عبارة

في الاتجاه الصحيح
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

من عادة العدوّ الإسرائيلي تعكير الماء تيسيرًا للعبث به، لا بل استخدامه في اقتناص الفرص، والنيل من حقوق الآخرين، بحيث يغتصب حقًّا إضافيًا، يضمّه إلى مكتسبات سابقة سيطر عليها بالحديد والنار، مع جنوحه الواضح الى تغيير الحقائق وتزوير الوقائع وتشويه التاريخ الإنساني. لقد عوّدنا هذا العدو على دورية تتجاوز الحدود تحضيرًا لعدوان جديد، أو جرافة تقتلع الشجر وتجرف التراب إلى ما خلف الخط الأزرق، أو طفّافة تتخطّى حدود مياهنا الإقليمية، أو طائرة تخترق أجواءنا، وعوّدناه نحن في المقابل على عدم الخضوع، فلا هو سوف يغيّر نهجه العدواني، ولا الجيش اللبناني سوف يتساهل في الالتزام بواجباته الوطنية كائنًا ما كان تشعّب المهمات وتفاقم الأعباء، في الداخل وعند الحدود.
ولا يخفى على أحد أن أمورًا عديدة لدينا تنتظر المعالجة، ومشكلات متراكمة تستدعي الحلّ، سواء بتأثير صراعات الجوار، أو بفعل الاستحقاقات السياسية الداخلية، والتي تتسبّب بالتأكيد في أعباء أمنية مختلفة في هذه المنطقة أو تلك، ما يستدعي من الجيش رفع مستوى الجهوزية وتكثيف الجهود، لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية من جهة، ولضبط التجاوزات الداخلية من جهة أخرى. ذلك كله لن يؤدي بالمؤسسة العسكرية إلى الخطأ في ضبط بوصلتها دائمًا نحو الإتجاه الصحيح، وتوزيع قواها على مساحة البلاد. فكما أنّ التدريبات لا تتمّ على حساب المهمّات الأمنية، فإنّ هذه الأخيرة لا تنال من مهمّة الدفاع عن الحدود التي هي الواجب الأساسي للجيش، نظرًا الى ارتباطها المباشر بسيادة الوطن وكرامته ومستقبل أبنائه.
وتأتي ذكرى المقاومة والتحرير، الذكرى الرابعة عشرة، لتشدّ العزائم في هذه السّنة، وتزيد الاستعداد، وتنبّه العقول إلى أن العدو لن ينصرف إلى استراحته في هذا اليوم، ولن يعلن على مسامع جنوده أنه مجرّد يوم يشير إلى مهلة زمنية انتهت، وقد أقفل الماضي أبوابها، إنما سوف يواصل محاولاته في استنباط الأساليب والوسائل التي تتيح له ردّ الاعتبار لجيشه، بعد سلسلة الهزائم التي مني بها في لبنان، والتي بلغت ذروتها في 25 أيار العام 2000.
في عيد المقاومة والتحرير هذا، كما في غيره من الأعياد الوطنية، لا بد من شدّ أواصر اللّحمة في مؤسستنا العسكرية، ففي ذلك أساس وحدتنا الوطنية، ولا بدّ من تمتين أواصر العلاقة مع مواطنينا في المناطق الحدودية، وفي كلّ أرجاء الوطن، فمن دون جيش قوي، ومجتمع مستقرّ متماسك، تصعب مواجهة العدوان.