من الميدان

فوج التدخل الأول في طرابلس
إعداد: الرقيب سامر حميدو

الأرض تعشق أقدام رجالنا وهم جاهزون لافتدائها
 

ينشط الجيش اللبناني في مواجهة الإرهابيين وملاحقة المطلوبين والمخلين بالأمن على كل شبر من أرض الوطن، حيث بات نشاطه الأمني عنوانًا أساسيًا لمهماته العسكرية اليومية. وفي ظل ما تعيشه المنطقة من غليان وتطورات خطيرة تترافق مع سعي الإرهاب التكفيري إلى النيل من وحدة لبنان وضرب استقراره، يتفانى العسكريون في تنفيذ واجبهم الوطني ومنع الإرهابيين من تحقيق أهدافهم.


استئصال الخطر التكفيري
يعد فوج التدخل الأول من الأفواج البارزة في الجيش، وهو صاحب خبرة طويلة في التعامل مع الأحداث الأمنية من خلال احتكاكه المباشر معها، حيث تولى حفظ الأمن في بيروت، وحين طلب منه حماية أمن طرابلس، اضطلع بالمهمة بكفاءة عالية. وللفوج عدة صولات وجولات، فهو شارك في العديد من المهمات العسكرية. أما أولوياته الآن فتتركز على جعل مدينة طرابلس في كنف الجيش والدولة، وقطع دابر الفتنة واستئصال الخطر التكفيري الذي يهدد أمن المدينة وأهلها. وهو يؤدي مهمته بدقة، من خلال تدابير استثنائية، بما في ذلك عمليات الدهم التي أسفرت منذ وصوله إلى محافظة الشمال عن توقيف أخطر المطلوبين.
 

المستحيل مرفوض
ينتشر فوج التدخل الأول في عدة مناطق من طرابلس، وهو يتألف من أربع سرايا مشاة مؤللة:
- سرية المدرعات.
- سرية الدعم.
- سرية القيادة والخدمة.
- سرية خاصة للدهم.
تعتبر ثكنة الفوج نموذجًا للثكنة العسكرية المثالية، فهي أنشئت لتكون مدرسة تدريب يتم فيها تأهيل العسكريين بدنيًا وذهنيًا وعسكريًا، وتزويد عناصر الفوج جميع المهارات والخبرات القتالية، فالمرحلة استثنائية وهي تتطلب رجالًا بقدرات استثنائية.
وقد أنشأ الفوج مراكز تدريب خاصة به تتضمن حقولًا للرمي، وأخرى لتنفيذ الحركة والنار والوثبات، ومدينة للدهم، بالإضافة إلى تشييد الأبراج العالية لتنفيذ التمارين وعمليات الهبوط على الحبال. والتدريب في هذه المنشآت متواصل بهدف تنويع المهارات وتنشئة العسكري القوي المتمتع بقدرة تحمّل كبيرة ولياقة بدنية عالية، ما يخوّله تنفيــذ أي مهمــة، ففــي عالــم التدخــل الأول، المســتحيل مرفوض مهمــا كــانت الظروف.

صعوبة المهمة ودقّتها
لقاؤنا الأول في الفوج كان مع قائده الذي رحّب بنا، وقدّم الشرح الوافي عن الفوج ومهماته وعن الخطط الأمنية الجديدة في منطقة طرابلس.
بداية نسأل:
حضرة العميد، طرابلس منطقة ساخنة أمنيًا، ما هي الخطط التي وضعتموها لضبط الوضع في المدينة؟ فيقول:
نحن في طرابلس منذ عشرة أشهر تقريبًا وعندما دخلناها كانت الأجواء ساخنة والأوضاع متوترة بين منطقتي التبانة وجبل محسن. كانت تعليماتنا للعسكريين تقضي ببذل أقصى الجهود من أجل إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، مع التنبه لصعوبة المهمة ودقّتها. لقد عمدنا إلى إعادة تموضع السرايا وأقمنا الحواجز وفرضنا طوقًا أمنيًا حيث قسمنا طرابلس إلى نطاقات من أجل احتواء الأزمة وملاحقة المطلوبين.
وأضاف قائلًا: أسسنا غرفة عمليات بالتنسيق مع وحدات الجيش المنتشرة في طرابلس، ما فعّل جهودنا، فعمليات الدهم التي قمنا بها أسفرت عن توقيف أخطر المطلوبين وقد وصل العدد إلى 1500 موقوف، ونحن نتابع العمل وصولًا إلى إلغاء الوجود المسلح بحيث يكون السلاح في يد الجيش فقط.
وعن الصعوبات التي واجهت الفوج في طرابلس يقول:
طرابلس مدينة مكتظة بالسكان والعديد من شوارعها وأحيائها ضيّق، إضافة الى أنّ الأزمة السورية ومشكلة النزوح العشوائي زادا الأعباء، فعلينا التدقيق في الأشخاص والتحقق من أوراقهم الثبوتية. ولقد تعرّضنا لعدة محاولات استهداف لضرب وجودنا في المدينة، لكنّ ثقة المواطنين بالجيش تزيدنا إصرارًا على التمسك بإنجاز المهمة والقيام بواجبنا.
 

عسكريون من الدرجة الأولى
حول معنويات عسكرييه يقول قائد الفوج: عسكريونا هم من «الدرجة الأولى»، إنهم متمرسون في الحياة العسكرية والفنون القتالية ويؤدون واجباتهم باندفاع كبير ومعنويات عالية. وهذا الأمر جاء نتيجة التدريب المتواصل والخضوع للدورات المتلاحقة، فقد أقمنا مراكز تدريب ضمن الثكنة ليصل أداء العسكري إلى المستوى الذي نثق به. أما ما نحتاج إليه فهو العتاد وتحديث بعض المعدات العسكرية.
وفي ختام حديثه توجّه قائد الفوج إلى عسكرييه بالقول: «عليكم بالإنضباط والمحافظة على التدريب واستعمال ذكائكم العسكري لفهم المهمة التي وجدنا من أجلها والمبادرة لتنفيذها».
وأضاف: «نحن أقوياء لأننا نمارس حقنا الطبيعي كجيــش يدافــع عــن وطنــه، ولأن الأرض لنــا والشعــب معنــا، وهذا مــا يجعــل قرارنــا أقــوى. فعليكم الثبات والتذكر دائمًا أننا خلقنا للتضحية من أجل هذا الوطن».
وقبل أن نودّعه، شكر قائد الفوج العسكريين ضباطًا ورتباء وأفرادًا على صبرهم وإيمانهم وتضحياتهم الجسام من أجل لبنان والجيش.
 

الباب الأساسي لبلوغ النجاح
تابعنا جولتنا في الفوج للتعرف أكثر إلى واقعه؛ رئيس الفرع الثاني، قدم لنا بعض التفاصيل حول التدريب الذي يعتبر الباب الأساسي لنجاح أي عمل عسكري. وقال: إن الدورات هي عصب القوات الخاصة في الجيش ودورات التدخل من أصعبها جسديًا وذهنيًا. فنحن نخضع العسكري لضغوط تجعل قدرته البدنية على التحمل أكبر. ويضيف: عززنا التمارين المشتركة التي تتم بإشراف فرق تدريب بريطانية وأميركية، وفي نهاية كل منها نجري المناورات ونطبق الدروس العسكرية على أرض الواقع. أمّا نسبة الجهوز لدينا فهي كاملة وعسكريونا حاضرون دائمًا لمواجهة أي أمر طارئ.
رئيــس الفرع الثالث في الفوج شرح لنا بدوره طبيعة العمل على الأرض. وأوضح: القطاع ساخن ويستلزم جهدًا إضافيًا، لذلك نعمد إلى تكثيف الدوريات وعمليات الدهم وإقامة الحواجز الظرفية التي تجعل فرار المطلوبين أمرًا مستحيلًا، وبالتالي يتم توقيفهم.
وأضاف: في ايام التوتر، نطبّق خطة الفوج التي تقضي بمنع المسلّحين من الاعتداء والانتقال من بقعة إلى أخرى، وبالتالي معالجة الأمور وفرض الاسـتقرار في المدينة وحفظ أمنها.
ختامًا كانت لنا جولة في الثكنة حيث تعرّفنا إلى منشآت تدريب العسكريين والمراحل التي يخضعون لها ليصبح كل منهم مقاتلًا خاصًا ونوعيًا يليق به الإنتماء إلى فوج التدخل الأول، أحد أفواج النخبة في الجيش اللبناني.