خدمات طبية

في جديد المستشفى العسكري المركزي
إعداد: روجينا خليل الشختورة

التنظير يضاهي ما توفّره المستشفيات الجامعية تشخيصًا وعلاجًا
جراحات معالجة البدانة المفرطة  تنجح في معظم الحالات

 

تطوّر فرع التنظير في المستشفى العسكري المركزي بشكل ملحوظ منذ العام 2010، إذ بات يجري عددًا كبيرًا من الأعمال الطبية المتعلقة بتنظير الجهاز الهضمي، (أكثر من 4000 عملية تنظير في السنة) مضاهيًا بذلك المستشفيات الجامعية...
ومن ضمن عمليات التنظير التي تجري في القسم ما يتعلق بتلك التي تسبق إجراء عمليات جراحية لمعالجة البدانة المفرطة. فمنذ ثلاث سنوات على الأقلّ، أصبح بإمكان أصحاب الأوزان الثقيلة، الخضوع لعمليات معالجة البدانة المفرطة في المستشفى العسكري المركزي، والتخلّص من هذا الهمّ الكبير وما يصحبه من أمراض ومشاكل صحية...
«الجيش» التقت كلًّا من رئيس قسم الجهاز الهضمي في المستشفى العسكري الرائد الطبيب صلاح عز الدين، والمقدم الطبيب الجراح علي خليل، للإضاءة على الموضوعين.


أعمال فرع التنظير
بدايةً يوضح الرائد الطبيب عز الدين أنّ الأعمال في فرع التنظير تنقسم بين روتينية تشخيصية، كتنظير الأمعاء والمعدة، والفحص الخاص باكتشاف جرثومة الـHelicobacterpylori والتي تسبب القرحة، وبين العديد من العمليات العلاجية، كاستئصال الأورام الحميدة من الأمعاء الغليظة، وربط الدوالي لدى المصابين بالتشمع في الكبد، وتوسيع التضيقات في مجاري الجهاز الهضمي، ووضع رسورات في بعض الحالات. كما تعالج في الفرع جميع أنواع النزيف التي تنشأ في الجهاز الهضمي بواسطة المنظار.
وأشار إلى أنّ الفرع مزوّد غاز الأرغون (Argon Plasma) الذي يستخدم أيضًا في بعض حالات النزيف. ومنذ العام 2011، تمّ تجهيز الفرع بغرفة عمليات حديثة هي الأولى من نوعها في لبنان، بحيث تتيح تجهيزاتها إجراء قسطرة المجاري الصفراوية والبنكرياس لعلاج الحصوات في هذه المجاري، كذلك، لعلاج الأورام (الخبيثة والحميدة) في البنكرياس والكبد. وقد حققت هذه الغرفة نجاحًا ملحوظًا إذ يجرى فيها سنويًا أكثر من 200 عملية.
يضمّ الفرع 8 ممرضات و4 ممرضين من بينهم تقنيّ وتقنية تخدير وتقنيّ وتقنية إنعاش بالإضافة إلى 6 أطباء من بينهم طبيب بنج.

 

أحدث التقنيات
أكّد الرائد الطبيب عز الدين مواكبة فرع التنظير للتطورات العلمية واعتماده المزيد من التقنيات الحديثة اعتبارًا من العام 2012 وذلك بدعم مباشر من قائد الجيش العماد جان قهوجي. وفي هذا السياق، تمّ تدريب الطاقمين الطبي والتمريضي في الفرع، وأقيمت ورشات عمل طبية تخللها إجراء عمليات شارك فيها عدد كبير من الأطباء من مختلف المستشفيات الجامعية، إلى أطباء خبراء من دول أوروبية.
أولى هذه التقنيات، وضع بالون في المعدة بواسطة المنظار وذلك لمعالجة البدانة المتوسطة، وقد أجري حتى تاريخه أكثر من 20 عملية حققت نجاحًا بنسبة تتجاوز الـ 70%.
ثاني تقنية حديثة يجرى العمل عليها هي تقنية التحفيز العصبي الكهربائي (Stretta) لعلاج ارتداد حموضة المعدة إلى البلعوم (Reflux) من خلال زيادة الضغط في المنطقة التي تربط البلعوم بالمعدة. حققت هذه التقنية نجاحًا تجاوز الـ 60%، ما نتيجته إماّ توقف المريض نهائيًا عن تناول الدواء أو تخفيض الجرعة التي كان يتناولها.
أما التقنية الثالثة فهي التحفيز العصبيّ لأعصاب الحوض التي تغذي المثانة والمخرج (Sacral Neuro Modulation)، وذلك لعلاج السلس البولي والغوطي عبر زرع جهاز قريب من العصب الذي ينظم عمليتي التبول والتغوط وتحفيزه. نسبة نجاح هذه التقنية واستعادة المريض حياته الطبيعية تراوح بين الـ60 والـ70%.
وأضاف الرائد الطبيب صلاح عز الدين أنّ فرع التنظير في المستشفى العسكري يؤدي وظيفة مهمة من خلال معالجة عدد كبير من المرضى وتحضير الذين يحتاجون إلى زرع كبد أو يعانون التهاب الكبد الوبائي (Hépatite Viral B et C)، بالإضافة إلى إجراء خزعة للكبد ومعالجة استسقاء الماء في البطن لدى المصابين بتشمّع الكبد وبالالتهابات المزمنة في الأمعاء.
كما أشار الرائد الطبيب إلى أنّه سيتم قريبًا استقدام آلة التصوير الصوتي بالمنظار (Echo Endoscopie) والتي تعتبر تقنية متقدمة جدًا، وتتيح إجراء صورة صوتية للجهاز الهضمي من الداخل، وذلك لتحديد الأورام في البنكرياس والمجاري الصفراوية والبلعوم والمعدة والمخرج، ويمكن إجراء خزعة بواسطة هذه التقنية بشكل دقيق.
ويجري البحث في موضوع إنشاء وحدة للتخطيط الوظائفي للجهاز الهضمي (Manométrie) وقياس نسبة الحموضة في البلعوم (PHmétrie)، إلى تجهيز الفرع بتقنية التعقيم الأوتوماتيكي.

 

معالجة البدانة المفرطة جراحيًا
تجرى في المستشفى العسكري المركزي عمليات جراحية لمعالجة الوزن الزائد والبدانة المفرطة.
المقدم الطبيب الجراح علي خليل حدّثنا عن أنواع هذه العمليات ودواعي اللجوء إليها.
بدايةً، أوضح أنه لإجراء هذه العمليات في المستشفى العسكري المركزي، يجب أن تكون السمنة مرضية أي ما تفسيره: زيادة الوزن بالنسبة للطول (Body Mass Index - BMI) هي فوق الـ40 أو بين الـ 35 والـ40 ما يسبب مشاكل ضغط، سكري، اضطراب في النوم... وبالتالي فإنّ هدف هذا النوع من العمليات ليس التجميل بل علاج أمراض متعددة.
من هنا، تشكّل لجنة طبية تضمّ أطباء جهاز هضمي، إختصاصيي غدد، أخصائيي تغذية، أطباء نفسيين وأطباء جراحين، ينظرون في وضع المريض وعلى أساس كلّ ما تقدّم، يتخذ القرار.

 

تقنية الربط
تحصر تقنية ربط المعدة، بحسب المقدم الجراح خليل، كمية الطعام التي يمكن للفرد أن يأكلها، عن طـريق وضع حلقة قابلة للتعديل حول فتحة المعدة. إنها أسهل التقنيات وأقلّها خطرًا في ما يتعلق بالمضاعفات الفورية التي تعقب العملية. لكن الوزن الذي يفقده المريض يعتمد على مدى قدرته على اتباع نظام غذائي محدد بعد العملية. فإذا كان معتادًا على تناول غذاء من النوع اللين أو السائل والغني بالسعرات الحرارية في الوقت نفسه (مثل الآيس كريم أو المشروبات السكرية)، فإنّ الحلقة لن تساعده على الشعور بالشبع وتجنب الإفراط في تناول الطعام.
تجرى هذه الجراحة عادة بواسطة منظار موجه بكاميرا يتم إدخاله عبر شقوق صغيرة، وتتطلب 30 دقيقة في غرفة العمليات ومكوثًا قصيرًا في المستشفى. المضاعفات المحتملة قليلة بعد الجراحة، ويمكن إزالة الحلقة إذا لزم الأمر.
في المقابل فإنّ تناول الخاضعين لهذه الجراحة لطعامهم بسرعة كبيرة قد يؤدي إلى حصول القيء وهذا ما يحصل أيضًا إذا كانت الفتحة في أسفل البطن ضيقة جدًا. كما يمكن للحلقة أن تنزلق مما يستلزم جراحة أخرى، أما فقدان الوزن فيجري ببطء.

 

القص أو التكميم
تقضي عملية قص المعدة أو تكميمها بتحويلها إلى أنبوب ضيق من خلال إزالة الجانب المنحني منها. هذه الاستراتيجية لها عدة فوائد: أولًا، تتقلص المعدة ويصبح احتمال توسعها مجددًا ضئيلا. ثانيًا، تصبح المعدة على شكل أنبوب وينخفض عدد الخلايا المنتجة للهرمون جريلين، ممّا يساعد على الشعور بالارتياح مع كمية أقل من الطعام.
وتشير الدراسات الى أن تكميم المعدة قد يؤدي إلى فقدان المزيد من الوزن وتحسين السيطرة على الجوع بشكل أفضل ممّا ينتج عن ربط المعدة.

 

تحويل الأمعاء
أمّا جراحة تحويل الأمعاء فتقلص حجم المعدة بنسبة تفوق الـ90%، مما يجعل المريض يشعر بالشبع بعد تناول كمية صغيرة جدًا من الطعام. وبذلك يمتص الجسم سعرات حرارية أقل، كما أنّ الشهية تتقلص.
من خلال هذه العملية، يتم تحويل الجزء العلوي من المعدة إلى جيب صغيرة بحجم البيضة. ويتم قطع الأمعاء الدقيقة وربط أحد أطرافها بالجيب، ويعاد ربط الطرف الآخر إلى الأمعاء الدقيقة، على شكل Y. وبذلك يسمح للغذاء بتجاوز معظم المعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، على الرغم من ذلك يتواصل إنتاج عصائر المعدة، والإنزيمات، والإفرازات الأخرى اللازمة

 

لعملية الهضم.
يفقد من يخضعون لهذه الجراحة الوزن بسرعة وخلال مدة تصل إلى عامين بعد إجرائها. الكثيرون يحافظون على فقدان 60 إلى 70 في المئة من الوزن الزائد لمدة 10 سنوات أو أكثر. وتقنية تحويل الأمعاء هي أكثر جراحات السمنة فعالية في علاج أو تحسين المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة، ولا سيما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون مرض السكري، حيث يشفى حوالى 80% من المصابين بالنوع الثاني منه بعد خضوعهم لهذه العملية. لكن جراحة تحويل المصران أصعب من غيرها من العمليات وأحيانًا تنطوي على معدل أكبر من المضاعفات. وهي ترتبط أيضًا بارتفاع خطر نقص الفيتامينات والمعادن، ما يعني الحاجة إلى مكملات غذائية مدى الحياة.
في الختام، أشار المقدم الجراح خليل إلى أنّ الأكثر شيوعًا من بين هذه الجراحات في المستشفى العسكري المركزي هي جراحة قص المعدة (Sleeve Gastrectomy) إذ تجرى بنسبة 80% من الحالات، تتبعها جراحة تحويل المصران (Gastric Bypass) بنسبة 20%، وهي تلقى نسبة نجاح عالية.