عبارة

في ذكرى الاستقلال
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

حينما نتوجّه بالتهنئة العفويّة العامّة في يوم الاستقلال إلى من حولنا، إنّما نكون بصدد إعلان الافتخار بأن يتمتّع وطننا باستقلاله وحريّته، من ناحية، وأيضًا بصدد إحياء الأمل بقدرات شعبه، وتجديد الثقة بجيشه وقواه الأمنيّة كافّة.
التهنئة هي إذًا للوطن والجيش على السّواء، وما ديمومة استقلال الوطن من دون جيش يحميه؟ وفي الوقت عينه، ما احتمال وجود جيش من دون علم وطني يظلّل ثكناته، ويتقدّم انطلاقته نحو المعركة، واندفاعه في سبيل القيام بالواجب؟ ألَمْ يسبق إعلان استقلال لبنان بسنتين اثنتين موعد إنشاء جيشه؟ أوَلَمْ يسبق بأكثر من ذلك موعد جلاء آخر جندي أجنبي عن تراب أرضه ورمل شاطئه؟
وحين يكون هناك خطر يتهدّد البلاد في ظرف من الظروف، وبحجم من الأحجام، فإنّما الجيش هو الذي يواجهه ويتلقّى إصاباته وجروحه. واليوم، وفي الحالات الإقليمية الصعبة التي يدركنا بردُها ويبلغنا حريقها بين الحين والحين، فإن الجيش هو الذي يتقدّم إلى حيث يطلّ الخطر فيمنعه من أن يصيب مؤسسات الوطن، ويعطّل مقوّمات استمراره، فمن غير المقبول في حساباته أن تتخطّى الأزمات الداخلية في خضمّ ذلك، حدود الخلاف والتجاذب والمناقشة في الرأي. من هنا، كانت رسالة القيادة واضحة على هذا الصعيد: من غير المسموح أن تسير السياسة إلى عرقلة المهمّات الأساسية للجيش خصوصًا الدفاع عن الوطن وضمان صموده، وما دامت وحداتنا العسكرية جوّالة هنا ومنتشرة هناك ورابضة هنالك، فهي تملأ الأمكنة وتمنع خطر الفراغ وتحمي البلاد من عواقب الانتظار. إن جهودها كفيلة بملء كلّ فراغ إلى أن يحين تحريك العجلات وإعادة الأمور إلى نصابها.
 أمّا جنودنا الأسرى فقد كانت قضيتهم في البال والذاكرة، وفي العقل والقلب، منذ اللحظة الأولى للاعتداء عليهم، ومن خلالهم على المؤسّسة العسكرية وعلى الوطن كاملًا، وقد أفضت المتابعات إلى الإفراج عن عدد منهم، وإلى إحياء الفرحة والبشرى في نفوس عائلاتهم، وإعادتهم بالتالي إلى رفاقهم في السلاح لاستئناف رسالتهم الوطنية في خدمة الوطن والدفاع عن أرضه ومؤسّساته، وسيمضي الجيش في جهوده وبكلّ السبل المتاحة لتحرير بقية رفاقهم الأسرى. إنّ جهودنا هذه، سوف تستمر مترافقة مع قذائف مدافعنا عند خطوط الجبهة، تلك التي تذكّر عصابات الإجرام وقراصنة البرّ بأنّ حملتنا ضدّ الإرهاب لن تنتهي إلّا بالقضاء على جذوره، وإعادة السيادة اللبنانية إلى كلّ شبرٍ من ترابنا الوطني.