حكايات النار

فوج المدفعية الأول: إنها معركة الـCopper Head
إعداد: جان دارك أبي ياغي

هي معركة الـCopper Head كما وصفها قائد فوج المدفعية الأول العميد الركن جورج الحايك. فبفضل هذه القذائف الذكية (عيار 155 ملم) التي توجّه بواسطة الليزر(Laser) بعد تحديد الهدف، تمّ تسجيل إصابات مباشرة في صفوف العدو.


تقنية حديثة كان لها دور كبير في الحسم
يحدّد العميد الركن الحايك مهمة الفوج العملانية خلال المعركة بالرمي على مراكز العدوّ ومصادر نيرانه تسهيلاً لتقدّم قوى المشاة نحوها واحتلالها. ونجاح هذه المهمة أدّى إلى تدمير مراكز الإرهابيين وآلياتهم وتجمّعاتهم، المحصّنة منها وغير المحصّنة. لقد «دمّرت عن بكرة أبيها»، وقُتِل عناصرها يقول قائد الفوج، موضحًا أنه ثمة تقنية حديثة كان لها دور كبير في حسم المعركة بشكل سريع وفعّال، وهي تُستعمل لأول مرّة في لبنان.
وأضاف: مهمة الفوج التكتية هي تقديم الدعم العام للجيش خلال أي عملية عسكرية، ويمكن ترجمتها بالتمهيد الناري بكل الوسائل المتوافرة لتسهيل تقدّم المشاة وإزالة المعوقات من أمامها. في معركة «فجر الجرود» بالإضافة إلى القذائف التقليدية تمّ استخدام قذائف الـCopper Head الذكية Laser Guided Rounds والتي تستعمل بتوجيه من الطيران.


الدقة: 100/100
وتابع قائد الفوج: عندما تسلّمنا هذه القذائف لم نحصل معها على جداول الرمي، وكيفية قياس ارتفاع الغيوم أو الرؤية، لكننا تجاوزنا هذه الصعوبة بمجهود شخصي. وسجّلنا نسبة إصابة أعلى من تلك التي حققها الأميركيون بواسطة القذائف نفسها. وفي حين ينبغي الرمي بمدفعين أو بقذيفتين للتوصل إلى 70 أو 80% من الدقة في الإصابة، رمى فوج المدفعية بمدفع واحد وحقق إصابة عالية الدقة في تدمير الأهداف. كان هدفنا تدمير الإرهابيين قبل أن يضطر الجيش إلى الاحتكاك بهم، وقد نجحنا في ذلك.
في لقطات حيّة من المعركة تابعناها عبر شاشة الكومبيوتر مع العميد الركن الحايك، شاهدنا كيف دمّرت قذائف الـCopper Head أهداف العدوّ ومراكزه بدقة متناهية: «ما بقي حدا طيّب»...
في مشهد آخر، رأينا كيف تطايرت آليات «داعش» في الجو نتيجة الإصابة المباشرة، وذهلنا أمام الدقة في اصطياد الأهداف وتدميرها، سواء كانت مراكز أو أفرادًا يتنقلون على دراجات نارية. هنا لا بدّ من الإشارة إلى تقنية فريق عمل التصوير الذي نجح في توثيق صورة المعركة بحِرفية عالية.
استخدمت في معركة «فجر الجرود» 130 قذيفة Copper Head أصابت 130 هدفًا، مع العلم أن هذه القذائف تعود لـ30 سنة خلت، والجيش الأميركي توقّف عن استخدامها منذ 20 سنة، إذ حلّت مكانها أخرى أكثر تطوّرًا هي الـExcalibor.


مخازن نقّالة
تــمّ تغــيــيــر مــرابــض الـCopper Head ست مرات، خلال المعركة. هذا التغيير حصل بمرونة وبسرعة بفضل العتاد الجديد الذي تسلّمناه من الأميركيين قبل أسبوع من المعركة. وهو يضم حاملات الذخيرة المؤللة، والمجهّزة لنقل القذائف وحشواتها، وتتسع الواحدة منها لحوالى 100 قذيفة. تتميز هذه الحاملات بأنها مصفّحة وتؤدي دور المخازن النقّالة والضرورية إلى جانب كل مربض. تمّ استخدام المدافع بأقصى مداها (من وادي راسي، إلى خربة النصراني، إلى مراح الشيخ، إلى راس جمعة...).
كيف استطاع الجيش استخدام القذائف الذكية بهذه الفاعلية؟
يقول قائد الفوج: قمنا بترجمة مراجع أميركية عن مختلف أنواع القذائف ومن بينها الـCopper Head. وتدرّب الضباط مدة ستة أشهر على كيفية رمايتها. لذا، كان الفوج على جهوزية تامة لخوض المعركة، ولم يجد صعوبة في استخدام القذائف الذكية، بل إنه استخدمها بدقة فائقة. وبالتالي، حتى أبواب المغاور التي كانوا يتحصنون فيها أصيبت بدقة واقتُلعت من مكانها.
أخيرًا، يؤكّد العميد الركن الحايك أن الفوج أثبت قدرة قتالية عالية، وتأقلم مع السلاح الحديث، مما أدّى إلى حسم المعركة بشكل فاجأ الصديق والعدو معًا، وهو يثني على التعاون الذي كان قائمًا بين المدفعية وسلاح الطيران بشكل خاص.