ملف العدد

في اللواء العاشر: «من وين الشباب»؟
إعداد: جان دارك أبي ياغي

هنا نحن أبناء طرابلس وفي كل منطقة أبناء الوطن

تنفيذًا للخطة الأمنية الجديدة في طرابلس، أنشئت غرفة عمليات مشتركة ضمَّت إلى الجيش ممثلين عن جميع الأجهزة الأمنية.
لواء المشاة العاشر، وبعد إعادة تنظيم انتشاره، يؤدي دوره في الخطة من خلال مهمات حفظ الأمن وفتح الطريق الدولية، وتسيير دوريات، وإقامة حواجز تفتيش، ومساعدة الأهالي، وإسكات مصادر النيران، وتنفيذ عمليات دهم، لإيقاف المطلوبين والمتعدين على أمن الناس وأرزاقهم...
مجلة «الجيش» زارت مركز قيادة اللواء في كفرشخنا حيث التقت قائده العميد الركن علي جلوان. كما كان لها جولة على عناصر اللواء المنتشرين على الحواجز.

 

بقعة العمليات
• متى بدأ اللواء تنفيذ مهمة حفظ أمن في طرابلس، وما هي بقعة العمليات التي يمارس فيها مهمته؟
- بعد أن كان متمركزًا في منطقة مرجعيون، انتقل لواء المشاة العاشر بتاريخ 29/8/2008 إلى بقعة انتشاره الجديدة في منطقة التبانة- جبل محسن على أثر تفاقم الاشتباكات فيها. عمل اللواء على ضبط الأمن ومنع الظهور المسلّح وتأمين العودة إلى الحياة الطبيعية، وقد اتّخد من ثكنة القبة في طرابلس مركزًا له. وبتاريخ 24/1/2009 تمّ تعديل قطاع مسؤولية اللواء ليشمل مخيم البداوي، طرابلس، زغرتا، إهدن، جزءًا من الكورة، والضنيه. وأصبحت قيادته في منطقة كفرشخنا، وقد أصيب عدد من عسكرييه بجروح مختلفة من جراء تعرّض مراكزه لا سيما عند حاجزي الريفا والرضوان لإطلاق نار من قبل المسلّحين مرات عديدة.

 

• كيف يجري التنسيق مع وحدات الجيش الأخرى المولجة تنفيذ الخطة الأمنية؟
- التنسيق يتمّ غالبًا مع اللواء الثاني عشر الذي تتاخم حدود بقعة انتشاره حدود اللواء العاشر. وقد وضعنا بتصرّف غرفة العمليات المتقدّمة كتيبة وسرية في إطار تنفيذ الخطة الأمنية.
نعمل لبسط سلطة الدولة وفرض الأمن في مناطق الاشتباكات. مهمتنا الفصل بين خطي التماس، ومنع تجدد الاشتباكات. وعلى الجميع أن يدركوا أن الجيش على مسافة واحدة من الجميع، ويتعامل مع الأحداث بكل حكمة وروية وانضباط.

 

• ما هي أبرز الصعوبات التي تواجهونها في تنفيذ مهماتكم؟
- معظم الصعوبات يعود إلى الاكتظاظ السكّاني وتداخل المناطق في ما بينها. كما أننا نتعرّض للكثير من الاستفزازات لجرّ الجيش إلى القتال، إلا أن مناقبية العسكر وانضباطه يحولان دون ذلك. نحن نعلم جيدًا أن غالبية السكّان هي ضدّ المسلّحين، ونحن نتصرّف انطلاقًا من هذا الواقع.
من ناحية العسكر، شكا البعض من الحجز  المستمر في بداية الأمر، إلا أنهم تأقلموا مع الوضع القائم بمعنويات مرتفعة جدًا، فالأولوية هي للواجب الوطني، وهذا قدر الجيش.
وفي الختام، أشار قائد اللواء إلى أن أهل طرابلس هم أهلنا وحماية حقوقهم وحفظ أمنهم من واجباتنا. وتوجّه إلى العسكريين منوّهًا بتضحياتهم الجسام التي هي من سمات الجيش، وقال، يستحقون فعلًا أن يقول لهم لبنان: «يعطيكن ألف عافية».

 

إلى ساحة الميدان
من قيادة اللواء انتقلنا إلى قيادة الكتيبة 101 بقيادة العقيد الركن حداد والموضوعة بتصرّف غرفة العمليات المشتركة. مهمة هذه الكتيبة مسك الوضع الأمني في المنطقة الممتدة من أوتوستراد البداوي وصولًا إلى منطقة القبة والريجي (تشمل أربع نقاط ساخنة: القبة، البداوي، الريفا والمنكوبين). وتعتبر هذه المهمة من أصعب المهمات لأنها تتطلّب تدخلًا سريعًا لحفظ الأمن والردّ على مصادر نيران المسلّحين وهم بمعظمهم غرباء عن المنطقة. في هذه الحالة يتدخّل الجيش لإخلاء المواطنين الأبرياء وحماية ممتلكاتهم والحفاظ عليها.
ويشير قائد الكتيبة إلى أن العلاقة مع الأهالي جيدة جدًا والحاجز الوحيد الذي يرتاحون لرؤيته هو حاجز الجيش. وهم يلجأون إلى الجيش للإبلاغ عن وجود مسلّحين من خارج المنطقة وطلب المساعدة. إلى جانب التعاون بين الجيش ومختلف الأجهزة الأمنية، هناك تعاون عسكري- مدني على مستوى الاتصال مع كل فاعليات المنطقة، من أجل ضبط الوضع.

 

في جبل محسن
للاطّلاع ميدانيًا على كيفية انتشار عناصر اللواء على الأرض، توجَّهنا من قيادة الكتيبة إلى السرية 1012 حيث التقينا الملازم أول المعلوف الذي ينتشر عناصر سريته في منطقة التلة وفي ثلاثة مراكز أخرى: بناية عثمان، بناية رضوان، ومنطقة المنكوبين.
عن مهمة السرية قال: «مهمتنا الأساسية منع الانتشار المسلّح خارج مخيم البداوي لمنع حدوث أي إشكال على غرار ما حصل في نهر البارد.
وبسبب ما آلت إليه الأوضاع الأمنية في طرابلس، استحدثنا مراكز جديدة بعد أن وضعت سريتي بتصرّف غرفة العمليات المشتركة، وأضيف إلى مهمتنا الأساسية مهمة أخرى هي الفصل بين خطي تماس جبل محسن ومنطقة المنكوبين (باب التبانة)، الردّ على مصادر النيران، تنفيذ عمليات دهم وغيرها...».

 

على حاجز المنكوبين
يعتبر حاجز الجيش في منطقة المنكوبين خط تماس يفصل بين المتقاتلين. عندما وصلنا نقطة الحاجز كان عناصر السرية 1012 على جهوزية تامة في أداء المهمة المنوطة بهم.
معنويات مرتفعة ونبرة عالية تنمُّ عن انضباط وحكمة في التعامل مع الواقع الصعب الذي تعيشه المنطقة.
الرقيب علي يوضح مهمة الحاجز: حفظ الأمن والردّ على مصادر النيران سواء كانت من جهة باب التبانة أو من جهة جبل محسن.
ويقول: أنا ابن منطقة البقاع لكنني أنتمي إلى البزة العسكرية التي أرتديها وإلى الواجب الوطني. اليوم أنا ابن طرابلس أقوم بواجبي عندما أدافع عن أبنائها. فالعسكري في الجيش دينه الوطن وطائفته كل الشعب اللبناني.
وعن الصعوبات التي يواجهونها، قال إن ظروف الخدمة قد تضطرهم إلى البقاء في مركز العمل 10 أيام أحيانًا من دون مأذونيات، إلا أن الواجب الوطني أهمّ. وحيّا ضباط الكتيبة وآمر السرية الذين يتحسسون مشاكلهم ويحاولون المساعدة.
الجندي غسان عنصر توجيه وحفظ أمن، هو من طرابلس، يقول: كوني ابن طرابلس يؤلمني تقاتل أهلها. ويضيف: ولائي للمؤسسة العسكرية هو الأقوى فالجيش لكل الوطن.
الجندي أحمـد سيّـور هـو أيــضًا ابن طرابلس وفي ظل الصراع القائم، يشعـر أن ولاءه للمؤسسـة العسكرية يـزداد قوة وكذلك تقديره للدور الوطني الذي تؤديه. وهذا ما شجعني على «حمل دمي عا كفي» يقول.
لم نمكث طويلًا عند الحاجز، حيينا الشباب وتركناهم يتابعون عملهم، ففي تلك الأثناء كانوا يتلقون استغاثة من الأهالي الذين حرموا النور والدفء بسبب الأعطال التي أصابت الشبكة الكهربائية بفعل الاشتباكات... وكان على الجيش أن يؤمن الحماية للفريق التقني الذي يقوم بإصلاح الأعطال.