مواسم وخيرات

فلاحة التربة أنواعها وتوقيتها وفوائدها
إعداد: الدكتور حسين حمود
أستاذ في الجامعة اللبنانية، كلية الزراعة

إنّ ترك التربة مفلوحة على مدار السنة وبدون أي زراعة ثانوية بين الأشجار، وإجراء عدّة حراثات خلال فصل النمو الخضري للأشجار، هو السبيل الوحيد للحفاظ على تربة مفكّكة، نظيفة من الأعشاب، خصبة وذات مخزون جيد من المواد الغذائيّة.


تعريف الفلاحة وفوائدها
هي العمليّات الأساسيّة والخاصة بتحسين بنية التربة وإستصلاحها في إطار شروط مناخيّة مناسبة ورطوبة محدّدة للتربة. وتكثر أنواع الفلاحة وتكتسب أشكالاً وتسميات مختلفة حسب توقيتها وعمقها والغاية من إجرائها.
للفلاحة فوائد كبيرة أبرزها:
- جعل التربة هشّة وسلسة يتخلّلها الماء بسهولة، فتمتصه وتمنع تبخره، كما تمتص الرطوبة الليلية لاستخدامها خلال النهار.
- تهوئة التربة بحيث تكون دافئة شتاءً وباردة صيفًا.
- قطع جذور النباتات المتبقّية في التربة وتحلّلها.
- سهولة إمتداد جذور الغرّاس الجديدة وإنتشارها.
- التخلّص من الأعشاب الضارّة بالمحاصيل وتعقيم التربة من خلال تعريضها للشمس.
- المساعدة في خلط الأسمدة العضويّة وتحسين مواصفات التربة.
- المساهمة في القضاء على الآفات المرضيّة والحشريّة، وفي زيادة المحاصيل وكميّة الإنتاج.

 

أنواع الفلاحة حسب توقيتها
تقسّم الفلاحة حسب توقيتها إلى ثلاثة أنواع، الخريفيّة والربيعيّة والصيفيّة، ويختلف عددها الإجمالي وفق نوع المحصول والظروف المناخيّة.

 

• الفلاحة الخريفيّة:
تجري عقب بدء موسم الأمطار ويجب أن يراوح عمقها بين 12 و15 سم. هذه الفلحة تساعد على زيادة مقدرة التربة على  استيعاب كمّيات أكبر من مياه الأمطار في فصلي الخريف والشتاء للإستفادة منها في فصل الجفاف. وهي تؤمن في الوقت نفسه اختلاط الأسمدة العضويّة والكيميائيّة البطيئة الذوبان بالتربة.

 

• الفلاحة الربيعيّة:
يختلف توقيت هذه الفلاحة من منطقة إلى أخرى وفق الظروف المناخيّة، وتجري عادةً في مناطق المناخ المعتدل كلبنان خلال شهري آذار ونيسان. هذه الفلاحة هي أقل عمقًا من الفلاحة الخريفيّة بحيث لا يتعدّى عمقها 10 سم لا سيّما أنّ الغاية منها قلب الأعشاب البرّية ودفنها وخفض كمّية المياه المتبخّرة من التربة.

 

• الفلاحة الصيفيّة:
تتمّ بمعدّل مرة أو مرتين وتكون سطحيّة في ظروف زراعة الأشجار المثمرة والعنب، فالغاية منها الحفاظ على رطوبة التربة لأطول فترة ممكنة من خلال تنعيمها وتسويتها والقضاء على الأعشاب البريّة. هذه الفلاحة يجب أن تكون أقلّ عمقًا من فلاحتي الخريف والربيع (بين 6 و8 سم ولا تزيد عن 10 سم).

 

أنواع الفلاحة حسب عمقها
تختلف عمليّات فلاحة التربة وفق مجموعة من العوامل أهمّها نوع المحصول وتوقيت الفلاحة والغاية منها والظروف المناخيّة وطريقة التربية (أي زراعة مرويّة أو غير مرويّة) وغيرها، لكن إلى جانب ذلك وبالقياس على معيار العمق وحده يمكن ملاحظة وجود الأنواع الآتي ذكرها:
• حراثة خفيفة (بعمق 15-20 سم)، حراثة متوسّطة (بعمق 20-25 سم)، حراثة عميقة (بعمق 25-40 سم)، وحراثة عميقة جدًّا (بعمق أكثر من 40 سم)، وهناك أيضًا عمليّة «النقب» التي يراوح عمقها بين 80 و120 سم.

 

أنواع الفلاحة وفق المحاصيل
•  الحبوب الشتويّة:
تشمل هذه المحاصيل القمح والشعير والعدس والفول والحمّص الشتوي والتي يتحدّد موعد زراعتها وخصوصًا البعل منها في ضوء الإستفادة من الأمطار الموسميّة. هذه المحاصيل تحتاج إلى:
- فلاحة عميقة في بداية الصيف لإزالة بقايا المحصول السابق وتعريض التربة لأشعّة الشمس وذلك بواسطة المحراث القلاّب.
- فلاحة ثانية في أواخر آب - بداية أيلول بالمحراث القرصي وتسوّى بالديسك.
- فلاحة سطحيّة بعد تساقط الأمطار ونمو الأعشاب في تشرين الأول بهدف إزالة الأعشاب وتحضير الأرض للزراعة وقلب السماد الفوسفوزري في التربة وتنعيمها بالديسك.

 

•  محصول التبغ:
فلاحة خريفيّة عميقة (25- 30 سم)، تساعد في تخزين مياه الأمطار، ثم فلاحة ربيعيّة خفيفة للقضاء على الأعشاب التي تنبت. ويتوقّف عدد الفلاحات الربيعيّة على كميّة الأمطار الهاطلة ووجود الأعشاب وحيث تجري آخر فلحة قبل عمليّة التشتيل بـ 4- 5 أيّام.

 

•  الأشجار المثمرة:
إنّ الحفاظ على خصوبة التربة كشرط أساسي لتوفير تغذية وافرة للأشجار المثمرة يتطلّب إجراء حراثات دوريّة ومنتظمة لإبقاء التربة نظيفة من الأعشاب والحشائش.

 

•  الزراعة المرويّة:
 تنمو الأعشاب بعد كل عمليّة ري، وفلح التربة يحافظ على رطوبتها وعلى المواد الغذائيّة التي تختزنها، ومن هنا ضرورة الإبقاء على التربة مفلوحة طوال فصل النمو الخضري. لهذه الغاية نبدأ بحراثة التربة في الخريف لتمتص أكبر كميّة من مياه الأمطار الشتوية ومن ثم تكرر العملية في الربيع عدة مرات للقضاء على الأعشاب وبذلك نؤمّن الظروف المثاليّة لنمو الأشجار المثمرة من دون منافس.

 

•  الزراعة البعليّة:
تساعد حراثة التربة في ظروف الزراعات البعليّة على إستيعاب مياه الأمطار ولزمن طويل وذلك من خلال تضاؤل مساحة السطح المتبخّر إلى أقل ما يمكن، ما ينعكس ايجابًا على كمية المحصول وحجم الثمار.

 

• تأسيس بساتين الأشجار المثمرة:
يتطلب تأسيس بساتين الأشجار المثمرة «نقب» التربة لعمق 100- 120 سم بغية تفكيك سطحها وإزالة الأحجار وتسميدها وتحسين خصوبتها، ومن ثم حراثة الأرض (حراثة متوسّطة) وتنعيم التربة وتسويتها قبل زرع الأغراس. وبعد الزرع تحرث البساتين في ثلاثة مواعيد هي الشتاء والربيع والصيف، مع تلافي الفلاحة في فترات الصقيع الشديد حيث تتفتّح مسامات التربة فتنخفض درجات الحرارة فيها.

 

• بساتين الأشجار المثمرة حديثة العمر:
خلال السنوات الأولى بعد غرس الأشجار مباشرةً ينبغي الحفاظ على التربة حول الساق بقلع الأعشاب والنكش حول الحفرة المخصّصة لكل غرسة كي يبقى البستان نظيفًا من الأعشاب. الحراثة الأساسيّة الصحيحة يجب أن تتمّ في الخريف، وبعمق يناسب نوع المزروعات (التفّاحيّات 12 أو 15 سم، اللوزيّات 5 أو 10 سم). ومن الضروري الإنتباه إلى أن عمق الحراثة حول الساق يجب ألّا يتعدّى 5 أو 8 سم.

 

• الخضار:
عندما نخطّط لزرع أي نوع من الخضار في موسم الربيع علينا حراثة الأرض ثلاث مرّات: في الخريف (عميقة)، في الشتاء (متوسطة)، وفي الربيع (سطحيّة).

 

الآلات والمعدّات التي تستعمل لحرث التربة
هناك آلات ومعدّات تستعمل لتحضير التربة للزراعة والتخلّص من الحشائش وتفتيت التربة وتهيئة سطحها، ولشق القنوات والسواقي بما يناسب طريقة زرع المحصول وريه. كذلك تختلف عمليّات تحضير التربة بإختلاف المحصول والخصائص الفيزيائيّة للتربة والمناخ وعلى هذا الأساس صمّمت آلات مختلفة لنوعي تحضير التربة الرئيس والثانوي.

 

• التحضير الرئيس:
هو الحرث الأكثر عمقًا (25-40 سم) ويتمّ بعد إنتهاء المحصول السابق، وذلك باعتماد إحدى الطرق الآتي ذكرها:
- الحرث بالقلب، باستعمال المحاريث القلاّبة التي تقلب التربة وتقوم بدفن بقايا المحاصيل السابقة والحشائش على عمق كبير ينتج عنه تحلّلها لأمداد التربة بالمواد العضوية اللازمة لنمو النبات.
- الحرث بالحفر، ويجري باستعمال المحاريث الحفّارة التي تقوم بتفكيك طبقات التربة من دون قلبها أي من دون أي تغيير فيها.
- الحرث بالخلط، وتستعمل لهذه الغاية المحاريث الدورانيّة التي تقوم بخلط الطبقة السطحيّة بالطبقة التي تحتها.

 

•  التحضير الثانوي للتربة:
يشمل المعاملة السطحيّة أي التمشيط والحدل والتنعيم والتسوية، وهي المعاملة التي تتمّ قبل عمليّة الزرع والتشتيل وتتمّ على عمق 12 أو 15 سم، وترمي إلى تفكيك الكتل الترابيّة وتفتيتها بعد الحراثة الرئيسة، وطمر الأسمدة العضويّة والكيماويّة.

 

•  تحضير التربة بين الأثلام:
تتمّ بين خطوط النباتات النامية وترمي إلى القضاء على الأعشاب الضارّة التي تنافس النباتات على غذائها، وتستخدم فيها العازقات.