قواعد التغذية

فوائد نظام الصيام المتقطع ومفاتيح نجاحه
إعداد: ليال صقر الفحل

انطلاقًا من الحاجة المتزايدة للتخلّص من الدهون المتراكمة العنيدة والسعي للتخلص من الوزن بشكل سريع، انتشرت في الآونة الأخيرة حمية سُمّيت بـ ”الـصيام المتقطع“. ما هي هذه الحمية وهل هي حقًّا نافعة في إنقاص الوزن، من يستطيع اتباعها ومن تشكل خطرًا على صحته، وما هي المدة الزمنية المحددة لها؟

 

بدايةً، تشرح اختصاصية التغذية زينة الحاج أنّ للصيام المتقطع فوائد عديدة لا تقتصر على فائدة تخفيض الوزن فحسب، بل تطال منافعه تعزيز قدرة الجهاز المناعي، وتحسين مستوى الأنسولين في الدم، وتخفيف الضغط على الأعضاء الداخلية، وتقليل نسبة هرمون التوتّر... لذلك يمكن اعتبار الصيام المتقطع إذا تزامن حدوثه مع الرياضة، عاملًا داعمًا للصحة العامة للإنسان مما يتيح للجسم التخلص من السموم والدهون المتراكمة والتوتر على حد سواء.

وفي التفاصيل، تشرح الحاج أنّ هذا النظام الغذائي هو نمط من أنماط تناول الطعام تتناوب فيه فترات الصيام وتحدّد فيه ساعات الأكل. لذلك فهو ليس نظامًا غذائيًا تقليديًا، بل يمكن اعتباره نمطًا للأكل يستخدم خلاله الجسم السكر في الدم لمواصلة عمله بشكل طبيعي، ومع نفاد هذا السكر، يشرع الجسم باستهلاك احتياطي الدهون والبروتينات.

تحدد الحاج خمسة أنواع من الصيام المتقطع، وهي:

 

- الصيام المتقطع لمدة 12 ساعة:

يمتنع فيه الشخص عن تناول الطعام لمدة 12 ساعة في اليوم، ما يحوّل مخزون الدهون إلى طاقة. وهو خيار المبتدئين لأنّ فترة الصيام فيه قليلة ومعظم ساعاته تكون خلال فترة النوم.

 

- الصيام المتقطع ما بين 8 و16 ساعة:

يمكن خلال هذا النمط تناول الطعام لثماني ساعات يوميًا والصوم لمدة 16 ساعة، فمع حلول الساعة الثامنة مساءً يُمنع على الشخص تناول أي نوع من الأطعمة حتى ظهر اليوم التالي.

 

- الصيام المتقطع 24 ساعة:

يتوقف الشخص الذي يتبع هذا النمط عن تناول الطعام لمدة يوم كامل دفعة واحدة، ولأكثر من مرة في الأسبوع. قد يشعر خلاله الصائم ببعض التأثيرات المزعجة كالصداع والتعب، لكنّ جسمه سيعتاد على الأمر إذا تكرّر هذا الصيام لأكثر من مرّة. في هذا النوع من الصيام، يمكن للشخص تناول الماء والمشروبات الخالية من السعرات الحرارية والقهوة أو الشاي فقط، وتحذر الحاج من اتباع هذا النوع، باعتباره قاسيًا ومؤذيًا أكثر مما هو نافع.

 

- الصيام المتقطع ما بين يومين و 5 أيام:

يُسمّى هذا النمط بالحمية السريعة، إذ يتّجه الصائم إلى تناول كميات كبيرة من الطعام الصحّي خلال خمسة أيام، وتناول أطعمة قليلة السعرات الحرارية في يومي الأسبوع المتبقيين. طريقة تتيح تقليل مستوى السكر في الدم والحدّ من اكتساب السعرات الحرارية.

 

- الامتناع عن وجبة أو أكثر خلال اليوم:

يُسمّى هذا النمط بحمية المحارب، لأنه يتطلّب تقليل كمية الطعام بشكل كبير والامتناع عن عدد من الوجبات بشكل نهائي، أما الوجبة المسموح بها فيجب أن تقتصر على حصص محدودة من الخضار والفاكهة النيئة مثلًا، كونها فقيرة بالسعرات الحرارية. وهي حمية قاسية أيضًا بحسب الحاج، وتحذر من مضار اعتمادها كون الجسم بحاجة إلى ما يزيد عن الخضار ليتمم وظائفه بالشكل المناسب.

 

فوائد ومفاتيح ذهبية

خلال الصيام المتقطع، يتحقق الهدف المرجو من هذا النظام وهو فقدان الوزن ومنع زيادته مع مرور الوقت، وهو في الوقت عينه يرفع مستوى هرمون النمو ممّا يخفف الدهون ويساعد في اكتساب العضلات. كما يُبعد الأمراض المرتبطة بزيادة الوزن والبدانة المفرطة، كأمراض القلب والأوعية الدموية والسكر في الدم. ويُخفّض الصيام المتقطع مستويات الأنسولين في الدم ممّا يسهّل استهلاك الجسم للدهون المخزّنة.

يتيح هذا النمط الغذائي ما يعرف بالـ«الالتهام الذاتي» فتُهضم الخلايا تلقائيًا وتُطرد البروتينات القديمة والمعتلّة المتراكمة في الخلايا والتي تتسبب بشيخوختها، مسبّبةً الالتهابات والحساسية والسرطانات المختلفة... كذلك، تباشر الخلايا خلال الصيام المتقطع مهمّة تغيير التعبير الجيني للجسم، فتحدث تغيرات في وظيفة الجينات المتعلقة بالوقاية من الأمراض وطول عمر الخليّة السليمة. يقوي هذا النمط الغذائي أيضًا الجهاز المناعي، ويخفض نسبة الكولسترول المضرّ ويحسّن الذاكرة ويزيد التركيز ويُبعد شبح الألزهايمر.

وفي ما يخص المفاتيح الذهبية لإنجاح نظام الصيام المتقطع، تشير الحاج إلى قواعد مهمّة يجب اتباعها لضمان نجاحه، ومن بينها: الابتعاد عن الأطعمة المصنّعة والجاهزة وتلك الغنية بالدهون والزيوت والسكر، واستبدالها بكميات وافرة من الخضروات والفاكهة، وتناول الأطعمة الصحية المطبوخة جيدًا، وعدم الإكثار من كميات الطعام خلال الفترة المسموح فيها بالأكل.

ويُسمح بشرب الماء والقهوة والشاي والمشروبات الخالية من السعرات الحرارية خلال فترة الصيام لتقليل الإحساس بالجوع.

 

يُفضّل... ويُمنع

ومن الأطعمة التي يُفضّل تناولها خلال هذا الصيام تذكر الحاج الحبوب الغنية بالألياف واللحوم الحمراء والبيض ومشتقات الحليب والخضروات والفاكهة والبقوليات (السبانخ، الملوخية...) والأسماك الغنية بالدهون الصحية.

ولتطبيق صحيح للصيام المتقطع، تنبّه لضرورة عدم تناول أي أنواع من الأطعمة بحلول الساعة الثامنة مساءً، لأنّه مع نهاية النهار يزيد إنتاج الجسم لهرمون الميلاتونين المسؤول عن جودة النوم. لذلك أي تناول زائد للأطعمة يمكن أن يسبب الأرق واضطرابات النوم. والنوم مفيد جدًا خلال الصيام المتقطع، ففي أثناء النوم تعمل أجهزة الجسم والخلايا على حرق الدهون.

نصيحة أخيرة، من المهم جدًا مراجعة الاختصاصي قبل الشروع بممارسة الصيام المتقطع، وبمجرد الحصول على الضوء الأخضر يمكن الانطلاق بالحمية التي تُعتبر بسيطة وغير معقّدة ويمكن اختيار أي نوع سبق ذكره بحسب قدرة كل شخص وظروفه...

كما أنّ هناك فئات يُمنع عنها الصيام المتقطع ومن بينها: الأطفال والمراهقون الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، مرضى السكر في الدم والأمراض المزمنة، الكبار في السن، النساء الحوامل والمرضعات.