مناسبة وتحية

في حديث تناول واقع قوى الأمن ومهامها وتطلعاتها
إعداد: العقيد انطوان نجيم - جان دارك أبي ياغي

اللواء أشرف ريفي لمجلة «الجيش»: نحن والجيش جسم واحد في بذتين نعمل بتنسيق تام لتأمين المصلحة الوطنية

مخطط توجيهي للأبنية ورفع العديد وتحسين العتاد والتجهيزات في مواجهة الواقع المستجد

قسمان لمكافحة جرائم الكومبيوتر والارهاب

 

بمناسبة عيد قوى الأمن الداخلي، كان لمجلة «الجيش» لقاء مطوّل مع اللواء أشرف ريفي مدير عام قوى الأمن الداخلي، تناول فيه واقع قوى الأمن ومهامها وتطلعاتها.
اللواء ريفي الذي تحدث عن التعاون والتكامل بين مؤسستي الجيش وقوى الأمن في سبيل تحقيق أمن المواطن ومصلحة الوطن، حيّا وقفة الجيش «الأخ الأكبر» إلى جانب قوى الأمن في مرحلة تجديد نشأتها، معلناً أن ثمة ورشة كبيرة تشهدها هذه المؤسسة العريقة لتصبح قادرة على أداء مهامها كافة ومواجهة التحديات الصعبة التي يواجهها لبنان.
هنا نص الحديث مع اللواء ريفي.

 

تحقيق الأهداف

* لفت نظر اللبنانيين قول نادراً ما سمعوه سابقاً من أي مسؤول، انّ في عهدكم لن تكون مراكز قوى الأمن إلاّ على الصورة التي تتمنونها لمنزلكم ومكتبكم، ويحلّ فيها إخوتكم وأفراد عائلتكم، فما هي الخطوات العملية التي أنجزتموها الى الآن تحقيقاً لهذا الهدف؟
- نحن حكماً أولاد المؤسسة ونعرف تماماً واقعها. فمراكز قوى الأمن كلها موجودة في شقق مستأجرة ضمن بنايات سكنية أو أبنية منفردة يعود البعض منها الى العهد العثماني أو الفرنسي أو الى عهد الاستقلال. وللأسف، لا يتناسب أي من هذه الأبنية مع حفظ كرامة الإنسان ولا مع مهام قوى الأمن الداخلي. لذا، فور تبوئي منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي، توجهت الى نقابة المهندسين التي توصلت معها وبعد سلسلة اجتماعات متكررة، الى اتفاق على إجراء مباراة (كما يحصل في دول العالم) لتصميم بناء نموذجي لقوى الأمن الداخلي. فتقدم للمباراة ثلاثة مهندسين وفاز المشروع الذي أمامكم (أنظر صورة المجسّم المرفقة). أما المميزات التي يتحلى بها فهي، الى جانب طابعه اللبناني، تجسيده لهوية قوى الأمن الداخلي المعمارية من حيث المعايير المعتمدة عالمياً للشرطة في هندسة الأبنية التابعة لها من حيث الشكل. بيد أن التقسيم الداخلي، عرف مشاركتنا في بعض التعديلات الضرورية وفق حاجات قوى الأمن الداخلي، وتمت الموافقة عليه. يبقى أن نشير الى ان تمويل المشروع ساهمت به دولة الإمارات العربية المتحدة التي سوف تمول بناء 25 الى 30 مبنى في إطار المساعدات العربية  لقوى الأمن الداخلي، وسوف يحمل أحدها لوحة تذكارية عربون شكر. وفي الوضع الحالي ينتشر على الأراضي اللبنانية حوالى تسعين فصيلة ومئة وعشرين مخفراً يمكن دمج بعضها، فتبقى الحاجة الى مئة وخمسين مبنى كحد أقصى، وفي حال بناء ثلاثين مبنى نكون قد حققنا خمس الحاجة.
وأضاف اللواء ريفي قائلاً:
يضم المبنى الحديث ثلاث نظارات فوق الأرض: واحدة للنساء، واحدة للأحداث وواحدة للرجال المحكومين بجرائم عادية، ونظارة تحت الأرض للاحتياط في حال تعرض المركز لهجوم ما أو للمجرمين الخطرين، وتراعى في تصميم الغرف المعايير المعروفة عالمياً. بالنهاية، هذا ما قصدته بكلمتي، فكل الذين نحقق معهم هم إما أب أو أخ أو جار أو عم لي، فأنا لست دولة عدوة، أنا جزء من هذا المجتمع، والمبنى الذي اعتُمد يلبي طموحات الناس.

 

العديد والتجهيزات والقوانين

* قلتم في حديث الى إحدى المجلات في تموز العام 2005 ان المؤسسة تعاني المشاكل الكثيرة: نقص في العديد والتجهيزات والأعتدة، ومشاكل في القانون الذي يرعى قوى الأمن الداخلي، واعتبرتم أن فيه عيوباً كثيرة وأن قانون الستينيات كان عصرياً أكثر حسب رأيكم. الآن، وبعد أقل من سنة، كيف تمت معالجة هذه المشاكل؟ وأي مستوى بلغت اليه هذه المعالجة؟
- حكماً الذي قلته كنت أعنيه. مشاكلنا كبيرة جداً، واليوم ثمة قاعدة معتمدة في كل دول العالم: لكل ألف مواطن يفترض سبعة شرطيين، واذا اعتبرنا عدد سكان لبنان المقيمين أربعة ملايين مواطن، فيجب أن يكون عدد الشرطيين 28 ألفاً. عندما استلمنا قوى الأمن كان العديد 13 ألفاً فقط لا غير، من بينهم ألف  خارج قوى الأمن موزعون بين: 500 عنصر تقريباً في أمن الدولة، و500 آخرين في إطار المجموعة الأمنية في منطقة الجنوب. عملياً كان العدد 12 ألفاً من أصل 28 أي أقل من 50%. بناءً على هذا، توجهنا بطلب الى الدولة ولفتنا الى النقص الحاصل في كل مخافرنا. وكان الحل الممكن إما عبر التعاقد أو تمديد خدمة المجندين حسب قانون خدمة العلم على غرار ما هو حاصل في الجيش. فأدخلنا 5800 عنصر رافعين العدد الى حدود 19 ألفاً. ولكن تبين لنا وبناء على التجربة الأولى، ان التعاقد هو وسيلة غير ناجحة وتشوبه عيوب كثيرة، فطلبنا من مجلس الوزراء تطويع عناصر جدد ووافقت الدولة على تطويع 1400 دركي، و1000 رتيب و100 ضابط. ونأمل في أن يصبح عددنا حوالى 21.500 في نهاية العام 2006. أما الأبنية، وكما هو معلوم، فكانت بحالة مزرية جداً قبل البدء في تنفيذ المخطط التوجيهي لتغييرها، وكذلك الأمر في ما خص التجهيز وفي ظل الميزانية المحدودة جداً، نحن بانتظار المساعدات المرتقبة من عدة دول أبدت استعدادها، فقطر مثلاً قدمت 100 شاحنة، والإمارات وعدت بمساعدات قيمة تصل في غضون شهر حزيران تتضمن: آليات، سلاحاً، نظام اتصالات، نظام مكننة لقوى الأمن الداخلي وتجهيزات فنية. وكذلك الأمر بالنسبة الى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية وحتى بعض الدول الصديقة كأوستراليا التي وعدت بمساعدات.
في ما خص القانون، ومنذ السبعينيات والى اليوم تطورت الجريمة في لبنان، في ما يسمى الجرائم المستجدة مثل جرائم المعلوماتية التي لم تكن موجودة في كل دول العالم وظهرت مع ظهور الكومبيوتر. فاستحدث قسم لمكافحة هذه الجرائم بموجب قرار اتخذ، ثم واجهتنا تحديات كبرى على مستوى الأمن الإرهابي الذي لم تكن لدينا إمكانات لمواجهته، مع العلم أن الأمن الجنائي بإمكان أي شرطة تأديبية معالجته. فاستحدثنا قسم مكافحة الإرهاب ضمن الشرطة القضائية الذي من مهامه مكافحة الإرهاب. أما فرع المعلومات الذي كان جهازاً استعلامياً فتحول الى شعبة من مهامها مكافحة الإرهاب.
ان أهم نقطة لإقفال الثغرات الأمنية هي التنسيق مع مخابرات الجيش. وهنا أبشر اللبنانيين اننا ومخابرات الجيش والجيش ككل، نعمل في تنسيق تام وتعاون وتواصل دائمين على صعيد العمليات المشتركة كافة بعيداً عن ذريعة التنافس أو تسجيل النقاط البعض على البعض الآخر. في الحقيقة عناصرنا يشعرون بارتياح في مهماتهم اليومية. اننا والجيش جسم واحد في بذتين مختلفتي اللون، موحدتي المضمون. هذا هو خيارنا، وهدفنا أمن الناس وأمانهم خصوصاً في ظل هذه التحديات الصعبة التي نعيشها.

 

كيف يتم التطويع؟

* كيف استطعتم احترام حصص الطوائف كلها في لبنان من دون أن تكون قيداً لكم، في عملية تطويع عناصر جدد؟
- يتوزع عناصر قوى الأمن الى ثلاث فئات: الدركي، الرتيب والضابط. على مستوى الضباط، لا أرى مشكلة تذكر إذ ان الاقبال يكون من الطوائف كافة، ما يؤمن التوازن من دون أي خلل، مع العلم اننا لم نطوع ضباطاً الى الآن على الرغم من الشائعات. على مستوى الرتباء، هناك اقبال أيضاً (وهي المرة الأولى التي يتم فيها تطويع رتباء) ويتم التطويع مناصفة بين الطوائف من دون مشكلة كذلك. المشكلة تكمن في صفوف فئة الشرطي كما في الجيش على مستوى الجندي، إذ لا إقبال من قبل طائفة معينة. لذا يؤخذ المتقدمون منها جميعهم ويستكمل العدد المطلوب من باقي الطوائف. من هنا الخلل في التوازن الطائفي على مستوى العسكريين فقط.
مع الأسف، هذا نتيجة واقع ديموغرافي في البلد، وقد يكون اقتصادياً، يمنع أبناء طائفة معينة من التطوع وعدم إعطاء أهمية لهذه الوظيفة، وهذا تعانيه كل المؤسسات الأمنية وليس قوى الأمن وحسب. من هنا كان النداء الذي وجهناه الى المراجع الدينية والسياسية لتشجيع الشباب على الانخراط. وفي هذا المجال، أصدرنا قرارات خاصة لأبناء هذه الطائفة لتشجيعها، مثلاً أصدرنا قراراً بتطويع 500 عنصر، فإلتحق فقط حوالى ال150.

 

لامركزية الأمن وأمن المرور

* أين أصبحتم في مشروعكم الرامي الى تحقيق اللامركزية الإدارية في قوى الأمن الداخلي؟ وما هو مفهوم اللامركزية؟
- أقرّ العام 1983 مرسوم اشتراعي حمل الرقم 103، اعتمد تنظيماً مختلفاً عن التنظيم الذي كان قائماً في قوى الأمن الداخلي، إذ اعتبر أن قائد المنطقة هو قائد وحدة ويُعطى كل الامكانات المطلوبة ليدير مهمته الأمنية، ويرتبط مركزياً بالسلطة المركزية أو بالقيادة المركزية.
ولأسباب سياسية وليس تقنية، نسف هذا المرسوم الاشتراعي الذي كان يتضمن إيجابيات كثيرة وألغي قبل أن يوضع موضع التنفيذ، وعدنا تلقائياً الى المرسوم 54 الذي كان قائماً قبلاً والذي يحصر الأمور بالقيادة المركزية. وقد تعدّل لاحقاً بالقانون 17. من وجهة نظري، أنا أؤمن ان هذا المرسوم كان أحدث من المعمول به اليوم. أنا كضابط في قوى الأمن أرى أنه أفضل للبلد العودة الى روح المرسوم 103 من دون اجراء أي تغييرات جذرية وإنما بعض التعديلات الضرورية والأساسية الى ان يستقر البلد، وتعتبر هذه الخطوة ثورية.
* في كلمة لكم تعهدتم تنمية الخدمة العامة في حقل السلامة المرورية من جوانبها كافة، فما هي الخطوات المنفذة إلى الآن، وتلك المتوقعة مستقبلاً، لا سيما ان عدد حوادث المرور يتعاظم يوماً بعد يوم؟
- ان أي جهد يبذل في موضوع السلامة المرورية هو مطلب وطني وإنساني وشخصي. اليوم في دول العالم كلها، يفوق عدد قتلى حوادث السير مثيله في الجرائم كافة التي تحصل في دولة معينة بما فيها العمليات الإرهابية. مثال على ذلك: سجل العام 2004 في لبنان سقوط 123 قتيلاً في الجرائم كافة، والعام 2005 كان العدد 156 قتيلاً، وفي الأشهر الأربعة الأولى من العام 2006 سجل سقوط 35 قتيلاً. إذاً معدل القتلى في الحوادث خلال العام هو 123 أو 156. أما في حوادث السير، فالعام 2004 سجل فيه سقوط 376 قتيلاً، والعام 2005، 304 قتلى. وأنا أرى ان آلية احتساب حوادث السير بحاجة الى تطوير، فنحن نرصد القتلى الفوريين للحادث، أما عدد الجرحى الذين يموتون بعد أسبوعين أو شهر أو أكثر، فلا نملك آلية رصده. وإذا قارنّا هذه الإحصاءات مع احصاءات ال "YASA" نجد ان لديها الضعف إذ قد تصل الأرقام التي بحوزتهم الى 650 قتيلاً ويمكن أن تكون إحصاءاتهم واقعية. ازاء هذا الواقع المرير ما هو المطلوب؟ الوضع المثالي في لبنان يتطلب 2200 شرطي سير، يتوافر منهم اليوم زهاء 800 عنصر فقط لا غير على الطرق وهم غير مدربين تدريباً متقدماً وبدون تجهيزات وامكانات ضرورية. لذا وضعنا خطة مرحلية فورية لتدريب عناصر جدد تدريباً متقدماً جداً، وقد انتهى تدريب معظم هؤلاء (عددهم 1200 عنصر) وتم توزيعهم على السير. ولكن هؤلاء بحاجة الى دراجات، ورادارات لمكافحة السرعة، وإشارات ضوئية، وحواجز على الطرقات...
ونحن حالياً بصدد تحقيق رادارات السرعة، اذ سوف نتسلّم حوالى 30 راداراً متحركاً و30 راداراً ثابتاً ودراجات... في غضون شهرين من الآن، لتجهيز هؤلاء العناصر مقابل فاعلية أكبر على الطرق. لقد أعددنا البشر بانتظار الإعداد التقني أو اعداد الوسائل المطلوبة.
وأضاف قائلاً:
لا بدّ من حلول لمشكلة تزايد عدد القتلى في حوادث السير، وكلما عمّ الأمان في البلد أصبح عدد السيارات أكبر، وزادت الحركة أكثر وارتفع بكل أسف عدد قتلى حوادث السير الذين غالبيتهم من فئة الشباب في مرحلة الطيش. فأي جهد يوضع في قانون السير له مردود وطني مهم جداً.

 

مكافحة الارهاب

* في مؤتمر الانتربول ال74 الذي عقد في برلين، قدمتم اقتراحاً لمواجهة الارهاب يقوم على التضامن الدولي لزيادة مسؤولية منظمة الانتربول الدولية، لتكون هي جهاز الشرطة العالمية الذي ينجد الشرطة الوطنية، فما هي مجالات التعاون مع هذه المنظمة؟
- على مستوى الأمن الجنائي العادي جداً، بإمكان أي شرطة محلية القيام بهذا الدور. أما على مستوى مكافحة الأمن الإرهابي أو الجريمة المنظمة، فإمكاناتنا غير كافية لمكافحتها ونحتاج الى دعم سواء بالتدريب أو بالمساعدة أو بالخبرة. وهذا ما اقترحته من على منبر مؤتمر الانتربول الذي كنت أول ضابط عربي يسمح له باعتلائه، وقد لقي هذا الاقتراح صدى ايجابياً. وقد خطرت لي هذه الفكرة انطلاقاً من تجربة لبنان، بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث اننا لا نملك إمكانات التحقيق في مثل هذه الجريمة، فكانت لجنة التحقيق الدولية بمؤازرة الانتربول الدولي، لذا اقترحت ايجاد ترجمة لمساعدة الدول الصغيرة من قبل المجتمع الدولي.

 

* أين أصبحتم في مجال مكننة المؤسسة؟
- أصبحنا في مراحل متقدمة جداً جداً، وبدأنا بتحضير تصور نظري لمكننة قوى الأمن الداخلي، فكل دول العالم تطبع محاضرها على الكومبيوتر بينما نحن ما نزال نستعمل الورقة والقلم، وهذا غير مسموح به في بلد الإشعاع والنور والحضارة والتقدم. لقد أخذت دولة الإمارات على عاتقها دعم هذا التصور وتمويله، وفي غضون شهر تصل المعدات كافة وسوف تشرف شركة خاصة من قبلها على مكننة العمل في قوى الأمن الداخلي.
وكنا قد باشرنا بخطوات المكننة بامكاناتنا الذاتية وبالتعاون مع وزارة التنمية الإدارية، في السجل العدلي. ولم يعد المواطن ينتظر في صفوف طويلة، خلال يوم أو أكثر للحصول على نسخة من سجله العدلي. وقد نجحت التجربة في بيروت، وستعمم على المناطق الأخرى لاحقاً.

 

* أين أصبح مشروع وضع لبنان تحت مراقبة الأقمار الصناعية، وأين أصبح تنفيذ المراقبة الأرضية؟
- عندما استهدف لبنان بعمليات إجرامية كبرى، كانت دول العالم المتقدمة كلها التي تملك إمكانات مادية تملك تقنيات المراقبة الأرضية والجوية. وعلى أثر اغتيال الشهيد جبران تويني، وجدنا أنفسنا حكماً أمام امكانات ذاتية غير قادرة على مواجهة الإرهاب. فكلّف وزير التنمية الإدارية إمساك هذا الملف، فكانت جولات في دول أوروبية عديدة وتم الوقوف عند نظام الماني يربط الكاميرات بالأقمار الصناعية وأصبحت الأمور في مرحلة متقدمة جداً. في الوقت نفسه، كنا نبحث ملف الكاميرات الأرضية وهي مكملة للأولى، إلا أنها مكلفة جداً. فرفعنا مشروعاً الى وزير الداخلية ليعرضه بدوره على مجلس الوزراء بمدّ كاميرات على كل المفاصل الأساسية في لبنان بتمويل ودعم أوروبي وأميركي محدود، إنما أوجدت الشركة صيغة مفادها ان هذه الكاميرات توفر مردوداً مادياً لها، كأن تحرس مؤسسة مصرفية لقاء أجر شهري، فتغطي بذلك نفقات التركيب والصيانة والتشغيل والأرباح، وكما هو معلوم فامكانات الدولة اللبنانية لا تسمح بتغطية نفقات هكذا مشروع، فكان البديل تركيب كاميرات من دون تحميل الدولة خسائر مادية، وهو ما زال قيد الدرس.

 

التنسيق بين الجيش وقوى الأمن

* العام 2007 يصبح عديد الأمن الداخلي 28 ألفاً حسبما ذكرتم، وتصبحون مؤهلين أكثر للقيام بأعباء الأمن في لبنان، فتعود المهام الأمنية التي أخذها الجيش على عاتقه إلى قوى الأمن الداخلي، فما هي خطوات التنسيق بين المؤسستين؟
- في هذا الموضوع، يرى قائد الجيش العماد ميشال سليمان ان توفير الأمن في الجامعات والمباريات الرياضية وسواها من أمور تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين... هي من مهام الشرطة العادية، ولا ينبغي أن يستمر الجيش بتوليها. وقد طلبت  من العماد سليمان مهلة ستة أشهر لتجهيز عناصر قوى الأمن، لتولي هذه المهام، أما الجيش فيبقى مؤازراً لنا في المرحلة الانتقالية، وقد تم اعتماد هذه الخطة. وأنا أوافق الجنرال سليمان في طرحه، فتولي يوميات الحياة الأمنية من مهام الشرطة. وقد بدأ التنسيق فعلياً مع قيادة الجيش لتولي قوى الأمن هذه المهام تدريجاً بعد ان ينتهي تدريب العناصر، ونصبح جاهزين لهذه المهمة. يبقى أن نشير الى ان الجيش قدم لنا معسكري الوروار وعرمان لتدريب العناصر لأن قوى الأمن لا تملك معسكرات تدريب كافية، وأغلب عسكرنا المتعاقدين هم مجندون سابقون تدربوا في معسكرات الجيش. وقد انتهى تدريب الدفعة الأولى علماً ان الجيش أعطانا 800 قطعة سلاح فردي للتدريب، من هنا التكامل بين المؤسستين فالجيش هو الأخ الأكبر، وقوى الأمن لا تنسى وقفته الى جانبها لتطوير نفسها كي تتولى لاحقاً المهام التي يقوم بها الجيش بالنيابة عنها.

 

* نحن على أبواب موسم الصيف، فماذا عن الأمن السياحي؟
- نحن قادمون على موسم سياحي يجب أن نحميه ونحافظ عليه انطلاقاً من مصلحة لبنان في أن يعود بلداً سياحياً لأن مداخيله الأساسية من السياحة.
لقد استطعنا إنزال نسبة الجرائم الجنائية الى الحد الأدنى كسرقة السيارات والقتل والانتحار وغيرها من الحوادث العادية جداً، وذلك بوعينا وعملنا المشترك نحن والجيش.
فقد أقفل الجيش المعابر، وجرد حملة ألقى القبض فيها على عدد كبير من المطلوبين الأساسيين في جرائم سرقة السيارات والقينا نحن بدورنا القبض على عدد آخر منهم، ما جعل معدل سرقة السيارات في لبنان يشهد أدنى مستوى له إذ من أصل سرقة اكثر من 10 سيارات يومياً لم يعد يسجل اكثر من سرقة سيارتين أو ثلاث، وهذا ما لا تشهده حقيقة أي دولة أخرى.
لكن يبقى أمامنا تحديان اكبر هما: ظاهرة النشل والعمل الارهابي. فظاهرة النشل قد تكون صغيرة جداً ولكنها مؤذية للموسم السياحي. لذلك أنشأنا مجموعات متخصصة لمكافحة النشل بعد أن أصبح لدينا تصور كامل عن هذه الأعمال ومناطق حصولها. وقد بدأنا اعداد العناصر لتغطية بيروت الكبرى، وطلبنا شراء الدراجات لهم، إلا ان العمل، وبكل أسف، في الإدارات العامة بطيء جداً بسبب البيروقراطية، لكن سوف يتم تأمين العدد المطلوب من الدراجات بأسرع ما يمكن، لملاحقة المخالفين وتحديد الوضع القانوني للناشل، وبهذا التدبير الاستثنائي نحمي موسم الاصطياف.
أما التحدي الثالث، فهو العمليات الإرهابية التي لا تطال الموسم السياحي وحسب وانما البلد ككل. وهنا يمكن أن أطمئن الجميع اننا ومخابرات الجيش بشكل أساسي، وبقية الأجهزة الأمنية، في تنسيق كامل وعمل مشترك لتكملة النقص الذي نعانيه.

 

* هل ترون ان بين مجلتي «الجيش» و«الأمن» تكامل أم تنافس؟
- سأنطلق من النظرة الشاملة للموضوع، التكامل موجود بين الأخ الأكبر الذي هو الجيش اللبناني والأخ الأصغر الذي هو قوى الأمن الداخلي، وأرى ان الموضوع ينطبق على المجلة الكبرى التي هي «الجيش» والمجلة الصغرى التي هي «الأمن». لا أرى تنافساً بين المجلتين إنما تكاملاً مع بعض الخصوصية لكل منهما إنطلاقاً من مهامها.

 

... في عيد قوى الأمن

* بماذا تتوجهون إلى قوى الأمن الداخلي بمناسبة عيدها الخامس والأربعين بعد المئة؟
- أتوجّه بالمعايدة لكل رجال قوى الأمن الداخلي، ضباطاً ورتباء وأفراداً، هم يعرفون ان مؤسستهم عريقة منذ أن أنشئت العام 1860، ونحن على أبواب فرصة ذهبية في لبنان كي يصبح قراره العسكري قراراً ذاتياً، نحن نملك الكفاءة ولسنا بحاجة الى وصاية أحد، ولدينا الامكانات كلها كي نحكم قرارنا الأمني، نسعى الى تطوير أنفسنا بشكل متسارع جداً بفضل بعض الدول الصديقة للبنان التي مدت لنا يد العون، إن على صعيد التدريب أو التجهيز.
نحن نسعى الى إسقاط الحواجز التي وضعت بيننا والناس لأننا جزء من هذا المجتمع، فسياسة التكامل والتعاون مع المجتمع هي المطلوبة، وقد بدأ التفاعل مع كل شرائح المجتمع ومع المؤسسات الأهلية، وأذكر هنا الدور الذي تقوم به مؤسسة ال "YASA" في شؤون السير، وجمعية «فرح العطاء» في ما خص السجون... وغيرها. وضعنا في سلم أولوياتنا أمن الناس وليس الكسارة والمرامل ومخالفات البناء ومرابع الليل، وقد نجحنا في تحويل اهتمامات العسكري الى هذا الموضوع، والموضوع الآخر نعطيه حقه القانوني.
باسم رجال قوى الأمن الداخلي، أتوجه بالتحية والشكر الخاص الى قيادة الجيش وكل ضباط الجيش وعناصره الذين وقفوا الى جانبنا مساندين، داعمين، مؤازرين، ومتفهمين في مرحلة تجديد نشأتنا. وكل هذا بفضل قيادة الجيش، التي عندما يترأسها قائد وطني، واعٍ، رزين، هادئ، متفهم لدوره، لا بد أن نشعر بالأمان الكامل، فهذه رسالتي للجيش ولقوى الأمن الداخلي.

 

وسام التقدير العسكري للواء ريفي والعميد كعيكاتي

بناءً على اقتراح قائد الجيش العماد ميشال سليمان وبعد موافقة المجلس العسكري، منح وزير الدفاع الوطني الياس المر، وسام التقدير العسكري من الدرجة الفضية كلاً من، مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ومدير عام أمن الدولة بالوكالة العميد الياس كعيكاتي، وذلك لأعمال جليلة قدماها للمؤسسة العسكرية.


العميد شكور حاضر في دورة تطوير التوعية الوقائية من مخاطر الادمان على المخدرات

في العدد 251 (أيار 2006) سقط سهواً اسم العميد ميشال شكور رئيس قسم المباحث الجنائية العامة (من مديرية قوى الأمن الداخلي) من بين أسماء المحاضرين في «دورة تطوير التوعية الوقائية من مخاطر الادمان على المخدرات»، (الخبر المشار إليه منشور في الصفحة 40)، لذا اقتضى التنويه.