في كل بيت

فوائد الرضاعة تشمل الطفل والأم معاً
إعداد: ريما سليم ضومط

الدراسات الحديثة تؤكـــد الحقائق المعروفة وتصحـح بعض المعتقدات

خلال فترة السبعينات، أدى الإرتفاع المتزايد في نسبة النساء العاملات الى تخلي الكثيرات منهن عن فكرة رضاعة الثدي والإتجاه الى الحليب المجفف. اليوم، ومع انتشار حملات التوعية حول فوائد الرضاعة لكل من الأم والطفل عادت كفّة الميزان لترجح لصالح المرأة المرضعة، لا سيما وأن جميع الأبحاث الطبية تشير الى الفوائد الجمّة لحليب الأم وأهمها الحماية ضد أمراض الجهاز الهضمي والتهاب الأذن ومختلف أنواع الحساسية والسكري وحتى السمنة التي يمكن أن تظهر في مرحلة لاحقة عند النضوج. العودة المذكورة الى الرضاعة طرحت أسئلة كثيرة من قبل الأمهات المرضعات، من بينها فوائد الرضاعة، وماهية الغذاء الصحيح للأم المرضعة إضافة الى الحلول البديلة للأم العاملة، ومعرفة الصح والخطأ من بين الإعتقادات السائدة حول الرضاعة في المجتمع النسائي. فماذا يقول الإختصاصيون حول هذه المواضيع؟

 

فوائد مشتركة للأم والطفل

  • يؤكد الخبراء أن النتائج الإيجابية للرضاعة لا تقتصر على الأطفال وإنما تطال الأمهات أيضاً، علماً أن بعض منافعها يظهر بصورة فورية في حين يبرز البعض الآخر في المدى البعيد. من الفوائد الآنية للرضاعة، ارتفاع نسبة هرمون الـ"Oxytocin" الذي يساهم في إنتاج الحليب، مخلّفاً لدى الأم، في الوقت نفسه، إحساساً عميقاً بالراحة والهدوء. كذلك، تساعد الرضاعة في تقليص الرحم وإعادته الى ما كان عليه في مرحلة ما قبل الحمل، وتشير الدراسات الحديثة الى أهمية الرضاعة في تخفيض خطر الإصابة بالإكتئاب الذي غالباً ما يلي عملية الوضع أو بالنزف الغزير في الرحم الذي يصيب بعض النساء في مرحلة ما بعد الولادة. أما أبرز الفوائد التي تظهر على المدى البعيد فهي، ضبط مستوى السكر في الدم ورفع مستوى الكولسترول الجيد وهما عاملان يحدان من خطر الإصابة بأمراض القلب. إضافة الى ذلك، فإن عملية الإرضاع، ولو لأشهر قليلة فقط، تساهم في تقليص خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان الرحم، كما أنها تقوّي العظام وتحميها من الترقق. أما بالنسبة الى الأطفال، فإن الرضاعة تعود عليهم بفوائد جمّة، نذكر منها ما يلي:
  • ارتفاع معدّل الذكاء، ففي دراسة طبية نشرت في العام 2002، أكد باحثون أميركيون ممن واكبوا عملية التطوّر الذهني لمجموعة من الأطفال منذ مرحلة الطفولة الأولى مروراً بالمراهقة وحتى عمر العشرينات، أن الأطفال الذين تغذوا من حليب الأم كانوا أكثر ذكاءً من غيرهم ممن اعتمد غذاؤهم على الحليب المجفف.
  • بناء عظام أفضل وهيكل عظمي أقوى، وذلك بحسب دراسة نشرت في مجلة طبية في العام 2000، تناولت مجموعة من الأطفال حيث تبيّن أن أولئك الذين تغذوا من رضاعة الثدي لمدة ثلاثة أشهر على الأقل تميزوا في سن الثامنة بكثافة في عظام الرقبة والعمود الفقري فاقت المعدل الموجود لدى سواهم ممن لم ترضعهم أمهاتهم على الإطلاق، أو أرضعوا لمدة أقل من ثلاثة أشهر.
  • الحماية من السمنة، إذ يؤكد الإختصاصيون أن الرضاعة تساعد الأطفال على ضبط وزنهم وتحميهم من السمنة في مرحلة لاحقة من حياتهم. كذلك تشير دراسات حديثة الى انخفاض معدل الأنسولين لدى الأطفال الذين يرضعون مما يساعد أيضاً في ضبط السمنة.
  • الوقايـة من أخطار الربـو وسـواه من مشاكل الجهاز التـنفسي، وذلك بحسـب دراســة نشرها باحثون أوستراليون في العام 2002، أكدوا فيها أن الرضاعة يمكن أن تحمي الطفل من داء الربو حتى ولو كانت الأم نفسها تعاني من هذا الخلل في التنفس.
  • المناعة ضد عدد كبير من الأمراض، وهو أمر أكده الأطباء دوماً. أما الجديد في الموضوع فهو اكتشاف الباحثين أن المناعة المكتسبة لا تقتصر على فترة الرضاعة وإنما ترافق الطفل في مختلف المراحل اللاحقة. إضافة الى ذلك، تؤكد الدراسات الطبية أن حليب الأم يمنح الأطفال قدرة على الشفاء بصورة أسرع، كما يقيهم من الحساسية بمختلف أنواعها ويخفف من حدة القلق والتوتر لديهم.

 

 الغذاء الضروري للأم المرضعة

يلعب الغذاء دوراً هاماً في عملية إنتاج الحليب، لذا ينبغي على المرأة المرضعة الإنتباه الى نوعية الطعام الذي تتناوله طوال أشهر الرضاعة. وإذا كان الأطباء في ما مضى يوصون بأن تحصل المرأة المرضعة على 500 وحدة حرارية إضافية في اليوم الواحد، فإن الخبراء اليوم يؤكدون أن نوعية الطعام هي الأهم لا كميته. ويشير هؤلاء الى أن إضافة وحدات حرارية ˜فارغةŒ كتلك الموجودة في الوجبات السريعة ( Fast Food)

 أو السكاكر لن تكون بالأمر المفيد لا للأم ولا للطفل. وهم بالمقابل يوصون بأنواع من الأطعمة  التي يجب أن تدخل ضمن النظام الغذائي للنساء المرضعات، ومن ضمنها ما يلي:

•الخضار كالقنبيط بنوعيه الأخضر (brocolli) والأبيض (Cauliflour) ، والكوسى، واللوبياء، والفاصوليا، والفليفلة.

• الفاكهة كالتفاح والتوت والخوخ والليمون والدراق والبطيخ.

•  الحبوب الكاملة، كالأرز الأسمر والقمح وخبز القمح.

ويشير الخبراء الى أن النظام الغذائي المتكامل الذي يجب اعتماده يفترض أن يكون متوازناً بحيث تتوفر فيه كل من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. كما يؤكدون أن أهم عنصر غذائي للمرأة المرضعة هو مادة الكالسيوم التي يمكن الحصول عليها عبر الأجبان والألبان. من جهة أخرى، ينصح الأطباء النساء بالتخلي عن بعض العادات كالتدخين والكحول والإبتعاد عن الأطعمة والمشروبات التي تحتوي مادة الكافيين طوال فترة الرضاعة، محذرين من أن الكافيين قد يخلق توتراً وقلقاً لدى الأطفال، في حين أن التدخين يزيد من خطر تعرضهم للموت المفاجئ.

 

شفط الحليب أفضل الحلول للأم العاملة

مع ازدياد نسبة النساء العاملات، برزت الحاجة لتأمين بديل طبيعي للرضاعة أثناء غياب الأم عن المنزل، فكان الحل بإيجاد مضخات خاصة لسحب الحليب من الثدي وحفظه لحين موعد وجبة الطفل. وبالرغم من أن هذا الأسلوب بات معروفاً لدى معظم النساء إلا أن عدداً كبيراً منهن يعاني مشكلة الحفاظ على الحليب صالحاً للاستعمال لحين استخدامه. فما هي النصائح التي يقدمها الأطباء حول هذا الموضوع؟ يشير الإختصاصيون الى وجوب اتخاذ بعض التدابير البسيطة التي تجعل من عملية شفط الحليب وحفظه مسألة سهلة وصحية. من أبرز هذه التدابير:

• غسل اليدين جيداً قبل القيام بعملية الشفط.

• حفظ الحليب المسحوب في أوعية خاصة معقّمة داخل البراد وإغلاق الوعاء بإحكام.

 •حفظ الوجبات المطلوب استعمالها كل على حدة، وعدم الإحتفاظ ببقايا الوجبة التي لم يكملها الطفل وعدم إضافتها الى الوجبات اللاحقة.

 • استعمال الحليب المخزون خلال فترة 24ساعة، وقد يسمح بعض الأطباء بفترة أطول إلا أن المؤكد هو وجوب التخلص من الحليب المحفوظ عند مضي 72 ساعة على سحبه.

 • وضع قنينة الحليب التي سبق حفظها في البراد في وعاء من المياه الساخنة (بان ­ ماري) قبل إطعامها للطفل، وعدم اللجوء الى تسخين الحليب في المايكروايف أو على النار لأن الحرارة المرتفعة تفقده الكثير من قيمته الغذائية.

 

الرضاعة بين الصح والخطأ

 كلما وجدت المرأة المرضعة في مجتمع نسائي تنهال عليها النصائح من قبل النساء اللواتي خضن تجربة الولادة والرضاعة من قبل. وإذا كان بعض هذه النصائح مفيداً، فإن البعض الآخر لا يتعدى كونه خطأً شائعاً تتناقله الأجيال. ومن بين أكثر الأخطاء شيوعاً مما تتداوله النساء في أحاديثهن ويصححه الأطباء باستمرار، نذكر ما يلي:

 • " إذا كان الطفل ممن يطلبون الطعام باستمرار، فمعنى ذلك أن حليب الأم لا يشبعه": خطأ، والحقيقة أن حليب الأم سهل الهضم مما يجعل الطفل يشعر بالجوع بصورة أسرع مما لو كان يتناول الحليب المجفف. ويحدد الأطباء الفترة الفاصلة بين وجبة وأخرى بالساعتين الى ثلاث ساعات.

• " تقليص عدد الوجبات يومياً يساعد في زيادة كمية الحليب لدى الأم": خطأ، والصحيح أنه كلما ازداد عدد الوجبات، تدفقت كمية الحليب أكثر فأكثر. ويشير الأطباءالى أن أفضل طريقة للحفاظ على استمرارية الحليب هي الرضاعة بصورة منتظمة.

• " الحليب المجفف يؤدي الى نوم أفضل"Œ: خطأ، فالباحثون في الحقل الطبي يشيرون الى أن الحليب المجفف قد يؤدي الى نوم "أطول" وليس "أفضل"، لافتين الى الفرق بين العبارتين. فعملية هضم الحليب المجفف تتطلب وقتاً أطول، كما ذكرنا سابقاً، ما يؤدي الى استغراق الطفل في النوم لفترة أطول.

 • " يجب عدم الخلط بين رضاعة الثدي والحليب المجفف لكي لا يربك ذلك الطفل فلا يتوقف عن الطعام ": خطأ، فالأم العاملة غالباً ما تعتمد هذه الطريقة من دون أن يؤثر ذلك سلباً على الطفل. وينصح الأطباء الأمهات اللواتي يرغبن باعتماد الطريقتين أن يعوّدن أطفالهن على "القنينة" بدءاً من الأسبوع الثاني ما بعد الولادة.

• " الرضاعة قد تؤثر سلباً على حجم الثدي وشكله": خطأ، فالباحثون يؤكدون أن هذه الاعتقادات خاطئة، مؤكدين فوائد الرضاعة بالنسبة للأم وأبرزها الوقاية من خطر الإصابة بسرطان الثدي، الى أمراض أخرى.