العوافي يا وطن

فوج التدخل الرابع
إعداد: تريز منصور

العقيد الركن عبد السلام سمحات حفظ الأمن عملية بالغة الدقة العسكريون سهرنا على الأمن يدعم رفاقنا في نهر البارد

«إن عملية قتال العدو، على الرغم من مخاطرها، أسهل بكثير من عملية حفظ الأمن، باعتبار أن العسكري يمكنه استعمال جميع الوسائل في أثناء المعارك، ولكن لا يمكنه التعاطي مع المواطنين إلا وفق أسس وتعليمات دقيقة، حددتها القيادة في مذكرات خدمة في أثناء عملية حفظ الأمن وملاحقة المخلّين به».
بهذه الكلمات بدأ قائد فوج التدخل الرابع العقيد الركن عبد السلام سمحات حديثه الى مجلة «الجيش» متناولاً مهام الفوج في حفظ الأمن في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها لبنان.
يضم فوج التدخل الرابع ست سرايا قتال وسرية قيادة وخدمة منتشرة في قطاع الفوج، الذي تبدأ حدوده من كورنيش المزرعة مروراً بطريق الجديدة، فرن الشباك، عين الرمانة، الضاحية الجنوبية وصولاً الى حي السلم.


ندرك حجم مسؤولياتنا
قال العقيد الركن سمحات:
«إن العسكريين ينفّذون المهام الموكلة اليهم بمعنويات مرتفعة وحماسة كبيرة، فالجميع يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في هذه الظروف المصيرية في تاريخ الجيش والوطن. ومن المهام الأساسية للفوج الذي انتشر في القطاع المذكور، حيث كان اللواء المجوقل ينتشر قبل المشاركة في معارك نهر البارد، حفظ الأمن وملاحقة المخلّين به. ويندرج ضمن هذه المهام مهمة الحفاظ على أمن الإنتخابات التي جرت في بيروت مؤخراً وكذلك أمن المباريات الرياضية والمظاهرات...
ويرى قائد فوج التدخل الرابع أن مهمة التعاطي مع المدنيين صعبة جداً خصوصاً في هذه الظروف الدقيقة التي يعيشها الوطن والجيش. مثلاً عند حصول أية عملية إخلال بالأمن في أثناء مظاهرة أو لدى عدم الامتثال لأمر الوقوف على الحاجز، فإن تعليمات القيادة لا تجيز للعسكري إطلاق النار مباشرة على المخلّين بالأمن، بل عليهم توجيه الإنذار أولاً ومن ثم تفريق المتظاهرين بأدوات مكافحة الشغب كالهراوات والقنابل المسيّلة للدموع. وأخيراً تأتي مرحلة إطلاق النار، ولكن بعد تعيين العناصر الذين عليهم القيام بهذه المهمة وكذلك الهدف، على أن يكون إطلاق النار على الأرجل فقط. فدقة المرحلة تقتضي الكثير من الحذر والحكمة في التعاطي مع المواطنين. وأضاف قائلاً: القتال والحفاظ على الأمن مهمتان تتكاملان، والجيش ينفذ المهمات الموكلة اليه في المناطق اللبنانية كافة، بمعنويات عالية واندفاع لا مثيل له، وهذا ما تؤكده المؤشرات التي نستند اليها في تقييم المعنويات، كحالات الفرار والتهرب من الخدمة...

 

المواطنون متجاوبون
عن تجاوب المواطنين مع عملية فرض الأمن قال العقيد الركن سمحات:  «الجيش ملتزم القانون والدستور وكل مخلّ بالأمن يسلّم الى المراجع المختصة. والناس يتجاوبون لأنهم عرفوا ما معنى فقدان الأمن. فالأمن قبل الرغيف».
وأضاف: «أحداث مخيم نهر البارد خلقت حالة من التضامن والتعاطف مع الجيش، لم يسبق لها مثيل والمواطنون يتعاونون الى أقصى درجات التعاون معنا ويبلغون عن أي حادثة إخلال بالأمن أو عن أي جسم مشبوه، والعبوة التي وجدت في محيط الجامعة العربية كانت واحداً من الأمثلة على هذا التعاون.

 

تدابير أمنية وحواجز ودوريات
في الطريق المؤدية الى المدينة الرياضية تصادفك حواجز للجيش ودوريات راجلة ومؤلّلة، نسأل آمر الفصيلة الأولى المؤلّلة في السرية الثالثة النقيب ناصر رزق حول المهام الموكلة اليهم فيقول: «لقد انتشرنا حديثاً في هذا القطاع مكان الفوج المجوقل الذي يخوض الحرب البطولية المصيرية ضد الإرهاب في مخيم نهر البارد، علماً أن المهمة هنا لا تقلّ أهمية باعتبار أننا بمحاذاة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين. مهمتنا الأساسية حفظ الأمن في القطاع، من خلال تسيير دوريات وإقامة نقاط مراقبة وحواجز ظرفية ومتنقلة، وخصوصاً في أثناء حصول نشاطات تقتضي وجود تجمعات».
وأضاف: «لا تواجهنا أي عوائق في تأدية واجبنا الوطني، بل على العكس فإن المواطنين يتعاونون مع الجيش الى أقصى درجات التعاون، والثقة عميقة فوجودنا على الأرض يبعث الثقة والطمأنينة في النفوس. إن المواطنين يلجأون الينا في حلّ نزاعاتهم وخلافاتهم المتنوعة، كما أنهم يزودوننا المعلومات التي ترد اليهم ويبلغوننا فوراً عند الاشتباه بأي جسم غريب. والملاحظ أنه بعد أحداث نهر البارد ارتفعت نسبة الوعي والتعاون عند الناس وكبرت الثقة بالجيش، وبالتالي المسؤولية الملقاة على عاتقنا كبرت، أولاً تجاه هذا الشعب الطيّب وثانياً تجاه رفاقنا في نهر البارد. إننا العين الساهرة التي تسهّل عليهم المهمة الصعبة والدقيقة.
إننا نؤكد أنه كلما سقط لنا شهيد في نهر البارد، ازددنا قوة وصلابة وعزماً في حفظ الأمن وبسط سلطة الدولة. والجميع يرغب في المشاركة في معركة نهر البارد الى جانب الرفاق الأبطال، علماً أنه تمّ تشكيل البعض للالتحاق برفاقهم في الشمال، بناءً على طلب القيادة».
وتمنى النقيب رزق أخيراً لرفاقه القوة والصحة وعودتهم الى أهلهم وعائلاتهم سالمين متعافين محققين النصر للجيش ولبنان.

 

«الله معك يا وطن»
نتوقف قليلاً عند أحد الحواجز الثابتة نرصد ابتسامات المواطنين والتحيات التي يؤدونها للعسكريين «الله معك يا وطن»، «الله يحميكم»، «يعطيكم العافية»، «فتشوا منيح».... وبدورهم يرد العسكريون التحية، يؤدون واجبهم بكل انضباط وتبدو على وجوههم علامات الارتياح.
الرقيب الأول بدوي العكاري من السرية الأولى يخبرنا أن لا صعوبات في تنفيذ المهام، المواطنون يتعاملون معنا بكل احترام وتهذيب وثقة. نحن على الحواجز ليلاً ونهاراً للحفاظ على الأمن، ولكن أمنيتنا أن نكون اليوم مع رفاقنا في نهر البارد. نحن اليوم العين التي تسهر لتساندهم فينصرفوا الى المعركة وهم مرتاحون الى أن الأمن مستتب في باقي المناطق.
بدوره يؤكد الرقيب الأول رائف أسمر من السرية الأولى أن «المهمة صعبة والمسؤولية كبيرة، فالناس وضعوا ثقتهم بنا وعلينا أن نكون على قدر هذه الثقة. الجميع يتعاون معنا ويزودنا المعلومات المتوافرة لديه».
ووجّه تحية الى رفاقه الأبطال في نهر البارد ودعاهم الى الصبر والصمود والحرص على سلامتهم. كما حيّا أرواح الشهداء واعتبر دماءهم التي هدرت في نهر البارد وسام شرف على صدر كل لبناني.
ويقول العريف منير جابر من السرية نفسها: «المسؤولية اليوم كبيرة جداً والمواطنون متجاوبون الى أقصى الحدود معنا ويتقبلون التدابير الأمنية بكل روح رياضية، بالرغم من الازدحام الذي يحصل من جراء عمليات التفتيش على الحواجز، بل إنهم يدعوننا الى المزيد من التدقيق والحزم. أحيّي رفاقي في نهر البارد وأدعوهم الى الصمود وأقول لهم قلوبنا معكم، كما أحيّي أرواح الشهداء وأتمنى النصر للجيش الذي هو صمام الأمان».

تصوير: الرقيب وليد نقولا