نشاطات القائد

في اجتماعه الدوري بالسلطات العسكرية المعنية

قائد الجيش العماد ميشال سليمان يؤكد أن التحديات كبيرة وعلينا مواجهتها بوحدتنا الوطنية وبصيغتنا الفريدة

نظراً للتطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط, وفي ظل الظروف والمتغيرات الدولية, والتحديات والتهديدات التي تطلقها إسرائيل في أكثر من إتجاه, عقد قائد الجيش العماد ميشال سليمان إجتماعين دوريين بتاريخي
8 و10 / 10 / 2002, بحضور السلطات المعنية, عرض فيهما للوضع العام وانعكاساته على الساحة الداخلية.

 

دور لبنان في الشرق الأوسط

بداية, استهل القائد لقاءه بالإشارة الى أن أطماع إسرائيل لا تقتصر على ثروات لبنان الطبيعية وحسب, بل تتعداها الى ضرب صيغته المميزة ومصادرة دوره الهام في الشرق الأوسط.
فقبل الحرب الأهلية الداخلية, كان لبنان يلعب دوراً أساسياً في الشرق الأوسط في شتى الميادين التجارية والسياحية والثقافية, وكذلك في كونه مركزاً للخدمات المتطورة في مجالات الطب والصيرفة والتقنيات الحديثة, نظراً لموقعه ولما يتمتع به شعبه من ثقافة وذكاء وانفتاح على دول العالم.
بعد اندلاع الحرب الأهلية تعطل دور لبنان, فسعت إسرائيل لاحتلال مكانته في منطقة الشرق الأوسط, حيث نجحت بذلك ومضت في إعداد نفسها لمرحلة السلام الموعودة مستفيدة من تطورها التقني وارتباطها الوثيق بنظام العولمة.
وبعد إنتهاء الحرب واستتباب الأمن, بدأ لبنان يستعيد دوره الإقليمي, وقد تجلى ذلك في استقبال المؤتمرات العالمية والإقليمية والنشاطات الأخرى, ويعزى ذلك الى السببين التاليين:
أولاً ­ بعد حادث 11 أيلول, شعر العرب بالإضطهاد من قبل الغرب, ما شجعهم على العودة الى لبنان, لما يشكله هذا البد من أمن وسلام لهم, هذا فضلاً عن كونه ميداناً صالحاً للثقافة والإستثمار والتجارة والطبابة والسياحة...
ثانياً ­ زيادة عزلة إسرائيل, بعد ارتكابها المجازر بحق الشعب الفلسطيني في مدن وقرى الحكم الذاتي, إضافة الى أن إقامتها سوراً حول مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة, جعلت دول الغرب تعيد النظر في قدرة إسرائيل على لعب دور فاعل في الشرق الأوسط في مرحلة السلام.

 

ضرب صيغة لبنان المميزة

في معرض حديثه عن محاولات إسرائيل التخريبية في داخل المجتمع اللبناني, أكد العماد سليمان أن لبنان يتميز بصيغته الفريدة؛ فقوته, بتعدد طوائفه, وتماسكها مع بعضها, كانت دائماً محط أنظار إسرائيل المبنية على الكيان الصهيوني الإنعزالي والذي يناقض صيغة لبنان, فلن تألو جهداً في ضرب هذه الصيغة, وما الحروب الطائفية التي عصفت بلبنان وإذكاء نارها من قبل إسرائيل, إلا دليلاً قاطعاً على أنها المستفيدة الأكبر منها.
وبالأمس, وبعد فشل إسرائيل في نقل الحرب من داخلها الى لبنان, بدأت بشن حرب إعلامية وسياسية لدس الفتن الداخلية, ولكن تم إفشال كافة المؤامرات, والمحافظة على وحدة الصف, ويعود ذلك الى وجود الجيش القوي وقيامه بدوره الوطني مدافعاً عن الأرض وحامياً لأمن المواطنين وللسلم الأهلي, متصدياً بشدة للعابثين بالأمن وللذين حاولوا إحداث تشنجات طائفية من خلال التحريض الإعلامي وإحياء أفكار التقسيم وتقويض الصيغة اللبنانية.

 

أطماع إسرائيل بالمياه

في ما يتعلق بقضية المياه, لفت القائد الى أن أطماع إسرائيل بمياه الجنوب اللبناني تعود الى ما قبل نشأتها, وكان هدفها المعلن من إجتياح لبنان عام 1982, طرد منظمة التحرير الفلسطينية منه, لكن بقاءها فيه لمدة 22 سنة يثبت هدفها الأساسي المتمثل باستثمار المياه اللبنانية لأطول فترة زمنية ممكنة.
بعد إنسحاب العدو الإسرائيلي, بدأ لبنان بممارسة حقه الطبيعي في استثمار مياهه عبر مشروع إنشاء محطة لجر قسم من مياه نبع الوزاني “لا يتعدى 10% من حقوقه” الى بعض القرى الجنوبية العطشى؛ على الفور باشرت إسرائيل بإطلاق تهديداتها بإقامة حرب ضد لبنان لتنهيه عن خطوته, بالرغم من الإتفاقات والمواثيق الدولية التي تثبت حقه في استثمار هذه المياه.
إن سياسة التسلط التي تمارسها إسرائيل, يتابع قائد الجيش, لن تثنينا عن المضي قدماً لحصولنا على حقوقنا من المياه التي تنبع من أراضينا, بالرغم من تصوير الموضوع للعالم وكأن لبنان يسلبها حقها من مياه الوزاني, ولن تنجح معادلتها المبنية على أن ما تحصل عليه من مياه الجنوب هو لها وما بقي هو لها وللبنان. في حين أن حاجتنا للمياه هي ماسة وملحة, ما دفع سوريا الى تشجيع لبنان في بناء سد على نهر العاصي لاستغلال مياهه على قدر حاجته وليس على قدر حصته القانونية.
هذا وإن إسرائيل تستغل المناخ العالمي والإقليمي المتمثل بمكافحة الإرهاب والتهديد الأميركي للعراق من أجل تصفية حساباتها مع القوى التي تعتبرها خطراً على أطماعها, ولبنان في طليعتها.
وشدد قائد الجيش على أن التصدي لهذه التحديات, يكمن بتحصين الوحدة الداخلية والسعي المستمر لتحرير مزارع شبعا ومساعدة الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم في أرضهم. وإن تضافر الجهود والتنسيق الكامل مع سوريا وحماية المقاومة, سيفوّت الفرصة على تهديدات العدو الإسرائيلي وسيزيد من حماس الإنتفاضة داخل فلسطين المحتلة.

 

مواجهة التحديات

أخيراً, ختم القائد بالإشارة الى أن تحديـات كبيرة تنتظرنا, وعليـنا مواجهتها بوحدتنا الوطنية وصيغتنا الفريدة والحفاظ على المصلحة الوطنية العليا التي تربطنا, والتخلي عن المصلحة الفردية التي تفرقنا, وهذا يتطلب تحضيراً وتنسيقاً كاملين مع الشقيقـة سوريـا لمجابهـة كافـة التحديات بأشكالها المختلفة, سياسية كانت أم عسكرية.
وخلـص الى أن ما يشاع حول ضرب العراق, إذا ما حصل, سيـؤدي الى تفكـك الدول المجاورة, فهـو غـير صحيح, وخاصة في ما يتعلق بلبنان, لأن جيشه القوي المتماسك والمتحد مع شعبه سيمنع ذلك, وبالتالي فلا خوف عليه من أي تقسيم.