في ثكناتنا

فوج المغاوير
إعداد: نادين البلعة - كارلا حداد

للسنة الثالثة على التوالي، تخضع سرايا فوج المغاوير في الجيش اللبناني الى دورة تدريبية مع الفرقة الخامسة من الوحدات الخاصة الأميركية. وقد تابع المغاوير بنجاح الدورة التي أقيمت بين 13/4/2009 و15/5/2009 بين منطقتي بياقوت واللقلوق.
العقيد المغوار حسيب عبدو عرض لنا العناوين العامة لهذه الدورة التي ركّزت على قتال الشوارع في الأماكن الآهلة، حيث تمّ التدريب على مستوى الحضيرة، وأُجريت مناورات بالذخيرة الحيّة.
وفي جولة رافقنا فيها العقيد عبدو شرح المدربون آمرو السرايا والفصائل مراحل التدريب وآلياته.

 

التدريبات
الرائد عمر مجلّد، مدير دورة التدريب المشترك بين الجيشين الأميركي واللبناني، قال إن التدريب تمّ على مرحلتين:

 

• المرحلة الأولى: ركّزت على قتال شوارع وتضمّنت كيفية تنظيف شارع، والتفتيش عن أشخاص مطلوبين؛ بالإضافة الى كيفية دهم بناية ومنزل والإنسحاب. في هذه المرحلة لم يستعمل الرصاص الخلبي أو الحيّ، بل استعيض عنه بالـPaint ball (أمّنها فريق التدريب الأميركي). في نهاية هذه المرحلة قامت كل سرية بمناورة ارتكزت على فرضية، أُعطيت على أساسها أوامر العمليات والتحضير والتنفيذ.

 

• المرحلة الثانية: تضمّنت رمايات بالذخيرة الحيّة، ورمايات Launcher، 12.7، ماغ، قناصات... وفي ختامها نفّذ المتدربون الإغارات والكمائن.

 

أنواع الرماية
في ما خص أنواع الرمايات التي مارسها المتدربون يقول: «تدرّب العسكريون على الرمي سيراً نحو أهداف متحركة. فكان كل مدرب يسير مع عسكري، يرافقه ويعطيه التوجيهات عن الوقت المناسب للرمي خلال السير، وعلى أهداف معيّنة. كما كان هناك رمايات القناصة على مسافات بعيدة ومحددة، بالإضافة الى الرمايات بالأسلحة الخفيفة وبالـ م16، حيث تنافس المتدربون على تحقيق أفضل النتائج، وفي ختام الدورة تمّ اختيار أفضل خمسة رماة».
ويؤكد الرائد مجلّد أن التدريبات جديدة وقد طوّرت، والعسكريون استفادوا من خبرات المدربين الأميركيين.
ويشدّد مدير الدورة على الهدف الأساسي منها، ألا وهو الإنطلاق من الخبرة التي يتمتع بها عناصر الفوج وضباطه، بغية الإنتقال من مرحلة القتال النوعي الى القتال الإحترافي.

 

مهارات إضافية
من جهته يوضح الرائد جيمس موسى، وهو آمر سرية في الفوج، أن العلاقة مع الفريق الأميركي ليست عملية تلقين بل هي في سياق تبادل الخبرات.
الأميركيون يقدّمون خبرتهم التي اكتسبوها من حرب العراق ويطلبون بالمقابل خبرة الجيش اللبناني من معركة نهر البارد.
الدورة أكسبت العسكريين مزيداً من الثقة بالنفس والإحتراف والتدريبات، ركّزت على تدابير الحيطة والتزام وضعيتها.
ويشدّد الرائد موسى على أهمية الدروس التي تتعلق بالإسعافات الأولية، التي أتت ضمن برنامج متكامل من التدريبات على مهارات متعددة. فالفرقة التي تقوم بعمليات خاصة، تنفّذ مهامها في أماكن بعيدة، لذا على عناصرها التحسّب لأي طارئ واكتساب أدق المهارات التي قد يحتاجونها خلال مهماتهم.

 

مستوى متقدّم
تبدأ التدريبات على مستوى الفرد، وتنتقل بعدها الى الرهط فالحضيرة. ويشجّع المدربون على التدريب المتواصل ليصل العسكريون الى العمل وتنفيذ المهمات على مستوى الفصيلة والسرية.
فكلما زاد عدد المتدربين في الفريق، عَلَت نسبة الإحتراف، إذ تزداد الصعوبات ويصبح إحتمال الخطأ أكبر، ما يتطلب مستوى أعلى من التركيز والإنتباه. والأهم أنه يتم العمل على كيفية إدارة المعركة عبر آمري الحضائر. هؤلاء، مسؤوليتهم أن ينقلوا الأوامر من سلطة الى سلطة لإيصالها الى الأفراد على أرض المعركة. من هنا أهمية فهم الأمر واستيعابه وإيصاله بشكل صحيح ليُطبّق بدقة.

 

 اللغة والإنتباه
الرائد أحمد العمري، آمر السرية الأولى في فوج المغاوير، تولى دوراً تنسيقياً بين ما يطلبه مدير الدورة والمدربون الأميركيون، في إطار برنامج محدد، بالإضافة الى توزيع الضباط وآمري الفصائل الذين يتولون الترجمة الى جانب التدريب. فآمرو السرايا والفصائل، يتقنون اللغة الإنكليزية، وقد خضعوا لدورات تدريبية مشابهة سابقاً. «من هنا لا نجد أي صعوبة في نقل الأفكار الى العسكريين».
ويلفت الرائد العمري الى «خطورة الرمايات بالذخيرة الحيّة، ما اقتضى أقصى درجات اليقظة وهذا ما أكسب العسكريين انتباهاً وتركيزاً أكبر».

 

يوم تدريبي
آمر السرية، بالإضافة الى نقل الأوامر، يشرف على السرية بما فيها فريق التدريب الأميركي، وهو مسؤول عن تأمين كل مستلزمات التدريب الفعّال بالتنسيق مع قيادة الفوج.
إنطلاقاً من هذا الواقع، يروي لنا الرائد إيلي مخول، آمر السرية الخامسة في الفوج، وقائع يوم تدريبي في هذه الدورة:
«صباحاً، يتم تحضير الدروس النظرية للتدريبات التي تتم خلال النهار. في مراحل أخرى، يبدأ التدريب العملي الذي هو عبارة عن تطبيق الدروس النظرية على الأرض. وفي آخر النهار تتم مراجعة الأعمال والتدريبات والدروس التي جرت خلال النهار، وتقييمها لتحسينها في المراحل اللاحقة».

 

الصعوبات
في التدريبات اليومية
هذا عن التدريب بشكل عام، أما بالنسبة الى الصعوبات التي يواجهها المدربون والمتدربون على حد سواء، فيشرح الرائد مخول:
«تكمن الصعوبات في عدة نواحٍ: الظروف الطبيعية يمكن أن تكون غير مناسبة خصوصاً خلال الشتاء، ولكننا مجهزون للعمل والتدريب في كل الحالات.
من ناحية أخرى، نواجه صعوبات لوجستية. فإمكانات الجيش اللبناني محدودة. لذلك نحاول بالإمكانات المتوافرة، الإستفادة من التدريبات بشكل إيجابي.
والصعوبة الأبرز هي تزامن التدريبات مع المهمات العملانية، حيث نضطر الى مقاطعة التدريب لتنفيذ مهمة طارئة. لذا لا يكون لدى العسكريين الوقت الكافي للإستراحة قبل العودة الى التدريب، خصوصاً وأن العتاد المستعمل خلال المهمات العملانية يختلف نوعاً ما عن المستخدم للتدريب. لذا نحاول التأقلم مع التغيرات قدر المستطاع».
 

آمر سرية بالوكالة
الملازم الأول سيّاد فواز هو آمر سرية بالوكالة. يقدم لنا خبرته الجديدة في هذا المجال، «فعلى آمر السرية مسؤولية أكبر من تلك المعني بها آمر الفصيلة.
هو المسؤول عن إدارة السرية والمخازن والتنسيق مع الفروع ومع قائد الفوج، وأحياناً مع القطع في مهماتها الخارجية».
ويرى من ناحية أخرى، أن هذه الدورة مفيدة جداً إن لناحية التدريبات أو لناحية العتاد المتطور الذي زوّدهم إياه الأميركيون. وقد لاحظ تنسيقاً ممتازاً بين المجموعات ما يؤدي الى تنفيذ المهام العملانية بتضامن وانسجام وتجاوب.
«لا شك أن هناك نقلة نوعية على صعيد العتاد المستعمل في التدريب والتنفيذ. فقيادة الجيش تحاول دعم الفوج بالعتاد الأساسي على أمل تحسين الأمور الأخرى».

 

آمر الفصيلة
آمر الفصيلة هو الذي يتلقى أوامر التدريب في هذه الدورة، من آمر السرية ومن المدربين لينقلها بشكل صحيح الى الفصيلة.
الملازم الأول جورج صليبي، آمر فصيلة، يوضح مدى أهمية تلقي الأوامر ونقلها بدقة الى العسكريين، والمسؤولية التي تقع على عاتقهم في هذا المجال.
أما بالنسبة الى الصعوبات، فهي «تكمن في المرحلة الأولى للتنفيذ، وتساعد التدريبات على اكتساب الخبرة في تلقي الأوامر، فيصبح تنفيذها أسهل».
ويتابع الملازم الأول صليبي: «نكتسب مع التدريب، الثقافة والخبرة العسكرية بالقتال، وإدارة الفصيلة خلال المعارك وإعطائها الأوامر. وقد توصّلنا في هذه الدورة الى أن يفهم كل عسكري المهمة المطلوبة منه، عبر تسلسل هرمي في السرية».

 

مستويات التدريب
يتم التدريب على مستويين: عسكر ينتقل من مرحلة الخبرة الى مرحلة الإحتراف، وعسكر جديد يكتسب الخبرة التدريبية، التي تكون خبرة حقيقية تحققها المناورات بالذخيرة الحيّة.
وفي هذا المضمار، اكتسب المعاون الأول فادي غيّة خلال هذا الدورة، خبرة ودقة عالية في الرماية ولياقة بدنية إضافية.
أما الرقيب الأول رمزي برجاس، فاعتبر أن التدريبات التي تابعوها خلال الدورة، لا تختلف عن تلك التي يقومون بها عادة في الفوج، سوى ببعض التقنيات الحديثة. وأضاف: «لقد اعتدنا على قساوة التدريب خصوصاً وأننا نملك قوة الإرادة».
من ناحيته الرقيب الأول غسان ماضي، لاحظ أن العناصر فقدوا خلال هذه الدورة هاجس الخوف من السلاح واستخدامه، واكتسبوا الثقة بالنفس، معتبراً أن الخبرات قد اجتمعت في هذه الدورة وأتت بنتيجة ممتازة.
الرقيب علي طراف والجندي وليد الحلبي اكتسبا خبرات جديدة خلال الدورة. ويشيران الى أن بعض العناصر واجهوا مشكلة في فهم اللغة للتواصل مع الفريق الأميركي، إلا أن هذه المشكلة لم تُعِق التدريبات خصوصاً مع مواكبة عنصر مترجم للدورة.

 

الثقة والخبرة والتوقيت
«يعطي السلاح الثقة بالنفس» بحسب الرقيب علي مصطفى محمد الذي يشارك للسنة الثانية بهذه الدورة، متمنياً أن يشارك بدورات أخرى مشابهة. أما بالنسبة الى العريف ربيع الحاج، فقد تميّز التدريب بالجدية والمسؤولية والخبرة العالية. وقد اعتبر أن هذه الدورة زادت من ثقته بنفسه. كما اكتسب العريف الحاج لياقة بدنية إضافية، إذ أن التدريبات تحتاج الى قدرة الصبر والتحمّل.
«التوقيت هو الأهم بالنسبة الى الفريق الأميركي، وكيفية تنفيذ المهمات ايضاً»، هذا ما خلُص اليه المعاون الأول هيثم شنبورة الذي اعتبر أن هذه الدورة أفادت خصوصاً العناصر الجدد الذين لم يقوموا بعد برمايات كثيرة.
المعاون الأول عبدالله سلمون استفاد من التنسيق الذي يرسيه التدريب بين المتدربين، وهذا ما يؤدي برأيه الى نجاح المهمة، مضيفاً أن هذه الدورة أتت عليهم بالخبرات العسكرية الجديدة، بالمسؤوليات وبالثقة بالنفس.
ويبقى طلب العسكريين عناصر فوج المغاوير، المزيد من التدريبات والدعم اللوجستي ليصلوا الى مستوى من الإحتراف يزيد تميّزهم ونجاحهم في أي مهمة طارئة.

 

حفل التخريج
جرى احتفال تخريج الدورة بتاريخ 15/5/2009 في ثكنة المغاوير رومية، بحضور العقيد الركن شامل روكز قائد فوج المغاوير والسيد طوني بارفيزي مسؤول الإرتباط بين السفارة الأميركية وفوج المغاوير.
تخلل الإحتفال عروض عسكرية رمزية ونشاطات قتالية. وألقى قائد الفوج كلمة بالمناسبة شكر فيها الفريق الأميركي على الجهود التي بذلها خلال مرحلة التدريب، وتمنى التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي بما فيه مصلحة الجيش.
كما حثّ عسكريي الفوج على الإستمرار بالتدريب بغية الإرتقاء بالمستوى الى مرحلة متقدمة جداً، وأثنى على جهودهم وصبرهم في تحمّل الضغط النفسي خلال هذه المرحلة، خصوصاً وأن وحدات من الفوج تتابع تنفيذ المهمات الأمنية الطارئة الى جانب التدريب المستمر من دون توقف.
كما ألقى رئيس فريق التدريب الأميركي كلمة مقتضبة بالمناسبة، شكر فيها فوج المغاوير قائداً وضباطاً وعناصر، على التعاون الذي أبدوه خلال مرحلة التدريب وعلى حسن الضيافة وتمنى العودة هو وفريقه الى لبنان مستقبلاً.
في ختام الحفل تمّ توزيع الدروع التذكارية والشهادات للمتخرّجين، وأقيم حفل غداء في نادي ضباط الفوج.