تحقيق عسكري

فوج التدخل الخامس سدّ منيع في وجه العدو
إعداد: ندين البلعة خيرالله

من الحدود الشرقية إلى الحدود الجنوبية

 

أسود الجرود، الذين واجهوا شرّ الإرهاب التكفيري في عرسال، يتمركزون اليوم في الجنوب، حيث يشكّلون سدًّا منيعًا في وجه العدو الإسرائيلي. فوج التدخل الخامس، الذي انتقل في تشرين الأول 2016 إلى منطقة الزهراني، وركّز سراياه في محيط مخيم عين الحلوة، ينتشر اعتبارًا من أيلول 2017 في القطاع الأوسط من قطاع جنوب الليطاني.
منذ ثلاث سنوات تقريبًا زرنا الفوج في عرسال، واليوم نزوره مرّة أخرى للاطّلاع على طبيعة المهمّة الجديدة التي كُلِّف بها، وفي كفردونين الجنوبية حيث مقرّ قيادته حاليًا، التقينا قائده العميد الركن رامز خميس.


على طول الطريق مساحات خضراء وقرى جميلة... نتذكّر الطرقات الوعرة والغبار والوحول في زيارتنا السابقة للفوج يوم كان يتمركز في الجرود الشرقية. من يَعلم؟ قد نجده في المرّة المقبلة على الحدود الشمالية... الانتقال من منطقة إلى أخرى جزء من حياة كل عسكري، وسرٌّ من أسرار تعلّقه بكل شبر من أرض الوطن. لكن ماذا عن المهمّة الجديدة؟
«هذه المهمّة شرف وفخر لكل عسكري» يقول العميد الركن خميس. أمّا في ما يتعلّق بالقدرة على التأقلم بسرعة في القطاع الجديد، فهو يشير إلى قدرة الفوج على التدخل السريع لتنفيذ أي مهمّة توكل إليه، وهذه القدرة واحدة من مميّزاته، مضيفًا أنّ تجهيز وحداته وتدريب عناصره يخوّلانه القتال في مختلف الأماكن. فالفوج مجهّز بآليات ذات حركية عالية وعتاد مناسب، وعناصره مدرّبون تدريبًا متقدّمًا للقتال في الأماكن المبنيّة والآهلة. وهو في الوقت نفسه يملك كفاءة عالية في القتال الكلاسيكي ويستطيع تنفيذ عمليات خاصة سواء كانت محدودة أو واسعة النطاق (إغارات، كمائن، مطاردة، والتدخل في ظروف حرجة لدعم باقي الوحدات). كما أنّه ينفّذ بحِرفيّة عالية مهمات حفظ الأمن والعمليات العسكرية غير القتالية (إنقاذ، إغاثة، انتشال مصابين في الكوارث...).

 

مواقع متقدّمة في مواجهة العدو
خاض الفوج في جرود عرسال عدّة معارك ضدّ المجموعات الإرهابية موقعًا خسائر فادحة في صفوفها، ومقدمًا ثلاثة شهداء من بينهم الرائد داني خيرالله.
انتقل الفوج من عرسال إلى الزهراني ووضع تحت القيادة العملانية للواء المشاة الأول، فتمركزت ثلاث من سراياه في محيط مخيم عين الحلوة وكُلِّف مهمة حفظ الأمن، وتأمين الدعم والمساندة للوحدات الصديقة بناءً على أمر يصدر عن قيادة الجيش (احتياط).
ينتشر الفوج حاليًا في قطاع واسع مساحته حوالى 385 كلم2، ويمتدّ من يارون إلى حولا والعديسة وفرون وصولًا إلى بنت جبيل. أمّا مهمّته فهي الدفاع عن الحدود والتصدّي لأي خرق أو اعتداء من قبل العدو الإسرائيلي، فضلاً عن حفظ الأمن وبسط سلطة الدولة، وتنفيذ مهمات مشتركة مع الـ«يونيفيل»، وتبادل الدعم والمساندة وغلق قطاع المسؤولية مع ألوية المشاة الأول والخامس والسابع.
تتمركز بعض سرايا الفوج في مواقع متقدّمة على امتداد الخط الأزرق (يارون، مارون الراس، جل الدير، الحمرا، بئر شعيب، ميس الجبل، العباد، حولا، مركبا، العديسة، ومرتفع النبي عويضة)، وتقوم برصد تحركات العدو ومراقبة الأعمال التي ينفّذها، وتفيد عن خروقاته. وتطبيقًا للقرار 1701، تقوم بدوريات مدولبة أو راجلة مشتركة مع قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان (حوالى 85 دورية أسبوعيًا) في النقاط المتقدمة. ولا يقتصر التعاون مع هذه القوات على ما سبق ذكره، بل إنّه يشمل مجالات أخرى أمنية وإنمائية وثقافية، إضافة إلى التدريب وتنفيذ تمارين مشتركة.

 

عصب الفوج
• ما هي التدريبات التي يخضع لها عسكريو الفوج، وأيها يتمّ بالتعاون مع الـ«يونيفيل»؟
يجيب العميد الركن خميس قائلاً: التدريب هو عصب الجيش وأحد أهم عناصر الجهوزية. في ما يتعلّق بالفوج، يتابع العسكريون عدّة دورات لصقل مهاراتهم، بعضها يُنفَّذ بالتعاون مع فرق تدريب أميركية وفرنسية وأخرى تابعة لقوات الأمم المتحدة. وتشمل عمليات التدريب مجالات متعدّدة، من الاستطلاع والرماية والقنص والمداهمة... إلى القتال المتقارب والرماية على مستوى مجموعة، وهندسة القتال، ومراقبة نيران المدفعية، وإدارة الذخيرة، والمساندة اللوجستية المتقدمة... وسوى ذلك.

 

الوضع على الحدود
• السؤال الأهم، ما هو الوضع حاليًا على الحدود، وما هي الإجراءات والتدابير التي يتّخذها الفوج؟
يجيب العميد الركن خميس: التعليمات صارمة وحازمة وهي تقضي بعدم التهاون مع أي استهداف أو عمل عدواني أو خرق للسيادة اللبنانية، ومنعه بمختلف الوسائل، فأي عمل عدواني سيقابَل بالمثل. وبالاستناد إلى قرار المجلس الأعلى للدفاع والأوامر الصريحة الصادرة عن قيادة الجيش، تقضي مهمّتنا بمنع أي خرق للسيادة الوطنية، «ممنوع يفوتوا حتى شبر واحد»... وقد اتخذنا الإجراءات الميدانية المناسبة للتعامل مع الوضع وتنفيذ الأوامر المعطاة لنا.

 

جهوزية تامة
ختامًا، يؤكّد العميد الركن خميس أنّ الفوج على أهبة الاستعداد وفي جهوزية تامة على الرغم من اتّساع قطاع انتشاره، ومواجهة وحداته بعض التحديات كبُعد المراكز عن بعضها، ووعورة الطرق المؤدّية إلى بعض المراكز الحدودية... ويقول: واجهنا أوضاعًا صعبة كثيرة وحافظنا على أعلى مستويات الجهوزية، وهذا ما يحصل اليوم أيضًا، وسيحصل دائمًا...