من القلب

في الذكرى الأولى...
إعداد: ندين البلعة

يا رب الصبر

 

أحياناً تكون الحياة ظالمة، تجلب التعاسة والهموم والمصائب. فما أقساها حالة تخسر فيها الأم ولدها وفلذة كبدها... والأب ابنه، رفيق عمره وحياته ومصدر فخره... الأخت أخاها ومرشدها. والحبيبة حبيبها، فارس أحلامها المفترض أن يكون شريك عمرها وسندها الى آخر نفس من حياتها!!
ما السبيل الى النسيان؟!
نعم... هي نعمة أن ننسى الآلام والحزن والفقدان، بل بالأحرى أن نتناسى فيما تبقى الحرقة محفورة، والذكرى هي هي... تشدنا اليها كلما حاولنا أن ندفنها مع الماضي. فإما أن نخضع لها ونبكي في بعض الأحيان من ألم الإشتياق... وإما أن تدفننا معها رافضة أن تتركنا بسلام. فهي ليست أي ذكرى، بل هي ذكرى فقدان شاب، في ريعان شبابه وربيع عمره، كان هو الإبن والأخ والحبيب... هو الإبن المرضي، والأخ الحنون والحبيب العاشق الحامي... هي ذكرى فقدانه في ليلة احتجب فيها القمر وأخفى ضوءه لأنه عرف أنه لن يستطيع شيئاً لحمايته من الغدر والحسد والشر!!
إنها الذكرى السنوية الأولى للشاب فاروق علي نون، هو الذي امتلأ حياة وحيوية وتميز بالشخصية القوية والطيبة... أبى أن يستسلم لهموم الحياة وصعوباتها، فغدرته رصاصة صامتة أسكتت صوته ولكنها لم تصمت روحه!
كانت التعاسة تزيده عزماً وإصراراً، والتعب يزيده قوة واندفاعاً ليتقدم ويحقق مستقبلاً مبنياً على الأمل والحب... والأهم على العائلة.
بعد سنة على غيابه، لم تنجلِ الحقيقة! ولكن الله هو الأدرى، وهو القادر على كل شيء. فابنه فاروق ينعم في جناته بالراحة والفرح بعيداً عن الأحزان، بعيداً عن أناسٍ أعمى الجشع بصائرهم وملأ الحقد والكره قلوبهم. هو ينعم بحنان الله سبحانه تعالى، وبعدله الذي لا يخيّب إنساناً.
في هذه الذكرى الأليمة، لا يسعنا سوى الصلاة والدعاء... فمنك يا رب نستمد القوة والصبر: الأم تبكي وتندب، ومع ذلك تبقى أنت قوتها لتصمد أمام اليأس ومشاعر الفقدان، وتدعم زوجاً لطالما حضن أولاده وعائلته فبدّاهم على سعادته الخاصة...
أنت يا رب القوة... الجميع ينسى، أو يتناسى ويتابع حياته، إلا الوالدين...
فرضاهم هو وصيتك الأولى، وحياتهم هي أولادهم... وسعادتهم من سعادتِهم... فكن قوة لأهل فاروق، واحضنه بعطفك وعنايتك، وطمئن كل من أحبه ويحبه، إن يوم اللقاء آتٍ آتٍ.. وهي فقط مسألة وقت!!

في الذكرى السنوية الأولى
لوفاة الشاب فاروق علي نون