفة للممرّضين تمّ تحديثها، وأخرى لتحضير العلاج الكيمائي والأمصال وكل ما يتعلّق بها. نتقدّم قليلًا، فنصل إلى غرفة العلاج Therapy Room التي تتضمّن 9 أسرّة علاج ليوم واحد. في هذه الغرفة يكون المرضى قريبين الواحد من الآخر، يتواصلون ويتحاورون خلال خضوعهم للعلاجات ما يخفّف معاناتهم. أما الخصوصية فتؤمنها الستائر المحيطة بالسرير.
غرف المرضى الذين يبقون لأكثر من يوم واحد لمتابعة علاجهم In- Patients غرف حديثة، توفّر للمريض متطلّبات الراحة. أمّا غرفة الـFull Monitoring فنجد فيها الأجهزة الحديثة المخصّصة لمراقبة حالة المريض، وهي قد تستخدم كغرفة عزل.
ومنذ العام 2012 تعمل قيادة الجيش على خطّة لتطوير هذا الفرع، ولتزويده جميع ما يحتاج إليه على مستوى التنظيم واللوجستية والتمريض.
كيف يتم توزيع المرضى على الغرف وما هو العدد الذي يستطيع الفرع استيعابه يوميًا؟ يقول الرائد الطبيب يونس: نستطيع استيعاب 10 مرضى في غرف العلاج لعدّة أيام In، أمّا في غرف العلاج ليوم واحد One Day Therapy أو Out فيمكننا استقبال 23 مريضًا في الوقت عينه. ويُعالج في المستشفى العسكري المركزي حوالى ألف مريض سنويًا، يضاف إلى هؤلاء الذين يُعالجون في مستشفيات مدنية.

 

الطاقم الطبي
في ما يتعلّق بالعنصر البشري من أطباء وممرّضين وعسكريين، يقول الرائد الطبيب يونس: بات لدى الفرع طاقم طبّي محترف جدًا يضمّ ستّة من أكفأ الأطباء في مجال أمراض الدم والتورّم الخبيث، وهذا الطاقم يتولّى معالجة جميع أنواع السرطانات، ما عدا حالات زرع نقي العظم التي تحتاج إلى قسم متخصّص جدًا غير موجود سوى في مستشفيَي الجامعة الأميركية والمقاصد.
الممرّضون مجازون ويملكون الكفاءة والخبرة الكافية لمتابعة العلاجات وتحضير البروتوكولات، وهم يخضعون لدورات متخصّصة في هذا المجال. أمّا العسكريون فهم اختصاصيون في أمانة السرّ ويملكون خبرة في استقبال الموافقات وتنظيم أوضاع المرضى وأمورهم الإدارية. والأهم أنّ الفريق يتمتّع بأخلاقيات المهنة ويحافظ على السرية والخصوصية التي تعتبر من أبسط حقوق المريض.
ويضيف قائلًا: فريقنا المتخصّص يطبّق المعايير الطبية العالمية التي تستند إلى أحدث الدراسات العلمية، ويحظى المريض لدينا بأفضل عناية طبية، فالمؤسّسة العسكرية سبّاقة في مجال تأمين أفضل الأدوية، علمًا أنّها باهظة الثمن وقد لا تكون متوافرة في معظم المستشفيات الأخرى. هذه العلاجات بحاجة طبعًا إلى طاقم طبي محترف لمعالجة العوارض والمضاعفات الجانبية، فالعلاجات الجديدة والمناعية والكيمائية Targeted Therapy تحتّم التمرّس في هذا المجال، وطاقمنا متمرّس ويتمتّع بكفاءة عالية.

 

نظام أرشفة حديث وأفضل البروتوكولات العلاجية
إلى العنصر البشري، طوّرت الطبابة العسكرية النظام الإلكتروني المستخدم في كل أقسام أمراض الدم والأورام، فأرشفة ملفات المرضى وكل ما يتعلّق بمرضهم (الخزعة، والصور، والفحوصات...) ضرورية جدًا، لأنّ مريض السرطان يحتاج إلى متابعة دورية تمتدّ على سنوات. وبفضل هذا النظام، أصبح بالإمكان عند الحاجة الإطلاع على الملف الطبي لأيّ مريض، ومعرفة جميع المعلومات الطبية الخاصّة به.
يتضمّن النظام أيضًا برنامجًا يضمّ أفضل البروتوكولات العلاجية العالمية (والذي يعتبر حصريًا بالمستشفى العسكري). على إحدى صفحاته، تظهر أسماء المرضى وأرقام غرفهم وبعض المعلومات، وحين ندخل إلى اسم أحد المرضى، نحصل على صفحة مفصّلة تتضمّن كل ما يتعلّق به وبحالته.
وتتضمّن صفحة الـChemotherapy معلوماتٍ عن المرض ونوعه ودرجة تقدّمه، والخزعة ونتيجتها، وبروتوكول العلاج الذي تابعه المريض منذ تشخيص مرضه وحتى تاريخه... وعلى صفحة الـChemotherapy Cycle، أُلِّلَت أحدث أنواع البروتوكولات المعتمدة عالميًا (تتضمّن حوالى 147 بروتوكولًا لكل أنواع السرطانات)؛ فحين يُدخِل الطبيب مواصفات المريض، تزوّده هذه الصفحة أوتوماتيكيًا البروتوكول وجميع الأدوية والـdosage المناسب لمرضه، وهذا يلغي أي مجال للخطأ البشري. يُحوَّل البروتوكول مباشرةً إلى فريق التمريض لتطبيقه ومتابعته مع المريض، وإلى الصيدلية لطلب الأدوية وتأمينها، في الوقت المناسب.
ويضيف رئيس الفرع: يرافق هذا التطوير اللوجستي دراسات دقيقة وخطة لتأمين الأدوية المناسبة للمريض، وبالتالي يتمّ تأمين الميزانية المطلوبة وأنواع البروتوكولات اللازمة.
 

تنظيم يعزّز الثقة
في العام 2013 كان حوالى 60 بالمئة من مرضى الجيش يُعالجون خارج المستشفى العسكري المركزي، وفي العام 2014 أصبحت هذه النسبة 40 بالمئة، واليوم أصبحت أقل من ذلك. فما يشهده الفرع من تنظيم وتطوير عزّز الثقة به. ويوضح الرائد الطبيب يونس قائلًا: نحن نحقّق وفرًا مهمًا (نحو 35 بالمئة) فضلًا عن الاهتمام والعناية اللذين نوفّرهما لمرضانا.
لا يُعنى الفرع فقط باستقبال المرضى ومعالجتهم، بل يتولّى إعطاء الموافقة على العلاجات التي يتابعها بعضهـم في المستشفيـات المدنيـة، إذ تدرس لجنة متخصّصة الملفات وتبتّ بها بسرعة فتتمّ الموافقة أو توضح التعديلات.
تشهد علاجات أمراض الدم والأورام الخبيثة تقدّمًا يوميًا بفضل الدراسات المتواصلة والبروتوكولات العالمية التي تتغيّر وتتطوّر بشكلٍ سريع. وهذا ما يتيح تأمين أدوية وعلاجات أكثر فعالية وبالتالي فرصًا أكبر للشفاء. هذا الأمر يقتضي من الأطباء متابعة هذه التطورات وحضور المؤتمرات العالمية. وأطباء الجيش يشاركون في 6 إلى 8 مؤتمرات سنوية كبرى على الأقل، تُعرض فيها أحدث الدراسات والتغيّرات والبروتوكولات التي لا يمكن تجاهلها، وهذا ما يجعلهم يضاهون أفضل الأطباء كفاءةً.
 

التشخيص المبكر
لقد بات مرض السرطان شائعًا جدًا، لكن نسبة الذين يقتلهم هذا المرض تتناقص منذ السبعينيات والثمانينيات، بينما ترتفع نسبة الذين يشفون أو يعيشون لمدّة أطول. والأمر مرهون باكتشاف المرض وتشخيصه في وقت مبكر واعتماد العلاج الملائم.
لذلك يبذل أطباء المستشفى العسكري أقصى جهودهم في هذا المجال. يقصدهم المريض ويكون لديه عوارض، فإما يتمّ إدخاله فورًا لإجراء الفحوصات أو تُطلب منه فحوصات محدّدة وخزع وصور يجريها ليكتمل ملفّه، ويقوم عندها الطبيب المعالج بتشخيص حالته ليبدأ العلاج فورًا.
لكل تشخيص علاج محدّد، ممكن أن يكون جراحيًا، شعاعيًا، كيمائيًا أو مجموع هذه العلاجات. يضع الطبيب خطّة العلاج وآليته ويشرحها للمريض، ثمّ يبدأ العلاج الذي يترافق مع متابعة دقيقة، علميًا وطبيًا ونفسيًا. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ خطّة التطوير تلحظ الدعم النفسي والمعنوي لمرضى فرع الأمراض المستعصية، فالمعنويات العالية من أهم وسائل مواجهة المرض.
قبل أن نغادر فرع الأمراض المستعصية، يؤكد لنا رئيسه، أنّ العمل مستمرّ للوصول إلى أعلى درجات الاحتراف. وفي هذا السياق يتمّ العمل على برنامج تأليل Tumor registry يتيح استخراج إحصاءات حول مرضى الجيش (عدد المرضى، أنواع الأمراض، العلاجات ونتائجها...) وهذا الأمر يحسّن الخيارات المستقبلية للمؤسّسة، ويؤدي إلى إقرار استراتيجية اقتصادية طبية خاصّة بها.