تحقيق عسكري

فوج المغاوير
إعداد: ندين البلعة خيرالله

طاقات استثنائية لعسكريين مبدعين

كتيبة باتت فوجًا سجّل البطولات
 

الانضباط والمناقبية والشجاعة... ثوابت بني عليها فوج المغاوير الذي يرى فيه قائد الجيش العماد جان قهوجي تجسيدًا لـ«البطولة التي تبلغ حدود المغامرة من دون التهوّر، والصلابة التي تتّحد أحيانًا مع القسوة... وروح التنافس التي تحاكي التطور والتفوّق، لكنها تبقى بعيدة عن التسابق والأنانية وحب الظهور».


المغوار: خلّاق ومبدع
يثق عسكريّو فوج المغاوير بأنفسهم وبمؤسّستهم، ويتباهون باعتمادهم على قدراتهم الشخصية، فعلى الرغم من كل الظروف الصعبة، يملك الفوج طاقات خلّاقة تستفيد من الموارد مهما كانت متواضعة. وعلى حدّ قول اللواء الركن المتقاعد محمود طي أبو ضرغم، مؤسّس الفوج، «المغوار هو طاقة خضعت لدورات قاسية وباتت تساوي خمسة عناصر»، ولأنه «يجمع في معارفه كل الاختصاصات والمجالات العسكرية، ويملك مؤهلات جسدية وعقلية استثنائية»، كما يصفه العميد المتقاعد جهاد شاهين (قائد سابق للفوج).
بهذه الروحية يتحدّث قائد الفوج العقيد الركن مارون القبياتي عن فوجه، ويؤكّد في لقائه مع «الجيش» أنه لا يستمر ولا يصمد في المغاوير سوى العسكري الخلاّق والمبدع. كما يخبرنا عن الورشة التي يشهدها الفوج في مختلف المجالات، وعن التدريبات الخاصة التي يخضع لها العسكري المغوار، مستعيدًا شريط المهمات التي نفّذها الفوج على مختلف الأراضي اللبنانية.

 

طاقة استثنائية
يتحدّث العقيد الركن القبياتي عن مواصفات المغوار التي باتت ثوابت معروفة، قائلًا: يتمتّع المغوار بروح معنوية عالية يكتسبها من أنواع المهمات التي ينفّذها وخطورتها. ويستشهد بقول للعميد الركن المتقاعد مارون الحتّي (دورة المغاوير التاسعة ومؤسّس مدرسة المغاوير والقوات الخاصة 1992): أن تكون مغوارًا فهذا «ليس امتيازًا بل مسؤولية وشعارًا للتواضع ونكران الذات والطاعة...».
ويضيف العقيد الركن القبياتي قائلًا: يتميّز المغوار أيضًا بالقدرة العالية على التحمّل، والعمل ليلًا ونهارًا في ظروف حياتية صعبة. وهو يمتلك لياقة بدنية مرتفعة وخفّة حركة لنقل عتاده، إضافة إلى احترافه التعايش مع البيئات الصعبة، والاستفادة من موارد الطبيعة.
ويؤكّد أنّ المغوار يملك فائضًا من القوة والرهبة يفرضهما أينما حلّ، ولكنه ليس متهوّرًا كما يظن البعض، بل إنّه يصقل القوة والمهارات التي يملكها، ويسيطر عليها في أيام السلم من خلال طبيعة تدريباته التي تخوّله التركيز والتفكير، وصولًا إلى التنفيذ في أصعب الظروف.

 

هيكلية الفوج
شهد فوج المغاوير تطورًا ملحوظًا في هيكليّته، وتدريباته، وعديده وعتاده، وهذا التطوّر بلور مهمّته الأساسية وهو وحدة مستقلّة ترتبط مباشرةً بقيادة الجيش.
تتألف الهيكلية من: قائد الفوج ومساعده، و5 فروع، و5 سرايا مشاة، وسرية دعم، سرية مدرعات، سرية استطلاع، 3 سرايا قتال جبلي وسرية قيادة وخدمة.
سرية الاستطلاع وسرايا القتال الجبلي حديثة نسبيًا في الفوج، وقد أنشئت لتلبّي الحاجة إلى مهمّات محدّدة.

 

سرية الاستطلاع
نظرًا الى طبيعة المهمات الاستباقية التي ينفّذها فوج المغاوير على مختلف الأراضي اللبنانية، برزت الحاجة لإضافة سرية استطلاع إلى الهيكلية التنظيميّة للفوج، واتخذ القرار بإنشائها في 13 كانون الثاني 2016. مهمة هذه السرية تأمين الاستعلام العسكري لمصلحة قيادة الفوج وهذا الاستعلام يشمل جميع المراحل، من مرحلة التخطيط ووضع أمر العمليات وصولًا إلى التنفيذ. وهذا ما يسهّل عملية تركيز الجهد، والمناورة بالقوى وتفادي المفاجأة، كما يبقي القيادة على اطّلاع بالمتغيّرات التي تطرأ.
لا ينتهي عمل هذه السرية مع انتهاء المهمات القتالية، بل يستمرّ حتى بعد عودة القوى إلى بقعة تمركزها، وهي كأي سرية مغاوير عادية تنفّذ المهمات القتالية الاعتيادية.
تتألف سرية الاستطلاع من ثلاث فصائل:
- فصيلة استطلاع: مهمتها جمع المعلومات عن العدو عبر التخفّي واختراق خطوطه، ومطاردته بشكلٍ سري، باستخدام تقنيات قتالية متقدّمة وتجهيزات متطوّرة في جمع المعلومات وإرسالها وحمايتها.
- فصيلة قنّاصة: مؤلفة من عدّة أرهاط قنص، تعمل بطريقة لامركزية في مختلف الظروف، وتتميّز بقدرة عالية على اكتساب الأهداف ليلًا ومعالجتها بدقّة متناهية.
- فصيلة دهم: تتابع تدريبًا خاصًا في مجال مكافحة الإرهاب، تخليص الرهائن والقضاء على الأهداف ذات القيمة العالية High Value Targets- HVT.
سرية الاستطلاع هذه، ومنذ إنشائها، هي في تطوّر وتقدّم مستمرَّين وخصوصًا على صعيد التدريب، محليًا وبإشراف فرق تدريب أجنبية بناءً على بروتوكولات مع كل من: القوات الخاصة البريطانية في مجال القنص والمداهمة والاستعلام، والفرنسية للحصول على المعلومات بالصور والبث المباشر من خلال استخدام تقنيات متطوّرة، والأميركية في مجال الاستطلاع واستخدام الأجهزة المتطوّرة في هذا المجال.
وقد كان للفوج أيضًا تجربة مميّزة، حيث سنحت الفرصة، وللمرة الأولى في الجيش، لإرسال ضابط من الفوج لمتابعة دورة آمر فصيلة قنص في بريطانيــا، مــع العلــم أنّــه لا يسمــح عــادةً لأي ضابــط أجنبــي بمتابعــة مثــل هــذه الــدورة.
وتتميّز هذه السرية بالتجهيزات الحديثة والعتاد المتطوّر الذي يساهم في رفع خبرة عسكرييها وجهوزيتهم القتالية، من قناصات، ومناظير رؤية ليلية، ومناظير حرارية، وأجهزة Laser وأجهزة اتصال متطورة وغيرها. وقد أثبتت فعاليتها من خلال مشاركتها في مختلف المهمات التي نفّذها الفوج في مختلف المناطق.

 

سرايا القتال الجبلي
يضمّ فوج المغاوير أيضًا 3 سرايا قتال جبلي، تأسّست السرية الأولى في العام 1998 وتتمركز في ثكنة إبراهيم سلوم- العاقورة، والثانية في العام 2006 وتتمركز في ثكنة يوسف رحمة- الأرز، والثالثة في العام 2011 وتتمركز في ثكنة الصخور- اللقلوق.
إن التأقلم مع الطبيعة الجبلية والتمكن من القتال في الجبال، يتطلّب خضوع عسكريّي هذه السرايا للتدريبات الآتية: دورة تأهيل، دورة تأسيسيّة في التزلج العسكري (BSM)، وأخرى في التسلّق العسكري (BAM)، آمر مجموعة جبلية، آمر سرية قتال جبلي، ودورة تكتية في القتال الجبلي.
بعد متابعة كل هذه الدورات، يتقن العنصر الجبلي المهارات الآتية: اجتياز مختلف العوائق للتمكن من تنفيذ المهمّة، العيش في الجبال في مختلف الظروف، التكيّف مع البرد والجوع، السيطرة وإدارة العناصر في ظروف طبيعية قاسية، والقتال واستعمال مختلف الأسلحة في الجبال.
إلى جانب المهمات القتالية الاعتيادية التي تنفّذها كأي سرية مغاوير أخرى، تُكلَّف سرايا القتال الجبلي بالمهمات الآتية:
- مراقبة واستطلاع وتزويد القيادة معلومات عن العدو من خلال السيطرة على المرتفعات والتحليق بمظلة الهضبات.
- القتال في الجبال في مختلف الظروف المناخية، فالعنصر الجبلي مزوّد عتادًا خاصًا يمكّنه من تنفيذ الدوريات والكمين والإغارة والمبيت.
- إنقاذ مدنيين عالقين في أماكن تعجز القوى والمؤسّسات الأخرى عن الوصول إليها، خصوصًا في الشتاء.
- تنظيم بطولات مع المدنيين في الجبال صيفًا وشتاءً، لتوطيد العلاقة بين الجيش والمجتمع والعسكريين.
- مساعدة وزارة السياحة في تنظيف الأماكن الأثرية.
- تأمين صلة وصل لأجهزة الإشارة في حالة الحرب، أو عندما يدمر العدو مباني الاتصالات والإشارة.
- المساعدة في تموين العناصر الصديقة المعزولة بسبب العواصف، بالمحروقات والتغذية.
 

شريط المهمات
جميع الأراضي اللبنانية تشهد على بطولات فوج المغاوير الذي خاض منذ تأسيسه أشرس المعارك، وتصدّى لأعنف المسلّحين وتدخّل في أحرج المواقف وأدقّها. فأثبت أنه أينما حلّ، ساد النظام والأمان وارتدع المخالفون. وإلى المعارك التي خاضها، نفّذ الفوج مهمات قتالية عادية ومهمات أمنية ودوريّات على مرّ السنوات:
- 1968: تنفيذ مهمة حماية الحدود اللبنانية الجنوبية، ومنع تسلّل المسلّحين من الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة وإليها، وقد دارت معارك ضارية سقط خلالها شهداء للفوج.
- 1973: منع عناصر مسلّحة من السيطرة على المدينة الرياضية وتخريب منشآتها.
- 1974: القبض على عصابات مسلّحة خطيرة في طرابلس.
- 1986-1990: تنفيذ مهمات مختلفة في منطقة جبل لبنان.
- 1991: تنفيذ مهمة حسّاسة في شرق صيدا أدّت إلى نجاح عملية انتشار الجيش في الجنوب.
- 1992: تنفيذ مهمة انتشار عملاني في الضاحية الجنوبية.
- 1993: منع إنزال وإبرار العدو الإسرائيلي على شواطئ الجنوب (الزهراني ومحيطها).
- 1995: مداهمات في خراج بلدتَي بريتال وحورتعلا في البقاع لتوقيف مسلّحين على أثر اشتباكات عائلية.
- 1998: تنفيذ مهمة أمنية في منطقة عين بورضاي- بعلبك.
- 2000: مطاردة مسلّحين خطرين في منطقة الضنية.
- 2003: مداهمة مطلوبين في بلدة حورتعلا وخراجها ومطاردتهم، حيث تمّ ضبط كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة.
- 2005: ساهم الفوج في حماية الأمن والاستقرار والحفاظ على أمان المتظاهرين على أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إضافة إلى حفظ الأمن خلال الانتخابات.
- 2007: تنفيذ عمليات حربية في مخيم نهر البارد وخوض أشرس المعارك الضارية ضدّ مسلّحي التنظيم الإرهابي «فتح الإسلام»، ما أدّى إلى القضاء عليهم.
- 2009: حفظ أمن ومداهمات في منطقة البقاع وملاحقة المخلّين والمطلوبين للعدالة وتوقيفهم، ومصادرة كمية من الأسلحة والذخائر والسيارات المسروقة والمخدرات.
- 2010: تنفيذ مداهمات ومطاردة مطلوبين وتوقيفهم في منطقة البقاع بعد اعتدائهم على عدد من العسكريين وقتلهم، وقد تمّت مصادرة كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر والمخدرات.
- 2011: مؤازرة القوى الأمنية لوقف تمرّد في سجن رومية.
- 2013: مهاجمة مجموعات مسلّحة في منطقة عبرا- صيدا.
- 2014: مهاجمة مجموعات مسلّحة تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في جرود عرسال وطرابلس وعكار، واستعادة النقاط المحتلّة وفرض السيطرة على هذه المناطق.
- 2015: تنفيذ مهمة في منطقتَي الشراونة ودار الواسعة، تمّ على أثرها توقيف مطلوبين وتدمير معامل كبتاغون.
وقد شارك الفوج خلال السنوات الماضية في مختلف عمليات ملاحقة المطلوبين وتجار المخدرات، وفي حماية الانتخابات النيابية والبلدية أيضًا.
كل هذه المهمات زادت من خبرة عسكريّي الفوج، خصوصًا وأنّ قيادته تعمل باستمرار على تقويم المهمة واستغلالها بشكلٍ إيجابي من خلال الاستفادة من الأخطاء وبناء خطط تدريب تتناسب والحاجات القتالية.

 

التدريب ثم التدريب...
تُقرّر تدريبات المغاوير إنطلاقًا من أنواع الحرب وتكتيكاتها وخططها، وتشمل، التسلّل والإغارة والكمين، التخريب عند العدو، القنص، تحرير الرهائن وعمليات أخرى سرّية. فالمغوار ينفّذ أعمالًا قتالية جريئة ضدّ أهداف العدو الحيوية وفي العمق، بهدف إرباك قيادة هذا العدو وإفقادها السيطرة، وبالتالي مسك النقاط الحسّاسة، تدمير مراكز مدفعيته وجلب معلومات عنه للقيادة ليتمّ استثمارها في وقت لاحق. ويضاف إلى ذلك، تأمين الظروف المناسبة لعمل القوات الصديقة الرئيسة في الميدان، لتحقيق أهداف العملية العسكرية الكبرى.
تتركز استراتيجية التدريب في الفوج على الموارد البشرية واللوجستية، وذلك لتحقيق التطوّر والتقدّم وبلوغ درجة عالية من الجهوزية المادية والمعنوية. فالتدريب هو العمل اليومي لهذه القوى الخاصة، ويهدف إلى صقل التقنيات والقدرات التي يملكها المغوار وزيادة خبراته.
يتمّ التدريب في الفوج بالتعاون مع فرق أجنبية:
- القوات الخاصة الأميركية: تدريب سرايا الفوج على تنفيذ المهمات التكتية، القتال المتقارب، القنص، الإسعاف الميداني، وآمر حضيرة.
- القوات الخاصة البريطانية: تدريب سرية الاستطلاع على مدار السنة، وتنفيذ دورات إسعاف ميداني متقدّم.
- الجيشان الفرنسي والإيطالي: دورات قتال جبلي وبحث وإنقاذ.
إلى جانب هذه التدريبات، يتابع عسكريّو الفوج دورات عديدة للانتقال من مرحلة القتال النوعي إلى القتال الاحترافي: معلم هبوط، قناص، استطلاع، قتال وجهًا لوجه، مداهمة، غطس، خبير متفجرات، مظلة الهضبات، تمريض، هبوط بالحبال وتسلّق، رمايات بمختلف الأسلحة، ومخيمات تدريب.
كذلك، ينفّذ الفوج عدّة مناورات بالذخيرة الحيّة خلال السنة، تتمحور حول فرضيات لمكافحة الإرهاب، تشارك فيها وحدات من مختلف القطع العسكرية، إلى جانب سرية الاستطلاع في الفوج والسرايا الأخرى. تستخدم خلال هذه المناورات التقنيات والأسلحة المستخدمة في أحدث جيوش العالم، مثل طائرات من دون طيار لجلب المعلومات والحفاظ على سرّيتها، وغيرها.
يضاف إلى ما سبق ذكره، دورات لغات أجنبية (فرنسية وإنكليزية) في المختبرات الموجودة في الفوج والمخصّصة لهذه التدريبات. كما يتمّ التعاون مع مختلف وحدات الجيش والقوى الأمنية في مجال التدريب، حيث يتابع التلامذة الضباط في الكلية الحربية فترة تخشّن لمدة شهر، وأخرى تمرّس على القتال الجبلي بإشراف ضباط فرنسيين. إضافة إلى التدريب مع فوج الحدود البرية الأول في المجال التكتي، ومع قوى الأمن الداخلي في دورات تخشّن وقتال جبلي أيضًا. وقد تابع فريقان سودانيان تدريبات تكتية في الفوج.

 

عتاد متطوّر
يتوافر في الفوج عتاد متطور ومتقدّم يستخدم لتنفيذ أدق المهمات وأصعبها. والفوج في سعي مستمرّ لتأمين مثل هذا العتاد وتطوير قدراته اللوجستية بهدف تسهيل عملية التنفيذ وسرعتها. ومن هذا العتاد: آليات مصفحة نوع هامر، قناصات، مناظير ليلية وحرارية، وسائل اتصال حديثة، وغيرها...
هل تمّ تحديث أو استحداث أي منشآت في الفوج؟
في إطار السعي الدائم لتحسين ظروف الحياة في المركز، شهدت ثكنة غسان رمّان في رومية، حركة إعمار وتحسين للمنشآت التي يستخدمها العسكريون، وذلك بدعم كامل من القيادة، ومن مواطنين يرغبون في دعم الجيش.
فقد تمّ استحداث غرفة عمليات متطوّرة مزوّدة أحدث التجهيزات ووسائل الاتصال بدعم أميركي. كذلك، تمّ إنشاء نادي ضباط واستراحة للعسكريين، وقاعة محاضرات، إضافة إلى حوض سباحة، ومكتبة، و«متحف شهداء نهر البارد»، وحقل رماية. وحاليًا يتمّ العمل على تحديث المركز الطبي داخل الفوج، والمطبخ، وقاعة الطعام ونادي الرتباء.
في الإطار نفسه، تمّ تحديث ثكنات سرايا القتال الجبلي وتزويدها وسائل تدفئة (تصل الحرارة شتاءً إلى 16 درجة تحت الصفر)، إضافة إلى تأمين خزانات مياه وأبراج حماية لها.

 

لا ننسى شهداءنا
الشهداء هم ذاكرة الفوج، ومنذ تأسيسه سقط لفوج المغاوير 175 شهيدًا، بينهم 16 ضابط. هؤلاء استشهدوا في مختلف أنحاء الوطن، فكانوا مداميك صلبة جعلت الفوج يتطوّر ويزداد إصرارًا وعزمًا ووفاءً لدمائهم الطاهرة. ويقول قائد الفوج السابق العميد الركن المتقاعد شامل روكز في هذا الإطار، إنّ «الصفات الأساسية للمغوار تبقى القوة والأخلاق، والحافز الأهم لنا هو الإرث العريق الموجود في الفوج، والمبني على انتصارات ودماء شهداء ضحوا بأنفسهم في ساحة الشرف ملتزمين قضيتنا الأساسية: الأرض، الشعب والوطن».
ولأنّ الفوج لا ينسى شهداءه، خصّص لهم داخل ثكنته متحفًا أسماه «متحف شهداء نهر البارد»، وحديقة زُرعت فيها أشجار زيتون حملت كلّ غرسة منها اسم شهيد. كما افتتحت في جوار ثكنة اللقلوق حديقة أرز حملت كل أرزة منها اسم شهيد من شهداء الجيش في نهر البارد.
كذلك، يبقى الفوج على تواصل مع عائلات شهدائه ويتفقّدها ويسأل عن أحوالها وحاجاتها في كل المناسبات. كما ينظّم نشاطات تبقي على الروابط بينه وبينها، ويتعاون في هذا الإطار مع مؤسّستَي اللواء الشهيد فرنسوا الحاج والمقدّم المغوار الشهيد صبحي العاقوري.

 

أبواب ثكناتنا مفتوحة للمواطنين
تعريف الشباب اللبناني إلى طبيعة لبنان، وإلى الدور الذي تؤديه الوحدات الخاصة، وتشجيعهم على الانضمام إلى صفوف الجيش، أهداف يعمل فوج المغاوير على تحقيقها من خلال التواصل مع المجتمع المدني، وقد نظّم الفوج على مدى سنوات، سباقات رياضية جمعت المدنيين والعسكريين، وهو حاليًا يدعم أي نشاط من هذا النوع تنظّمه جمعيات ومؤسسات مدنية، ويشارك فيه.
كمـا أنّ أبواب ثكـنات الفوج مفتوحة دائمًا أمــام كــل من يــرغب في زيـارتهــا، وقـد حضر إلى ثكنــة غسان رمّان هذا العام ما يفــوق 500 وفــد من مدارس وهيئات كشفية وجمعيات، فتخطـى عـدد الـزوار الـ9300 طـالـب.
كذلك، فرح الفوج بزيارة الصمّ والبكم والمقعدين إلى ثكنته، وهي المرة الأولى التي تحصل فيها زيارة من هذا النوع.


إنشاء فوج المغاوير
أنشئت كتيبة المغاوير الأولى في تشرين الأول 1966 في عهد قائد الجيش العماد إميل بستاني، وتمركزت في ثكنة سعيد الخطيب في حمانا، حيث أُسنِدَت قيادتها إلى الرائد محمود طي أبو ضرغم. تألفت من 65 عسكريًا اختيروا كنخبة من مختلف الوحدات العسكرية وتدرّبوا بتجهيزات متواضعة. وقد كان الهدف من إنشاء هذه الكتيبة خلق نواة طليعيّة صلبة نموذجية ترفع المستوى المعنوي والقتالي في الجيش، وتقوم بتنفيذ المهمات الصعبة، فتتصدّى للمعتدين على أمن الوطن والمواطن وتطارد المسلّحين الخارجين على القانون.
وبعد توقف دام لسنوات، أعيد إحياء فوج المغاوير في 11/1/1984، وتمركز في ثكنة سُميت باسم شهيد للفوج، الشهيد غسان رمّان، في رومية.