تحقيق عسكري

في الداخل وعلى الحدود الفوج المضاد للدروع:تطوّر بقوة القدرات الذاتية
إعداد: ندين البلعة

العام 1968، وإثر تعرّض مطار بيروت للاعتداء الإسرائيلي الذي نتج عنه تدمير طائرات تابعة لطيران الشرق الأوسط، أنشئت أول نواة اختصاص مضاد للدروع ضمن كتيبة القيادة في اللواء المدرّع. تغيّرت تسمية هذه القطعة وهيكليّتها في ما بعد عدّة مرات حتى أصبحت «الفوج المضاد للدروع» الذي ارتبط منذ العام 1986 بلواء الدعم.
تتمركز قيادة الفوج وسرية القيادة والخدمة في ثكنة شكري غانم وتؤمّنان الدعم لسرايا الفوج القتالية المنتشرة في قطاع بعبدا في مهمّة حفظ الأمن، فيما ينتشر في قطاع جنوب الليطاني عدد من سراياه التي تؤمّن الدعم الناري بالصواريخ المضادة للدروع وتخضع للقيادة العملانية للألوية المنتشرة في القطاع.

 

تحوّل في المهمّات
يقول قائد الفوج العقيد الركن جانو الحدّاد: في منتصف العام 2010، وإثر الأحداث المتنقّلة التي عصفت بلبنان، عزّزت قيادة الجيش انتشار الألوية في مختلف المناطق، فأوكلت مهمة حفظ الأمن في قطاع بعبدا إلى الفوج المضاد للدروع. لذلك بادرت قيادة الفوج إلى تدريب العسكريين على كيفيّة تنفيذ هذه المهمّة الجديدة، كونهم مدرّبين في الأساس على استخدام سلاح الصواريخ، ما يتطلّب زيادة معارفهم بتقنيات حفظ الأمن، فافتتحت دورات تدريبية وشارك الفوج في مناورات مشتركة مع الأفواج الخاصة وألوية المشاة.
الظروف التي اقتضت اضطلاع الفوج بمهمات حفظ الأمن كما سائر قطع الجيش، لم تلغ هويته كفوج مهمّته الأساسية التصدّي للعدو الإسرائيلي وبالتحديد لدبّاباته وقواه المدرّعة، وهذه المهمة نفذها بكفاءة في عدة محطات. فالعام 1982 تصدّت سرية من الفوج لدبابات إسرائيلية حاولت التقدّم للسيطرة على مخازن اللويزة.
وخلال العدوان الإسرائيلي في تموز 2006 شاركت سرايا قتال تابعة للفوج بدعم وحدات الجيش المنتشرة في الجنوب. والعام 2011 كانت حضائر الصواريخ التابعة للفوج جاهزة لمواجهة أي تقدّم لمدرعات العدو إثر اشتباك العديسة، وقد شارك عناصرها بإطلاق النار من أسلحتهم الفردية.

 

قدرات وإنجازات
يقول العقيد الركن الحداد، «إنّ التطور العلمي السريع في تصنيع الأسلحة واعتماد العديد من الجيوش على السلاح المضاد للدروع في صلب العقيدة القتالية، يتطلّب منّا مجهودًا أكبر وتضحية لن يتوانى ضباط الفوج وعناصره عن تقديمها في سبيل الوطن».
يتمتّع عسكريو الفوج بمستوى علمي وثقافي متقدّم وبمهارات يدوية وكفاءة فردية عالية ساعدت في تأمين الاكتفاء الذاتي للفوج من حيث إنجاز العديد من الأعمال، وأبرزها:
- تحديث وصيانة على مستوى قواعد الصواريخ.
- تصنيع عتاد الفحص وتصليح أجزاء أساسية من الصواريخ في المشغل العائد للفوج من دون الحاجة إلى متخصّصين أو الرجوع إلى البلد المنشأ.
- تحقيق أجهزة مشبّهات رمي جديدة لمختلف أنواع الصواريخ بما فيها الحديثة منها.
- تحقيق آليات مدولبة ومجنزرة لحمل قواعد إطلاق الصواريخ، تمّ تجهيزها وطلاؤها باستخدام نموذج تمويه جديد ومختلف ميّز بشكل واضح آليات الفوج.
- تحقيق أجهزة اتصال للآليات والعناصر تربطهم بغرفة العمليات بشكل متكامل ومتطوّر.
- استحداث مخازن لمختلف السرايا وتحصين مخازن أسلحة وذخائر سرايا الجنوب.
- ابتكار حواجز نموذجية يمكن طيّها وتحميلها في الآليات العسكرية من دون الحاجة إلى مساحة كبيرة.

 

مواكبة التطوّر العلمي والتقني
في موازاة التدريب العسكري، تعمل قيادة الفوج على توسيع دائرة المعارف لدى العسكريين وتحديث معلوماتهم العسكرية، وفي هذا الإطار يشرح العقيد الركن الحداد أن مواكبة التطور العلمي والتقني أمر أساسي في الفوج المضاد للدروع، لذلك أنشأنا قاعة تعليم حديثة مزوّدة أجهزة كمبيوتر ومكتبة خاصة بالعلوم العسكرية، أبرز ما فيها المعلومات القيمة حول الصواريخ المستخدمة في مختلف دول العالم.
القاعة تستقبل حاليًا التلامذة الضباط والرتباء وعناصر الوحدات العسكرية حيث يتابع هؤلاء دورات تدريبية على سلاح م/د.
يتميّز العنصر المتطوّع لمصلحة الفوج المضاد للدروع بالشجاعة فمهمّته تقتضي الوقوف في مواجهة المدرعات، وأي تردّد أو خطأ قد يودي بحياته وبحياة الآخرين ويفشل المهمّة. إلى ذلك يحتاج عسكريو الفوج إلى مستوى عالٍ من اللياقة البدنية، فقد يضطر العسكري إلى حمل سلاحه من الصواريخ وقواعدها والسير بها في الوديان لاختيار البقعة الأنسب للإطلاق.
من هنا أولت قيادة الفوج أهمية للرياضة وعمدت إلى إنشاء قاعة رياضية حديثة تتضمّن معدات تلبّي الحاجات في هذا المجال.
في مجال آخر، تمّ استحداث قاعة طعام، بالإضافة إلى تطوير مشغل الآليات من خلال تحقيق العتاد المطلوب لمساعفة معظم الأعطال التي تطرأ عليها.
ويضيف العقيد الركن الحداد: إن نجاح أي عمل عسكري يرتبط بحسن الإدارة وسرعة التنفيذ ودقّته، لذا أنشأ الفوج غرفة عمليات ترتبط بها جميع الوحدات المنتشرة.

 

نظرة مستقبلية
إلى ما ورد، يشير العقيد الركن جانو الحداد إلى أن الفوج بصـدد تحقيق عتاد وصواريخ حديثــة من خلال خطــة خمسية وضــعت بالتنسيق مــع قيــادة الجيش والمديــريــة العامة للإدارة، تهــدف إلى انتقال الفوج وباقي الوحدات القتالية، وعلى مراحل، إلـى جيـل متطـور من قـواعد الإطلاق والصواريخ، الأمر الذي يعـتبر نقلة نوعية في منظومة دفاع المؤسسة العسكرية.

 

واحة العطاء
حفاظًا على ذكرى شهدائه، وتقديرًا لعطاءاتهم، قام الفوج ببناء نصب تذكاري خاص بهم في بقعة مواجهة لمدخل الفوج، سمّي بـ«واحة العطاء» لكي تبقى ذكراهم خالدة في أذهان رفاق السلاح، ويظلوا المثال الأسمى للتضحية والتفاني في سبيل الوطن.

 

تنظيم الفوج ومهماته
يتألف الفوج المضاد للدروع من قيادة الفوج التي تضم الفروع 1، 2، 3، و4، إضافة إلى فرع التأليل وسرية القيادة والخدمة، كما يضم سرايا قتال.

 

شعار الفوج
يتألف شعار الفوج من:
- الخلفية السوداء، وترمز إلى التخفّي في أثناء تنفيذ المهمات العسكرية.
- الوطواط، وحامل الصاروخ م.د للدلالة على التشابه العملي بينهما، فكلاهما يبث الذبذبات.
- الدائرة الحمراء، وترمز إلى الدم والكمال والتضحية.
- الأرزة الخضراء، وترمز إلى الخلود.